منشأ مصطلح الجندر – الحركة الأنثوية

حتى نستطيع أن نفهم معنى وأبعاد مصطلح الجندر (النوع)، لابد من الإلمام بتاريخ الحركات الأنثوية التي ارتبط المصطلح بها، وبيان المراحل التي مرت بها تلك الحركات منذ بداية ظهورها إلى المسرح السياسي والاجتماعي والثقافي، وحتى وصولها إلى شكلها الحالي بمطالباتها المعروفة، وكيفية تطور أطاريحها، وتأثرها بالمفاهيم التي سادت في تلك المراحل.

إن الفارق بين الدعوة إلى تحرير المرأة وإنصافها، والحركات التي تبنت هذه الدعوة سواء في البلادالغربية أو الشرقية وبين النزعة الأنثوية المتطرفة (Feminism) التي تبلورت في الغرب في ستينيات القرن العشرين، والتي تقلدها قلة قليلة من النساء الشرقيات، والحركات التي تبنت هذه النزعة المتطرفة… إن الفارق بين هاتين الدعوتين والحركتين وفلسفتهما ومطالبهما هو الفارق بين العقل والجنون!< (1)

فأقصى ما طمحت إليه دعوات وحركات تحرير المرأة، هو إنصافها… من الغبن الاجتماعي والتاريخي الذي لحق بها، والذي عانت منه أكثر كثيرا مما عانى منه الرجال مع الحفاظ على فطرة التميز بين الأنوثة والذكورة، وتمايز توزيع العمل وتكامله في الأسرة والمجتمع، على النحو الذي يحقق مساواة الشقين المتكاملين بين الرجال والنساء… وذلك حفاظا على شوق كل جنس إلى الآخر، واحتياجه إليه، وأنسه بما فيه من تمايز، الأمر الذي بدونه لن يسعد أي من الجنسين في هذه الحياة. دون إعلان للحرب على الدين ذاته، ولا على الفطرة التي فطر الله الناس عليها عندما خلقهم ذكرانا وإناثا… وأيضا دون إعلان للحرب على الرجال.
أما النزعة الأنثوية المتطرفة (Feminism) أو الأنثوية الراديكالية والتي تبلورت في ستينات القرن العشرين فتعرف بأنها: >حركة فكرية سياسية اجتماعية متعددة الأفكار والتيارات، ظهرت في أواخر الستينات، تسعى للتغيير الاجتماعي والثقافي وتغيير بناء العلاقات بين الجنسين وصولا إلى المساواة المطلقة كهدف استراتيجي وتختلف نظرياتها وأهدافها وتحليلاتها تبعا للمنطلقات المعرفية التي تتبناها، وتتسم أفكارها بالتطرف والشذوذ، وتتبنى صراع الجنسين وعدائهما، وتهدف إلى تقديم قراءات جديدة عن الدين واللغة والتاريخ والثقافة وعلاقات الجنسين< (2) وقد تغلغلت هذه الفلسفات والأفكار والدعاوى بشكل غير عادي في المجتمعات الغربية خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن العشرين.

ونجحت هذه الحركات الأنثوية الغربية في الضغط على المؤسسات الدينية الغربية تلك التي خانت رسالتها حتى أصدرت في 1994 م طبعة جديدة من العهدين القديم والجديد، سميت الطبعة المصححة، تم فيها تغيير المصطلحات والضمائر المذكرة وتحويلها إلى ضمائر محايدة!…

أولا: تيارات الحركة الأنثوية وتأثرها بالمدارس الفلسفية

1 الحركة الأنثوية الليبرالية:

يمكن إطلاق الليبرالية على أية حركة نسوية تسعى من أجل تحسين وضع المرأة من الناحية القانونية والصحة والتعليم والمشاركة السياسية، وتحسين مستوى معيشة النساء عامة، ولا تطرح مفاهيم متطرفة، وطالبت بحقوق مشروعة. ولم تظهر في وجهها حركات مناهضة من النساء لأن ما تدعو إليه قدر جامع متفق عليه.

2 الحركة الأنثوية الشيوعية:

وتتبنى مجموعة الأفكار التالية:

أ إن المرأة إنسان، ومكافئة للرجل، ولها كل ما للرجل من حقوق، ولابد أن تكون حرة في جميع اختياراتها، وأن أنوثتها لا تمنعها عن أي شيء يمكن أن يقوم به الرجل.
ب إن حرية المرأة تقتضي أن تكون حرة في علاقتها الجنسية مع الرجال، ولا يمنعها الزواج من ذلك لأنها ليست ملكا فرديا للرجل، وهل تقبل الشيوعية بعد إلغاء الملكية الفردية للأشياء أن تعود وتقرها للأشخاص.
ج ضرورة تهيئة الأجواء والفرص المناسبة لتمكين المرأة اقتصاديا، وذلك بإخراجها من البيت لتكون عاملة ومنتجة، وتخليصها من واجبات البيت والزوج، وما يسمى في هذه الأيام الأدوار النمطية والتقليدية التي يمكن أن تعيق هذا الأمر، وذلك عن طريق إنشاء المطاعم الجماعية، ودور حضانة الأطفال، والغسالات العامة وغيرها… وأن تكون تربية الأطفال من مهام الدولة لا من مهام المرأة. ويسمى لينين المطاعم الجماعية وغيرها من دور الحضانة، ورياض الأطفال ببراعم الشيوعية التي لا تفترض شيئا من الأبهة والتفخيم، والتي من شأنها واقعيا أن تحرر المرأة، وأن تقلص وتمحو واقعيا عدم المساواة بينها وبين الرجل، وأن تستجيب لدورها في الإنتاج الاجتماعي والحياة العامة< (3)
3 الحركة الأنثوية الوجودية:
الوجودية: هي فلسفة التجارب الشخصية والفردية، فلسفة الشك والرفض قبل القبول واليقين، ومن رواد هذه الفلسفة (جان بول سارتر) (4) وعشيقته (سيمون دي بوفوار) صاحبة كتاب (الجنس الآخر)، والتي تتبنى أفكارا تشكيكية أهمها: >إن السبب العميق الذي حصر المرأة في العمل المنزلي في بداية التاريخ، ومنعها من المساهمة في تعمير العالم هو: استعبادها لوظيفة التناسل< (5).
وتقول عن دور التنشئة في خلق وضع المرأة >لا يولد المرء امرأة بل يصير كذلك< (6) وتقول: >إن سلوك المرأة لا تفرضه عليها هورموناتها ولا تكوين دماغها بل هو نتيجة لوضعها<.
وأخيرا تدعو المرأة إلى الرفض والثورة والتمرد على هذا الواقع وتدعو إلى: >عالم يكون فيه الرجال والنساء متساوين… وسيعمل النساء وقد ربين ودربن كالرجال تماما، في إطار الظروف نفسها، وبالأجور نفسها، وستقر العادات الحرية الشهوانية، ولكن العمل الجنسي لن يعتبر خدمة مأجورة، وستكون المرأة ملزمة بتأمين مورد رزق آخر، وسيقوم الزواج على ارتباط حر بوسع الزوجين أن يلغياه متى شاءا، وستكون الأمومة حرة أي يسمح بمراقبة الولادات< (7)
4 الأنثوية الراديكالية أو النوعية:
الراديكالية يمكن اعتبارها نزعة وطريقة للتناول والمعالجة وليست مدرسة فلسفية، وقد اتسمت بعدم الواقعية، والبعد عن التدرج، والانحياز المفرط للمرأة دون النظر إلى السياق الاجتماعي، والمصالح التي هي فوق الرجل وفوق المرأة أيضا. وقد طالبت بتغيير جذري في مجموع علاقات الجنسين داخل الأسرة وفي المجتمع على حد سواء بزوال السلطة الأبوية واستئصالها، ووصولا إلى المساواة المطلقة وسيادة علاقات النوع في المجتمع أو ما يسمى genderization of society
ثانيا: البيئة الفلسفية التي نشأت فيها الأنثوية
أهم المبادئ والأفكار التي أثرت على الفكر الغربي منذ ظهور عصر النهضة ثم التنوير ثم الحداثة وما بعدها، وأثرت بالتالي على الأنثوية كجزء وليد لهذه المنظومة الفكرية:
1 العلمانية: Secularism
العلمانية: بمعنى تغليب العقل البشري على النقل الإلهي، ورفض الدين كمرجعية عليا للقطع في الأمور والعودة إليه عند الاختلاف، بل تعدى الأمر بعد ذلك إلى الإلحاد وإنكار الخالق بالكلية وغير ذلك من الأفكار، ويبدو أن ذلك كان نتيجة طبيعية للكنيسة وممارساتها، والتي أصرت على تقديم أفكار بشرية معوجة باسم الدين المسيحي. لقد أدت الكثير من المكتشفات العلمية إلى خلق حالة من الشك في الدين، ومحاولة الناس لشق طريقهم بعيدا عن الله والدين فحصل ما عرف بالدنيوية والعلمانية (Secularism) وإقصاء الدين عن الحياة، وفقد الدين مرجعيته وهيمنته وحجيته في تعيين الخير والشر والحق والباطل والفضيلة والرذيلة.
والحركة الأنثوية تأثرت كغيرها من الحركات بما ذكرنا من أسباب التوجه للعلمانية، علاوة على أمور أخرى تتعلق بالنظرة الدينية الدونية والسيئة للمرأة وحقوقها في الديانتين السائدتين في الغرب النصرانية واليهودية بعد ما أصابهما التحريف والتبديل البشري.
2 العقلانية Rationalism:
العقلانية صنو العلمانية وفلسفتها الجوهرية أو المركزية ونتيجة طبيعية لها، لأنه بعد رفض الدين كمرجعية ومصدر للمعرفة والاعتقاد والتشريع فلابد أن يكون هناك البديل، فكان البديل في تأليه العقل الإنساني وتمجيده فظهرت النزعة العقلانية كمؤسس للنزعة العلمانية وكان لها الدور الأعظم في صياغة العالم الغربي المعاصر في كل مجالاته ولابد أنها قد تركت على واقع المرأة أيضا والحركة النسوية آثارا مهمة وجوهرية فهي من ناحية فلسفة للأنثوية تعتمد عليها، وهي من ناحية أخرى وبامتداداتها المتطرفة كانت وبالا على المرأة حطت من قدرها كما سيأتي إلى ذلك.
3 المادية Materialism
فيما بعد عصر النهضة برزت إلى السطح في أشكال متعددة منها رفض الغيب وكل ما لا يدخلفي دائرة الحواس، ومنها تعلق الناس بالدنيا والمنافع وذبول الجانب الروحي والإيماني والعاطفي في الناس، وزاد الأمر سوءا في فلسفات ما سميت بما وراء الحداثة (Post modernism).
وهذه النزعة كانت ذات أثر في الحركة الأنثوية ونوعية تلك المطالب التي تنبع من واقع كهذا، واقع قاسي على المرأة لا يؤمن للمرأة لقمة عيش إلا بعد إضاعة أنوثتها، وإنهاك طاقاتها، بل وفي الكثير من الأحيان استغلالها جنسيا من رب العمل واسترقاقها بشكل آخر، وأدى ذلك إلى انتشار البغاء ومن ثم تجارة الرقيق الأبيض وبيع النساء والصبابا في سوق نخاسة الجنس والدعارة.
4 الفردية individualism:
الفردية: هي تمجيد الفرد كحقيقة منفردة وحيدة تعتبر نفسها مركز جميع الأشياء، ومقياسها، في نطاق المنافسة والتصادم مع الآخرين (8)
ولقد كانت العلمانية والعقلانية سببا في تأصيل نزعة الفردية في الإنسان، وتمحوره حول ذاته، حتى في مجال القانون والحقوق فإن الصياغة الليبرالية للفكرة الحقوقية في الغرب تنظر إلى الفرد كما لو أنه مستقل عن الجماعة في تصوره الأصلي أي أنه كان من البدء فردا ثم دخل الجماعة متنازلا عن بعض حقوقه لتحمي له حقوقه الباقية فظهرت فكرة الحق في تصور فردي (9). والفردية واحدة من المنطلقات الأساسية للأنثوية والتي تؤكد على الفردية للمرأة وتجريدها من السياق الاجتماعي وإبرازها كند للرجل، وعدم ربطها لا بالأسرة ولا المجتمع ولا الأطفال.
5 النفعية ومذهب اللذة Hedonism:
هذه النزعة هي سمة من سمات الفرد والمجتمع الغربي، وهي نتيجة طبيعية للمادية والفردية وهي نزعة قديمة في الفكر الفلسفي الغربي، حيث تعود إلى قرون قبل الميلاد عند الفيلسوف اليوناني (أبيقور) (10) الذي نادى بأن الخير هو اللذيذ، وأي فعل يعتبر خيرا بمقدار ما يحقق لنا من لذة.
ثم جاءت فلسفة البراجماتية أو الذرائعية (pragmatism) والتي أصبحت ديانة أمريكية تؤكد على أن صواب أية فكرة أو خطأها يكمن في مدى تحقيقها للمنفعة عمليا عند تجربتها< وفي فترة ما بعد الحداثة قال (ميشال فوكو) (11): >تشكل اللذة غاية بذاتها، فهي لا تخضع لا للمتعة ولا للأخلاق ولا لأية حقيقة علمية< (12)
وفي هذه الأجواء تعالت الصيحات الأنثوية أيضا بالتشكيك من المعايير الخلقية (norms) وحق المرأة في تملك جسدها، وحق المرأة في رفض الإنجاب، وحق المرأة في رفض الرضاع والأمومة، وحق المرأة في عدم تربية ورعاية أولادها (كما سنتحدث عنه مفصلا فيما بعد) وحق المرأة في إطلاق رغباتها الجنسية والحب الحر، بل وحق المرأة في الشذوذ والزواج المثلي.
6 العبثية والتشكيكية (Scepticism):
يقول (تشارلز فرانكل): >ففي الثقافة الحديثة كل شيء نسبي وليس ثمة شيء مطلق، فليس لنا مبادئ أولية، ولا قيم نهائية، ولا عقائد راسخة لا فكاك منها، ولا إيمان بوجود معنى غائي للحياة<.
وتجسدت هذه النزعة التشكيكية الرافضة في فترة ما يسمى بما وراء الحداثة حيث يقول (ميشال فوكو): >عمل الفكر أن يجعل كل ماهو راسخ موضع إشكال< (13) وهكذا بلغ التطرف أوجه حين أصبح هدم الراسخ مهمة للفكر والفلسفة وعملا أساسيا لها بغض النظر عن نوع ذلك المفهوم الراسخ.
وقد تبنت الحركة الأنثوية هي أيضا هذه المفاهيم، وتأثرت بهذه النزعات الشكية والتمردية بمختلف طوائفها، ولكن بدرجات متفاوتة طبعا، وأدى هذا التأثر إلى أن تلخص بعض هذه التيارات مبادئها بجمل من قبيل:
أ موت الميتافيزيقا (الغيب والدين) Death of metaphysic
ب موت الرجل Death of man
ج موت التاريخ Death of history (14)
ولما نشأ التيار الراديكالي الأنثوي نشأ في ظل هذه المفاهيم فشكك في كل ماهو قائم من مصادر معرفة: (الدين + النظريات الاجتماعية والنفسية + القانون…) واعتبرها رجولية متحيزة، وشكك في النظم الأخلاقية السائدة والقيم والعادات واعتبرها متخلفة وبالية وتحتاج إلى تغييرات جذرية، وشكك في اللغة واعتبرها متحيزة وتحتاج إلى إعادة صياغة ونادوا ب(Reconstruction of Language) حتى الطبيعة البيولوجية للمرأة أنكرها وشكك فيها، وربطها بالبيئة الثقافية والتنشئة لا بحقيقة طبيعة المرأة وخلقها على نحو معين، وشكك بعد ذلك في الأمومة كوظيفة طبيعية للمرأة، وشكك في الأسرة كمؤسسة ضرورية للحياة وعلاقات الجنسين… الخ مما سيأتي إلى تفصيلاتها.
7 الصراعية Conflect:
إن الفكر الغربي منذ نشأته الأولى زمن اليونان مبني على أساس مبدأ الصراع وعدم الانسجام وخلق التناقض بين الأشياء بدل إدراك أوجه التكامل والتشابه، وبني على أن الثنائيات الموجودة في العالم لا مجال لتعايشها وتكاملها، بل لابد من الصراع حتى يكون البقاء لواحد وهو الأصلح والأقوى.
وقد انصبغ ذلك على وضع المرأة في الغرب فصبغت حقوقها في مواجهة الرجل، وعلى أن كسبها يتأتى في صراع عه حتى في العلاقة الزوجية، وغابت من هذا التصور فكرة السكن والمودة بين الزوجين التي أوردها القرآن، وفكرة البناء المشترك للأسرة كمؤسسة اجتماعية تتولد الحقوق فيها عن التكاتف والتآزر، وليس انتقاصا من حق الآخر< (15)
8 الجنسانية Sexism:
الجنسانية تعني: جعل المتعة الجنسية غاية عليا. جذور الفكرة الجنسانية (بمعنى الإباحية والمشاعية الجنسية) ترجع إلى زمن اليونان وتحديدا إلى أفكار (أفلاطون) (16) الذي دعا إلى جمهوريته إلى: >أن نساء محاربينا يجب أن يكن مشاعا للجميع، فليس لواحدة منهن أن تقيم تحت سقف واحد مع رجل بعينه منهم، وليكن الأطفال أيضا مشاعا بحيث لا يعرف الأب ابنه، ولا الابن أباه< ويقول بعض الباحثين أن (أفلاطون) كان مشجعا للشذوذ الجنسي أو الزواج المثلي والذي كان شائعا في المجتمع اليوناني (17).
ثم جاءت اليهودية بعد تحريفها طبعا لكي تحدث عن زنا الأنبياء (حاشاهم، ولعنوا بما قالوا).
وابتدعت النصرانية الرهبنة واعتبرت الجنس قذارة ودنسا لا يليق بمن يبغي المقدس.
وجاءت الشيوعية لكي تنادي بالمشاعية والإباحية ولكي تعتبر العمل الجنسي في مذهبها لا يعدو أن يكون (كشربة ماء)، ولكن تعتبرها مسألة شخصية جدا كما يقول (أوغست بيبل) مفكر شيوعي ألماني إشباع الغريزة الجنسية مسألة شخصية تماما شأنها شأن إشباع أي غريزة أخرى، فلا أحد يحاسب عليها أمام الآخرين.
وفي فترة الستينيات حدث ما سمي بالثورة الجنسية، وتغيرت المجتمعات الغربية تماما، حيث أصبح الابن يسوق عشيقته إلى بيت أبيه، والبنت تصحب حبيبها إلى غرفة نومها أمام والديه، وتفككت الأسرة، وشاعت العلاقات الجنسية خارج الزواج. وترجع إلى طغيان وغلبة هذه النزعة والمطالبات الأنثوية بالزواج المدني وتهميش مؤسسة الأسرة، ونزع القداسة عن عقد الزواج والرباط الأسري والاستخفاف المستمر بعفة المرأة، لأنها جزء من الثقافة الذكورية التي ترى في المرأة متاعا خاصا بالرجل… الخ.
ثالثا: أبرز وأخطر آراء الأنثوية المتطرفة (الراديكالية)
1 المناداة بعداء الجنسين وإعلان الحرب ضد الرجال:
أعلنت الأنثوية حربا شعواء ضد الرجل، ورفعت شعارات من قبيل (الرجال طبقة معادية) و(الحرب بين الجنسين)، بل وصل حد المطالبة (بالقتال من أجل عالم بلا رجال).
ولم تكن هذه الأفكار مجرد جدل لفظي أو تبادل شعارات، بل تجاوز إلى بروزه في الممارسة الواقعية في أشكال مختلفة فأدى أولا إلى: تدهور رهيب في العلاقات الاجتماعية بين الرجل والمرأة، خاصة في العلاقات الجنسية، وتم الهجوم بشكل مكثف على مؤسسة الأسرة باعتبارها مؤسسة قمع وقهر للمرأة، ولابد من الارتباط الحر والحرية الجنسية بل تجاوز الأمر إلى الدعوة إلى الشذوذ الجنسي (السحاق) باعتباره شكلا ملائما محتملا للخروج من سيطرة الرجل العدو.
ولا ننسى أن الحركة الأنثوية عندما تتحدث عن تمكين المرأة (Empowerment) فإنها تعني تمكين المرأة في صراعها مع الرجل.
وعادة يتم طرح سؤال في التدريبات الجندرية للتجمعات النسائية والرجالية: ماهي اللحظة الأولى التي وعيتم فيها أنكم ذكور أو إناث؟ وسؤال آخر: متى كان إدراككم الأول بوصفكم ذكورا أو إناثا أن عليكم أن تفعلوا أشياء أو لا تفعلوها؟ أو: ماهي الأشياء التي تفرض عليك بسبب جنسك وتكره أن تفعلها، والأشياء التي تفرض على الجنس الآخر وتود أن تقوم بها؟؟!!
2 إعادة صياغة اللغة (Reconstruction of Language)
انطلقت الأنثوية المعاصرة في سعيها لإعادة صياغة اللغة من مقولة (ميشال فوكو): >أن من يملك السلطة يملك اللغة<، وبهذا فسروا اللغات الأوروبية ونصوص الكتاب المقدس وشككوا فيها لأنها (من صنع الرجل) (18) ولإثبات ما يمكن تسميته بالتحيز للذكر يمكن ملاحظة الكلمات الآتية في اللغة الانجليزية والتي تدل على تبعية المرأة للرجل وعدم إمكان وجودها مستقلا كإنسان إلا من خلال الرجل: إنسان (Hu – man)، البشرية (Man – kind) حتى المرأة (Wo -man). ولو حذفت كلمة رجل (Man) لضاعت وسائل المرأة من الوجود في اللغة، وتحليل كلمة التاريخ (Hi – story) والتي تعني تاريخ الرجل دون المرأة، وطالبن بإعادة صياغة التاريخ ليحكي قصة المرأة ويسمى (her – story).
وليست الخطورة في مراجعات كلمات معينة أو مصطلحات غير دقيقة الصياغة أو كتابة نصوص تحابي المرأة بضمائر التأنيث، وإنما الخطورة تكمن في أن الأنثوية تحاول أن تفرض كلمات معينة ومصطلحات خاصة وجديدة تعبر عن رؤيتها للعالم وفكرها الخاص عن كل القضايا التي طرحناها (وهي شاملة ومتعددة الجوانب). وبهذا الشكل فإنها تريد تزييف المعارف الإنسانية والتمهيدية لترسيخ ثقافة خاصة بها، وخلق قيم جديدة وتكريسها عبر الوعاء اللغوي وعلاقة الترابط الموجودة بين الدال والمدلول.
وهو ما جعل مدخل الغزو الثقافي والتمكين للسيطرة الأجنبية هو إحلال مفاهيم الأمة بمفاهيم الآخر التي يتم تسويقها سياسيا وأكاديميا، كي يمكن احتلال عقل الأمة ووعيها تمهيدا لاحتلال أبنيتها واستلاب حضارتها (19).
وقد طالبت بإعادة صياغة اللغة، وإعادة صياغة الكتاب المقدس والضمائر الموجودة فيه، وفي هذا المسعى أسهمت الحركات النسائية في تشجيع إصدار طبعة جديدة من كتب العهد القديم والجديد أطلق عليها الطبعة المصححة politically corrected bible في عام ,1994 وتم فيها تغيير الكثير من المصطلحات والضمائر المذكرة، وتحويلها إلى ضمائر حيادية مراعاة للفمنزم، كما خفف تأثير الكلمات التي تصف الشذوذ الجنسي عند الناس (20).
عندما تطرح الأنثوية كلمات مثل: (Gender) بدلا من رجل وامرأة (man & woman) لوصف علاقة الجنسين أو كلمة شريك (partner) أو (Spose) بدلا من الزوج، وكلمة (Feminism) للتعبير عن حركة النساء، و(Biological Father) للأب الشرعي، وتسمي أي تدخل للوالدين في صالح أبنائهم وتربيتهم (Patriarchy)، وتسمى دعم المرأة (Empowerment)، وتسمي الطاعة الزوجية بعلاقة القوة (Power relation)، وتوسع مفهوم الأسرة (Family) لتكون هناك (Traditional) تقليدية وأسرة غير تقليدية، أو لا نمطية خاصة بالشاذين جنسيا أو مجموعات إباحية تعيش مع بعض، وكلمة (Steryo Typed Roles) لوصف الأدوار الأساسية لكل من الرجل والمرأة في الأسرة. فإن الذي تغير ليس حروفا وكلمات وإنما مضامين ومعاني وثقافة وفكر.
والأمر يكون أخطر عندما يتعلق الأمر بصياغة المواثيق الدولية الخاصة بالسكان والمرأة والطفل وغير ذلك، لأنها بعد المصادقة عليها تصبح ملزمة، وتفسر الكلمات الواردة فيها حسب معجم الأنثوية واضعي هذه النصوص والذين يسمون الأشياء بغير أسمائها تمهيدا لاستباحتها، فلا يقولون الإجهاض وقتل الجنين، وإنما يقولون (حق المرأة في الاختيار) وغير ذلك (21)
3 إلغاء دور الأب في الأسرة من خلال رفض (السلطة الأبوية):
الأبوية تعني: حكم الأب المطلق داخل الأسرة، وتركز القرار كله في يده، وهذا مفهوم خاص بالغرب.
والديانة المسيحية زادت من ترسيخ المفهوم وإصباغ الشرعية عليه عبر الكثير من الطرق منها: التأكيد على مفهوم الإله الأب والابن (أي الذكر) وتسمية وتشبيه المولى (عز وجل) بالأب.
السلطة الأبوية (البطريركية Patriarchy) مرتبطة بواقع تأسس زمن اليونان والرومان، ويرأس هذا كله أب مسيطر متنفذ ومن صلاحياته:
أ يحق له أن يتخلص من المولود المعاق أو المشوه أو الأنثى أو غير المرغوب فيه بالغطس أو الخنق أو رميه للوحوش.
ب رب الأسرة هو الذي يملك فقط والبقية كلهم من أولاد وزوجات وعبيد وخيول وأثاث… كلها تعتبر من أملاكه، وهو حر في التصرف فيها.
ج الزوجة طائشة في نظرهم، وتعامل كالطفلة أو كالقاصر
د المرأة بعد الزواج تدخل في دين زوجها وتترك دينها وعشيرتها وكل شيء سابق لزواجها وتحمل اسم زوجها وعشيرته ودينه… (22)
وخطورة تبني الحركة النسوية شعار معاداة (الأبوية) تكمن في:
أ أن الأنثوية لم تقف في حد مهاجمة النظام الأبوي الجاهلي، بل تعدى ذلك إلى الهجوم على الأسرة ونظامها وأصل تكوينها والتشكيك في جدواها.
ب تعدى ذلك إلى رفض أي نوع من أنواع قيادة الأب للأسرة، واعتبار ذلك من الأبوية وفي هذا الإطار رحبت بالأسرة المدارة من قبل الأم وحدها (Family Mother – only)
ج تأثرا بالحركة العلمانية والماركسية جعلت الأنثوية أيضا هذا المفهوم إطارا تحليليا شاملا فتحدثت عن الأبوية في الدين وأنه ظهر لتبرير الأبوية وترسيخها، واعتبرت الدولة أيضا امتدادا للأبوية.
ساهمت هذه الأدبيات المعادية للأبوية على خلق حالة من النفرة والعداء للأب والحساسية بقبول أي توجيه من توجيهاته، والتمرد عليه، كما ساهمت في صياغة القوانين الغربية القاسية جدا في منع الأبوين من تأديب أولادهما، وهذا انتهاك لحق الأبوين وحرمان لهما من حقهما في تنشئة الأولاد (23).
4 رفض الأسرة والزواج:
يرى الشيوعيون أن الذي ألجأ المرأة لكي تقبل بالزواج هو العامل الاقتصادي، وحاجة المرأة للمعيشة لنفسها ولأولادها، وهذا ما لا يبقى في النظام الشيوعي، لأن الكل تتولاهم الدولة فيسقط الأساس الذي يعتمد عليه الزواج والأسرة وتتحرر المرأة من قيودها.
ويمكننا إيجاز الأمور التي نتجت من هذه الدعوة لنقض الزواج والأسرة على النحو التالي:
أ زيادة هائلة في أعداد الذين يعيشون مع بعض دون رابطة قانونية ففي بريطانيا على سبيل المثال ازدادت نسبة النساء اللاتي يعشن مع رجل دون رابطة رسمية من 8% عام 1981 إلى 20% 1988م< (24)
ب كثرة الخيانة الزوجية من قبل الزوجين واعتياد الناس عليها، بحيث لا تعتبر تهديدا خطيرا ولا جرما، وهذا يدل على أن الأسرة حتى لو بقيت فإنها شكلية لا أكثر.
ج تربية الأولاد عند أحد الوالدين أو ما يسمى بعائلة الوالد المنفرد (Single Parents Family) وتشكل النساء -9%.
د زيادة رهيبة في نسبة الطلاق: من أهم دلائل رفض الحركات النسوية الغربية للزواج والأسرة كانت تتجلى في سعيها الحثيث للإطاحة بقانون الأحوال الشخصية، والمطالبة بتسهيلها أكثر فأكثر إلى حد أن يكون الزواج والأسرة شكليا فقط، وحتى تتمكن المرأة من الحصول على الطلاق وهدم الأسرة بأيسر سبيل وأكثره اختصارا للتكلفة، بل الاقتناع التام أحيانا بجدوى هدم الأسرة في تحرير المرأة. وتعتبر بداية الستينات هي التاريخ الحقيقي لبدء انهيار الأسرة.
5 ملكية المرأة لجسدها:
نادت الحركة النسوية وخصوصا من بعد فترة الستينات إلى شعار مؤداه أن المرأة تملك جسدها أو جسدك ملكك Your body is your own وهذه الدعوة الخطرة تقتضي أمورا عدة منها:
أ الدعوة للإباحية الجنسية ومن المشكلات التي خلفتها هذه الظاهرة:
أمهات غير متزوجات وأغلبهن في أعمار المراهقة.
الارتفاع الهائل في المواليد غير الشرعية أو أطفال الزنا، وهذه واحدة من المشكلات العويصة التي توجد في المجتمعات المعاصرة لكثرة الجرائم التي تأتي من وراء هؤلاء الأطفال، حيث أنهم يتربون تربية مشوهة، ويعانون من الكثير من العقد النفسية، ويتربون على حقد الآخرين والسوداوية والقسوة، ولا تعرف الرحمة طريقا إلى قلوبهم إلا نادرا، وغالبا ما يصبحون فريسة سهلة للعصابات وشبكات تنظيم الجنس والجريمة ولذلك فهناك الآن ظاهرتان عالميتان معروفتان يشكل هؤلاء الأطفال أساسا كبيرا لهما: الاتجار الجنسي أو الاستغلال الجنسي للأطفال… وجرائم الأحداث وعنفهم ومشكلاتهم وتعلمهم فنون اللصوصية والإرهاب.
ب رفض الإنجاب.
ج التبرج الشديد والتعري.
وأهم المشكلات التي تثار في الخطاب العلماني، أنه يعتبر الحجاب تخلفا، وبالتالي ينادي بنزع الحجاب، لأن سفورها طريق للتقدم، ومن هنا يصبح الحجاب خارج دائرة ممارسة الحرية، لأنه تخلف، ولا حرية ممارسة التخلف (25)
د حق المرأة في إجهاض جنينها.
6 إباحة الإجهاض:
إن الغربيين عندما اعتبروا أن المرأة تملك جسدها زادت حالات الحمل غير الشرعي، وأصبحت مشكلة متعددة الأوجه والأبعاد، وبدلا من أن يفكر الغربيون بمعالجة أصل الداء وجذره، أصبحوا يبحثون عن حلول لأعراضه، وكأن الزنا والإباحية أصل لا يمس، وثابت من ثوابت المجتمع لا يتغير، وفي مسعاهم للحل طرحوا أمورا عدة منها:
أ تسهيل الحصول على موانع الحمل ورفع الحظر عنها، وتوفيرها في الجامعات والمدارس، بأسعار رمزية أو بدون سعر، وتمكين المراهقات من الحصول عليها.
ب ومن الحلول التي طرحتها أيضا مسألة تعليم الجنس (sex education) وجعلها من مطلوبات المدارس حتى في المرحلة الابتدائية لتعريف الأطفال بالعملية الجنسية المأمونة (safe sex) وطرق منع الحمل.
ج ولكن يبدو أن هذا لم يكن كافيا فطرح الإجهاض أيضا كحل مقبول بل وضروري من قبل الحركات النسوية ومن أيدها، وطالبت الأنثوية الحكومات بإصدار تشريعات متساهلة بحق الإجهاض.
والإحصائيات تشير إلى أن حوال 40 إلى 60 مليون امرأة في العالم تحاول إجراء عملية إجهاض جنين غير مرغوب فيه وهذا يعني قتل 40 إلى 60 مليون جنين (26)
ولا يعزى تأخر بعض الدول الغربية أو ترددها في تقنين الإجهاض إلى الآن إلى أسباب أخلاقية أو دينية بقدر ما يرجع إلى خوفها الشديد من النقص السكاني، بالمقارنة بالدول النامية الفقيرة والتي تشهد طفرات هائلة في الزيادة السكاية تهدد المستقبل الديموغرافي في العالم من وجهة نظر الأغنياء في الغرب، وليس أدل على ذلك من تأييد هذه الدول بل وصياغتها للمواثيق الدولية الداعية لتنظيم الأسرة وتحديد السكان سواء بموانع الحمل أو الإجهاض أو غير ذلك من الوسائل، فالهدف التقليل قدر ما أمكن من عدد السكان في الدول النامية حتى لا يتزاحم الفقراء على موائد الأغنياء.
7 رفض الأمومة والإنجاب:
يتساءل أنصار حركة الأنثوية عما إذا كان من واجب المرأة حقا أن تثقل كاهلها برعاية الأطفال فضلا على الحمل والإنجاب.. وامتدت التساؤلات إلى معنى الأنوثة ذاتها، وعن حقيقة وجود تلك الفروق العضوية المميزة للرجال والنساء، وعما إذا كان من الممكن إرجاعها إلى عوامل بيئية وثقافية، وبالتالي تفقد أساسها البيولوجي، وتصبح مظاهر اجتماعية لا تستحق كل هذا الاهتمام الذي يثار حولها، وهذا معناه أن الحركة الجديدة لا تستهدف شيئا أقل من ظهور امرأة جديدة أو نوع من النساء يختلف كل الاختلاف عما عهدته الإنسانية حتى الآن< (27)
تقول الكاتبة (Eisonstein, H): فقط بإلغاء كل من المسؤولية الفيزيائية والسيكولوجية للمرأة في إنجاب الأطفال يكون ممكنا إنجاز تحرير المرأة< (28)
ويأتي هذا الرفض الأنثوي للإنجاب والأمومة في سياق رفض كلي وقاطع لوجود أي فرق بين الذكر والأنثى يمكن أن يستند إليه في إسناد دور معين للمرأة أو الرجل، وهذه واحدة من قناعات الحركة وتبني عليها أمورا أساسية.
وفي هذا السياق تتحدث الأنثوية عن مفهوم النوع (Gender) لتحديد العلاقة بين الجنسين وتوصيفها تحاشيا وتهميشا لمفهومي الذكر والأنثى، وتأكيدا على المفهوم السابق الذكر في رفض أي نوع من التمييز بينهما، أو رفض أي نوع من توزيع الأدوار حتى داخل الأسرة على أساس الجنس (Sex) البيولوجي، وتسعى الأنثوية الآن لتعميم علاقات ومفهوم النوع أي تقوم ب(الجندرة أو Genderazation) في جميع مناحي الحياة ومؤسسات المجتمع (29) وهو ما يسمى بمأسسة الجندر (Gender Mainstreming)
8 الشذوذ الجنسي وبناء الأسرة اللانمطية:
في حين كانت هذه الفاحشة فردية وسرية أصبحت منذ الستينات جماعية وعلنية ونظم أهلها أنفسهم في تنظيمات متعددة وبأسماء متعددة للمطالبة بحقوقهم أو بحقوقهن سواء الذكور الذين يعرفون ب(Gay) والإناث اللاتي يعرفن ب(Lesbian) ويطالبون بأمرين:
أ الاعتراف بهذه الفعلة كأمر طبيعي والنظر إليها كحرية شخصية، بل نوع خاص من المعاشرة، وأنها حق من حقوق الإنسان ويعتبر الاعتراف بها إنجازا قانونيا وإضافة للحريات الإنسانية الأساسية (في نظرهم ونظر من يؤيدهم).
ب إصدار قوانين تعترف بهؤلاء كأسر شرعية تملك كل الحقوق الطبيعية للأسرة.
وأما ما يتعلق بالحركات الأنثوية فإنه تنظر إلى المسألة على أنها:
وسيلة لكي تتخلص المرأة من تبعيتها للرجل.
تخلص المرأة من سطوة الرجل وعنفه.
تخلصها من مشكلات الولادة والإنجاب والأمومة.
تثبت المرأة من خلالها أنها تستطيع أن تستقل بذاتها وتستغني عن الرجل تماما وفي كل شيء وهي بهذه الطريقة تثبت نديتها ومساواتها المطلقة.
المساحقة مسألة غريزية فطرية لدى المرأة حسب زعمهن.
وتحقيقا لهذا الهدف وتوفير مثل هذا المجتمع فإن منشورات الخلايا النسائية كانت تتضمن مبادئ مثل حض غير المتزوجات على البقاء من غير زواج، والمتزوجات بهجر أزواجهن، وتحذير النساء من العلاقات ا لجنسية (أي مع الرجال)، ومن الحمل، ومن شراء أدوات التجميل< (30)
وتطور الأمر بعد ذلك، وصعدت الأنثوية لهجتها، واعتبرت العلاقات الجنسية الطبيعية (Hetero Sexual) أمرا مرفوضا بشكل قاطع لأنها مفروضة على المرأة من قبل السلطة الأبوية (Patriarchy) لأن المرأة تستطيع إشباع رغباتها عن طريق المرأة كما تقول (Julia Kristeva) (31)، بل وصل الأمر إلى حد أن يعتبر السحاق شرطا لاعتبار المرأة من مؤيدي قضية المرأة أو أن تكون أنثوية حقيقية حين قالت (Adrienne Rich) في مقالتها عن (الممارسة الجنسية الشرعية) بأنه إذا أرادت المرأة أن تكون أنثوية حقيقية (True Feminist) فعليها أن تكون سحاقية (She must become a Lesbian) حسب التعبير الإنجليزي، وعليها أن تتخلى عن كل الأفكار التي تؤرقها وتجعلها تحس بأنها شاذة ومريضة ومجنونة، فقط لأنها تمارس الجنس مع النساء بدلا من الرجال (32)
ولدعم هذه الفكرة، تم إدراج مصطلح مساواة النوع (Gender Equality)، وذلك لضمان حصول الشواذ على نفس حقوق الأسوياء أو (التقليديين)، وهذا ما تجلى مؤخرا في قرار الأمين العام للأمم المتحدة مارس ,2004 بحصول المتزوجون الشواذ على نفس حقوق المتزوجون التقليديون وذلك من حيث: الميراث، الضرائب، التأمينات الاجتماعية.

x