نظرية فستنكر للتناشز المعرفي

يمكن أن تفسر نظرية التنافر المعرفي لفستنغر العواقب النفسية للتوقعات غير المؤكدة. وتم نشر أولى حالات التنافر في كتاب عندما تخفق النبوءة (لفستنغر وآخرون 1956) (Festinger et al). 1956). ثم قرأ فستنغر وزملاؤه مقالًا مشوقًا في الجريدة بعنوان “نبوءة من كوكب كلاريون إلى المدينة: الفرار من الفيضان” (“Prophecy from planet clarion call to city flee that flood”).

وقد رأى فستنغر وزملاؤه أن تلك الحالة ستؤدي إلى حدوث التنافر حينما تخفق النبوءة. وقد قاموا بـملاحظة المجموعة ودونوا النتائج، مما أكد توقعاتهم.

إن التنافر المعرفي هو حالة تحفيزية تنتج عن وجود صراع بين الأهداف، والمعتقدات، والقيم، والأفكار، أو الرغبات. ويختلف الانزعاج طبقًا لأهمية المسألة في حياة الشخص، والتغير الذي يحدث في التناقض بين المعتقدات/الأفكار، والرغبات/الاحتياجات. ويؤدي هذا الانزعاج إلى “حالة قيادية” حيث يشعر الفرد بحاجة إلى إنهاء التنافر. لكي يزول ذلك الانزعاج، يجب أن يتخذ الشخص قرارًا بتغيير سلوكه أو تغيير معتقداته حتى يحدث التوافق بين المتغيرات. [1]

التنافر المعرفي

كان صاحب نظرية التنافر المعرفي هو ليون فسنتجر ويرى استناداً إلى فكرة * الاتزان النفسي * أن الإنسان عندما يقع تحت تأثير أفكار متنافرة , فإنه يتولد داخله نوع من التوتر من شأنه إحداث تغيير لإزالة هذا التنافر والعودة بالشخص مرة أخرى إلى حالة التوازن والتآلف المعرفي .وهذا التغيير يعبر عن نفسه في صورة تعديل في افكار الشخص او حتى في سلوكه أو في عنصر أو أكثر من عناصره المعرفية التي يحملها , وقد يلجأ الشخص إلى التقليل من أهمية الأفكار المتضاربة في نظر نفسه , كل هذا لإزالة حالة التوتر أو التقليل منها .

ويرى فستنجر أن التنافر في المعرفة ينشأ نتيجة أحد الأسباب التالية :

-اولا: وجود تعارض أو عدم اتفاق منطقي , ويحدث ذلك حين تعتمد معلومة ما على معلومة أخرى بشكل منطقي.نفترض مثلاَ بأن كل الناس غير خالدين , ولكننا نؤمن في نفس الوقت بأننا سنعيش أبداَ . في هذه الحالة ينطوي عنصري المعرفة , الفناء والحياة الخالدة , على تنافر لأنهما لا يتفقان منطقياَ .ثانيا: الأنماط الثقافية الشعبية المقبولة لدى عامة الناس , لأنها تعكس وجهات النظر الأخلاقية للجماعة .. مثل : ضرورة توقير الطالب لأستاذة .ثالثا: وجود تعارض بين الرأي والسلوك , فقد يؤمن الشخص بأهمية التصويت الانتخابي , ولكنه لا يمارس ذلك عند أوقات الانتخابات .رابعا: الخبرات السابقة , فإذا وضعنا يدنا على النار وشعرنا بالألم , سيحدث تنافر لان تجاربنا السابقة جعلتنا نؤمن بأن الإمساك بالنار مؤلم .وعندما نحاول تقليل التنافر المعرفي , فإن القاعدة الأساسية هي أن نختار أسهل السبل ونحاول أن نغير الأمور الضعيفة المقاومة للتغيير .

يوجد أربع مواقف اتصالية لحالة التنافر المعرفي :

1- موقف اتخاذ القرار :يرى الباحث ليون فستنجر أن التنافر ينشأ نتيجة لاتخاذ القرار,على سبيل المثال : إذا كنا نختار سيارة من سيارتين , سيحدث التنافر لأننا نبحث عن الخصائص الجذابة في السيارة التي لم نختبرها , ونشعر للأسف بسبب الجوانب السلبية في السيارة التي اخترناها .ويتأثر التنافر الذي يتولد نتيجة لاتخاذ القرار بثلاث عوامل :أولا:أهمية القرار فكلما زادت اهمية القرار زاد التنافر . ثانيا: كلما زادت جاذبية البديل الذي لم يقع اختيارنا عليه يزداد التنافر .ثالثا: يحدث التنافر كلما كانت عناصر المعرفة متماثلة , فاتخاذ قرار الشراء بين سيارتين يؤدي إلى تنافر أقل من الاختيار بين شراء سيارة أو شقة سكنية .وتشير الأبحاث العلمية إلى أننا نبحث عن المعلومات التي تؤيد قرارنا ونبتعد عم المعلومات التي لا تؤيده .

2- موقف فرض الإذعان :يشير الموقف الذي ينطوي على فرض الإذعان إلى اضطرار الفرد للقيام بسلوك معين قد لا يفعله بإرادته أو مختاراً ولضمان قيام الفرد بهذا السلوك يتعرض عادة للضغط الذي يكون في شكل عقاب على عدم الخضوع والحصول على مكافأة نتيجة الإذعان والخضوع .

3- موقف التعرض للمعلومات :من الطرق التي يلجأ إليها الفرد لتقليل التنافر المعرفي هو التعرض الانتقائي للمعلومات , فالفرد يبحث عن الآراء التي تتفق مع أفكاره ويبتعد عن المعلومات التي تتنافر معها .

4- موقف التأييد الإجتماعي :حين يتفق الآخرون معنا في الرأي نشعر بالسعادة داخلياً , وحين يختلفون معنا لا نشعر بالراحة والاطمئنان , فالاتفاق مع الآخرين يقلل حالة التنافر , وعدم الاتفاق معهم يزيد التنافر .

ويتوقف قدر التنافر على العوامل التالية :

ا- أهمية الموضوع :فقدر التنافر الذي يسببه عدم الاتفاق حول موضوع هام .مثل : الشعور الوطني سيكون أكبر من التنافر الذي يسببه الاختلاف على نوع النادي الرياضي الذي نشجعه .ب – عدد الأشخاص الذي يتفقون أو يختلفون معنا في الرأي :فكلما زاد عدد المناصرين كلما قل التنافر .ج – مكانة الأشخاص الذين نتفق أو نختلف معهم في الرأي :فالاختلاف مع الأشخاص الذين نقدرهم سيخلق تنافرا أكثر من الاختلاف مع الذين لانهتم بهم .

أخيرا فأن الاستراتيجية الأساسية التي يلجأ إليها خبراء تنبني على عمليتين متلازمتين هما :1- تعريض الفرد أو الجمهور لأنواع من المعلومات والأفكار الجديدة التي تتنافر مع ما يحملونه من أفكار واتجاهات نفسية , والهدف من ذلك هو إثارة الإحساس بالبلبلة وعدم التوازن في أذهان الجماهير تمهيدا لتغيير الاتجاهات غير المرغوبة .2- معاونة الجمهور على الخروج من حالة عدم التوازن بتزويده بالمعلومات الجديدة التي تحقق هدف القائم بالاتصال .[11]

x