توطئة:
يشكل الاتجاه الفسيولوجي احد اهم الاتجاهات التي حاولت تفسير السلوك الانساني بشكل عام , والعمليات المعرفية بشكل خاص , من خلال ربط سلوك الانسان مع ما يجري داخل الجسم من عمليات فسيولوجية عديدة في الجهاز العصبي والغدد والحواس وغيرها . كما ان محاولة فهم معالجة الانسان للمعلومات تتطلب فهم ما يجري داخل الدماغ بدلا من التركيز على محاولة فهمها كعملية معرفية مجردة . فاذا اردنا ان نفهم كيف يحل الطالب مسألة في الرياضيات , فلا بد من دراسة الدماغ وتتبع التغيرات التي تطرأ على دماغه خلال حل المسألة الرياضية . ويتطلب هذا المنهج معرفة دقيقة لعمليات الدماغ ووظائفه , وهذه مهمة ليست سهلة مع توفر كل التطور المعرفي في دراسة الدماغ . فالدماغ جهاز معقد يتكون من اكثر من 100 بليون خلية تعمل بشكل مترابط ومتواز في اغلب الاحيان حيث انه من البديهي ان تعمل بضعة ملايين من هذه الخلايا لحل مسألة بسيطة في الرياضيات .
يؤكد عدد كبير من علماء النفس المعرفي ان الدماغ هو قاعدة العقل الانساني . لذلك فان دراسة الاسس البيولوجية للمعرفة يتطلب التعرف على مناطق الادراك والانتباه , والحواس , واللغة , والذاكرة , والتعلم , وغيرها والتعرف على طبيعة تركيب هذه المناطق ودورها في ضبط هذه العمليات المعرفية , ومعرفة آلية انتقال المعلومات في هذه الاجزاء حتى تحدث الاستجابة المعرفية . لذلك لا بد لعالم النفس من اجل فهم السلوك او الاستجابة المعرفية ان يحللها الى عناصرها الاولية ثم يعيد تركيبها حتى تنتج السلوك الاصلي مما يعني ان محاولة فهم السلوك تتطلب البحث في جميع العناصر البيولوجية رغم تعقيدها حتى يتم فهم هذه العمليات المعرفية .
وفي الآونة الاخيرة بدأ العلماء بتحديد اماكن النشاط المعرفي في الدماغ من تذكر وتعلم وتخيل واحساسات وغيرها . بل اصبح ممكنا الان رسم خرائط للدماغ , وللقشرة الدماغية بشكل خاص , وتحديد علاقة الدماغ والقشرة الدماغية بجميع العمليات المعرفية وغير المعرفية في جسم الانسان وكأن القشرة مقسمة الى مناطق نفوذ وكل منطقة تختص بوظيفة او عضو محدد من جسم الانسان .
وقد توجه العلماء في العقود الاخيرة الى معالجة المعلومات كأسلوب في دراسة الدماغ الانساني محاولين التقريب في الفهم بين ما يجري داخل الحاسوب وبين ما يجري داخل دماغ الانسان . اما حديثا , فقد تبنى اتجاه المعالجة الموزع الموازي فكرة دراسة المعرفة من خلال التفاعل بين الخلايا العصبية المتشابكة على اعتبار ان الدماغ يشكل شبكة معقدة من الوصلات العصبية تتكامل فيما بينها لتفسير العمليات المعرفية . (العتوم , 2012 , 49)
أهمية دراسة علم النفس العصبي :
ظهر علم النفس العصبي نتيجة لزيادة الاصابات المخية في الحرب العالمية الثانية , كضرورة لتقييم الاثار السلوكية الناتجة عن هذه الاصابات واذا كان هذا العلم يهتم بدراسة التغيرات السلوكية الناجمة عن اصابات المخ فان دراسة تحديد موضع الاصابة المخية تعد مسألة في غاية الاهمية , وكما هو معروف فان لكل منطقة مخية وظيفة معينة , وهذه الوظائف النوعية هي لب دراسة علم النفس العصبي ويعني هذا ان تحديد التغيرات السلوكية يتطلب تحديد موضع الاصابة المخية العضوية , كما انه يتطلب تحديد مساحة هذه الاصابة .
والحقيقة انه على الرغم من زيادة تطور التكنولوجيا في وسائل التشخيص بدء من الاشعة العادية وانتهاء بالرنين المغناطيسي والمعروف اختصارا بMRI , سواء كان تصويرا تشريحيا او وظيفيا , ومرورا بالأشعة المقطعية , ورسام المخ , وغيرها فان هذه الوسائل فعالة في تحديد موضع الاصابة , ولكنها لا تعمل جميعها بنفس الدرجة من الدقة , بل ان بعضها قد يظهر اضطرابات شاذة – تظهر في رسم المخ او الاشعة – على الرغم من عدم وجود اصابة مخية حقيقية بالاضافة لذلك فان بعض هذه الوسائل قد يكون مؤذيا او يعرض المريض لبعض المخاطر فالبذل الشوكي مثلا , والذي يتم من خلاله سحب كمية بسيطة من السائل النخاعي من خلال فقرات العمود الفقري في المنطقة القطنية لدراسة تركيب هذا السائل , قد يكون مؤذيا الى حد احداث ضعف عضلي في الساقين . (عبد الواحد , 2010 , 18)
الجهاز العصبي: تشريحه ووظائفه :
يعتبر الجهاز العصبي من الناحية التشريحية هو شبكة الاتصـالات العامة التي تربط بين جميع أجزاء الجسم عن طريق مجموعة من الأعصـاب الممتدة ما بين أطراف الجسم المختلفة وأعضائه الداخلية والخارجية، وبين المخ ومحتويات الجمجمة. أما من الناحية الوظيفية فيمكن اعتباره الجهاز الذي يسيطر على أجهزة الجسم المختلفة، والذي يشرف على جميع الوظائف العضوية ويؤلف بينها بما يحقق وحدة وتكامل الكائن الحي. فهو مجموعة من المراكز المرتبطة فيما بينها، وإلى هذه المراكز ترد التنبيهات الحسية من جميع أنحاء الجسم سطحية كانت أو عميقة، وعنها تصدر التنبيهات الحركية التي تصل إلي العضلات إرادية كانت أو غير إرادية، وكذلك إلي الغدد الموجودة بالجسم قنوية كانت أو صماء.
الأنسجة العصبية :
الأنسجة العصبية Nervous Tissues بشكل عام، تمثل الأساس التركيبي لهذا الجهاز الذي تتكون شبكته من وحدة أساسية تسمى بالخلية العصبية بالإضافة إلى الأعصاب بأنواعها المختلفة. وتتلخص وظيفة الأنسجة العصبية في استقبال التنبيهات العصبية –داخلية أو خارجية- من أجزاء الجسم المختلفة من خلال علاقتها بأجزاء الجهاز العصبي .
1- الخلية العصبية الخلية العصبية أو ما يسمى بالنيورون Neuron هي الوحدة الأساسية التي يتكون منها الجهاز العصبي كله. وتعتبر هذه الخلية الوحدة التشريحية والوظيفية للجهاز العصبي، وتختلف من حيث الحجم والشكل، ويوجد 90% منها في المخ والباقي في بقية الجهاز العصبي المركزي والطرفي. وجدير بالذكر أن الخلايا العصبية لا تنقسم أو تتجدد، وما يتلف منها لا يتم تعويضه، كما يفقدها الإنسان تدريجياً كلما تقدم به العمر.
وتتميز الأنسجة العصبية إلى نوعين من الخلايا هما :-
1- الخلايا العصبية : وهي التي تقوم بنقل واستقبال وإرسال التنبيهات العصبية.
2- الخلايا المدعمة وتعرف باسم النيوروجلايا : وهي الخلايا التي تربط الخلايا العصبية بعضها ببعض، وتعمل على حمايتها وتدعيمها وتزويدها بالغذاء اللازم لها حتى تقوم بوظائفها على النحو السليم. وهي خلايا تحيط بالخلية العصبية وتقع بين الخلايا بعضها البعض، أو بين الخلايا والأوعية الدموية، أو بين الخلايا وسطح المخ.
أما الخلايا العصبية فتنقسم إلى ثلاثة أنواع هي :-
- خلايا وحيدة القطب Unipolar وهي الخلايا ذات المحور الواحد الذي يتفرع إلى محورين فرعيين، وعادة ما تنتشر في العقد العصبية الشوكية Spinal Ganglia الموجودة في الحبل الشوكي.
- خلايا ثنائية القطبية Bipolar وهي بجسم واحد تخرج منه زائدتان إحداهما تمثل الشجيرات، والأخرى تمثل المحور. وينتشر هذا النوع في شبكية العين.
- خلايا متعددة الأقطاب Multipolar حيث يكون جسم الخلية متعدد الأضلاع ويخرج منه العديد من الزوائد الشجيرية، كما يخرج منه أيضاً محور الخلية، وهو النوع الأكثر انتشارا، وخاصة في الدماغ والحبل الشوكي
وتتكون الخلية العصبية من جزئين أساسيين هما :-
1- جسم الخلية Cell body.
2- المحور Axon.
وجسم الخلية جسم مغزلي أو دائري الشكل أو متعدد الأضلاع يحتوي على نواة مركزية مستديرة يُحاط بها السيتوبلازم الذي يملأ تجويف جسم الخلية. ويمتد من هذا الجسم نحو الخارج بعض الزوائد التي تُسمى بالشجيرات أو الزوائد الشجيرية المتفرعة Dendrites والتي تقوم باستقبال الإشارات والتنبيهات وإرسالها إلى جسم الخلية، ومن ثم تسمى هذه الشجيرات بالجزء المستقبِل Receiving part. ومحور الخلية عبارة عن زائدة طويلة ممتدة من مؤخرة جسم الخلية وتنتهي بمجموعة من التفرعات التي تسمى بالنهايات العصبية Nerve endings التي تمثل منطقة التشابك مع شجيرات خلية أخرى مكونة ما يسمى بالمشتبك العصبي Synapse.
وهذا المحور يكون في بعض الأحيان بدون غلاف، أو تغطيه مادة كيميائية دهنية شديدة التعقيد تسمى بالغلاف أو الغمد الميليني Myelin Sheath، وهذا الغلاف يضفي على الأعصاب اللون الأبيض، ويحيط بهذا الغلاف من الخارج غشاء رقيق يُسمى بالصفيحة العصبية Neurolemma . وتقوم هذه المادة أو هذا الغطاء الخارجي للمحور بوظيفة العزل الكهربي لمنع تسرب الانبعاثات العصبية التي تسري عبر المحور على هيئة شحنات كهربية ضعيفة. كما يقوم هذه الغلاف أيضاً بالمحافظة على سلامة وحيوية المحور العصبي
. ويُعد محور الخلية الجزء الناقل أو الموصل Conducting part في الخلية، والذي ينقل الإشارات العصبية من جسم الخلية إلى خارجها، حيث يحمل هذه الإشارات إلى الجزء المستقبل (الشجيرات) في خلية أخرى. وتتم هذه العملية في نهاية المحور عند التحامه بهذه الشجيرات، أو عند التحامه بالعضو الذي يغذيه العصب، مثلما يحدث في التحام الأعصاب بالعضلات في المنطقة التي تُسمى بصفيحة النهاية الحركية (سامي عبد القوي)
الجهاز العصبي
يعد المخ اكبر اجزاء الجهاز العصبي واكثرها اهمية , حيث يلعب دورا بارزا في كثير من الوظائف النفسية والفسيولوجية والجوانب السلوكية المتعددة التي يقوم بها الانسان , ويمكن توضيح مكونات الجهاز العصبي بالشكل التوضيحي التالي :
ويرتبط البحث في مجال انماط معالجة المعلومات ارتباطا مباشرا بالجهاز العصبي المركزي وبالتحديد بالنصفين الكرويين بالمخ .
الجهاز العصبي المركزي :
ويتكون من الدماغ والحيل الشوكي وهما اهم اجزاء الجهاز العصبي في تفسير العمليات المعرفية وسلوكيات الانسان المختلفة . (العتوم , 2012 , 54)
اولا : الدماغ :
الدماغ البشري يوجد ضمن الجمجمة، وهو العضو الذي يتحكم في الجهاز العصبي المركزي للإنسان، عن طريق الأعصاب القحفية والنخاع الشوكي، وأخيرا الجهاز العصبي المحيطي، وبهذا يكون عمليا المنظم لجميع فعاليات الإنسان تقريبا.
الأفعال البشرية اللاإرادية أو ما يدعى الأفعال “الدنيا”، مثل سرعة القلب، التنفس، والهضم، فيتم التحكم بها عن طريق الدماغ لاشعورياً unconsciously بشكل خاص عن طريق الجهاز العصبي التلقائي. أما الفعاليات العقلية “العليا” أو المعقدة مثل التفكير و الاستنتاج reason و التجريد فيتم التحكم بها بشكل واع إرادي. تنقسم الدماغ إلى ثلاثة أجزاء : الدماغ الأمامي، الدماغ المتوسط والدماغ الخلفي; يتضمن الدماغ الأمامي عدة فصوص lobes من القشرة المخية التي تتحكم في الوظائف العليا، في حين يتدخل الدماغ المتوسط والخلفي في الوظائف التلقائية أو اللاشعورية. تكتشف للدماغ في الوقت الحاضر إمكانيات جديدة كل يوم ؛ ما نعرفه هو أنه الجهاز الذي يجعلنا بشرا. وبوسطته يمكن للإنسان التمييز والإحساس مثل الرؤية والشم والسمع والتذوق ؛ والتفكير ، إعطاء الناس القدرة على الإبداع الفني ، واللغة ، والكلام وتكوين جمل ، و الأحكام الأخلاقية ، والتفكير العقلاني. كما انها مسؤولة عن شخصية كل فرد، وذكريات، والحركات ، وكيف نشعر العالم.
كل هذا يأتي من كتلة من الدهون والبروتينات وزنها حوالي 3 رطل (1.4 كيلوغرام). وهو، مع ذلك، واحدة من أكبر أجهزة الجسم، ويتألف من خلايا عصبية يبلغ عددها نحو 100 مليار خلية متصلة ببعضها البعض عن طريق نحو 100.000 مليار تشابك عصبي Synapsee. بعض الخلايا العصبية يقوم بتخزين المعلومات ، وهي ليست فقط تعمل في تلقي المعلومات من رؤية وسمع وشم وغيرها وربطها ببعضها البعض ، بل تعمل أيضا في تنظيم الأفكار ، وتنسيق الإجراءات الفعلية للغاية ، بل هي تقوم في نفس الوقت بتنظيم العمليات الحيوية للجسم اللاواعية مثل تنظيم دقات القلب وعملية التنفس والهضم . ويمكنها تخزين معلومات بمقدار ما يقارب 10^799 من المعلومات ، ولا يستغل منها المرء منها سوى القليل جدا . وهي في تركيبها وقدراتها تفوق تركيب الكون كله. ولا يتمتع بمثل تلك الدماغ وقدراتها إلا الإنسان . ويبلغ الطول الكلي للمسارات العصبية في الإنسان البالغ نحو 5,8 مليون كيلومتر , وهي مسافة تعادل محيط الكرة الأرضية نحو 145 مرة. ومن المعروف ان الخلايا العصبية في الدماغ والخلايا العصبية والتي تشكل الجهاز في ما يسمى ب “المادة الرمادية”. نقل الخلايا العصبية وجمع إشارات كهربائية يتم الإبلاغ عن طريق شبكة من الألياف العصبية الملايين من دعا محورا وتشعبات عصبية. هذه هي الدماغ “المادة البيضاء”.
لقد تم تقسيم الدماغ في ضوء المنحنى النمائي للدماغ وموقعه بالنسبة الى الرأس الى ثلاث اجزاء رئيسية :
1- الدماغ الامامي :
ويتكون من القشرة الدماغية بما في ذلك النصفان الكرويين والنظام الحشوي والثلاموس والهيبوثلاموس والجسم الجاسئ والغدة النخامية , ويمكن تحديد الخصائص الرئيسة والوظائف التالية :
- القشرة الدماغية : وهي طبقة لحائية سمكها من 1- 3 مم تغطي المخ وذات لون رمادي من الخارج وبيضاء من الداخل , والقشرة الدماغية في الانسان اكثر تعقيدا من الكائنات الحية الاخرى بسبب كثرة الاخاديد والشقوق والتلافيف (الثنيات) ودرجة التعقيد . وتنقسم القشرة الى اربعة فصوص اثنان منهما في النصف الكروي الايمن واثنان في النصف الكروي الايسر من الدماغ . وتستقبل القشرة الدماغية في نصفها الايمن والايسر المعلومات من الجزء المعاكس من الجسم , ففي القشرة الدماغية يوجد مناطق مخصصة لأعضاء الجسم ووظائفه المختلفة , حيث توجد مناطق لليدين والقدمين والذراعين والوجه وغيرها . وتلعب القشرة الدماغية دورا حساسا في قضايا التعلم والتذكر والتفكير , والاحساسات والحركات الارادية .
- الجسم الجاسئ : وهو الجسم الذي يربط بي جزئي الدماغ الايمن والايسر . والجسم الجاسئ هو اشبه بجدار فاصل بين نصفي الدماغ لونه ابيض , ويبلغ طوله حوالي 4-6 سم , ويحتوي على اكثر من 200 مليون خلية عصبية . ويلعب الجسم الجاسئ دورا في تنظيم وظائف الدماغ من خلال تبادل المعلومات بين نصفي الدماغ مما يحدث حالة من التكامل في الخبرات الحسية والانفعالية . وتشير الدراسات التي اجريت على مرضى الصرع الى ان قطع الجسم الجاسئ يقلل من عدد النويات والتشنجات التي يعاني منها مرضى الصرع بعد اجراء الجراحة . الا ان ذلك يؤدي الى محدودية في قدرة شطري الدماغ على تبادل المعلومات مما يؤدي الى فشل في بعض جوانب الادراك واللغة ف مثلا عندما تصل المعلومة من الجزء الايسر من الجسم الى الجزء الايمن من الدماغ , والذي يعد غير متخصص في مجال اللغة فأن المريض يعجز عن تسمية الاشياء رغم ادراكه لها .
- الثلاموس : ويعرف ايضا بالمهاد او سرير الدماغ حيث يقع في مركز الدماغ عند مستوى العينين , ويحتفظ بالمعلومات الحسية الواردة عبر الاعصاب القادمة الى القشرة الدماغية , لذلك يعد جسرا بين كثير من المعلومات التي تدخل نصفي الدماغ , ويلعب دورا في ضبط استجابات النوم واليقظة .
- الهيبوثلاموس : ويعرف بالوطاء او تحت المهاد حيث يقع عند قاعدة الدماغ الامامي اسفل الثلاموس . وترتبط وظائفه بتنظيم الاكل والشرب , والتحكم في درجة الحرارة , والمزاج , والنوم , والدفاع عن النفس , وتنظيم عمل الغدد الصماء , وتحقيق توازن الجسم .
- النظام الحشوي : ويتكون من اللوزة التي تلعب دورا في الغضب والعدوان , وقرن امون الذي يلعب دورا هاما في التذكر , والغشاء الفاصل الذي يلعب دورا هاما في الغضب والخوف .
- الغدة النخامية : وهي الغدة التي تقع اسفل الدماغ الامامي وتلعب دورا هاما في السيطرة على الغدد الصماء وافراز هرمون النمو . (العتوم , 2012)
2- الدماغ الاوسط :
يتألف الدماغ الاوسط من قسمين هما : السقف والغلاف ويلعب السقف دورا هاما في الاستجابة للمنعكسات البصرية , اما الغلاف فيسيطر على حركات العين . وعموما فان الدماغ الاوسط يسيطر على حركة الرأس والرقبة , حيث يحرك الرأس باتجاه مصدر الاصوات , كما انه يسهم في الحفاظ على هيئة الرأس بحيث يبقى مرفوعا بالنسبة للجسم .
3- الدماغ الخلفي او الدماغ المؤخر :
يسمى بجذع الدماغ ويتألف من قسمين هما : المخ المتأخر والدماغ المؤخر , ويلعب هذا الدماغ دورا هاما في عملية توصيل المعلومات من والى المخ من بقية اعضاء الجسم . هذا ويتألف المخ المتأخر من جزأين هما :
- المخيخ : وهو جزء اصغر من المخ يقع في مؤخرة الدماغ وهو يشبه المخ من حيث التركيب , ويلعب دورا هاما في الحفاظ على توازن الجسم في المواقف المتعددة كالجلوس والوقوف والمشي او اثناء القيام بالحركات المختلفة , اذ ان الخلل فيه يؤدي الى حدوث الارتجاف وفقدان السيطرة على اوضاع الجسم وحركاته . كما ويلعب دورا هاما في القدرة الكلامية والسلوكات التي لا تستدعي التفكير . اضافة الى دوره في استقبال المعلومات من الدماغ الامامي وارسالها الى كافة اجزاء الجهاز العصبي .
- الجسر او القنيطرة : وهو عبارة عن جزء صغير يصل طوله الى 2.5 سم يصل بين النخاع الشوكي والدماغ , حيث يتالف من مجموعة من الالياف والاعصاب الهابطة والصاعدة ويعمل على نقل النبضات العصبية من القشرة الدماغية الى المخيخ , ومن وظائفه الهامة تنظيم عملية النوم والاستيقاظ .
- النخاع المستطيل : يتألف من جزء رئيسي يسمى بالنخاع المستطيل وهو بمثابة مجموعة من الالياف والخلايا العصبية , ويلعب دورا هاما في تنظيم عملية التنفس ودقات القلب , كما ويسهم في عمليتي الاستثارة والانتباه , فأي خلل يحدث فيه ربما يؤدي الى حدوث الغيبوبة الدائمة . (الزغول والهنداوي ,2013 , 74)
النصفان الكرويان بالمخ :
يمثل المخ الانساني اكبر عضو عصبي في الجسم ويملأ فراغ الجمجمة , ويتركب من خلايا عصبية كثيرة الفروع , والياف عصبية يرتبط بعضها ببعض بواسطة نسيج ضام من نوع خاص .
فاذا نظرنا الى المخ ممن اعلى نرى شرخا عميقا يقسم المخ الى نصفين متماثلين تقريبا يسميان النصفان الكرويان , ولكل نصف وظيفة مستقلة . فالنصف الايمن يتولى من الجسم , ولكل من النصفين الكرويين للمخ طريقته في توظيف القدرات العقلية وتفاعلها مع نمطه المفضل للتعلم والتفكير . ويشغل النصفان الكرويان الجزء العلوي من فراغ العلبة المخية , وهما جسم كروي كبير يظهر بسطحه جزء عميق يقسمه الى نصفي كرة انقساما غير تام .
ويتكون نصفا كرة المخ كسائر اجزاء الجهاز العصبي من المادة الرمادية والمادة البيضاء , وتحوي المادة الرمادية الخلايا العصبية وتكون قريبة من السطح مكونة ما يسمى لحاء او قشرة المخ , ويعزى الى نموها العظيم في الانسان تميزه عن غيره من الكائنات في الذكاء والقدرات والملكات العقلية . (ابراهيم, 2007)
وقام نيد هيرمان بدمج هذين القسمين من نظرية ماكلين مع النصفين الأيسر والأيمن لنظرية سبري في نموذج رباعي دائري رمزي يمثل الدماغ فأصبح لديه بعد عملية دمج النظريتين أربع مناطق للدماغ البشري هي (A,B) في الجانب الأيسر و (C,D ) في الجانب الأيمن من الدماغ ، (Ned Herrmann ,1996 :13-17) .
وقد أعطى نيد هيرمان لكل قسم رمزاً ولوناً خاصاً يميزه عن بقية الأقسام الأخرى ، إذ يمثل الجزء العلوي من الجانب الأيسر للدماغ النمط (A) وأعطاه اللون الأزرق ، وأطلق عليه العقلية التحليلية المنطقية ، بينما يمثل الجزء الأسفل من الجانب الأيسر للدماغ النمط (B) وأعطاه اللون الأخضر ، وأطلق عليه العقلية التنفيذية التنظيمية (http://www.thinkingmatter.com ) .
أما الجزء الأسفل من الجانب الأيمن للدماغ النمط (C) وأعطاه اللون الأحمر ، وأطلق عليه العقلية الإنسانية العاطفية ، بينما يمثل الجزء العلوي من الجانب الأيمن للدماغ النمط (D) وأعطاه اللون الأصفر ، وأطلق عليه العقلية الإبداعية الحرة (http://www.hbdi.com ) .
وأكد أن كل ربع من الأنماط الأربعة للدماغ يتميز بسمات وخصائص تميزه عن الأنماط الأخرى ، وان كل نمط يختص بطريقة معينة لعمل الدماغ ، وهذه الأنماط تعمل سوياً لتشكل الدماغ الكلي (Whole Brain) ، وان هناك منطقة واحدة أو أكثر يكون فيها نمط السيادة الدماغية (Brain Dominance) هو الغالب فيها (Debora & Dutoit ,2001 :192) .
ويختص النمط العلوي الأيسر (A) من الدماغ (بالتحليل ، والحقائق ، والبيانات ، والأرقام ، والتركيز ، والجدوى ، والتقييم ، والنتائج) ، أما النمط السفلي الأيسر (B) فيختص (بالتخطيط ، والتنفيذ ، والإجراءات ، والتفاصيل ، والصيانة ، والترتيب ، والأساليب ، والنظام ، وإدارة الوقت ، والانضباط ، والأمن والسلامة) ، فيما يختص النمط السفلي الأيمن (C) ( بالعلاقات مع الآخرين ، والمشاعر ، والعواطف ، والتعامل مع الآخرين ، والمعاني الإنسانية ، والرعاية ، والاهتمام بالإنسان ، والبديهية الحسية ) ، أما النمط العلوي الأيمن (D) فيختص ( بالتفكير الاستراتيجي ، والتفكير الإبداعي ، والنظرة الشاملة ، والتصورات ، والاستكشاف ، والخيارات المتعددة ، والتجارب ، والإبداع ، والبديهية ) ، (Ann Herrmann ,2010:55-56) .
النصفان الكرويان ووظائفهما :
1- الفص الجبهي أو الامامي :
يقع الفص الجبهي في المنطقة الامامية المواجهة للوجه ويعتبر اكثر الفصوص حجما واهم وظائفه ما يلي :
– التحكم في السلوك الانفعالي (السطح الداخلي) .
– يحتوي على منطقة بروكا المسئولة عن الكلام (الفص الجبهي الايسر) .
– وظيفة التعبير بالكتابة (منطقة اكزنر) .
– التحكم في الحركات الارادية .
– منطقة الوظائف التنفيذية : الترتيب الزماني لحدوث السلوك والتنظيم التخطيط .
2- الفص الجداري :
واهم وظائفه ما يلي :
– الاحاسيس المخية , وتشمل على :
1- التحديد اللمسي لموضع مثير .
2- تمييز موضع نقطتين لمسيتين .
3- الاحساس بالأشكال الثلاثية .
– استقبال المثيرات الحسية ثم تفسيرها مما يساعدنا على ادراك العالم الخارجي .
– ادراك وضع الجسم في الفراغ .
– له دور في الوظائف المعرفية كالذاكرة قصيرة المدى .
– له دور في العمليات الحسابية واللغة والرياضيات .
– مركز الضبط الحركي البصري ومنه ادراك العلاقات المكانية وادراك الفضاء وادراك العلاقات المكانية بين الاشياء .
3- الفص الصدغي :
يقع الفص الصدغي في اسفل الشق الجانبي سيليفيان ومن اهم وظائفه :
– الاحساسات السمعية والادراكات السمعية البصرية .
– تخزين (ذاكرة) طويله المدى للمدخلات الحسية .
– المزاوجة بين الاحساسات السمعية والبصرية .
– تضيف اللوزة البعد الانفعالي للمدخلات الحسية والذاكرة .
4- الفص القفوي :
يقع الفص القفوي في الجهة الخلفية القصوى من الدماغ ويحتوي حسب خريطة برودومان على المناطق 17 -18- 19 واهم وظيفة له هي استقبال السيلات العصبية البصرية وادراكها حيث النصف الايسر من الدماغ يعالج ويحلل المعلومات القادمة من المجال البصري الايمن والنصف الايمن يعالج المعلومات القادمة من المجال البصري الايسر. (الشقيرات , 2005)
اللا تناظر الوظيفي للنصفين الكرويين بالمخ الانساني :
يقوم المخ الانساني بتنظيم المعلومات التي ترد اليه من خلال الحواس بطريقة ذاتية التنظيم , حيث يعمل المخ على تشكيل الانماط والبحث عنها من اجل تنظيم معالجة المعلومات .
وفي هذا الاطار اظهرت العديد من الدراسات التي قامت على كل من الافراد العاديين وغير العاديين عدم التماثل بين نصفي المخ في الوظائف العقلية , فسيطرة النصف الايمن للمخ تشير الى تفضيل الافراد للمهارات البصرية والعواطف والتزامن والحدس الذي يعتمد على تركيب عناصر المواقف التعليمية , اما سيطرة النصف الايسر للمخ فتشير الى تفضيل الافراد للمهارات اللفظية والمنطقية والعقلانية والتتابع الذي يعتمد على تحليل عناصر المواقف التعليمية بدلا من تركيبها كما هو الحال في النصف الكروي الايمن .
وفي هذا الاطار نقدم قائمة بوظائف النصفين الكرويين تبعا لاختلاف انماط معالجة المعلومات لدى المتعلمين كما في الجدول التالي :
م | وظائف النصف الكروي الايمن للمخ | وظائف النصف الكروي الايسر للمخ |
1 | يتعامل مع الصور والخيال | يتعامل مع الالفاظ والرموز التجريدية |
2 | يحب العشوائية والحرية | يحب الترتيب والنظام |
3 | طريقة التفكير كلية وشاملة | طريقة التفكير تحليلية وتفصيلية |
4 | يعالج المعلومات بالتوازي والتزامن | يعالج المعلومات بشكل متسلسل ومتتابع |
5 | يعالج المعلومات بشيء من الحدس | يعالج المعلومات بشكل منطقي |
6 | يكون ابداعيا ومولدا للأفكار اثناء القراءة | يكون متفحص ومحلل وناقد اثناء القراءة |
7 | يقرأ ليعرف الفكرة الاساسية في الموضوع | يقرأ لان التفاصيل مهمة له |
8 | يعالج المعلومات الشكلية والتخيلية | يعالج المعلومات الرقمية والرياضياتية |
9 | يحب الاقدام بسرعة والاندفاع | يحب التخطيط والتروي |
10 | استنتاجي | استقرائي |
11 | يتعامل مع الفراغ ثلاثي الابعاد | يتعامل مع الزمن |
12 | يتعامل مع التخيل والاختراع | يتعامل مع الحقائق والواقع |
13 | يتذكر الاشكال والصور بشكل اكبر | يتذكر الاسماء والالفاظ بشكل اكبر |
(عبد الواحد , 2010 , 29)
ثانيا : النخاع الشوكي :
هو جزء من الجهاز العصبي المركزي والذي يبدأ من قاعدة المخ ويمر خلال العمود الفقري , الوظيفة الرئيسية للحبل الشوكي هي نقل النبضات العصبية من والى المخ وتوصيلها الاعصاب الفرعية . هو عبارة عن حبل طويل من الاعصاب الشوكية يتراوح طوله حوالي 45 سم في القناة المركزية في الفقرات له دور مهم في توصيل الاشارات الكهربية من المخ الى العضلات اذا اراد الانسان تحريك يده مثلا ويقوم بعمل الفعل المنعكس اذا لمس انسان جسم ساخن حيث يقوم باصدار الامر الى العضلات بالتحرك قبل ان تصل الى المخ وهو محاط بثلاث اغشية للحماية مثل المخ وهم على الترتيب 1- الام الحنون 2- الام العنكبوتية 3- الام الجافة . (نائف , 2008 , 10)
الحبل الشوكي والسلوك :
لابد ان نؤكد على ان الحبل الشوكي يستخدم لكل سلوكيات الانسان التي تحصل تحت الرقبة وتتضمن هذه السلوكيات نوعين هما :
1- الفعل المنعكس بمساعدة الدماغ
2- السلوك الارادي
فالسلوك الانعكاسي هو استجابة تلقائية سريعة تحدث جراء منبه معين
والافعال أو الاستجابات المنعكسة نوعان :
1- بدنية كسحب الرجل عند حصول ضربة في المفصل (الركبة )
2- مستقلة مثل سيلان اللعاب عند شم رائحة الطعام أو رؤية فرد يأكل شيئا حامضا
ان السلوك المنعكس تمتد جذوره من دوائر عصبية تسمى (بقعة الانعكاس )
وهذه البقعة تحتوي على عصب حسي واحد واخر حركي وتربط بينهما وصلة عصبية .
الجهاز العصبي المحيطي :
ان الجهاز العصبي المحيطي والذي يطلق عليه ايضا الجهاز العصبي السطحي
يقسم الى قسمين رئيسسن هما :
1- الجهاز العصبي البدني : ويسمى ايضا جهاز السوماتيك .
2- الجهاز العصبي المستقل : ويسمى ايضا الجهاز العصبي الذاتي , او الجهاز العصبي التلقائي .
يتكون الجهاز العصبي من كافة الاعصاب الموجودة خارج الدماغ والحبل الشوكي للانسان , ويشمل جزأين رئيسين هما :
الجهاز البدني , والجهاز المستقل .
وان الوظيفة العامة للجهاز المحيطي تتحدد بالاتي :
1- نقل المعلومات الحسية من الخلايا المستقبلة الى الجهاز العصبي المركزي .
2- نقل المعلومات الحركية من الجهاز العصبي المركزي الى الخلايا المستجيبة وهي تحديدا العضلات والغدد .
وتحدد مسؤولية الجهاز العصبي البدني عن العضلات الجسمية والسيطرة عليها بأعتباره الجهاز الخاص بالجسم ولذلك يطلق عليه بالجهاز العصبي الجسمي كما تتحدد مسؤولية الجهاز العصبي المستقل أو التلقائي عن نشاط الاعضاء الداخلية والغدد وبذلك فأن الجهاز العصبي المحيطي اتسعت وظيفته العامة لتشمل السيطرة على المحيط الخارجي والداخلي للإنسان .
(الخالدي , 2014 , 65)
مثال : لكي يقوم الشخص بنشاط حركي (الركض) فانه يحتاج الى نشاط بيولوجي استثنائي لكي يؤدي هذا السلوك الحركي , الذي يتطلب القيام بتنشيط عدد غير قليل من اعضاء جسمه كالذراعين , الساقين , عضلات الصدر والظهر والرقبة , والمفاصل . وجميع هذه الاعضاء البدنية تتصل بالخلايا المستجيبة , وكل خلية مرتبطة بملايين من الدوائر العصبية , اذ حتى يؤدي الفرد منا الجري او الركض او السباحة لابد ان يكون هناك تنسيق فسيولوجي بين الدوائر العصبية والعضلات حتى يتم هذا النشاط بنجاح .
الا ان هذه الدوائر العصبية في جسم الانسان لا تكفي وحدها للقيام بتنشيط العضلات لان كل خلية عصبية تحتاج الى تغذية او طاقة تساعدها او تهيئوها للقيام بوظيفتها بغض النظر عن وظيفتها , اي ان عملية تزويد الخلايا العصبية مستمرة وديناميكية .
وبهذا يصبح كل نشاط يبذله الانسان متوقفا على شرطين مهمين هما :
1- ان الخلايا العصبية يجب ان تثير العضلات الجسمية لكي تحرك الجسم .
2- ان العضلات الجسمية يجب ان تحصل على الغذاء او الطاقة بصورة كافية من مجرى الدم , حتى تتمكن من القيام بالنشاط او السلوك الحركي المطلوب ,
مثال : الذي يشعر بالجوع والعطش ومعدته خالية , من المتوقع ان يفشل في اتمام النشاط الحركي او اللياقة البدنية التي يريد ان يتمتع بها . (الخالدي , 2014)
الجهاز العصبي الذاتي اللاارادي :
وهو الجزء المسؤول عن تنظيم حركات العضلات الدقيقة وعضلات القلب ونشاط الجهاز الغدي , ويقسم الجهاز العصبي الذاتي الى قسمين هما :
- الجهاز السبمثاوي : وهو الجزء المسؤول عن تصريف الطاقة المخزنة في الجسم عندما يستثار الجسم , فانه يعمل على زيادة ضغط الدم الى العضلات الهيكلية الكبيرة ويتسبب في افراز السيال العصبي العروف باسم ايبنفرين الذي يتسبب في رفع مستوى الدم والسكر وزيادة دقات القلب . كما ويسيطر على نشاط الغدة الادرينالينية ولا سيما عندما يواجه الفرد المواقف المفاجئة , ويعمل ايضا على تنظيم افرازات العرق والاثارة الجنسية .
- الجهاز الباراسمبثاوي :وهو الجزء المسؤول عن تنظيم الانشطة الحيوية المتمثلة في افراز اللعاب , والعصارات الهضمية والعصارات المعدية والمعوية , اضافة الى دوره في زياد كمية الدم المنساب الى المعدة والامعاء , وعموما فان هذا الجزء يعمل على اعادة الجسم الى وضع الاسترخاء عندما يتهيج او يستثار بفعل عوامل خارجية او بسبب الاثارة الجنسية . (الزغول والهنداوي , 2013 , 78)
طرق وتقنيات حديثة لدراسة الدماغ :
1- الطرق التداخلية :
- الاستثارة الكهربائية والكيميائية لمختلف اقسام الاجهزة التنظيمية :استعملت هذه الطريقة على الحيوانات العليا (كالكلاب , والقطط , والجرذان المخبرية البيضاء) وما زالت تستعمل , وخاصة في مجال الفارموكولوجي (اي تجريب الادوية) , وطبقت ايضا على الانسان , وخاصة في الحالات المرضية النفسية , وفي تجريب الادوية وبعض المواد الكيميائية .
يتم في هذه الطريقة الكشف عم جزء معين في قشرة المخ , بعدها يتم استثارته , وذلك بادخال اقطاب كهربائية بشكل مسبار , وتمرير تيار كهربائي .
ولكن يعاب على هذا الاسلوب ان الاستثارة الكهربائية فيه موضعية , اي ان الاماكن محددة , وان الاستثارة الكهربائية يمكن ان تسبب تلفا معينا في الانسجة العصبية السليمة , ويصبح من المتعذر اعادة الحياة لها من جديد . - الاستئصال الجزئي او الكلي لمختلف اقسام الاجهزة التنظيمية : ويتم في هذا الاسلوب استئصال او ازالة او اتلاف جزء معين من قشرة المخ , او ازالتها كاملة عند الحيوانات المخبرية , بعدها يتم ملاحظة الحيوان , وما ينجم عن ذلك من قصور وظيفي (فيسيولوجي وسيكولوجي) .
فمثلا درس العالم الامريكي ليشلي تأثير الاستئصال الجراحي للمناطق المختلفة من قشرة المخ عند الجرذان البيضاء المخبرية في مقدرتها على الخروج من المتاهة , واثبت ان حركة الجرذ الصحيحة او الخاطئة لا تتعلق بالمناطق المستأصلة , بقدر ما تتعلق بمساحة الجزء المستأصل من قشرة المخ .
وقد بين ليشلي انه في حالة الاستئصال البسيط يرتكب الجرذ اخطاء اقل , بينما في حال الاستئصال الكبير من قشرة المخ تصبح اخطاؤه اكثر . كما اشارت ملاحظات الاكلينيكين الى استعادة الوظائف المشوشة من جديد لمناطق كبيرة من النسيج الدماغي . (بني يونس , 2008 , 73)
2- الطرق غير التداخلية :
- تخطيط الدماغ الكهربائي : وتكون من خلال وضع اقطاب كهربائية على فروة الرأس , ويتم التقاط التغيرات الكهربائية التي تحصل في قشرة الدماغ وتحويلها الى رسم على الورق على شكل موجات دماغية , وقد ساعدت هذه الطريق اكتشاف حالات الصرع ومعرفة مصدر الموجات الصرعية في الدماغ , وساهم في اظهار الفرق بين عمل نصفي الدماغ , حيث تبين ان الشق الايسر انشط في المهمات اللغوية والشق الايمن انشط في المهمات المكانية .
- التصوير الطبقي المحوري : ومن الطرق الشائعة والرخيصة والسريعة , حيث يتم تصوير الدماغ من اكثر من زاوية , وقد مكنت الاطباء من التحديد الدقيق لاماكن اصابات الدماغ مثل الاورام , والالتهابات والجلطات الدماغية وخاصة الكبيرة منها والتي تكون في الاماكن العلوية من الدماغ .
ج) التصوير بالرنين المغناطيسي : ويظهر الاورام الدقيقة – قطر الورم (1-2ملم) وهي طريقة متطورة اكثر من الطريقة السابقة , وتمتاز بعدم وجود اشعة تمر في دماغ المريض . (الختاتنة واخرون , 2015 , 83)
العمليات العقلية والمعرفية :
الاحساس :
هو عملية التقاط او تجميع للمعطيات الحسية التي ترد الى الجهاز العصبي المركزي عن طريق اعضاء الحس المختلفة .
والاحساس عملية استقبال للمنبهات التي تقع على احدى الحواس , والادراك عملية ترجمة للمحسوسات التي تنتقل الى الدماغ , على شكل رسائل مرمزة ماهيتها نبضات كهربائية تسري عبر الاعصاب الحسية التي تصل ما بين اعضاء الحس والدماغ .
وتتميز الاحساسات بانها عبارة عن تجارب شعورية , يظهرها منبه تثيره احدى الحواس الخمس , بوجود مستقبلات طرفية لها في الجسم ,تنقل الاحساس الى الياف عصبية خاصة , ومنها الى مسارات عصبية خاصة لتصل في نهاية الامر الى مركز الاحساس في قشرة المخ , والاحساسات متنوعة منها ما هو سطحي , ومنها ما هو عميق , وما هو قشري اضافة الى الاحساسات الخاصة . (الختاتنة واخرون , 2015 , 119)
الانتباه :
عملية توجيه وتركيز الشعور على الاحساسات الناتجة بفعل مثيرات خارجية موجودة في المجال البيئي الادراكي للفرد , او المثيرات الداخلية والتي تحدث داخل الفرد .
ان عملية الانتباه لا يمكن ان تتم الا اذا كان المخ في حالة يقظة . ويسيطر عليها من قبل التكوين الشبكي في الدماغ المؤخر , والتكوين الشبكي مكون من شبكة من الالياف وأجسام الخلايا المتواجدة في وسط الدماغ المؤخر ومحاورها الصاعدة الى الدماغ الاوسط ثم الى الدماغ الامامي .
كما أن القشرة المخية هي ايضا مسؤولة عن الانتباه حيث تتسلم معلومات حسية محددة من المستقبلات من تحت الرقبة ومن فوقها أي من اجزاء الجسم . وان اكثر المعلومات الحسية تتفرع وترسل اما بشكل مباشر او غير مباشر الى منطقة الثلاموس في الدماغ الامامي ومنها الى المناطق الحسية المختصة في القشرة , وهذا يعني أن الوظيفة الاولى للثلاموس توصيل المعلومات الحسية للمناطق المختصة في القشرة . (الخالدي , 2014 , 284)
الادراك :
لا تنحصر عملية الادراك في حدوث السيالات العصبية الحسية ثم الدماغية الانية التي تنشأ نتيجتئذ , بل ايضا في توفر سيالات عصبية متوافقة سابقة لهما في الدماغ الانساني , فيها يشار اليها بالذاكرة الطويلة , فاذا وصلت السيالة العصبية الحسية للدماغ مثيرة في خلاياه سيالة عصبية مناظرة , تبدأ على الفور بالبحث عن قرينات لها في الدماغ , حتى اذا وجدتها حصل الاقتران المطلوب بينهما مؤديا الى استيعاب الموضوع او فهمه , وهنا اذا كان الموضوع قديما معروفا لدى الفرد يستوعبه تلقائيا دون زيادة محسوسة في السيالات العصبية المخزونة بالذاكرة الطويلة , اما اذا كان الموضوع جديدا نسبيا , فانه ينتج والحالة هذه تعديل ايجابي لبناء الذاكرة الطويلة , متمثلا في زيادة مخزونها او ارتقائها الادراكي لدرجة اعلى حيث نتعارف على ذلك بالتعلم , وفي حالة ثالثة , تبحث السيالات العصبية الدماغية عن قريناتها فلا تجدها , او لا تجدها كافية بالقدر الذي يمكن به استيعاب المعلومات الجديدة التي تحملها , فتعود سريعة بالتالي لمنطقة الارسال – الاستقبال الحسي وخلاياه الخاصة بالعاطفة والميول , حيث يتكون لدى الفرد نتيجتئذ شعور بالقلق والاضطرابات , او في حالة متطرفة اخرى ميول سلبية رافضة لموضوع الادراك .(حمدان , 1986 , 10)
الاساس النيورولوجي للذاكرة :
في عام 1979 قام دونالدهب بأرساء نظرية جاء فيها أن الذاكرة تتمثل في الجهاز العصبي على شاكلتين منفصلتين احداهما الذاكرة قصيرة المدى ؛ وهي ممثلة بدليل كهربائي سريع الزوال شديد التأثر بالتدخل , والثانية : الذاكرة طويلة المدى ؛وهي ممثلة بدليل شديد الاحتمال مقاوم للتدخل .
وتقوم هذه النظرية على اساس أن النشاط العصبي الذي يحدث لا يتوقف مع انقطاع عملية التعلم , ولكنه يستمر بعد انتهائها لبعض الوقت ؛ حيث تمضي الدفعات العصبية (المتبقية ) في دوائر منعكسة مرتدة وبذلك تقوم بتنبيه نفس الممرات مرة بعد مرة وتعتبر هذه المرحلة والتي تسمى بالمرحله الحركية الاساس العصبي الذي يكمن وراء تحول الذاكرة قصيرة المدى الى ذاكرة طويلة المدى
وعلى هذا فأنه على الرغم من حدوث عملية النسيان لبعض المعلومات والاحداث لكنها تبقى في الجهاز العصبي ومن الممكن استرجاعها عن طريق تيار كهربائي أو عقار مثل الاستيل كولين لانهما يعيدان عمل الذاكرة عن طريق بناء الوصلة العصبية سريعة التأثر وبذلك يكون من المتفق عليه ان الذاكرة طويلة المدى تعتبر ذات طبيعة كيمائية وان هذه الطبيعة تكون متصلة بأرسال الوصلة العصبية . (سليمان عبد الواحد يوسف ابراهيم ص238)
كيفية خزن المعلومات في الدماغ :
ان عملية خزن المعلومات تتم عند وصول الادراكات الحسية وتشكيلها في القشرة الحسية , تقوم الخلايا القشرية بارسال ومضات بواسطة دائرتين متوازتين الى كل من قرن آمون واللوزة , وكلاهما متصل بالدماغ الاوسط ومع قاعدة ومقدمة الفص الامامي للقشرة وقاعدة الفص الامامي وبواسطة اتصالها الراجع الى القشرة اذن تتعرف كيف يتم ذلك ؟
يتم ارسال ومضات راجعة الى مناطق القشرة الحسية , وهذه التغذية الراجعة للومضات تسبب تغيرات توصل الادراكات الجديدة الى ذاكرة اكثر قوة , وهذا المسار يوضح ان المناطق تحت القشرة تقوم باتصال اولي بين الذاكرة المخزونة والادراكات الجديدة وذلك بدخول المناطق القشرية التي تخزن فيها الذاكرة البعيدة على شكل استدعاء الى ان يتم تماسك المعلومات الجديدة , وبعد ذلك فان استدعاء المعلومات الجديدة يظهر عندما تنبه نفس الخلايا القشرية , وبهذا تعد مقدمة القشرة ضرورية في استدعاء او استرجاع الحقائق المتعلمة من المخزن البعيد المدى , وعن النسيان عندما يقطع الاتصال بين اللوزة والدماغ الاوسط او مقدمة القشرة , مثال : عند الاصابة بصدمة حادة في الرأس وبعد الشفاء منها يسأل الفرد المصاب كيف تم الحادث وتفاصيله يقول لا اتذكر كل شيء عن حادث الصدمة , لذا يتضح ان الذاكرة تعتمد على سلامة هذه الدائرة الداخلية .(الخالدي , 2014 , 293)
المصادر :
- العتوم , عدنان يوسف , 2012 , (علم النفس المعرفي النظرية والتطبيق) الطبعة الثالثة , دار المسيرة للنشر والتوزيع .
- الزغول والهنداوي ,2013 : (مدخل الى علم النفس) , دار الكتاب الجامعي , الطبعة الاولى .
- ابراهيم , سليمان عبد الواحد , 2007 : (المخ وصعوبات التعلم) , الطبعة الاولى , القاهرة , مكتبة الانجلو المصرية .
- الشقيرات , محمد عبد الرحمن , 2005 : (مقدمة في علم النفس العصبي) , الطبعة الاولى , دار الشروق للنشر .
- عبد الواحد , 2010 , : (علم النفس العصبي المعرفي) , دار ايتراك للطباعة والنشر والتوزيع , الطبعة الاولى .
- نائف , نبيل حاجي , 2008 : (المخ (الدماغ) وبرامج التفكير والسلوك) .
- الخالدي , اديب محمد , 2014 : (المرجع في علم النفس الفسيولوجي) , الطبعة الاولى , دار المسيرة للنشر والتوزيع .
- بني يونس , محمد محمود , 2008 : (الاسس الفيسيولوجية للسلوك) , الطبعة الاولى , دار الشروق للنشر والتوزيع .
- الختاتنة واخرون , سامي محسن , 2015 : (مبادئ علم النفس) , الطبعة الرابعة , دار المسيرة للنشر والتوزيع .
- حمدان , محمد زياد , 1986 : (الدماغ والادراك الانساني) , عمان .