فرض الاستقلال الموضعي في النظرية الحديثة للقياس النفسي

فرض الاستقلال الموضعي في النظرية الحديثة للقياس النفسي

ما المقصود بـ فرض الاستقلال الموضعي ؟

في نظرية القياس تدرس العلاقة بين متغيرين من خلال الارتباط بينهما , ومن المألوف في نظرية الاستجابة للفترة (IRT) استخدام مفاهيم أكثر عمومية للاستقلال  الاحصائي أو عدمه عند الحديث عن العلاقة بين المتغيرات . ومن افتراض الاستقلال المحلي , تكون الاستجابة للفترات مختلفة غير ذات صلة . وأي فقرة لا تقدم أي معلومة أو إشارة للإجابة بشكل صحيح على فقرة أخرى و إذا كانت التبعية المحلية موجودة , فان ارتباط كبير بين اثنين أو أكثر من الفقرات يمكن أن يؤثر جوهريا على السمة الكامنة وأنه يسبب ضعفاً في صدق القياس .

الاستقلال المحلي : يعني , استقلال الاستجابات عن فقرة ما مشروطة بقيمة المتغير الكامن  .

وفي نظرية الاستجابة للفقرة , يفترض الاستقلال المحلي (Local Independence) . والذي ينص , أن تكون الاستجابات للفقرة مستقلة عن بعضها البعض , ويتم تفسير العلاقة الوحيدة بين الفقرات عن طريق علاقة مشروطة مع تغير كامن (Ɵ)

وبعبارة أخرى , الاستقلال المحلي يعني انه بتحقق مستوى ثابت للسمة , ينبغي ان لا يكون هناك اي ارتباط بين الاستجابات لهذه الفقرة . وان انتهاك هذا الافتراض قد يؤدي الى تقديرات للمعلمة مختلفة عن ما سيكون عليه اذا كانت البيانات مستقلة محليا (Reeve, 2003 : 12  ) . إذاً , لكي يتحقق هذا الافتراض يجب ان الا يتاثر اداء الفرد على الفقرة بالايجاب او السلب باستجاباته على اي من الفقرات الاخرى في الاختبار (Hambleton , & Swaminathan , 1985 : 23 ) .

 ويقصد بهذا , ان يكون هذا الاستقلال احصائياً , كما تعني ايضا ان صعوبة اي فقرة لا تعتمد على صعوبات الفقرات الاخرى . ومن ثم الاستقلالية تتضمن جانبين هما :

  • تحرر القياس من توزيع العينة (Person Free) , مما يعني ثبات تقدير القدرة والصعوبة على الرغم من اختلاف عينة الافراد .
  • تحرر القياس من مجموعة الفقرات (Item Free) , مما يعني ثبات تقدير القدرة والصعوبة على الرغم من اختلاف الفقرات .

 ويبدو ان هذا يتعارض مع احدى مبادئ نظرية القياس التقليدية , التي تؤكد ان الاتساق الداخلي للاختبارات . ومن الجدير بالذكر ان هذا الافتراض يصعب تحقيقه مع كثير من الاختبارات النفسية وخاصة العملية (سيلمان , وأبو علام , 2012: 76).

ويتم دمج احتمالات الاستجابة الصحيحة لكل فقرة مع بعض للحصول على نمط الاستجابة لكل فقرات الاختبار (Holland , 1990: 581) .

الاستقلال المحلي وأحادية البعد :

الاستقلال المحلي والأحادية متشابهة , ولكنها غير متكافئة في المفاهيم .

فعند تحقق افتراض الأحادية , يتحقق افتراض الاستقلال المحلي . ومع ذلك , يمكن أن يتحقق افتراض الاستقلال المحلي بدون بيانات ذات بعد واحد طالما تؤخذ في الحسبان جميع الجوانب التي تؤثر على نتائج الاختبار (Erguven , 2014: 26) .

ولقد بين كل من لورد ونوفيك Lorf and Novick , 1968

ان افتراض الفضاء الكامن التام يعادل افتراض الاستقلال المحلي . وبرهنوا أنه اذا كان الفضاء الكامن تام ( سمة نقية ) , ليس هناك ضرورة لسمات اضافية لتفسير الاستجابات لهذه الفقرات , وبالتالي الاستجابة للفقرات سوف تكون مستقلة احصائياً حينما تكيف على مجموعة كاملة من السمات الكامنة . وهذا التأكيد مشابه للتأكيد الوارد في التحليل العاملي الخطي بأن الارتباطات بين المتغيرات الملاحظة سوف يكون صفرا بعد تجزئة المخرجات أو تكييف على مجموعة كاملة من العوامل المشتركة . وبالتالي , ان اختبار افتراض الاستقلال المحلي لبيانات الاختبار يقدم اختباراً لأحادية البعد (Swaminathan , et al , 2007 : 688,689) .

ويتحدد أحادية البعد من خلال الإحصائي عبر الفقرات , وتحديداً فإن متطلبات أحادية البعد للاختبار تعني ان الاعتماد الإحصائي عبر الفقرات يعزى الى سمة واحد فقط , وهذا يعني ان الاختبار أحادي البعد اذا كانت الاختبارات إحصائياً في المجتمع الكلي تقيس سمة كامنة واحدة فقط , ومثل هذه الفقرات تكون مستقلة إحصائياً لكل مجموعة فرعية متجانسة من الافراد بالنسبة للسمة الكامنة , وتتحدد هذه الاستقلالية بوساطة مجتمع فرعي متجانس من الافراد المفحوصين يقعون على نقطة واحدة على متصل السمة الكامنة , وهذا ما يطلق عليه اسم الاستقلال المحلي   ( كروكر , والجينا , 2009: 454)  . لذلك , فأن الاستقلال المحلي يتعلق ايضاً بعدد السمات أو القدرات التي ينطوي عليها الأداء على الفقرات , أي ان الاستقلال المحلي يعد مؤشر لأحادية البعد اذا كان الأنموذج المستعمل يحدد قيمة تقديرية لقدرة الفرد على بعد أحادي (علام 2005: 64) . بكلمة أخرى , يتحقق الاستقلال المحلي متى ما يحدد كامل فضاء السمة الكامنة في الأنموذج . وحينما يكون افتراض أحادية البعد متضمن , حينئذ هناك سمة كامنة واحدة تؤثر على الاستجابات للفقرة ويكون الاستقلال المحلي متحققاً (Hays , et al, 2000:28) .

ومن جانب اخر , ترتبط افتراضات احادية البعد والاستقلال المحلي في انه , سوف تظهر الفقرات المعتمدة محليا كبعد منفصل في التحليل العاملي . بالنسبة لبعض نماذج نظرية الاستجابة للفقرة (IRT) , يفترض ان المتغير الكامن (وليس توزيع بيانات الاستجابة) يتوزع توزيعاً طبيعياً . ومن دون هذا الافتراض , فأن تقديرات القدرة (Ɵ) لبعض أنماط استجابة (مثل المستجيبين الذين لم يوافقوا على أي من فقرات المقياس) ليس لها قيم محددة مما يؤدي إلى تقديرات غير مستقرة للمعلم (Reeve, 2003:12) .

وعموماً , ان العلاقات بين الفرد الممتحن ذات القدرة  (Ɵ) , واستجابة الفرد  (,iƟX) لفقرات مختلفة (i1, i2, i3, i4) تتمثل في حالتين :

  • مستقلة Independent : ليس لدى الفرد الممتحن فرصة للاستجابة لأي فقرة بمساعدة فقرة أخرى . والفقرات مستقلة ولا تحتوي على أي إشارات فيما بينها .
  • غير مستقلة Dependent : استجابة الفرد المفحوص على الفقرتين (4) و (1) وفقاً لمعرفته وقدرته , ولكن الفقرة (1) تحتوي على معلومات لحل الفقرة (4) و الفقرة (4) تعطي دلائل للاجابة على الفقرة (2) . ينبغي إزالة مثل هذه الفقرات , لأنها تنتهك افتراض الاستقلال المحلي . ومثل هذه الفقرات ليست كافية لتقدير قدرة الممتحن بدقة (Erguven , 2014: 26) . ويقترح الباحث شكل (7) الآتي , لتوضيح حالتي الاستجابة للفقرات الإختبارية .

 من الافتراضات التي تسند اليها نظرية الاستجابة للفقرة هما :

  • فرض التحرر من السرعة Speediness :

تفترض نماذج الاستجابة للفقرة إن الاختبار الملائم للأنموذج ليس اختبار سرعة ,, بمعنى إن الزمن ليس له دور في الإجابة على فقرات الاختبار. بمعنى , ان عامل السرعة لا يلعب دوراً في الإجابة على فقرات الاختبار , وان إخفاق الأفراد في الإجابة عن فقرات الاختبار يرجع إلى انخفاض قدرتهم , وليس إلى تأثير عامل السرعة في إجاباتهم .

كيف يمكن التحقق من عامل السرعة ؟

الحالة الأولى : عن طريق تحديد عدد الأفراد الذين لم يتمكنوا من الانتهاء من إجابة جميع فقرات الاختبار الذي اجري عليهم , وذلك بمقارنة عدد الفقرات المتروكة دون إجابة بعدد الفقرات التي تم الإجابة عليها , ولكن إجابة خاطئة , فإذا كانت النسبة صفر او قريبة من الصفر دلَّ ذلك على عدم التأثر بعامل السرعة .

الحالة الثانية :  يمكن التحقق من عدم التأثر المفحوصين بعامل السرعة حينما يجيب كل الأفراد المفحوصين على اقل تقدير (75%) منهم على الاختبار.

 وعلى الرغم من ان هذا الفرض ليس له تأثير مباشر على شكل المنحى المميز للفقرة , إلا ان تأثيره يكون غير مباشر . فعامل السرعة يجعل بعض الأفراد يلجئون الى التخمين في إجاباتهم , وأحياناً تصبح سرعة الأداء إحدى القدرات التي يقيسها الاختبار .

فرض المطابقة لمنحنى خصائص الفقرة

وهو المفهوم الأهم والأساسي لنظرية القياس الحديثة , حيث يعتمد عليه كل المهتمين بالقياس من مصممين أو مستخدمين للاختبارات , ولذلك يتم التركيز عليه لدوره المهم في توضيح البناء النظري لهذه النظرية .

يصف هامبلتون Hambleton , 1990 مسلمات أو شروط نظرية الاستجابة للفقرة ؟

أ. يمكن وصف العلاقة بين أداء الفرد على الاختبار بواسطة مجموعة من العوامل تسمى السمات , أو القدرات (Ɵ) .

ب. ويمكن وصف العلاقة بين أداء الفرد على الاختبار وهذه السمات بواسطة دالة تسمى المنحنى المميز للفقرة .

ج. وهذه الدالة تشير الى ان للإفراد ذوي الدرجات الأعلى على السمة احتمال أعلى للإجابة على هذه الفقرة بشكل صحيح من الإفراد ذوي الدرجات المنخفضة على السمة . وفي السمة الواحدة أو الأنموذج أحادي البعد , تسمى الدالة المميزة للفقرة (ICF) بالمنحنى المميز للفقرة (ICC) وأنه يقدم احتمال الإجابة الصحيحة للأفراد عن فقرة معينة لأفراد على نقاط مختلفة على متدرج القدرة . وفضلاً عن ذلك فإنه , يتم وصف هذه المنحنيات (ICCs) , بوساطة معلم واحد , أو معلمين , أو ثلاثة معالم .

وقد استمرت فرضية التوزيع الطبيعي لدالة للاستجابة لفقرات الاختبار شائعة لوقت طويل , ويعود الفضل في ذلك للعمل الرائد لثورستون Thurstone , 1925 , أما في نظرية الاستجابة للفقرة , فإن معالجة لورد Lord , 1952 تعتمد على الفرضية نفسها في معالجة الفقرات ثنائية الدرجة  . حيث يشار الى نظرية الاستجابة للفقرة بأنها مجموعة من القياسات التي تصف العلاقة بين أداء الفرد (الملاحظ) والسمات (غير الملاحظة) المفترضة وراء هذا الأداء على الاختبارات , كدالة رياضية تسمى بمنحى خصائص الفقرة أو منحنى مميز الفقرة  .

وتتفق كل من النماذج التقليدية ونماذج الاستجابة للفقرة في افتراض وجود متصل للسمة , وانه يمكن تقدير احتمال اجابة فرد إجابة صحيحة عن فقرة اختبار إذا علمنا موقعه على هذا المتصل . غير إنها تختلف في تصورها لشكل هذه الدالة  :

فبينما تفترض النماذج التقليدية ان هذه الدالة تتخذ شكل المنحنى الاعتدالي في الاختبارات مرجعية الجماعة , وتتخذ شكلاً ملتوياً سالباً في اختبارات مرجعية المحك .

 فإن نماذج السمات الكامنة تفترض أنها تتخذ شكل المنحنى اللوغاريتمي .

(وتسمى هذه الدالة في الحالتين بالدالة المميزة للفقرة )

 

اهم مميزات النماذج التراكمية  ؟ (Cumulative Models) :

 فإن معظم تطبيقات هذه النماذج تفترض إن المنحنى الطبيعي المميز للفقرة له على شكل ( ) , الذي طبق بكثرة في الأعمال المبكرة لنظرية الاستجابة للفقرة . ويمكن وصفها بدالة متزايدة مطردة تسمى بدالة الفقرة . ويسمى أيضا بدالة الاستجابة للفقرة , وتوصف بالتزايد المطرد لأنه , كلما يزداد مستوى السمة (Ɵ) من اليسار إلى اليمين , تزداد احتمالية الاستجابة الصحيحة P(X) , والعكس صحيح . وبما ان العلاقة بينهما علاقة طردية  .

وفي كل من الاستجابة الثنائية او المتدرجة , يمكن تعريف هذه العلاقة بأنها (غير خطية) وخط الانحدار او الميل يمثل احتمال (الاستجابة الصحيحة) أو (تأييد الفقرة أو فئة الاستجابة للفقرة) بدلالة السمة الكامنة .

 ما المقصود  بالنماذج الكشفية (Unfolding Models) ؟

 فتنتج منحنيات مميزة غير مطرده . ذات قمة واحدة  . وان هذه المنحنيات تعبر عن احتمالية تأييد او الموافقة على فقرة معينة , وان هذه الاحتمالية مشروطة بمقدار (المسافة او القرب) بين موقع الفرد وموقع الفقرة على متصل القدرة , بمعنى , انه تزداد احتمالية تأييد فقرة ما , وذلك كلما تقاربت المسافة بين موقع الفرد وموقع الفقرة على متصل القدرة . حيث , ان الاستجابات الثنائية أو المتدرجة لفقرات المقياس تنتج عادة من عملية النقطة المثالية (Ideal Point) لكومبس (Roberts , et al. 2000:3) كأنموذج تراكمي , يقدم الباحث شكل (9) يوضح فيه المنحنيات المميزة لثلاث فترات افتراضية .

 ان للمنحنى المميز للفقرة خصائص عده اشار لها كل من (  كروكر والجينا )  فضلا عن ( بيكر ) هي ؟

  • يرتفع المنحنى باضطراد بالاتجاه من اليسار الى اليمين , ومثل هذا يقال له يزداد باضطراد .
  • يقترب الخط التقاربي الأدنى من (0) ولكنه لا يصل الى الصفر ابداً , ويقترب الخط التقاربي الأعلى إلى (1) .
  • يرتبط المنحنى الطبيعي مباشرة بالتوزيع الاعتدالي , أي عند استخدام المنحنى الطبيعي على انه منحنى مميز للفقرة فأن القيم على المحور الأفقي تمثل القيم الممكنة للسمة الكامنة (Theta) وارتفاع المنحنى عند أي من قيم (Ɵ) تمثل نسبة المفحوصين عند مستوى القدرة الذي يمكنهم الإجابة الصحيحة عن الفقرة ( كروكر , والجينا , 2009: 459) .

أما بيكر Baker , 2001 فيشير الى بعض الخصائص التالية :

  • يكون شكل منحنى مميز الفقرة مسطحاً (مفلطحاً) اذا كانت القدرة التمييزية للفقرة متوسطة .
  • يأخذ منحنى مميز الفقرة شكل حرف (S) أي يكون عميقاً من منطقة الوسط , اذا كانت القدرة التمييزية للفقرة أعلى من مستوى التمييز المتوسط .
  • اذا كانت صعوبة الفقرة أعلى من المتوسط فان احمال الإجابة عليها إجابة صحيحة يكون اقل من (5) .
  • بغض النظر عن مستوى التمييز , تستقر صعوبة الفقرة على مدى متدرج القدرة . ولذلك فأن كل من معلمتي الصعوبة والتمييز مستقلة عن الآخر .
  • اذا كانت الفقرة لا تميز بين المفحوصين فأن الصعوبة ولجميع المفحوصين تقع على خط أفقي وذلك عند الاحتمال (P(è)=0.5) . وهذا يكون بسبب عدم تعريف أو تحديد صعوبة الفقرة التي لا تميز بين المفحوصين , أي تتم الإجابة عليها بالتخمين .
  • يمكن تحديد صعوبة الفقرة من النقطة التي تتقاطع مع منحنى مميز الفقرة اذا ما رسم خطاً أفقياً من نقطة الاحتمال (P(è)=0.5) , وتظهر هذه القيمة عند مستوى القدرة المنخفضة حينما تكون الفقرة سهلة , وتقابل مستوى القدرة العالية حينما تكون الفقرة صعبة (Baker, 2001:19) .
x