تشخيص الاعاقة العقلية

تعد عملية تشخيص الإعاقة الذهنية عملية معقدة تنطوي على  التركيز على الخصائص الطبية والعقلية والاجتماعية والتربوية وأخذها بعين الاعتبار، فمع بداية القرن التاسع عشر بدأ تشخيص حالات الإعاقة الذهنية من وجهة نظر طبية ، ولكن بعد عام 1905 ومع ظهور مقاييس الذكاء على يد بينيه Binet ، وكسلر Weschsler أصبح التركيز على القدرات العقلية و قياسها ، وقد تمثل هذا الاتجاه فى استخدام مصطلح نسبة الذكاء (IQ) كدلالة على استخدام المقاييس السيكومترية Psychometric Tests فى تشخيص حالات الإعاقة الذهنية ، وبقى الحال على ذلك حتى أواخر الخمسينات من هذا القرن ، حين بدأ متخصصون فى الإعاقة الذهنية والتربية الخاصة وعلم النفس بتوجيه انتقادات إلى مقاييس الذكاء على اعتبار أنهاغير كافية لتشخيص حالات الإعاقة الذهنية ، إذ أن حصول الفرد على درجة منخفضة على مقاييس الذكاء لا يعنى بالضرورة أنه معاق ذهنياً ،  إذا أظهر الفرد قدرة على التكيف الاجتماعى ، وقدرة على الإستجابة للمتطلبات الاجتماعية بنجاح ، ونتيجة لذلك ظهر بعد جديد فى تشخيص حالات الإعاقة الذهنية ألا وهو بعد السلوك التوافقى أو التكيفى ، ودخل هذا البعد فى عملية تعريف الإعاقة الذهنية ، كما ظهرت المقاييس الخاصة بذلك ، ومنها مقياس الجمعية الأمريكية للتخلف العقلى والمسمى بمقياس السلوك التكيفى ، وفى السبعينات من هذا القرن ظهرت مقاييس أخرى هى المقاييس التحصيلية Academic Achievement Tests والتى تهدف إلى قياس وتشخيص الجوانب الاكاديمية والتحصيلية لدى المعاقين ذهنياً (الروسان،1998).

رغم تعدد هذه الابعاد فإن علماء النفس يميلون الى الاتجاه التكاملي ، إذ يعد الإتجاه التكاملى فى تشخيص الإعاقة الذهنية من الإتجاهات المقبولة حديثا فى أوساط التربية الخاصة ، اذ يجمع ذلك الإتجاه بين التشخيص الطبى ، والسيكومترى ، الاجتماعى، التحصيلى  (ابراهيم ، 2010).

ابعاد الاتجاه التكاملي في التشخيص :

  1. التشخيصالطبي:
    يعد التشخيص الطبي من أقدمالاتجاهات وأهمها في تشخيص الإعاقة العقلية, لأن طبيب الأطفال من المحتمل أن يكونهو الشخص الأول الذي يكتشف حالات الإعاقة العقلية خصوصاً الدرجات المتوسطة والشديدةمنها لدى الأطفال المولودين حديثاً، وذلك من خلال إجراء فحوصات طبية على مختلفالجوانب النمائية للأطفال، وتقديم تقرير طبي عن حالة الطفل بحيث يشتمل على تاريخالحالة الوراثي وظروف فترة الحمل والفحوص الطبية المخبرية. ومن الاختبارات الطبية التي يجريها الطبيب لاكتشاف حالات الاعاقة العقلية اختبار حامض الفيريك و اختبار شريط حامض الفيريك واختبار غثري ، لذلك يعد التشخيص الطبي مفيدفي تصنيف حالات الإعاقة العقلية ومعرفة أسبابها وتحديد طرق علاجها والوقاية منها بينما لا يفيد في تحديد مستوى النمو العقلي(سليمان ،1999)(ابراهيم ،2010)
    2. التشخيص السيكومتري:
    يعد التشخيص السيكومتري من الاتجاهات التقليدية فيتشخيص الإعاقة العقلية, والتي جاءت بعد التشخيص الطبي, وظهر أول مقياس لتشخيص الاعاقة العقلية على يدالفريد بينيهمع بدايات عام 1904 في فرنسا, ثم ظهور مقياس ستانفورد بينيه للذكاء في عام 1905, وظهور مقياس وكسلر للذكاء عام 1939, وكذلك ظهور مقياس جودانف هاريس للرسم عام 1963, ثم ظهور مقاييس الذكاء المصورة مثل مقياس المفردات اللغوية المصورة عام 1970, وظهورمقياس مكارثي للقدرة العقلية للأطفال عام 1972.وقد استعملت هذه المقاييس لتحديد نسبة ذكاء الطفل المعاقعقلياً ومن ثم تحديد موقعة على منحنى التوزيع الطبيعي من أجل تصنيفه في الفئةالمناسبة من فئات الإعاقة العقلية(الروسان ،1999) .

    3. التشخيص الاجتماعي: 
    يعد التشخيص الاجتماعي من الاتجاهات الحديثة في قياسوتشخيص حالات الإعاقة العقلية والذي ظهر نتيجة للانتقادات الكثيرة التي تعرضتللتشخيص السيكومتري, ونتيجة أيضاً لأن تعريف الإعاقة العقلية يشتمل على السلوكالتكيفي.وهناك العديد من التعريفاتللسلوك التكيفي, ولكن نذكر منها تعريف الجمعية الأمريكية للإعاقة العقلية والذي ينصعلى أن السلوك التكيفي هو “مدى قدرة الفرد على التفاعل مع بيئته الطبيعيةوالاجتماعية والاستجابة للمتطلبات الاجتماعية المتوقعة منه بنجاح مقارنة معالمجموعة العمرية التي ينتمي إليها وخاصة متطلبات تحمل المسؤوليات الشخصيةوالاجتماعية باستقلالية.وقد ظهرتالعديد من مقاييس السلوك التكيفي, والتي تعبر عن البعد الاجتماعي في تعريف الإعاقةالعقلية,مثل مقياس فينلاند للنضج الاجتماعي , ومقياس كين وليفين للكفايةالاجتماعية, ومقياس السلوك التكيفي للجمعية الأمريكية للإعاقة العقلية, وقد استخدمتهذه المقاييس لتحديد مستويات النضج الاجتماعي والسلوك التكيفي للطفل, من أجل تصنيفهفي الفئة المناسبة من فئات الإعاقة العقلية(ابراهيم ،2010) .

مؤشرات عامة للتعرف على الاعاقة العقلية قبل التشخيص

(اربعة سنوات فما فوق )

–       لا يتجنب الطفل المخاطر المألوفة في المنزل ،السكين ، والكبريت ، والكهرباء ..وغيرها.

–       لا يستطيع الطفل بناء أشكال معينة بسيطة من المكعبات.

–       يواجه الطفل صعوبة في رسم الأشكال الهندسية البسيطة.

–       يواجه الطفل صعوبة في التركيز والانتباه.

–       لا يستطيع الطفل تذكر الاشياء المتسلسلة للارقام او الحروف .

–       لا يستطيع الطفل سرد قصة بالتسلسل .

–       يواجه الطفل صعوبة في فهم أشياء غير متشابهة اصغر أكبر ، أكثر أو أقل .

–       لا يميز الطفل الالوان الاساسية .

–       لا يفهم الطفل معنى الصور .

–       لا يعرف الطفل أجزاء جسمه .

–       لا يعرف الطفل الاشياء المألوفة الصادرة عن البيئة.

–       لا يعرف الطفل معنى الكلمات التي تشر الى موقع الاشياء مثل اعلى تحت.

–       صعوبة في التعلم .

–       لا يميز الطفل الاشياء وفق حجمها .

–       لا يستطيع الطفل أن يعد من 1-10.

–       لا يميز الفرق بين الاشكال .

–       لا يستطيع أن يميز بين الاشكال الناقصة (الخطيب والحديدي ، 1997) .

  1. التشخيص التربوي:
    يعد التشخيص التربوي من الاتجاهات الحديثة في قياستشخيص حالات الإعاقة العقلية, والذي يكمل الاتجاه التكاملي في قياس وتشخيص حالاتالإعاقة العقلية, ويتم التشخيص التربوي بواسطة أخصائي التربية الخاصة, ويهدف إلىتقييم أداء الأطفال المعاقين عقلياً تربوياً وتحصيلياً على المقاييس الخاصةبالاتجاه التربوي, مثل: مقياس المهارات اللغوية ومقياس المهارات العددية, ومقياسمهارات القراءة ومقياس مهارات الكتابة وذلك للتعرف على القدرة على التعلم لدىالمعاقين عقلياً(العزة ،2001) .

مقياس تشخيص المعاقين عقليا للمعلمين والمربين
يتضمن هذا المقياس مجموعة من الاسئلة عبارة عن السلوكيات والخصائص التي يمكن من خلالها أن تعطيك مؤشر أولي على اصابة الطفل من عمر (8-12) سنة بالاعاقة العقلية ، فإذا وضعت عشرة علامات على الاسئلة الآتية يجب أحالة الطفل على طبيب نفسي أو مختص في مجال الاعاقة كي يشخص حالته .

–       انحراف الجمجمة شكلا وحجما .

–       تشوهات واضحة في شكل الأرجل أو الأيدي أو الأذنين أو أي جزء أخر في الجسم.

–       تعبير الوجه يتميز بالجمود أو أن الوجه غير معبر .

–       خشونة الصوت .

–       صعوبات في النطق والكلام غير مفهوم أو بعض الاجزاء يصعب فهمها .

–       يبدو مبتسما في جميع الاوقات وفي المواقف المناسبة وغير المناسبة.

–       يتميز بسمنة زائدة تبدو في قصر القامة وبروز البطن ز

–       كثير الحركة ولا يستطيع أن يستقر في معقده كبقية الاطفال.

–       يحرك يديه دائما ويحرك راسه ناظرا حوله .

–       طريقة سيره غير متزنة .

–       تسهل استثارته وقد يحطم ما تتناوله يديه .

–       قد يتعدى على غيره بالضرب او العض من دون سبب أو لسبب تافه .

–       يندفع الى خارج الصف من دون استئذان .

–       هادئ جدا .

–       منعزل دائما ، ولا يشترك مع الاطفال في اللعب.

–       لا يرد عدوان المتعدي وقد يبكي .

–       يبدو دائما كما لوكان سرحانا .

–       لا يستطيع أن يفهم كلام المعلم بعكس بقية الاطفال .

–       لا يفهم بعض الأوامر أو التعليمات البسيطة .

–       لا يستطيع أن يقوم بعمليات حسابية بسيطة .

–       لا يستطيع أن يرسم دائرة .

–       ليست لديه قدرة على تركيز الانتباه كغير من الاطفال .

–       سريع الملل .

–       ذاكرته ضعيفة جدا .

–       لا يستطيع اعادة مجموعة من الحروف بعد سماعها مثل 2-5 – 7-9 (القريطي ،2005)

على العموم يجب أن تتم عمليةالتشخيص ضمن برنامج متكامل يعد من قبل فريق من المتخصصين متعددي التخصصات, بحيثيشمل جوانب النمو الجسمية والحسية والحركية والمعرفية والانفعالية والاجتماعية حتىتظهر جوانب القصور والضعف بدقة, مما يساعد على تقديم الخدمات العلاجية والتأهيليةالمتكاملة اللازمة, للارتقاء بالطفل وتنميته في جميع نواحي النمو في نفس الوقت بحيثلا يتم الاهتمام بناحية أو أكثر دون النواحي الأخرى (ابراهيم ، 2010) .

إن هذه العملية في التشخيص تعتمد على مدى وعي الاباء وتوفر الخدمات الصحة وثقافة وتطور المجتمع ، لأن عملية تشخيص الاعاقة العقلية قد تواجه ببعض الصعوبات ، ومنها :

  • ( 1 ) قلة الوعي بالإعاقة و مظاهرها وعدم اهتمام وسائل الإعلام بتوضيح الأسباب التي يمكن ان تؤدي إلي حدوث الإعاقة .
  • ( 2 ) خجل بعض أولياء الأمور من الاعتراف بإعاقة طفل من أطفالهم .
  • ( 3 ) نقص أعداد المتخصصين في مجال التربية الخاصة .
  • ( 4 ) قلة انتشار الموضوعات الخاصة بالمعوقين ذهنيا الموجودة بالبرامج التعليمية لإعداد الكوادر الفنية في مختلف المجالات .
  • ( 5 ) قلة وجود المؤسسات التي تهتم بالأفراد المعاقين ذهنيا .
  • ( 6 ) عدم التنسيق بين الجهات المعنية بشئون المعاقين .
  • ( 7 ) العزلة و الإقامة بمناطق نائية .
  • ( 8 ) عدم اشتمال بيانات الإحصاء العام للسكان علي بنود وافية و دقيقة خاصة بحالات الإعاقة الذهنية (أحمد ،2000) .

x