الدوافع: خصائصها ، تأثيرها ،أنواعها ، علاقتها بالتعلم

الدوافـع..
تعددت تعاريف الدوافع حتى أن المطلع على كتب علم النفس يجد تعاريف كثيرة ومتنوعة نذكر منها :
الدافع : هي حالة فسيولوجية و نفسية داخل الفرد تجعله ينزع إلى القيام بأنواع معينة من السلوك في اتجاه معين و تهدف الدوافع إلى خفض حالة التوتر لدى الكائن الحي و تخليصه من حالة عدم الاتزان ..
الدافع : هو عبارة عن حالة داخلية جسمية أو نفسية لا نلاحظها مباشرة بل نستنتجها من الاتجاه العام للسلوك الصادر عنها ، و تثير السلوك في ظروف معينة و تواصله حتى ينتهي إلى غاية معينة ..
الدافع : هو الطاقة المحركة للنشاط و توجيه سلوك المتعلمين..
الدافع : هو كل ما يدفع إلى السلوك ، ذهنياً كان هذا السلوك أو حركياً..
إذن فالبحث عن القوى الدافعة التي تظهر سلوك الكائن الحي وتوجهه أمر أساسي ليس بالنسبة لعملية التعلم وحدها إنما أيضابالنسبة لكافة مظاهر السلوك الإنساني التي لا يمكن معرفتها على حقيقتها إلا إذا عرفنا الدوافع التي وراءهـا..
و لو القينا نظرة بسيطة على حياتنا اليومية لوجدنا أن وراء كل سلوك نقوم به دافع معين أو عدة دوافع تتكامل مع بعضها و ينتج عنها السلوك .. فالجوع يدفعنا للبحث عن الطعام و كذلك العطش يجعلنا نبحث عن الماء و بالمثل الذهاب إلى المدرسة أو الجامعة طلباً للعلم .. و النوم بحثاً عن الراحة .. و التحدث مع الآخرين للتعبير عن أرائنا و وجهات النظر و غير ذلك من جوانب حياتنا … فكل ما نقوم به لابد أن يكون هناك دافع أو عدة دوافع تحركنا لتحقيقها ..
ويمكن أن ننظر إلى الدوافع من ناحيتين أساسيتين:
الحوافــز:وهي تعني في الغالب المثيرات الداخلية و النواحي العضوية التي تبدأ بالنشاط وتجعل الكائن الحي مستعداً للقيام باستجابات خاصة نحو موضوع معين في البيئة الخارجية آو البعد عن موضوع معين ويشعر بها الكائن كإحساس بالضيق والتوتر والألم ومن أمثلها حافز الجوع والعطش.
البواعـث:
هي الموضوعات التي يهدف إليها الكائن الحي وتوجه استجابته سواء تجاهها أو بعيدا عنها ومن شانها أن تعمل على إزالة الضيق والألم…الخ التي يشعر بها الكائن الحي ومن أمثلتها الطعام الذي يقابل حافز الجوع والماء الذي يقابل حافز العطش.
ويجب أن نؤكد أن العلاقة بين هاتين الناحيتين من الدوافع قائمة و هما يتفاعلان معاً و باستمرار فحافز الجوع مثلا يدفع الكائن الحي للبحث عن الطعام.. كما يمكن أن نلاحظ نوعا من العلاقة بينهما إذا انخفضت حدة المؤثرات الداخلية (الحوافـز) مثلا فذلك قد يتطلب زيادة حدة الموضوعات الخارجية- البواعـث – لينشط الكائن الحي ويتجه نحوها..
فالإنسان الذي أشبع حاجته من الطعام لا يدفعه على تناول الطعام مرة أخرى بالرغم من حالة الشبع إلا الألوان الشهية التي تجعله يرغب في تناوله مهما كانت حالة الشبع التي يمر بها ..
والعكس إذا زادت شدة المثيرات الداخلية = الجوع فان الكائن الحي لا يتردد أبداً في تناول أي طعام يقدم له و يرضى بأي نوع من الطعام مادام ذلك يقلل من شدة الجوع ..
والذي يهمنا من موضوع الدوافع هو علاقتها بالمواقف التعليمية فالدوافع تعتبر من هذه الناحية الوسيلة الكامنة في نفوسهم نحوممارسة أوجه النشاط المختلفة التي يتطلبها العمل المدرسي ومواقف التعلم بصفة عامة.
خصائص الدوافع:
ينبغي فهم عدد من النواحي المتعلقة بالدوافع و الأسباب التي من شأنها معرفة اثر الدوافع في مواقف التعلم المختلفة ، و أهم هذه النواحي ما يتعلق بأثر زيادة قوة الدافع في التعلم و كذا معرفة نوعية أو طبيعة الدوافع التي تعمل في موقف التعلم و هل هي دوافع بسيطة أو دوافع مركبة بالإضافة إلى مدى تأثير الدوافع بمعنى هل الدوافع تؤدي إلى هدف محدد أو تكون وسيلة لتحقق أهداف أخرى أبعد ويمكن إيجاز خصائص الدوافع فيما يلي :
قـوةالدوافـع:
الدافع هو المحرك الأساسي وراء أوجه النشاط المختلفة التي يكتسب الفرد عن طريقها أشياء جديدة أو يعدل عن طريقة سلوكه أو بمعنى آخر هو المحرك الرئيسي وراء عملية التعلم.
إن وجود دافع شي أساسي من غير شك في عملية التعلم ونقصانه قد يؤدي إلى توقف الكائن الحي عن ممارسة أوجه النشاط التي تمكنه من السيطرة على الموقف التعليمي وتقلل من فرصة التعلم ، كما أن زيادة الدافع عن الحد الطبيعي تعمل على عدمظهور الاستجابة الصحيحة إذا كانت غير مباشرة وهذا يضاعف من الوقت والعمل المبذولين للوصول إلى حل ناجح عن طريق الاستجابة غير المباشرة.
ونلاحظ مثل هذه الحالة في كثير من المواقف التعليمية ، ففي القسم مثلا عندما يعمل التلاميذ تحت ظروف دافع غير عادي كالمنافسة الشديدة لحل التمرينات والرغبة في الوصول إلى حلها قبل الآخرين. عندها يندفع التلاميذ لحل المسائل باستخدام الأساليب المعروفة. فإذا كان الحل يتطلب التفكير في نوع جديد من الأساليب عجز التلاميذ بحكم اندفاعهم عن تبين الطريق الصحيح.
و قد أثبت هذه الحقيقة العالم هــل و استشهد على ذلك بتجربة سبق أن أجراها كوهلر و هذه التجربة توضح تأثير الدافع على السلوك ، حيث قام كوهلر بإلقاء الطعام على بعد من كلبته خلف حاجز ترى الطعام من خلاله و لاحظ أنها تسرع إليةراسمة قوساً كبيراً خلف الحاجز ، ثم كرر التجربة و لكن في هذه المرة قام بإلقاء الطعام خلف الحاجز مباشرة تحت انفها بحيث يفصل الحاجز بينها و بين الطعام ، و لاحظ في هذه الحالة أنها تحاول الوصول إلى الطعام متجاهلة وجود الحاجز فأخذت تدفع بأنفها مرة تلو الأخرى دون أن تحاول الالتفاف حول الحاجز و علل سلوكها بأن زيادة الدافع عن الحد الطبيعي دفعها للاستجابة بقوة للحصول على الطعام.
مـدى تأثيـر الدافــع:
لا توجد أدنى علاقة لقوة الدافع بالفترة التي يستغرقها تأثيره فهناك دافع قصير المدى مثل الجوع ، فالجوع مهما كانت قوته فانتأثيره ينتهي بمجرد تناول الطعام و علية ينبغي العناية بالدوافع طويلة المدى بالنسبة للمواقف التعليمية حيث أنها تؤثر في سلوك الفرد فترة زمنية أطول كما أن الأهداف التربوية بطبيعتها بعيدة المدى و ليست مؤقتة و من ثم تستلزم دوافع من هذاالنوع المؤقت قصير المدى إلا أنها في ذات الوقت و سائل لأهداف أبعد و أغراض أسمى و أرفع ..
الدافــع المركــب:
تبعاً لاختلاف نوع الكائن الحي و تبعاً للمواقف التي يتعرض لها تتحدد الدوافع التي تؤثر في تعلمه ، فالكائنات الدنيا عادة ما تؤثر فيها دوافع عادية أولية كدافع البحث عن الطعام أو الجنس و هي دوافع بسيطة .. أما الإنسان فانه يعمل تحت تأثير دوافع أغلبها اجتماعية مكتسبة كالرغبة في التفوق و إثبات الذات بالإضافة إلى الدوافع الأولية و إن كانت لا تأخذ شكلها المألوف في مواقف التعلم المختلفة وبالأخص المدرسي منها .. و ينبغي الإشارة إلى أن الإنسان لا يتعلم تحت تأثير دافع واحد بل غالباً ما يتأثر الفرد بمجموعة كبيرة من الدوافع تؤثر عليه و توجه سلوكه و مثل هذه الدوافع عادة ما تكون مركبة .. ولذلك يرى ماك جوش في مثل هذه المواقف ألا ندرس تأثير الدافع ضد تأثير عدم وجود الدافع ولكن مقارنة تأثير المجموعة المختلفة من الدوافع الموجودة عند شخص + أو – حالة دافع معينة و ما يمكن التحكم فيه هو هذه الحالة المضافة أو المطروحة تحت فرض أن التغير فيها سيصاحبه تغير في الحالة كلها.
ويذهب اوسجود إلى ابعد من ذلك فهو يرى انه من الصعب اختيار موضوع الدوافع لعدة أسباب منهـا:
أ‌) انه يجب أن يظل الدافع ثابتا في الوقت الذي نقيس فيه قوة الاستجابة الحادثة.
ب‌) أن تغير الدافع يغير النمط الكلي للإثارة التي تعرض لها الكائن الحي ولهذا تأثيره على الموقف التجريبي كله والعوامل المؤثرة فيه.
ج‌) انه من الصعب حساب التغيرات الحادثة تحت درجات مختلفة من الدوافع.

x