In this article
اكتشاف طبائع الناس وطرق التعامل معهم
تأليف : فـِرنَــر كــــورل
ترجمة: د. عمار قسيس
نبذة المؤلف :
كل إنسان يصبح في لحظة ما من حياته “عالم نفس”، وذلك عندما يعارض الواقع إرادتَه، أي عندما تسير الأمور على عكس ما يأمل أو يشتهي! كأن يفاجأ على سبيل المثال بتصرف إنسان آخر، تربطه به علاقة صداقة راسخة أو حب أو زواج، تصرف لم يكن يتوقع صدوره عن هذا الإنسان تحديداً ولا بحال من الأحوال؛ أو كأن يقوم أحد الزملاء أو الرؤساء في العمل بفعل محرج أو مزعج يفوق ما يمكن أن يتوقعه من ذلك الشخص بالذات. حينئذ يصاب المرء بالدهشة الكبرى ويقف حائراًً ويتساءل: لماذا يحدث كل ذلك؟! وهل أنا على هذا القدر من الجهل بنفسي وبالآخرين؟ وأين ذهبت “خبرتي” ومعرفتي بالناس وبكيفية التعامل معهم؟ وهل يُعقل أن يكون منطق تفكيري مختلفاً كلياً عن منطق تفكير الآخرين؟ إنه لمن الصعب فعلاً على المرء أن يُفاجأ بتلك “الحقائق الصادمة”!
ولكن كلما تمعن المرء في التفكير بالأمر، اقترب من النظر إلى حالات الصراع هذه، أي حالات الاختلاف بين ما هو متوقع وما يحدث فعلاً، من المنظار السليم وترسخت القناعة لديه بأن “الصراع” هو من أهم الأمور في الحياة وأكثرها عطاءً وثمراً، لا بسبب عدم إمكانية تجنبه فحسب، وإنما لأنه من الأسباب الحيوية والجوهرية لنمو وتطور الشخصية البشرية. فما الحياة عندما تسير كل الأمور على ما يرام في غياب حالات الصراع التي تعاكس تطلعاتنا وتصوراتنا، سوى رحلة في صحراء مستوية قاحلة خالية من التضاريس الممتعة ودون ظلال نرتاح فيها ومياه تطفئ عطشنا وتساعدنا على استعادة نشاطنا وحيويتنا. وما دامت الأمور تسير على ما يرام، يتصرف المرء ببساطة دون أن يشعر بالحاجة للتغيّر أو التطوّر ولا يبدأ بالتفكير والتأمّل إلا لحظة “الفشل”، حيث يصبح التغيّر ضرورياً.