كتاب الموضوعية في العلوم الإنسانية عرض نقدي لمناهج البحث

الموضوعية في العلوم الإنسانية عرض نقدي لمناهج البحث – تأليف : صلاح قنصوة
كتاب الموضوعية في العلوم الإنسانية عرض نقدي لمناهج البحث
– يتصدى هذا الكتاب لبحث اشكال الموضوعية في العلوم الانسانية ، وهويستهدف الاجابة على السؤال التالي : هل هناك امكانية لتأسيس علوم الانسان على أرض الموضوعية الصلبة بحيث تختفي من مبحثها الأهواء والأغراض والتحيزات والأحكام المسبقة … الخ ، لا سيما وأن الموضوع العام الذي تدرسه العلوم الانسانية وهو “الانسان – في المجتمع – ازاء العالم ” قد فرض حتى الأن على هذه العلوم دو التابع المتواضع للفلسفات والايديولوجيات والنظم السياسية ؟
ولتبيان المواقع الذي تقف فيه العلوم الانسانية من ثقافة العصر والمهام التي تحمل تبعتها والدور الذي ينبغي أن تؤديه في عالمنا المعاصر يستعيد المؤلف – عارضا وشارحا وناقدا – اعمال أهم المفكرين المعاصرين أمثال : دوركايم وديلتاي وفيبر وهوسرل وشتراوس ومورينو … الخ
نبذة المؤلف :
نقدم بين يدي القارىء محاولة تسعى إلى واحتواء الطابع الإشكالي للعلوم الإنسانية الذي يبدو في النوعية المتفرّدة لموضوعها من جهة. وفي العلاقة المتميزة بين الباحث وموضوعه من جهة أخرى. ويمكننا أن نضيف أن اسمها نفسه ما يزال محل خلاف. فهناك الكثير من التسميات التي يؤثر أصحابها أن تطلق على مجموع البحوث والدراسات التي تتعلق بالإنسان ونشاطه المتميز عن سائر الكائنات ومن أمثال هذه التسميات: العلوم الاجتماعية. والعلوم الثقافية ، والعلوم السلوكية، والعلوم العقلية أو الروحية، والعلوم المعنوية . فأمًا مصطلح «العلوم الاجتماعية» فهو أقرب لأن يكون مرادفا لمصطلح العلوم الإنسانية ، فالإنسان مهما يكن من تنوع سلوكه وتفرده. لابدٌ أن يكون منضويا في سياق اجتماعي. وقد صدر هذا المصطلح عن التقاليد الفكرية الانجلوساكسونية التي تستخدم مصطلح إنسانيات للدلالة على الآداب والفلسفات والدراسات المعيارية وهو ما لا ينبغي أن يخلط عندها بالعلوم ويعد مصطلح «العلوم السلوكية» نتيجة لغلبة الاتجاهات الوضعية والتجريبية في التقليد الأمريكي بوجه خاص حيث يكون ذلك المصطلح امتدادا وتوسعاً للمدرسة السلوكية في علم النفس يستوعب كل علوم الإنسان والمجتمع على المستوى الفردي والجمعي على السواء. وتنطوي التسمية على اعتقاد بأن ليس من شأن العلم سوى دراسة السلوك الخارجي الظاهر المقيس لكافة ضروب نشاط الإنسان فرداً كان أو جماعة. أما مصطلح العلوم العقلية أو الروحية فيرد إلى التقاليد الألمانية المثالية والعقلانية التي فرقت بين علوم الطبيعة و«علوم الروح» على أساس أن الإنسان وحده هو الذي يتميز بالروح أو النفس أو العقل ويقابل هذه التسمية في فرنسا مصطلح العلوم المعنوية. حيث يقصد بالمعنوي ما هو عقلي أو نفسي أو روحي في مقابل ما هو مادي وهو الذي تتعلق به العلوم الطبيعية. غير أن التسمية السائدة في فرنسا هي العلوم الإنسانية. ويتوسط التقليدين الأنجلوساكوني من جهة. والألماني والفرنسي من جهة أخرى تقليد أصحاب مصطلح «العلوم الثقافية» الذين يرون في القيم والأعراف والمعايير محور نشاط الإنسان الذي تجدر أن تدور الدراسات من حوله
ومهما يكن من أمر تعدد التسميات التي تشي بوجهة نظر خاصة لطبيعة موضوع البحث في تلك العلوم. إلا أنها جميعاً لا تعلن نفوراً من مصطلح «العلوم الإنسانية» الذي يشفع له استخدامه لدى المنظمات الدولية  وخاصة اليونسكو عنوانا على العديد من لجانها وأنشطتها. وقد آثرنا ذلك المصطلح لمبررات كثيرة. ففضلاً عن ذيوعه وانتشاره فإنه يفضل التسميات الأخرى لأنه يتسع لكل العلوم التي تبحث في الإنسان كعلم النفس والتاريخ إذا ما ذهب البعض إلى استبعادهما من «العلوم الاجتماعية». كما أنه يصلح مظلة مشتركة تضم تحتها، أو تفرض الحوار بين جوانب النزاع التقليدي في فلسفة العلم بين أصحاب النزعة الطبيعية وأنصار النزعة الإنسانية…. 
x