الفكر الاجتماعي الروماني

1 – شيشرون ( 106ق.م – 43ق.م )
ولد في المدينة الايطالية اربينوم من اسرة ميسورة الحال، يعتبر من اوائل المفكرين الرومان الذين تاثروا بالفلسفة اليونانية خاصة الرواقية، بدا مشواره كرجل دولة سنة 76ق.م، اشتهر ببلاغته وطلاقته خاصة كمحام وهو ما  جعله يتقلد منصب قنصل الجمهورية سنة 63ق.م ، عدم سنة 43 ق.م بسبب انخراطه في الصراعات الدامية التي افضت الى قيام الامبراطورية.
من مؤلفاته: الجمهورية، القوانين، الواجب، ناقش من خلالها فكرة القانون الطبيعي، النظام السياسي، المنفعة العامة، اصل القانون،….
افكاره السياسية:
1- في السياسة: ربط بين السياسة والاخلاق، واعتبر السياسة بمثابة الواجب الاخلاقي الذي يهدف الى تحقيق الصالح العام لافراد الدولة، حيث انه يجب على رجل الدولة ان يسخر كل طاقاته وجهوده لخدمة شعبه دون ان ينتظر مقابلا وراء ذالك.
2- في السلطة: بالنسبة له لا يجب ان يكون الشخص غير المناسب في السلطة خاصة و ان اساس السلطة عنده هو العلم والهدف منها تحقيق الخير العام والسعادة للافراد بالتخلي عن المصالح الخاصة.
3- في الدولة : يظهر مفهومه للدولة من خلال ثلاث عناصر هي:
–       ان الدولة ضرورة حيوية: تنشا نتيجة غرائز الناس الطبيعية الميالة الى التجمع.
–       ان الدولة ظاهرة تاريخية تمتد اقليميا: فتتشكل الدولة بداية بعد استيلاء مجموعة اشخاص
على رقعة جغرافية معينة، تتوسع فيما بعد لتسيطر على الجماعات المجاورة.
–       ان الدولة عبارة عن عمل جماعي: فاساس بناء الدولة ودوامها واستمرارها هو العمل الجماعي فحتى لو اسست الدولة من طرف شخص بمفرده الا ان هذا الاخير لن يتمكن من الحفاظ عليها دون الاخرين. فالدولة التي لا تعبر عن مصالح الناس المشتركة هي بمثابة العصابة المسلحة من قطاع الطرق تسلب الناس اموالهم لكن على نطاق واسع. لهذا نجده اطلق تسمية مصلحة الناس المشتركة او الشيئ العام على الدولة.
4-  في الشعب: يعتبر شيشرون اول من عرف الشعب وهو:” مجموعة كبيرة من السكان يخضعون لقانون واحد ويشتركون في سلطة واحدة للحصول على مصلحة مشتركة”.
5-  في المساواة والعدالة والقانون الطبيعي:
·        يعتبر الناس جميعا متساوون لانهم يتمتعون بالقدرة العقلية التي يمكن تغذيتها وهم متساوون حتى لو كانوا غير متساوين في العلم والحكمة والملكية، كذلك هم متساوون لاشتراكهم جميعا في صفة المواطنة ويخضعون لنفس القانون.
·        العدالة عنه ليست هدفا مرجوا من الدولة بل هي اساس قيام الدولة بدونها لا تستمر الدولة واساس هذه العدالة هو القانون الطبيعي.
·        يعرف القانون الطبيعي بانه: ” القانون الحقيقي لانه مطابق للطبيعة، انه قانون واحد ابدي هو ذاته في اثينا وفي روما،اليوم وغدا، انه القانون الاسمى، هو ذلك المنقوش في طبيعتنا هذا القانون الطبيعي هو الذي يربط الانسان بالالوهية، والبشر فيما بينهم، لا القوانين المكتوبة والدساتير، القانون الطبيعي يجعلهم ينتمون للمدينة ذاتها، وهذه المدينة ما هي الا الكون الذي يديره المبدا الالاهي”.
·        القانون الطبيعي الابدي الثابت هو المندمج مع العقل الالاهي، اما القانون المتغير فهو الذي يطلق عليه الانسان العادي اسم قانون، فجميع الناس متساوون حسب قوانين الطبيعة، والعدل ايضا هو شعور زرعته الطبيعة في كل انسان، فاذا لم يبتعد الانسان عن طبيعته فان العدل والمساواة سوف يسودان في الكزن اجمع دون حاجة لسلطة او عنف.
6- في اشكال انظمة الحكم: هي ثلاثة:
أ‌-     نظام الحكم الملكي: ينشا اولا لانه شبيه بالسلطة الابوية داخل الاسرة التي مهدت بدورها لقيام الدولة، لكنه يتحول الى طغيان بعد استبداد الملك بالحكم فتقوم ثورة ارستقراطية.
ب‌- نظام الحكم الارستقراطي: تظهر فيه الفوارق بين الناس مما يجعل عامة الشعب يثورون عليه.
ج- نظام الحكم الديمقراطي: يصبح الحكم لعامة الشعب.
   في الواقع اعتمد شيشرون على الخلاصات التي توصل اليها بوليبيوس لتطوير نظريته الخاصة حول النظام المختلط، وقد فضل النظام الجمهوري المختلط الجامع بين الانظمة الثلاث، حيث يقول: ” انا احب ان يكون في الدولة شيئ من تعالي الملكية، وتاثير النخبة، الى جانب ضرورة ارجاع بعض الامور لارادة الشعب.”
2- سينيكا ( 4ق.م – 65م )
هو لوكيوس انايوس سينيكا، فيلسوف روماني ولد بقرطبة باسبانيا، كاتب وخطيب، استدعته والدة نيرون ليشرف على تعليمه سنة 49م، عندما اصبح نيرون قيصرا عين سينيكا مستشاره الاول حتى عام 62م. اتهمه نيرون بالتآمر عليه واجبره على الانتحار بقطع شرايينه سنة 65م. يعتبر من ابرز دعاة الفكر الرواقي، كما انه تاثر بالاتجاه الديني بعد ظهور المسيحية خاصة بعد الفوضى التي عرفتها روما في عهد نيرون.
من اهم مؤلفاته: راحة النفس، قصر الحياة، الرحمة، المحاورات،…..
افكاره السياسية:
1- في السياسة: اعتبر ان الفرد لا يصل الى راحة النفس الا بتفانيه في اداء اعماله وواجباته، فان لم يكن الفرد فعالا فانه سيقع ضحية لاهوائه، وان كل الادوار في المجتمع متناسقة مع بعضها البعض. لكنه تراجع عن افكاره هذه في مؤلفه “قصر الحياة” فنصح كل انسان عاقل بالابتعاد عن ممارسة السياسةلما ارتبط بها من سوء اخلاق وفساد.
2- في الدولة: امام ما وصلت اليه روما من وضعية مزرية في عهد نيرون، عدد سينيكا محاسن ما قبل المدينة التي سماها بالعصر الذهبي للمجتمع الانساني حيث لم توجد فيه صراعات، الا ان الطبيعة البشرية ادت اليها، فالبنسبة اليه فان البشر كان يحكمهم رجل واحد وهو الافضل بيتهم دون سيطرة، فالقائد كان يعرف القيادة والرعايا يعرفون الطاعة، لذلك كان جيلا سعيدا. الا ان تغير الواقع وسقوط البشرية في صراع بين الاقلة الراغبة في القوة و الثروة والاغلبية الثائرة، اوجد الحاجة الى وجود الحكومات لاستئصال الشر وزرع الامن والطمأنينة، فاعتبرت السلطة السياسية افضل دواء للفساد داخل الانسان. وقد دعى الى الدولة العالمية والمواطنة العالمية. واعتبر الروابط الدينية اقرب من الروابط السياسية و القانونية في هذه الدولة.
3- في نظام الحكم: فضل النظام الملكي لانه نظام طبيعي، فعلى راس هذا الكون يوجد ملك واحد هو الاله، حتى وان كانت هذه الملكية دكتاتورية فان فساد وطغيان الفرد الحاكم اهون من فساد اغلبية الشعب (الحكومة الديمقراطية)، وان الحكومة المفضلة هي التي يتحلى ابناء الشعب فيها بالاخلاق الفاضلة و تستند في تسيير الشؤون على التعاليم الدينية، فاعتبر الروابط الدينية اقرب من الروابط السياسية و القانونية في الدولة.
4- في السلطة: لم يفصل سينيكا في وظيفة السلطة فهي ليست مسؤولة عن مصدر سعادة الناس بل تحدهم فقط من التمادي في الشر و الفساد، فالحل هو ايجاد امبراطور جيد يعمل للصالح العام حتى وان اعطي كل الصلاحيات.
 

x