التخطيط التربوي
هذا الكتاب وليد الحركة العالمية المعاصرة للبحث العلمي عامة والتخطيط التربوي خاصة، حيث أن العالم اليوم يبحث عن نظرية حديثة تقوم بالبحث حول جوانب الذاتية لا الموضوعية. فها هي العلوم الإنسانية وعلى رأسها علم التخطيط التربوي تهبط من سماء النجومية إلى عالم الواقع على سطح الأرض، بحثاً عن نظرية مرتكزة على منهج جديد، لا يقوم على فكرة التطبيق والتفسير، وإنما يقوم على فكرة التأوييل، بمعنى الانتقال من البحث عن الأسباب إلى البحث عن الممارسات، من خلال فهم واع ودقيق للجوانب الذاتية.
واستطاع هذا الكتاب أيضاً أن يبرز الجديد في اتجاهات التخطيط التربوي، حيث تعددت الآراء والكتابات حول نشأة مفهوم علم التخطيط التربوي والنظريات المنبثقة. وكان لهذا التضارب والتباين من الأفكار حول أساليب “هجر القديم ومعانقة التفكير الجديد” دعوة حقيقية للمختصين والخبراء في حقل التخطيط التربوي، لتتبع حركة تحليل نشأة مفهوم التخطيط والانتقادات الحديثة الموجهة له في الأدبيات. والجدير بالذكر هنا أنهم وجدوا تشابه كبير في بعض الجوانب، واستقلالية في البعض الآخر، ومزج بين الجانبين للبعض الثالث. ويرى الخبراء أنه من الأهمية أن نبحث عن نظرية حديثة ورصينة خلف هذا المفهوم، الذي ظل يُعمل به في المجتمعات المتقدمة وقبل النامية منذ سنوات غير بعيدة بصورة إيجابية وأكثر فعالية.
هذا بجانب أن متغيرات العصر وتحدياته المتسارعة بدأت هي الأخرى تشكك في مصداقية مفهوم التخطيط وفعالية عملياته. مما يدعونا اليوم لا للوقوف على مفهوم محدد للتخطيط التربوي، ولكن لمعرفة جذوره ونشأة نظريته، والتعرف على النمط الجديد الذي خرجت به تلك النظرية في عصرنا الحالي.