تعتقد النظرية البنائية الوظيفية التي كان روادها كل من هربرت سبنسر وتالكوت بارسونز وروبرت ميرتون وهانز كيرث وسي. رايت ميلز بعدة مبادئ اساسية متكاملة ، كل مبدأ يكمل الآخر وهذه المبادئ هي على النحو الآتي :
1- يتكون المجتمع او المجتمع المحلي او المؤسسة او الجماعة مهما يكن غرضها وحجمها من اجزاء او وحدات مختلفة بعضها عن بعض ، وعلى الرغم من اختلافها إلا انها مترابطة ومتساندة ومتجاوبة واحدتها مع الاخرى .
2- المجتمع او الجماعة او المؤسسة يمكن تحليلها تحليلاً وظيفياً الى اجزاء وعناصر اولية اي ان المؤسسة تتكون من اجزاء او عناصر لكل منها وظائفها الاساسية .
3- ان الاجزاء التي تحلل اليها المؤسسة او المجتمع او الظاهرة الاجتماعية انما هي اجزاء متكاملة ، فكل جزء يكمل الجزء الاخر وان اي تغيير يطرأ على احد الاجزاء لابد ان ينعكس على بقية الاجزاء وبالتالي يحدث ما يسمى بعملية التغير الاجتماعي . من هنا تفسر النظرية البنيوية الوظيفية التغير الاجتماعي بتغير جزئي يطرأ على احد الوحدات او العناصر التركيبية ، وهذا التغير سرعان ما يؤثر في بقية الاجزاء اذ يغيرها من طور الى اخر .
4- ان كل جزء من اجزاء المؤسسة او النسق له وظائف بنيوية نابعة من طبيعة الجزء . وهذه الوظائف مختلفة نتيجة اختلاف الاجزاء او الوحدات التركيبية ، وعلى الرغم من اختلاف الوظائف فأن هناك درجة من التكامل بينها . لذا فوظائف البنى المؤسسية مختلفة ولكن على الرغم من الاختلاف فأن هناك تكاملاً واضحاً بينها . فمثلاً وظيفة المدرس او المعلم في المؤسسة التربوية تختلف عن وظيفة الطالب . ولكن وظائف منهما تكمل بعضها البعض . فالمعلم لا يستطيع اداء وظائفه التعليمية والتربوية دون ان يكون هناك طلبة . كما ان الطالب لا يستطيع تلقي العلم والمعرفة والتربية دون ايكون هناك مدرس او معلم يزوده بالعلم والمعرفة والتدريب والأخلاق . لذا فالاختلاف والتفاضل في المراكز هو شيء وظيفي للتماسك والتكافل الاجتماعي في المؤسسة التربوي او التعليمية .
5- ان الوظائف التي تؤديها الجماعة او المؤسسة او يؤديها المجتمع انما تشبع حاجات الافراد المنتمين او حاجات المؤسسات الاخرى . والحاجات التي تشبعها المؤسسات قد تكون حاجات اساسية او حاجات اجتماعية او حاجات روحية .
6- ان الوظائف التي تؤديها المؤسسة او الجماعة قد تكون وظائف ظاهرة او كامنة او وظائف بناءة او وظائف هدامة . فزيادة اجور العمال لها وظائف اقتصادية ظاهرة للعمال ، بينما تأسيس نادي او جمعية رياضية للعمال هو فعل او سلوك له وظائف كامنة . اما الوظائف البناءة تتجسد في زيادة الانتاجية ، بينما الوظائف الهدامة تتجسد في زيادة دخول العاملين والأثر السيئ الذي تتركه زيادة الدخول في ارتفاع الاسعار وحدوث ظاهرة التضخم النقدي .
7- وجود نظام قيمي او معياري تسير البنى الهيكلية للمجتمع او المؤسسة في مجاله . فالنظام القيمي هو الذي يقسم العمل على الافراد يحدد واجبات كل فرد وحقوقه ، كما يحدد اساليب اتصاله وتفاعله مع الاخرين اضافة الى تحديده لماهية الافعال التي يكافأ عليها الفرد او يعاقب . علماً ان النظام القيمي الذي تسير عليه المؤسسة يكون متأتياً من طبيعة البيئة الاجتماعية التي يخرج منها النظام ، فالنظام ينبع من الوسط الذي يوجد فيه وذلك لتنظيمه والسيطرة على معالمه وحل مشكلاته وتناقضاته واخفاقاته .
8- تعتقد النظرية البنيوية الوظيفية بنظام اتصال او علاقات انسانية تمرر عن طريقه المعلومات والايعازات من المراكز القيادية الى المراكز القاعدية او من المراكز الاخيرة الى المراكز القيادية . بمعنى اخر ان نظام الاتصال يحدد العلاقات في الانساق العمودية للبناء . وهناك نظام اتصال آخر يحدد مجرى العلاقات في الانساق الافقية للبناء . علماً بأن العلاقات في النسق العمودي هي العلاقات التي تقع في المراكز الرأسية للنظام ، بينما العلاقات في النسق الافقي هي العلاقات التي تقع بين المراكز المتكافئة للأقسام المتناظرة .
9- تعتقد النظرية البنيوية الوظيفية بنظامي سلطة ومنزلة . فنظام السلطة في المجتمع او المؤسسة هو الذي يتخذ القرارات ويصدر الايعازات والأوامر الى الادوار الوسطية او القاعدية لكي توضع موضع التنفيذ . فهناك في النظام ادوار تصدر الاوامر وهناك ادوار تطيعها . اما نظام المنزلة فهو النظام الذي يقضي بمنح الامتيازات والمكافآت للعاملين الجيدين لشدهم والآخرين من زملائهم الى العمل الذي يمارسونه . علماً بأن الموازنة بين نظامي السلطة والمنزلة هي شيء ضروري لديمومة وفاعلية المؤسسة او النظام او النسق .
مما ذكر اعلاه من معلومات عن مبادئ النظرية البنيوية الوظيفية نستنتج بأن هذه النظرية تعتقد بأن للمجتمع او الجماعة او المؤسسة بناء والبناء يتكون من اجزاء ولكل جزء وظيفة ، ووظيفة الجزء تكون مكملة لوظائف الاجزاء الاخرى . والمثال على ذلك ان المؤسسة الصناعية او المصنع يتكون من اقسام مختلفة كقسم المبيعات وقسم المشتريات وقسم الادارة والذاتية وقسم الدعاية والإعلان وقسم العلاقات العامة وقسم الحسابات وقسم الدراسات والبحوث … الخ . لكن كل قسم من هذه الاقسام يؤدي وظائف متخصصة تساعد على الديمومة والقدرة والفاعلية في تحقيق الاهداف المخططة والمحسوبة .