الفعل الإرادي
تأليف : أبو مدين الشافعي
نشر : وكالة الصحافة العربية
إن الفرق الأساسي الذي يميز الرجل المتحضر عن الرجل البدائي المتأخر يرجع إلى مقدرة الأول على القيام بأفعال إرادية حرة. ولو تأملنا حياة البدائيين والشعوب المتأخرة عن موكب الحضارة لوجدناها حياة خضوع لأوهام وخرافات تتحكم في الأفعال لتوجهها توجيها معينا ولا تسمح لها بالابتكار. للفعل إذن صلة وثيقة بالذهن والعقائد وهو من میدان علم النفس لا الفسيولوجية وإن كان في مظهره يبدو ظاهرة جسمية.
لقد حاول الفلاسفة ورجال الدين الوصول إلى حقيقة الإرادة ، وكانت محاولتهم كلها. وتحققت النتيجة المعروفة وفصلت الإرادة عن مظاهرها الخارجية وقالوا بوجود إرادة مستقلة تسير الجسم كما تشاء ونسبت إليها الحرية المطلقة عند بعض الفلاسفة وأرجعته إلى إرادة الله عند البعض الآخر. وقال قوم الإنسان حر مختار وقال آخرون بل هو مجبر مسير .