مفهوم الطبقة الاجتماعية

إن الطبقة الاجتماعية تعد أحد المفاهيم الأساسية في أي بناء اجتماعي قائم، ومن أقدم الموضوعات التي نالت قسطاً كبيراً من اهتمام الباحثين، والمهتمين بدراسة العلوم الاجتماعية والإنسانية، یطلق عليها في اللغة الفرنسیة كلمة ” Classe”، وفي اللغة الإنجلیزیة” Class” ولها نظائر في مختلف لغات العالم أما اللغة العربیة فإن المعنى الاجتماعي لكلمة طبقة نجده في قاموس لسان العرب تعني:” مادة طبقة”. و یذكر مؤلفه أن الطبقات تعني:” الناس منازلهم ومراتبهم”. وقد أثار هذا المفهوم جدلاً واسعاً ونقاشاً كبيراً بين مختلف الاتجاهات النظرية لعلم الاجتماع نتيجة التباينات الفكرية، والاتجاهات الايديولوجية بين المفكرين حيث تعددت وتباينت وجهات نظر الباحثين في تحديداتهم لمفهوم الطبقة الاجتماعية وذلك؛ لأن هذا المفهوم من المفاهيم التي تتمتع بمرونة وتحوي معاني مختلفة قد تناولها علماء الاجتماع بالتعريف وفقاً لأيديولوجية وثقافة كل عالم من هؤلاء، وحسب المعيار أو مجموعة من المعايير التي يعتمدونها في تحديد الطبقة كالدخل والثروة، والملكية ومستوى التعليم، وكذلك حجم النفوذ السياسي ونوع التطلعات والآمال، كما أن هناك معايير موضوعية وأخرى ذاتية تبنى كل منها مجموعة من الباحثين في الطبقات الاجتماعية. كما أن الطبقة الواحدة تضم فئات تتنوع أشد التنوع، وذلك لا يمنع من تداخل شرائح اجتماعية في خطوط، وتقاطعات من الصعب الفصل بينها، فالطبقة ليس لها حدود مرسومة بدقة، ولا نستطيع أن نقول بالضبط أين تبدأ حدودها وأين تنتهى أخرى.

    وتعرف الطبقة حراكاً وانتقالاً متعدداً، وبذلك فأن هناك تصنيفات متعددة غير أن أشهرها هو ذلك التقسيم  الشائع لأيَ مجتمع الذي يصنفها إلى ثلاث طبقات. وقد أتفق معظم المفكرين على هذا التصنيف وهي: الطبقة العليا (Upper Class)، والطبقة الوسطى (Middle Class) والطبقة الدنيا (Lower Class)، إلا أنَ علماء الاجتماع الأمريكان قسموا المجتمع إلى تسع طبقات ابتغاء لزيادة ضبط تعريف مفهوم الطبقة كالآتي: (الطبقة العليا العليا، الوسطى العليا، الدنيا العليا، والعليا الوسطى، الوسطى الوسطى، الدنيا الوسطى، والعليا الدنيا، الوسطى الدنيا، الدنيا الدنيا). لذا سيتطرق الباحث إلى تحديد مفهوم الطبقة الاجتماعية، وأخيراً محدداتها.

  فقد عرف “ماركس Marx” الطبقة على أنها “تجمع من الأشخاص يؤدون الوظيفة نفسها في عملية الانتاج”، كما يقرر ماركس أن أساس تقسيم المجتمعات إلى طبقات هو ملكية أو عدم ملكية وسائل الإنتاج وإن الموقع من وسائل الانتاج هو الذي يحدد كل العوامل الاخرى مثل المهنة والدخل وأسلوب الحياة.

   والطبقة بتعريف “فلاديمير لينينLenin” بأنها “جماعة واسعة من الناس تتميز عن بعضها تبعاً لموقعها في أحد أنساق الإنتاج الاجتماعي التاريخي، وتبعاً لعلاقة كل منها بوسائل الإنتاج، وفي دورهم في التنظيم الاجتماعي للعمل، ومن ثم بطرق الحصول على الثروات الاجتماعية، وبمقدار حصتها في هذه الثروات فالطبقات الاجتماعية هي جماعات تستولي إحداها على فائض أو ناتج عمل الأخرى بحكم اختلاف الموقع الذي تحتله كل منها في نظام محدد للاقتصاد الاجتماعي”.

    وبقول “ماكس فيبر  Max Weber”نتحدث عن الطبقة” حينما يوجد عدد من الناس يشتركون في عنصر أو مكون بسبب معين يعكس إلى حدٍ كبيرٍ فرص حياتهم، وإن هذا العنصر يتحدد من خلال المصلحة الاقتصادية التي يعبر عنها امتلاك السلع والفرص، وإنه يبدو واضحاً تحت تأثير ظروف السلع أو سوق العمل، وتشير هذه الخصائص إلى الموقف الطبقي الذي يعبر عنه باختصار على أنه السيطرة على مصادر الدخل، ومستوى المعيشة الخارجي، وخبرات الحياة الشخصية إلى المدى الذي تتعدد فيه تلك الخصائص بطبيعة، ومبلغ القوة والقدرة على التحكم والتصرف في السلع والمهارات داخل النظام الاجتماعي”.

     وذهب “سوروكن Soroken” إلى تعريف الطبقة بأنها جماعة اجتماعية تمثل نسقاً اجتماعياً وتتمايز هذه الجماعات في شكل هرمي ويتضح ذلك في وجود طبقات عليا ودنيا ويرجع التدرج في جوهره إلى توزيع غير متساوي للحقوق والامتيازات والواجبات، والمسؤوليات والغنى، والحرمان الاجتماعي، والقوة والنفوذ الاجتماعي بين أعضاء المجتمع”.

     وفي رأي “نيكولاس بولانتزاس  Nicos Polantzas”  الطبقة الاجتماعية “بأن لها ثلاثة أبعاد لابد أن تجتمع، لكي يتحدد موقع وملامح الطبقة في البناء الطبقي القائم، ولذا فإن البعد الاقتصادي وحده يظل قاصراً برغم أهميته الحاسمة، في الإمساك بأبعاد الظواهر والتمايزات الطبقية في المجتمع، بل من أخذ الأبعاد الأخرى (السياسية والأيديولوجية) في الاعتبار عند مناقشة مسألة الانتماء الطبقي”.

x