المبادئ العامة للنمو

 

1-يتضمن النمو تغير كميا ونوعيا:

ان التغير الكمي امر واضح حيث يتجلى ذلك من مقارنة حجم الطفل بحجم المراهق، او بحجم الراشد،كما يتجلى ذلك من مقارنة الفرد مع نفسه بين سنة وأخرى من سني عمره ولا يقتصر الامر على الحجم انما يتبعه التغير في الوزن ايضا ، فوزن المخ عند الراشد يبلغ اربعة امثال وزنه عند الطفل ،ويبلغ قلب الراشد خمسة امثال وزن الطفل ،والتغير في الحجم والوزن يصاحب او يتبعه تغير في الوظيفة،فالرضيع كلما زاد نموه الجسمي حجما ووزنا زادت قدرته على التحكم في حركة اطرافه وضبط بعض حركات جسمه بصور ة تدريجية ، ففي سنته السادسة يتساوى مع الراشد في الاعتماد على العضلات الكبيرة ،ولكنه لا يستطيع السيطرة على العضلات الدقيقة وعلى انامل يديه إلا بعد مرحلة اخرى من النمو ألكمي

كذلك يمكن ان نلاحظ ذلك من خلال متابعتنا لنمو حاسة البصر،حيث تكون قدرة الطفل في الاسابيع الاولى من عمره مقتصرة على استخدام بصره بالنسبة للأجسام والمرئيات الكبيرة الثابتة ،ولكن عندما يصل الى ما بعد الشهر السابع يصبح له القدرة على ان يحرك العينين معا ، ويلاحظ بهما شيئا متحركا0 وهكذا حتى يتم تكامل جهازه البصري كميا ووظيفيا00

ومن الملاحظ ان التغير يتجه الى الزيادة في الكم والكيف حتى مرحلة الرجولة ، ثم بعد ذلك يتضمن تغيرا في الكيف وتناقصا في النشاط الحركي والحسي والعصبي0

ان لهذا المبدأ اهمية تربوية كبيرة حيث يؤدي استيعابه من قبل الاباء والمعلمين الى اعادة النظر في تعاملهم مع الاطفال ، بحيث ترسم الفعاليات وفقا للحقائق المعرفة علميا عن اكتمال النمو كميا ووظيفيا0

2-النمو عملية مستمرة ومنظمة :

النمو سلسلة من العمليات المنظورة المتكاملة مدفوعة بالفطرة الى الزيادة والاقتراب من النضج ثم البلوغ ،ولا يعني ذلك انه في غنى عن المحيط الملائم والتوجيه السليم ،بل يتوقف على مقدار تفاعله مع البيئة000

ولما كان النمو عملية مستمرة فان ما يحصل في مرحلة معينة يؤثر على النمو في المراحل اللاحقة،ولهذا فان هناك اتفاق بين المختصين في العلوم التربوية والنفسية على ان خبرات الطفولة لها اهمية بالغة في حياة المراهقين والراشدين سلبا وإيجابا0

ان استمرار عملية النمو وتتابع خطواتها تساعدنا على التنبؤ بما سيحصل اعتمادا على ما حصل ،وقد وضح(جيزال-gesll) هذا المبدأ بقوله:((ان كل طفل يجلس قبل ان يقف ،ويناغي قبل ان يتكلم ،ويؤلف قبل ان يقول الصدق،ويرسم دائرة قبل ان يرسم مربعا ،وهو اناني قبل ان يقبل ان للآخرين حقوقا مثلما له ويعتمد على الاخرين قبل ان يعتمد على نفسه))0

وهذا يعني ان النمو يخضع لتسلسل منطقي وحلقات مترابطة ولا يحدث على شكل طفرات فكل ظاهرة سلوكية تصدر عن الفرد لا يستطيع القيام بها ما لم تسبقها فعاليات تمهد لها ،مثلا ان المشي يعتمد على نمو الجهاز العضلي وأعصاب الحركة كذلك يعتمد على الاحتفاظ بالتوازن ،التي تعتمد على نمو الاقنية الهلالية في جهاز السمع ،فأي تخلف او اضطراب في هذه العمليات التي تسبق المشي يؤدي الى عدم قدرة الطفل على القيام بعملية المشي0

3-معدل النمو غير الثابت :

ان استمرار النمو وتتابعه الذي تضمنه المبدأ السابق لا يعني ان النمو يسير في حركته من مستوى الى اخر بخطوات متساوية ،فهناك فترات سريعة تظهر وكأنها قفزة فجائية في النمو وأخرى بطيئة تجلب النظر وكأن النمو فيها قد توقف فمعدل النمو يكون سريعا في فترة الطفولة المبكرة وما قبل المدرسة ،بينما يبطئ في مرحلة الطفولة الوسطى ثم يرتفع المعدل ثانية قبل البلوغ ويستمر هذا المعدل ثابتا تقريبا بضع سنوات ثم يبطئ من جديد عندما يشرف المراهق على مستوى النضج

4-لكل جانب من جوانب النمو معدله الخاص :

جوانب النمو المختلفة لا تنمو جميعا بمعدل واحد في وقت واحد،فقد يكون النمو سريعا في جانب من الجوانب وفي نفس الوقت يكون بطيئا في جانب اخر فعلى سبيل المثال:ان قدرة الطفل الكلامية في نهاية السنة الاولى لا تتجاوزالبضع كلمات بعدها يتوقف كسبه للكلمات خلال الاشهر الثلاث التالية ،وقد يفقد بعض الكلمات التي تعلمها  ،وقد تؤدي هذه الظاهرة الى قلق الاباء وتساؤلاتهم غير ان السبب في ذلك يعود الى تحول الجزء الاكبر من طاقة الطفل الى جوانب جسمية وحركية اخرى غير اللغة كما تبرز هذه الظاهرة قبيل فترة البلوغ وخلالها حيث يضطرب تحصيل التلاميذ عندا تتحول طاقاتهم الى النمو الجسمي 0

ان هذه الظاهرة تحملنا على التأكد بضرورة اعداد الانشطة والمناهج التعليمية المناسبة لها ،ففي مرحلة البلوغ يجب ان لا يرهق الطلبة بالواجبات المنزلية التي تعتمد على الجهد العضلي المبالغ بها0

5-النمو عند الانسان يتجه اتجاها فرديا:

(يقال ان الانسان يشبه كل الناس ويشبهه بعض الناس ولا يشبه احد من الناس) وهذا يعني ان الكائنات البشرية تتماثل في خصائص عامة موجودة عند كل فرد بشري مثل اعضاء الجسم والأجهزة الحيوية فيه ، وكذلك الحاجات الاساسية للنمو والاستمرار على الحياة0

كما ان هناك بعض الصفات التي يشترك فيها عدد من الناس فقط كالطول المفرط او القصر الشديد وبعض المواهب والاستعدادات العقلية

 والانسان لا يمكن ان تتطابق صفاته في التكوين الكمي والنوعي تمام التطابق مع

فرد اخر ،بحيث لا نجد انسانين متشابهين كل التشابه حتى التوائم المتطابقة ،لان عوامل البيئة يستحيل ان تكون متساوية مع الاثنين طيلة الحياة ،فالأطفال يختلفون في معدل نموهم بالرغم من انهم يمرون بنفس مراحل ألنمو إلا ان معدل النمو عند بعضهم يكون اسرع او ابطأ في معدله العام ، كما ان الفروق تظهر بين البنين والبنات في النمو الجسمي وفي الميول والاتجاهات ولكنها غير موجودة في القدرة العقلية 0

6-يتجه النمو في حركته نحو النضج طوليا من الاعلى الى الاسفل ومستعرضا وأفقيا من مركز الجسم الى نهايات الاطراف العليا:

النمو الطولي في مراحل الحياة الاولى ويتحرك نازلا حتى الساقين فالقدمين ،فالطفل يسيطر على حركة رأسه في حين لايزال عاجزا عن ذلك بالنسبة لليدين ، ومن ثم يسيطر على الذراعين فيحركها بإرادة وتحكم واضح في حين لا يستطيع ذلك للساقين  ،كما يتجلى هذا المبدأ في النمو التكويني في المراحل الجنينية حيث يتم تكوين الاجزاء العليا من جسم الجنين قبل ان يتم تكوين الاجزاء السفلى ، فقد تظهر بدايات الذراعين قبل ان تظهر بدايات الساقين ويكون النمو في الراس اكثر اجزاء الجسم الاخرى حتى يبلغ طول جسمه في الشهر الثامن من عمره، ثم بالتدريج تقل سرعة النمو في الراس ويتحول الى الجذع والاطراف00اما بالنسبة للاتجاه العرضي فان النمو يكون في مركز الجذع قبل نهايته لذا فأنه يتحكم بحركة جذعه قبل ان يسيطر على ذراعيه ، ويسيطر علة حركة العضلات للذراعين قبل ان السيطرة على الكف والأصابع ،ويكون ذلك ابضا قبل ان يتحكم برؤوس الأنامل0

7-بالرغم من تعدد جوانب النمو واختلاف اوجهها فان هذه الجوانب تترابط ترابطا وثيقا وتتعادل وتكون وحدة متكاملة هو الفرد، وان الترابط المذكور يؤدي الى تبادل انعكاسات احدهما على الاخر ، فالنمو العقلي له علاقة ايجابية بالنمو الجسمي ، وكل منهما يرتبط ارتباطا ايجابيا بالنمو الانفعالي 00وقد تبين من دراسات (شرمان )المشهورة التي تناولت العلاقة بين الصفات الجسمية والصفات العقلية حيث وجد {ان الاطفال الموهوبين الذين لا تقل نسبة ذكائهم عن (140)يتمتعون بنمو جسمي سليم اكثر من الأطفال العاديين في ذكائهم} وعليه في حياتنا العملية في المدرسة لا يمكن فهم ومعالجة حالة الضعف الدراسي عند احد الطلبة دون الرجوع الى حالته الصحية والانفعالية والعائلية وعلاقته الاجتماعية 0

ان النقص الجسمي قد يؤدي الى انحراف في نظرة الفرد الى نفسه يتمخض عنها تدني في نظرته الذاتية ، وكذلك تكون نظرته الى المجتمع نظرة شك وريبة وحساسية ،وعلى ذلك فهاتان النظرتان مؤشرات لاضطراب الشخصية وعدم التوافق الاجتماعي

x