مفهوم الادراك واهميته

مفهوم الادراك واهميته

يمثل الإدراك العملية الرئيسية التي من خلالها يتم تمثيل الأشياء في العالم الخارجي وإعطاء المعاني الخاصة بها. فالإدراك عمليه معرفيه تمكن الافراد من فهم العالم الخارجي المحيط بهم والتكيف معه من خلال اختيار الأنماط السلوكية المناسبة في ضوء المعاني والتفسيرات التي يتم تكوينها للأشياء. وهو بمثابة عمليه تجمع الانطباعات الحسية المختلفة عن العالم الخارجي وتفسيرها وتنظيمها في تمثيلات عقليه معينه ليتم تشكيل خبرات منها تخزن في الذاكرة، بحيث تشكل نقطه مرجعيه للسلوك أو النشاط يتم اللجوء اليها خلال عمليات التفاعل مع العالم الخارجي. (الزغلول ,2008: 111). وعملية الادراك جزء مهم من نظام معالجة المعلومات حيث ينطوي هذا النظام على عمليات الإحساس بالمثيرات البيئية ثم الانتباه لها ثم ادراكها لذلك فأن وظيفة الادراك هي تحليل وفهم المعلومات الحسية القادمة من البيئة المحيطة والتي تم الانتباه لها اراديا او لا اراديا. (العتوم , 2012: 101)

ويهتم علماء علم النفس المعرفي بالعملية الإدراكية لأسباب عديده منها: لأنها تسلم بأن الظواهر المعرفية العليا من قبيل التفكير، والتذكر، والتنظيم الدلالي مثلا، ماهي الا نتيجة لأحداث تقع حول الكائن الحي. (ومن ثم فان دراسة تحديد الإشارات الحسيه يتأثر بتاريخه العقلي السابق وبحاجاته واذا تم تخزين المعلومات في الذاكرة بصوره مجرده فان معرفتنا بالطبيعة الواقعية للخبرات الحسيه يمكن ان تساعدنا في تحديد مدى وشكل هذا التجريد(في ضوء الانطلاق والتحرر من الواقع الطبيعي) (سولسو ,2000:  116).

تعريف الإدراك :

تشترك غالبية تعريفات الادراك على اعتباره عملية تحويل الانطباعات الحسيه الى تمثيلات عقليه معينه من خلال تفسيرها وإعطاءها المعاني الخاصه بها .

ومن التعريفات المتعدده للادراك مايلي :

  • الادراك : عمليه تجمع الانطباعات الحسيه وتحويلها الى صوره عقليه coon 1986)).
  • الادراك : عملية تفسير المعلومات التي تأتي بها المجسات الحسيه Levine&Shefner,1981) ) . (الزغلول ,2008 : 111).
  • ويعرفه سولسو 1988 على انه فرع من فروع علم النفس يرتبط بفهم المثيرات الحسيه والتنبء بها .
  • ويعرفه ستيرنبرغ 2003 على انه العمليه التي يتم من خلالها التعرف على المثيرات الحسيه القادمه من الحواس وتنظيمها وفهمها (العتوم , 2012 :  101)

 

 

طبيعة الإدراك :

لقد انشغل الفلاسفه بطبيعة الادراك قبل علماء النفس بفتره زمنيه طويله . وقد ذهبت المدارس الفلسفيه الواقعيه الى ان ادراكاتنا تفسر الواقع الموضوعي . بينما ذهب الثاليون الى اننا لانستطيع ان نتيقن لجود أي حقيقه خارج ادمغتنا طالما اننا محددين بألمعرفه التي نستقيها من مدركاتنا       (جابر , واخرون ,1985 : 100).

يشير(راجح) الى ان الادراك هو عملية تأويل الاحساسات تاويلا , يزودنا بمعلومات عما في عالمنا الخارجي من أشياء ,. ففي معظم الحالات , يتم حدوث الحركة باعتبارها استجابة ل او توقعا لبعض الاحداث , فالدراسة الخاصة بالتعلم النفس – حركي التي تبحث فقط كيف ان حدوث الحركة بشكل جيد , او كيف ان اتخاذ القرارات بصوره دقيقه وسريعة يفشل في تعرف احد العناصر المهمة في العملية الشاملة , ألا وهو الادراك , فالإدراك يسبق القرارات والافعال , لأنه يمثل الخطوة الأولى  معالجة معلومات المهارة الحركية . فالإدراك بهذا المعنى عملية ايجابيه، وليست عمليه سلبيه، ومن الممكن مقارنة الدور السلبي الذي كانت تلعبه أجهزة الاستقبال الحسية، مثل: العينين والاذنين، وهما احدى الإشارات المستقبلة والمرسلة. وبعض المثيرات في البيئة “تفجر” جهاز الاستقبال، ونتيجة لذلك يرسل المستقبل اشاره الى المخ، فالعيون – على سبيل المثال – تسجل حقيقة، وهي وجود عديد من الأشياء امامك. وبهذا يتضمن الادراك التنظيم الواعي للمعلومات الواردة، وهذا هو التنظيم الادراكي، الذي يقوم الأساس للتعلم وعن طريق ضبط ومراجعة المعلومات الواردة، يكون الفرد قادرا على تحسين العملية الإدراكية، وعلى التقدم خلال مراحل التعلم.

خصائص السلوك الادراكي:

  • السلوك الادراكي غير قابل للملاحظة المباشرة ولابد من الاستدلال عليه من ردود أفعال الناس او من خلال التقرير الذاتي اللفظي او الكتابي. وتعد ردود الفعل غالبا ليست دقيقه للاستدلال على حدوث الادراك.
  • الادراك يتبع الإحساس والانتباه زمنيا وقد يعتمد الادراك على حاسه واحده او أكثر حسب الموقف.
  • السلوك الادراكي فردي وليس جماعيا أي يقوم به فرد واحد وليس مجموعه من الافراد.
  • السلوك الادراكي يتميز بأنه فريد من نوعه، لذلك تتباين خبرات الافراد السابقة مما يعني ان كل واحد منا قد يصل الى إدراك مختلف لنفس المثير.
  • الادراك عمليه مجرده لأنها لا تشترط وجود المثيرات في لحظة الادراك، أي ان الادراك قد يحدث بغياب المثير موضوع الادراك وقد يحدث بحضور أجزاء من المثير وذلك نتيجة ميل الافراد الى تكملة المثيرات الناقصة بناء على خبراتهم والفهم للمثير ( العتوم , 2012 : 103)

 

نظريات الادراك:

هناك العديد من النظريات الإدراكية المختلفة، التي توضح جوانب متنوعه من الادراك.

نظرية الجشطلت :

وكلمة جشطلت Gestalt كلمة المانية وتعني الشكل أو الصيغة، وترجع هذه التسمية الى ان دراسات هذه المدرسة للمدركات الحسية بينت أن الحقيقة الرئيسية في المدرك الحسي ليست العناصر أو الأجزاء التي يتكون منها المدرك إنما الشكل أو البناء العام  فنحن عندما نستمع الى لحن فإن ما تدركه فيه هو شكله  وبنائه العام ولا ندركه كمجموعة من الأصوات الجزيئة المتتابعة (ابراهيم ،1988: 281) .وترى الجشطلت إن الظواهر النفسية وحدات كلية منتظمة ، وليست مجموعات من عناصر بسيطة وأجزاء متراصة ، كما ترى ان الكل اكبر من مجموعة اجزاءه ، وان تحليل الكل الى أجزاء يفسده ، ويفقده مضمونه الفريد. (عبد الخالق ، 1999 : 154)

النظرية الذهنية :

يميز ديكارت  Descartesبين الافكار التي هي احوال نفسية موجودة في الذات وبين الاشياء التي هي امتداد لها، إن ادراك الشيء الممتد لا يكون الاوفق احكام تضفي صفات الشيء وكيفياته الحسية وعليه فأن الادراك عملية عقلية وليست حسية . (عبد الهادي،2010: 88  )

أشار ديكارت (Decartes) إلى إن قابلية إدراك العالم فطرية (القيسي،2009،: 33)

وقد ذهب باركلي الى القول أن تقدير مسافة الاشياء البعيدة جداً ليس إحساساً بل هو احساس عقلي يستند اساساً على التجربة ويؤكد من جهة أخرى أن الاكمه في حالة استعادة البصر إثر عملية جراحية لا يتوفر على أي فكرة عن المسافة البصرية ، فكل الاشياء البعيدة والقريبة بالنسبة اليه تبدو وكأنها موجودة في العين بل في الفكر . (عبد الهادي، 2010 : 88 ) لقد أهملت هذه النظرية الجانب الموضوعي في عملية الادراك ، فالعالم ليس ما نفكر فيه ، وانما العالم هو ها الذي نحياه ونعيشه ونتصل به ونتفاعل معه فنحن ندركه في الوقت الذي نحسه .

نظرية الجوهر والسياق:

ان المشاعر لاتكتب معناها الا من سياق المواقف التي تحدث فيها . وعلى الرغم من ان جوهر المشاعر المباشره يكون هو نفسه بالنسبه لاي فرد , يء  الفروق في الخبرات الماضيه لهؤلاء الافراد قد تؤدي الى صياغتهم لتفسيرات مختلفه للمثيرات , على أساس سياق الموقف .

 

نظرية مستوى التكيف :

يقوم الادراك على أساس تجميع الاحداث ومصادر المعلومات الاساسيه , التي تتفاعل , وهي الشيء وخلفيته , والخبره السابقه . ويشير مستوى التكيف الى حجم , او مستوى التكيف الى حجم , او مستوى الاختلاف بين الشيء وخلفيته , ومدى تأثير هذا الاختلاف بالخبره السابقه .

النظريه الحسيه الاساسيه:

تؤكد هذه النظريه على التفاعل بين المدخلات الحسيه الداخليه والخارجيه , ويتم التأكد بصفة خاصه على العلاقه بين الإحساس والادراك .

 

نظرية التعامل :

لايمكن اننفصل الادراك الفوري المباشر لجزء واحد من البيئه عن الادراك الشامل للبيئه . ويكون التركيز هنا على السمات التي يمكن تعرفها وتحديدها في موقف معين , واوجه التشابه والاختلاف الناتج عن ذلك بين مختلف المواقف .

 

النظريه العصبيه الهندسيه :

تعتبر هذه النظريه من النظريات القليله التي تفترض وجود ميكانزم عصبي معين في المخ , شبيه بأجهزة الاستقبال الحسيه في العضلات والمفاصل , يقوم باكتشاف التغيرات في النماذج المكانيه او المواقع التي تتضمنها الحركه .

نظرية الادراك المكاني :

تتعلق هذه الظريه بالتطور العقلي للميكانزم الادراكي , وتبرز الدورالذي تلعبه الحركه المستحدث ذاتيا في إرساء ادراكنا للعالم من حولنا .(مصطفى واخرون , 2002 : 179- 181).

 

العوامل المؤثره في الادراك:

هناك عوامل تؤثر في القدره الادراكيه للافراد بعضها يرتبط بخصائص المواقف التي يتفاعلون معها , في حين البعض الاخر يرتبط , بالعومل الذاتيه الخاصه بهم . وفيما ياي عرض لمثل هذه العومل :

العوامل الداخلية:

  • يتأثر ادراك الفرد بدرجة مألوفية الموقف او المثير , حيث عادة يتم ادراك الواقف او المثيرات المألوفه على نحو اسرع واسهل من المواقف الجديده غير المألوفه . فمن السهل تمييز وجه شخص قريب ضمن صوره تحتوي مجموعة وجوه غير مألوفه .
  • يتأثر ادراك الفرد بمدى وضوح المثيرات وغموضها , حيث المثيرات والمواقف الواضحه يتم ادراكها على نحو اسرع واسهل من المواقف والمثيرات الغامضه والمبهمه .
  • التوقع : يتأثر ادراك الفرد بما يتوقع أن يراه او يسمعه , حيث يغلب عليه كثيرا تفسير المواقف في ضوء توقعاته المسبقة المرتبطه بحدوث مثيرات معينه .
  • الدافعيه : يتأثر ادراك الفرد للمواقف في ضوء دوافعه وحاجاته , فعندما يرى الفرد ان بعض المثيرات او المواقف ربما تعمل على اشباع مثل هذه الدوافع فعادة مايوجه انتباهه لمثل هذه المواقف وهذا بالتالي يؤثر في طريقة ادراكه لها .
  • الحالة الانفعالية المزاجية : مما لا شك فيه ان الادراك يتأثر الى درجة كبيره بالحالة الانفعالية والمزاجيه التي يمر فيها الفرد في لحضه من اللحضات . حيث لايكون ادراك الفرد سليما في مواقف الانفعال كالغضب والخوف وغالبا مايكون مشوها لان حالات الانفعال عادة ماتصرف انتباه الفرد عن هذه المواقف وتوجيهه نحو الحاله الانفعاليه التي يمر بها .
  • الميول والاتجاهات : تلعب الميول والاتجاهات دورا هاما في عملية الادراك , فوجود ميول واتجاهات ايجابيه نحو موقف او مثير معين من شأنه ان يدفع الفرد الى تركيز انتباهه نحو ذلك الموقف مما يسهل في عملية ادراكه .
  • الخبره السابقه : ان وجود خبره سابقه لدى الفرد بوقف معين او مثير معين يعمل على تسهيل عملية ادراكه على نحو افضل واسرع .
  • التخصص او المهنه : يتأثر ادراك الغفرد للاشياء في ضوء تخصصه او مهنته , فالمزارع على سبيل المثال ينظر الى الحقل بطريقة مختلفه عنها عند عالم النبات او الفنان او الشخص العادي .
  • درجة الانتباه : يتأثر الدراك الى درجه كبيره بقدرة الفرد على الانتباه نحو مثير معين والتركيز عليه , فكلما كانت سعة انتباه الفرد اكبر وقدرته على تركيز الانتباه والاستمرار فيه لفتره طويله , كان ادراكه للموقف افضل. (الزغلول وفالح , 2014 : 131-132)
  • عامل الذاكره:ويعني ذلك ان الفرد يدرك الأشياء التي سبق ان خبرها وتعرفها من قبل , ولذلك يدرك الانسان الأشياء التي تعرفها سابقا بشكل اسهل واسرع من الأشياء, التي لم يخبرها من ق
  • الاضطراب النفسي :ان الاضطراب النفسي يؤثر على عملية الادراك , حيث ان التوتر والقلق …. الى غير ذلك من المثيرات النفسيه , تؤثر على الادراك , لاختلال بعض الوظائف العقليه والعصبيه , فلا يستطيع الفرد – مع- الاستجابه السليمه.

 

العوامل الخارجيه  :

وهي العوامل التي تتميز بها موضوعات العالم الخارجي نفسه , أي الشكل او اللون الذي تتخذه هذه الموضوعات . وهي عباره عن عوامل مستقله عن تفكير الانسان المدرك , وعن اتجاهاته وميوله وذكائه .ومن هذه العوامل التي تتصل اتصالا مباشرا بعناصر الموقف الادراكي مايلي:

  • عامل التقارب :ويعني ذلك ان الأشياء المتقاربه في المكان او الزمان يسهل ادراكنا كصيغه  كما في الشكل :
  • عامل التشابه :ويعني ذلك أن الفرد يدرك الأشياء المتشابهة في الشكل او الحجم او اللون كصيغ مستقله كما في الشكل :
  • عامل الاتصال :ويعني ذلك أن الأشياء المتصله التي تربط بينها خطوط تدرك كصيغه متكامله .
  • عامل الاغلاق :ويعني ذلك أننا ندرك الأشياء الناقصه كما لو كانت كامله , مثل : ادراكنا للدائرة حتى ولم تكن دائره كامله . (مصطفى واخرون ,2002: 182-184)

الإحساس والادراك:

ان الانسان كمخلوق مميز قادر على التوافق مع البيئة التي يعيش فيها يحتاج دائما الى معرفة ما يحدث حوله من احداث. وتؤدي عملية الإحساس دورا مهما في انها تخبرنا عما يحدث حولنا خارج أنفسنا. كما ان الادراك يقوم بالدور الأساسي في معرفتنا عن ماهية هذه الاحداث وأين تكون، وماذا تعمل. ولذلك نجد ان العلاقة بين الإحساس والادراك علاقة وطيدة وعلى درجه كبيره من الأهمية في معرفة وفهم كثيركما يحدث حولنا من احداث، وما يوجد من موضوعات. وبمعنى اخر، تؤدي الاحساسات والادراكات التي تصدر عنا دورا مهما في ربطنا بالعالم المحيط بنا بما يسمح لنا ان نكون صورا مماثله لحقيقة هذا العالم تمكننا من التوافق معه.(الشرقاوي ,2003 : 114)

 

الادراك الحسي Perception)

الادراك الحسي: هو شعور الشخص بالإحساس او مجرد الاحساسات التي تصل إليهُ عن طريق حاسة او مجموعة من الحواس، ثم تأويل ما يشعر به، فينتج عن ذلك معرفة الأشياء الخارجية. كما انه مرحلة تعقب الإحساس وفيها تتم المعرفة.

الادراك الحسي: هو عملية تأويل الاحساسات تأويلاً يزودنا بمعلومات عما في عالمنا الخارجي من اشياء اوفي حالتنا البدنية من تغيرات ومعطيات ، انه العملية التي تتم بها معرفتنا لما حولنا او في داخلنا من موضوعات وتغيرات عن طريق الحواس ، كأدراك ان هذا الشخص الماثل امامي هو صديق لي ،وان هذا الحيوان الذي اراه هو حصان ، وان الصوت الذي اسمعه هو صوت سيارة مقبلة ، وان هذه الرائحة التي اشمها هي رائحة طعام ، وان التعبير الذي المحه على وجه (س) من الاشخاص هو تعبير غضب ،وان هذه التفاحة اكبر من تلك ،اوان عضلة معينة في ساقي في حالة تشنج على الرغم من أن العالم مليء بالمثيرات والمواد إلا أن ما ندركه هو:

1.أشياء متميزة بعضها عن بعض.

2.أشياء ذات معنى.

وكيفية حصول الإدراك لمثيرات متداخلة على هذا النحو المنظم تتلخص في مرحلتين:

1.التنظيم الحسي

2.التأويل (الهنداوي،2004: 83)

ثبات الادراك:

ان الادراك لايعكس بالضروره المثيرات الحسية الوارده من البيئه بشكل مباشر لان هذه المثيرات قد مرت بسلسلة من عمليات التحليل والترميز والتفسير قبل ان يتم ادراكها وأكد فيلدمان ان الادراك يمثل صوره شامله ومتطوره للمثيرات التي يتعامل معها الفرد وان هذه الصوره الشامله تتميز بدرجه عاليه من الثبات نظرا لان الصور الادراكيه لاتتغير بتغير الظروف الذاتيه او المكانيه للمثير الحسي . ومن الادله على ثبات الادراك ان ادراكك للورده الحمراء يبقى ثابتا من حيث خصائص اللون والشكل والملمس رغم رؤيتك ألوانا واشكالا أخرى من الورد. وهذا يشير الى الى ان قدراتنا الادراكيه تستطيع التعويض عن التغيرات التي تحدث للمثيرات الحسيه من حيث اللون او الشكل او الحجم .

ثبات اللون :

يميل الافراد الى ادراك الألوان على انها ثابته لاتتغير وان الأشياء تحتفظ بالوانها الاصليه بغض النظر عن حجم الاضاءه او نوعها او المكان الذي ننظر فيه للمثير . فصاحب السياره الزرقاء يرى ان سيارته زرقاء تحت ضوء الفلورنست حيث انها تبدو بنفسجية اللون للاخرين.

ثبات الشكل:

من المعروف ان حركة الأشياء تغير من شكلها , الا ان الشخص الذي يفتح الباب من الداخل يبقى ادراكه للباب على انه مستطيل مع ان صورته على الشبكيه تكون اقرب لشكل شبه المنحرف .

شكل الحجم :

ان حجم الأجسام على شبكية العين يتغير بتغير المسافه بين المثير المتحرك والعين . ومع ذلك فأن ادراكنا لحجم المثيرات يبقى ثابتا . ان معظم من يجرب الطيران يرى الأشياء كالبيوت والسيارات على الأرض صغيره الحجم ولكن ادراك حجم هذه الأشياء في عقولنا لايتغير وذلك لقدرة الفرد على الموازنه بين الحجم النسبي المقدر حسيا مع الحجم الحقيقي الذي تعله وكونه في خبراته السابقة

ثبات المكان :

يميل الناس الى ادراك الأشياء في أماكن تواجدها الطبيعيه رغم توفر بعض الانطباعات المناقضه لذلك بصريا على شبكية العين . فمعظم الناس يدرك ان مكان جهاز الحاسوب هو المكتب او على طاولة الدراسه او العمل حتى لو توفر للفرد مثيرات تظهر جهاز الحاسوب في المطبخ .

ثبات الزمان :

يميل الناس الى ادرراك المثيرات في أوقات حدوثها لان الناس تدرك ان هنالك مثيرات لها أوقات محدده لزمن حدوثها حتى ولو تم سماعها او رؤية حدوثها في أوقات أخرى . فالشفق الأحمر يرتبط  زمن  ادراكه في فترة المغيب وما بعدها حتى لو تمت رؤيته في أوقات النهار خلال فصل الشتاء .(العتوم , 2012:  118-120) .

 

خداع الادراك :

يحدث عادة مايسمى بخداع الادراك في بعض المواقف والحالات ولاسيما تلك التي ترتبط بالادراكات الخاطئه او الانطباعات الحسيه غي الحقيقيه , حيث يتم تفسيرها واعطائها المعاني على نحو غير صحيح او دقيق , فبعض مانراه او نسمعه او نحس به في بعض الحالات ربما لايعكس المعنى الحقيقي لها ويتم ادراكها بصوره خاطئه اوز مشوهه , وقد يحدث الخداع في ادراك الشكل والمكان واللون والحركه والصوت وغير ذلك وقد يكون الخدجاع فيزيائي او ادراكي الصفه .

  • ومن الامثله على الخداع الفيزيائي ذلك الذي يتمثل في رؤية القلم على انه منكسر في حالة غمره بالماء على نحو مائل , او في حالة رؤية السراب أوقات الصيف والاعتقاد على انه ماء , او تشةه الصوره في حالة المرايا المنكسره.
  • اما الخداع الادراكي فيحدث عادة في الاجزه الادراكيه ويرتبط بالطبيعه الهندسيه للشكل او حسب موقع المثير بالنسبه للخلفيه , ومن الامثله على ذلك رؤية خط على انه أطول من خط اخر بالرغم من انهما متساويان في الطول كما هو الحال في خداع مولر .

ابعاد عملية الادراك :

يعد الادراك احد العمليات المعرفيه بالغة التعقيد , اذ انها تتالف  من ثلاثة أبعاد هي:

  • العمليات الحسيه : وتتمثل في الاستثاره الحسيه للخلايا المستقبله للمنبهات الخارجيه فبدون تنبيه هذه الخلايا عادة لايكون هناك ادراك . وفي اغلب الأحيان تتفاعل عذة حواس في استقبال المنبهات الخارجيه , حيث لايكون التنبيه الى حاسة واحده , فنحن نرى ونسمع الأشياء معا ونشم رائحتها ونتذوق طعمها في نفس الوقت .
  • العمليات الرمزيه : وتشير الى المعاني والصور الذهنيه التي يثيرها الإحساس لدينا , فالاحساسات عادة لايتم التعامل معها بصورتها الاوليه او كما جاءت من مصادرها البيئيه , وانما يتم تحويلها الى معاني او رموز بحيث تحل هذه المعاني او الرموز بدل الخبره الاصليه .
  • العمليات الانفعاليه : يترافق عادة الإحساس بحاله انفعاليه معينه لدى الفرد ويتمثل ذلك في طبيعة شعور الفرد نحو الأشياء اعتمادا على خبرته السابقه . فمثلا عند رؤية صديق لك , فبالاضافه الى تمييز ملامح هذه الصوره والتعرف على انها وجه صورهة صديقك , عادة ما يترافق ذلك بشعور وجداني حياله كالاشتياق له والشعور بالسرور او غير ذلك.(الزغلول , 2015 : 126)

 

الاحساس والانتباه والادراك :

الاحساس يحدث عندما يستقبل أي جزء من اعضاء الحس كالعين او الاذن او الانف او اللسان او الجلد مثيرا منبها مشيرا الى حدوث شيء ما في البيئة الخارجية المحيطة بالإنسان. فالموجات الصوتية مثلا موجودة حولنا بصوره شبه دائمة اما من المصادر التي نتحطم بها كصوت التلفاز او من المصادر الخارجية عن سيطرتنا كصوت اطفال الجيران او عمال البناء في المبنى المجاور وغيرهم. وهذه الموجات تنتقل في الفضاء على شكل امواج الى ان ترتطم في صيوان الاذن ثم تدخل الى القناة السمعية عبر الطبلة الى الاذن الوسطى فالأذن الداخلية. وهناك تقوم الاذن بنقل هذه المثيرات الصوتية على شكل نبضات عصبيه الى الدماغ عبر العصب السمعي، مما يدل على ان الاذن كبقية الحواس تنقل فعليا كل ما يصل اليها من مثيرات عديده تحدث كل ثانيه من حياتنا وتغرق الدماغ بهذا الكم الهائل من المثيرات السمعية.

اما الانتباه فيبدا دوره عند وصول هذا الكم الهائل من المثيرات الى الدماغ ليقرر الفرد أي المثيرات يهتم بها وايها يهملها ولا يتعامل معها. والادراك هو العملية الثالثة التي يبدا عملها بعد الانتباه ليقوم الفرد بتحليل المثيرات القادمة وترميزها وتفسيرها في نظام المعالجة المعرفي حتى تظهر الاستجابة. كذلك يتضح ان هذه العمليات الثلاث مترابطة ومتسلسله وتعتمد أحداها على عمل الاخرى. وتبدأ هذه العمليات بالإحساس ثم الانتباه ثم الادراك حيث لا يعقل حدوث الانتباه بدون الاحساس (لا يوجد ما ينتبه له). ولا يعقل الادراك بدون الانتباه بسبب كثرة المثيرات التي يمكن ان تصل دماغ الانسان كما لا يعقل حدوث الادراك دون حدوث الاحساس لأنه لا يصل الدماغ ما يقوم الفرد بإدراكه.(العتوم:2012: 74)

 المصادر

  • الزغلول ,رافع النصير وعماد عبد الرحيم (2008) :علم النفس المعرفي ط2 ,دار الشروق للنشر والتوزيع .
  • العتوم , عدنان يوسف (2012) :علم النفس المعرفي النظريه والتطبيق ط3 ,دار المسيرة للنشر والتوزيع , عمان , الأردن.
  • سولسو , روبرت (2000) : علم النفس المعرفي ط2 ترجمة محمد نجيب الصبوة واخرون , مكتبة الانجلو مصريه , القاهرة.
  • باهي , مصطفى حسين واخرون (2002) : المرجع في علم النفس الفسيولوجي  نظريات – تحليلات – تطبيقات , مكتبة الانجلو مصريه , القاهرة .
  • جابر , عبد الحميد جابر واخرون (1985) : مقدمة في علم النفس , ط1 , دار النهضه العربية –القاهرة .
  • – عبد الخالق ، احمد محمد (1999) : علم النفس اصوله ومبادئه ، دار المعرفة الجامعية .
  • الزغلول , عماد عبد الرحيم وعلي فالح الهنداوي (2014) مدخل الى علم النفس,ط8 , دار الكتاب الجامعي , العين –الامارات العربيه المتحدة .
  • الشرقاوي , أنور محمد (2003 ) علم النفس المعرفي المعاصر ,ط2 مكتبة الانجلو مصرية , القاهرة .
x