الثقافة والحضارة والتربية

يتكيف الانسان مع الطبيعة ويكيفها لحاجاته واذا كانت الكائنات الحية الدنيا تتكيف وفقا لقانونية الغريزة فان الانسان يتفرد في تكيفه اذ يتكيف وفق ادوات اوجدها بنفسه وصنعها بيده وعقله انه يتكيف وفقا لمعطيات ثقافية .

وهذا يعني ان الانسان يتكيف مع الطبيعة ومع المجتمع , وفق نسق منظم من المعايير والقيم الثقافية التي تتمثل في منظومة العادات والمفاهيم والافكار والتصورات وضوابط السلوك التي تحقق له خصوصيته الانسانية

لقد استطاع الانسان خلال مراحل تاريخية مديدة ان يحقق هيمنة شاملة على مقدرات الوسط الطبيعي الذي يعيش فيه , عبر سلسلة من اختراعاته المتواترة التي بدأت مع اكتشافه للنار وتدجين الحيوانات ثم اكتشاف المحراث والقوس وهي الاكتشافات التي منحته ادواته الاساسية في السيطرة على البيئة الاولى التي عاش فيها , وكان لهذه الاكتشافات الانسانية الرائعة ان تسهم في تكوين الانسان وتطويره , وان تصقل طاقاته وامكانياته نحو افاق تتجاوز حدود التصور الانساني نفسه , ولم يكن لعبقرية الانسان الثقافية ان تقف عند حد من الحدود او مرحلة من المراحل , اذ ما زالت تتفجر ابداعا وتتوهج بالعطاء الذي لا ينقطع لتدفع الانسان الى غزو عوالم بعيدة دون توقف او تردد, وان الانسان اليوم يعيش انطلاقة ثورات متفجرة في مجال التكنولوجيا والاتصال والانفجار المعرفي .

x