مفاهيم اساسية حول الهوية الجنسية و الجندر

تسود مجتمعاتنا حالة من الجهل مع بعض الانكار لكل الحقائق المتعلقة بالجنس و الجندر, ربما يدافع البعض عن هذا الجهل بحجة انه أفضل من الناحية الاخلاقية,لكنهم لا يدركون ان له نتائج أسرية و اجتماعية خطيرة, فالكثير من سوء الفهم بين عامة الناس حول النوايا الجنسية و العاطفية عائد الى هذا الجهل, و قد واجهتنا كأطباء نفسيين حالات من الاضطرابات النفسية و الاجتماعية كان من الممكن تلافيها بشيئ من المعرفة…لذلك سأحاول هنا شرح بعض المفاهيم الاساسية حول الجنس و الجندر مما يسمح بالتمييز بين عدد من الحالات المختلفة و التي يعتقد البعض انها حالات متطابقة…
1- الهوية الجنسية : و تعني بكل بساطة جنس الانسان, هل هو ذكر ام انثى ام خنثى. ….لكن هذا التحديد لا يتم من خلال الاعضاء الجنسية الخارجية فقط…بل و الداخلية ايضا, و لا نستطيع الحكم على جنس المولود الا حين تكون اعضاؤه الجنسية الداخلية و الخارجية متوافقة,و العديد من الاطباء يعتقد ان الجنس يتم تحديد بناء على الاعضاء الداخلية فقط دون الخارجية…فكل من لديه خصية يعتبر ذكر و كل من لديها مبيض تعتبر انثى و بغض النظر عن العضو الخارجي, و يوجد في الادب الطبي توثيق للعديد من الحالات التي اكتشف بها الهوية الجنسية للانسان بعد فترة طويلة من حياته قد تصل حتى العشرينات من العمر….
2- الهوية الجنسانية : و تعني وعي الانسان لنفسه و تعريفه لذاته ….هل هو انثى ام ذكر ام تعريف مشوش, و قد لا تتطابق بالضرورة تعريف الانسان لذاته حسب اعضائه الجنسية….فقد تكون الهوية الجنسية و الجنسانية متطابقة و قد لا تكون…و هذا ما يخضع لعوامل عديدة بعضها بيئي وبعضها مورثي و ان كنا الى الان لا نملك حقائق علمية ثابتة حول العمليات النفسية التي تنتج التعريف الجنساني

3- الدور الاجتماعي الجنساني : و هو حسب اعتقادي أهم تعريف و أهم ما يجب ان يدركه الجميع لما له من تبعات في التعامل مع الاخر و مع النفس ايضا ,و لما يمكن ان يكون له من نتائج اجتماعية و نفسية خطيرة, فالدور الجنساني هو طبيعة الشخصية او المظاهر الخارجية التي يلعبها الانسان في المجتمع و على اساسها يتم التعامل معه, هل يلعب دور الذكورة ام الانوثة….و هنا يجب ان نميز بين هذا اللعب للدور و بين حقائق الانسان الداخلية و بين الاعضاء الجنسية, ففي الحالة الشائعة او ما يعتقد البعض انها الحالة العامة هو التوافق التام….فالذكر بالهوية الجنسية هو بالضرورة ذكر بالهوية الجنسانية و يجب ان يكون ذكر بالممارسة الاجتماعية …و هذا ما يجب ان ينطبق على الانثى ايضا…..لكن هذا غير صحيح ابدا. فقد يكون الانسان ذكر من ناحية الاعضاء الجنسية و ذكر ايضا من ناحية التعامل الاجتماعي اي كما يظهر للاخرين….لكنه يعرف ذاته و يدركها على انها انثى ,اي هو انثى من الداخل …..و قد تكون أنثى و تعرف نفسها على انها انثى و تشعر بكل صفات الانوثة من الناحية الداخلية لكنها تتعامل اجتماعيا على انها ذكر…..فيجب ان لا نحكم على صفات الانسان بالذكورة او الأنوثة من الخارج فقط فقد يكون قد اخفى في اعماقه ما لم يظهر….و هذا ما لا يمكن ان نعرفه الا من خلال التقرب للانسان و الاستحواذ على ثقته التامة و لا يمكن ابدا ابدا ان ندركه من الخارج فقط…..هو سر الانسان و مفتاح شخصيته…..و تلعب الكثير من العوامل دورا في الاسباب التي ادت الى جعل الانسان يلعب هذا الدور الاجتماعي…بعض هذه العوامل قد يكون ظاهرا تماما و بعضها مخفي في قرارة النفس البشرية و بعضها لا يدرك اسبابها حتى الشخص نفسه و هنا لا يمكن ان نكشف سبب اتخاذه لهذا الدور الاجتماعي الا من خلال التحليل النفسي
4- الميل الجنسي : و هي تعني تفضيل الانسان للشريك الجنسي و هل هو مثلي ام غيري ام ثنائي الجنس , و يجب ان ندرك ان الميل الجنسي مختلف تماما عن كل التعريفات السابقة, فالمعلومة الشائعة ان المثلي جنسيا او المثلية لديها دور جنساني مختلف….بمعنى اوضح ان المثلي عادة يتصرف مثل الانثى و المثلية تتصرف مثل الذكر…..و هذا خطأ تماما و يجب ان نفصل بين هذه التعريفات……فقد تكون الانثى كاملة الانوثة من حيث المظهر ( اي الدور الاجتماعي الجنساني) و هي انثى من حيث هويتها الجنسية (كما تحددها الاورق الرسمية) و ايضا انثى من ناحية الهوية الجنسانية ( اي كما تعرف نفسها و كما تدرك ذاتها) لكن لديها ميل جنسي نحو الاناث. و هذا ما ينطبق ايضا على الذكر, اي يمكن ان نرى ذكر كامل الذكورة من الناحية الخارجية (الدور الاجتماعي الجنساني) و لديه اعضاء جنسية ذكرية تامة ( اي هويته الجنسية ) و هو مشبع بأحاسيس الذكورة (اي الهوية الجنسانية) لكن لديه ميل نحو الذكور,و قد شرحت هنا الحالتين, الانثى و الذكر, لانها أكثر المعلومات خطأ و شيوعا لدينا..و أحيانا نحكم على الشخص بأنه مثلي الجنس من خلال ما يبدوا لنا من تصرفاته الخارجية لكنه في الحقيقة غيري الجنس و يفضل الجنس الأخر بشكل تام……ايضا قد نحكم عليه بأنه غيري لكنه في الحقيقة يفضل جنسه…..
5- السلوك الجنسي : و يعني الممارسات التي يعبر بها الشخص عن نفسه أثناء الجنس او بمعنى أدق ما يستهويه في الممارسة الجنسية, و هنا ايضا ليس بالضرورة ان يستهوي الذكر او الانثى نفس ما نتوقعه,فليس كل الممارسات الجنسية واحدة… و هي مهمة الشريك في اكتشاف ما يفضله الطرف الاخر و هنا يكمن الفن و المعرفة في الممارسة الجنسية
و من يقرأ هذه التعريفات و يستوعبها تماما يدرك ان الانسان ليس مجرد نقطة او خطا مستقيما بل هو أفق…و هو أكثر شمولا من ان يتم وضعه في نسق واحد و اتجاه واحد….فالانسان ليس جزء من قطيع و ما ينطبق على أحدهم ينطبق على الجميع…فكل انسان هو حالة متفردة بذاتها و يجب التعامل معه على هذا الاساس

x