المواجهة الشاملة والدائمة للفساد

في الحقيقة يتصل مفهوم الفساد بمجموعة من المفاهيم الاخرى والتي فهمها في مكافحته وهي : المحاسبة ، المسائلة ، الشفافية ، النزاهة ، ويمكن توضيح كل منها كما يأتي :

  1. المحاسبة : وتعني ان الاشخاص الذين يتولون مناصب عامة ، يخدمون من خلالها المواطنين يتعرضون للفحص والمسائلة من قبل المسؤولين في المناصب العليا ، مثل الوزراء ومن هم في مراتبهم في ثلاث جوانب هي :
  • أ‌- المتابعة القانونية : اي مطابقة تصرفات الافراد مع بنود القانون في الاعمال التي يقومون بها ، واذا ثبت وجود تجاوز للقانون تتم محاسبتهم وفق ما ينص عليه القانون لدى الجهات القضائية .
  • ب‌- المتابعة الادارية : اي تعرض الافراد العاملين في مؤسسة حكومية للفحص المتابعة والتقييم المستمر من قبل الافراد الاعلى منهم درجة في سلم الهرم الوظيفي للمؤسسة او الوزارة .
  • المتابعة الاخلاقية : وتعني مقارنة الاعمال التي يقوم بها الاشخاص مع القيم الاخرى التي يجب الالتزام بها مثل الامانة في العمل والصدق في القول والمعادلة في المعاملة وغير ذلك من الصفات وعند ثبوت وتجاوز احد هذه الصفات الاخلاقية للشخص في عمله تتم مسائلته ومحاسبته من قبل الجهات المسؤولة عنه وتتم محاسبة ومسائلة المسؤول الاول مثل الوزير في اية وزارة من خلال الهيئة التشريعية في الدولة مثل مجلس النواب او المجلس التشريعي .
  1. المسائلة : وتعني ضرورة تقديم الاشخاص المسؤولين الذين تم تعيينهم او انتخابهم تقارير دورية ، اي مستمر وفي فترات زمنية يتم الاتفاق عليها حول سير العمل في المؤسسات او الوزارة وبشكل تفصيلي ويوضح الايجابيات والسلبيات في العمل والصعوبات التي يوجهونها وتعني المسائلة كذلك حق المواطنين العاديين في الحصول على المعلومات اللازمة عن اعمال المسؤولين في الادارة العامة مثل النواب في المجلس التشريعي والوزارة والموظفين الذي يعملون في مؤسسات الوزارات المختلفة وذلك من اجل تاكيد مطابقة اعمال هؤلاء مع الاسس الديمقراطية القائمة على الوضوح ، وحق المواطن في معرفة باعمال المسؤولين ، والعدل والمساواة ومدى اتفاق اعمال المسؤولين مع تحديد القانون بوظائفهم ومهامهم حتى يكتسب هؤلاء الشرعية والدعم المقدمة من الشعب التي تضمن استمرارهم في عملهم .
  2. الشفافية : وتتصل بجانبين : الاول : يتعلق بوضوح العمل داخل المؤسسة ووضوح العلاقة مع المواطنين المنتفعين من خدماتها او الذين يساعدون في تمويلها ، ويتعلق الجانب الثاني بالاجراءات والغايات والاهداف التي يجب ان تكون علنية وغير سرية لاي سبب من الاسباب ، وينطبق ذلك على جميع اعمال الحكومة بوزاراتها المختلفة ، كما ينطبق على اعمال المؤسسة غير الحكومية والتي تعمل لحسابها الخاص ويتعامل معها المواطنون .
  3. النزاهة : وهي منظمة القيم المتعلقة بالصدق والامانة والاخلاص في العمل ، وبالرغم من التقارب بين مفهومي النزاهة والشفافية الا ان الاول يتصل بالقيم اخلاقية معنوية بينما يتصل الثاني بنظم واجراءات عملية .

ونظرا لامكانية وجود الفساد في كل جوانب المجتمع وفي اجهزة الدولة ونظرا لتعدد اسبابه فأن مكافحته تتطلب منظومة متكاملة ( خطة شاملة ومستمرة ) يشترك فيها كل المؤسسات الاجتماعية العامة والاهلية والخاصة للعمل على تقليل الفساد وتقليل المجالات التي تساعد على ايجاده وتعزيز طرق اكتشافه عند حدوثه ووضع اجراءات وعقوبات رادعة على من يسلك هذه السلوكيات ، وتتطلب محاربة الفساد انزال عقوبات رادعة بمن يتصف بالفساد ومن هذه العقوبات الحرمان من التأييد الشعبي للافراد الذين يشتركون في الفساد في الوظائف العامة .

ويمكن اتباع وسائل سياسية وقانونية لمكافحة الفساد كما ياتي :

  1. تبني نظام ديمقراطي يوفر العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص ، ويقوم على مبدأ الفصل السلطات الثلاثة التنفيذية والتشريعية والقضائية وسيادة القوانين من خلال خضوع المجتمع للقوانين حتى يردع ذلك من يفكر بممارسة سلوك الفساد .
  2. بناء جهاز قضائي مستقل ، وابعاده عن كل المؤثرات التي تؤثر على عمله مع الالتزام من قبل السلطة التنفيذية المتمثلة في الحكومة على احترام وتنفيذ احكام القضاء .
  3. صياغة القوانين التي تحارب الفساد في المجتمع ومستوياته مثل : القانون الذي يوضح المصادر الحقيقية للحصول على الاموال من قبل المسؤولين ( الذمة المالية ) ، والقانون الذي يحاسب الافراد الذين يحصلون على اموال لا يستحقوها من مصادر مشبوهة تتعلق بالفساد ، وقانون حرية الوصول الى المعلومات من خلال السماح للموظفين والصحافة بالاطلاع على المعلومات الخاصة بعمل المؤسسات العامة على تلك المعلومات المتعلقة بارتكاب جرائم الفساد واستغلال المناصب العامة من اجل المصالح الشخصية وتشديد الاحكام الرادعة التي تساعد على مكافحة اشكال الفساد كالرشوة والمحسوبية واستغلال الوظائف العامة من اجل المصالح الشخصية .
  4. تفعيل الرقابة الصادرة عن الجهات التشريعية المتمثلة في المجلس التشريعي التي تسمح بالمسائلة للمسؤولين المعنيين مثل الوزراء من خلال النقاش العلني لاعمالهم في جلسات البرلمان .
  5. دعم وتعزيز دور الهيئات الرقابية العامة التي تشرف على عمل الحكومة والوزراء واستحداث مؤسسات رقابية لهذا الغرض تنظر في شكاوى المواطنين ضد الجهات الحكومية والموظفين المسؤولين في حالة وجود سوء استخدام للسلطة لاغراض ومصالح خاصة وغياب الوضوح في الاجراءات وخطوات ممارسة الوظيفة العامة .
  6. التركيز على البعد الاخلاقي في محاربة الفساد القائم على النزاهة والشفافية والعدالة والمساواة وتكافؤ الفرص وغير ذلك من اخلاقيات المهنة ، وذلك من خلال التركيز على دعوة كل الاديان الى محاربة الفساد بأشكاله المختلفة ، وكذلك من خلال تطبيق الداعمة لهذه الاخلاقيات مثل قانون الخدمة المدنية الذي يعطي حقوق متساوية لجميع الموظفين حسب الشهادات العالمية والخبرات والكفاءات ، ويساعد على وضع الرجل المناسب في المكان المناسب ، وكذلك تطبيق الانظمة والمواثيق المتعلقة بشرف ممارسة المهنة ( ومدونات السلوك في المهن العامة والاهلية والخاصة ) .
  7. تنمية دور الجماهير في مكافحة الفساد من خلال برامج توعية يساعد على نشرها وسائل الاعلام المختلفة المرئية مثل التلفاز ، والمسموعة مثل المذياع ، والمقروءة مثل الصحيفة والمجلات والنشرات ، ومؤسسات المجتمع المدني ومجموعات المعاهد التعليمي لتوضيح مخاطر الفساد واثاره السلبية على المجتمع .
x