In this article
علم النفس
تأليف : جميل صليبا
لم نتبع فى هذا الكتاب مذهباً فلسفياً معيناً ولا ملنا فيه إلى عصبية أو هوى؛ ولا جرينا إلى غاية اعتقادية أو ريبية؛ بل جعلنا مسائله مستندة إلى العلم: مبنية على العقل والتجربة. لقد اقنبسنا أكثر مسائل هذا الكتاب مما انتهى إليه علم النفس فى أيامنا هذه؛ وجمعنا فيه أكثر ما تضمنته الكتب الفلسفية المتداولة بين أيدى القراء. وكثيراً ما كنا نقتبس العناصر من كتاب، والمسائل من كتاب آخرء فنرتب المواد ترتيباً جديدأ، أو نصوغها فى قلب شخصي ، أو نستخرج منها ننائج متقاربة, حتى جاءت -رغم اختلاف نزعاتها- مشتملة على شيء من الوحدة.
فينبغى إذن لقارئ كتابنا هذا أن يلم أولاً بها فيه من الوحدة؛ وأن يعرض بعد ذلك جميع مسائله على حاكم العقل، وأن لا تكون غايته حفظ ما فيه من الأقاويل بل الإشراف على ما تضمنه من الحوادث والأمثلة, والوقوف عند كل مثال محسوس، وإعمال الروية فيه، فإن الإكثار من حفظ الأقاويل من غير إعمال الروية فيها قد يقلب العقل إلى آلة صماء. وليست الغاية من دراسة الفلسفة حفظ النظريات، وممارسة الجدل، والظهور أمام الناس بمظهر العلماء الذين يحدثونك عن كل أمر وهم غير عالمين بشىء، وإنما الغاية من ذلك تعويد العقل حرية النظر والتأمل والإبداع ، وإبعاده عن الثقافة اللفظية والتقليد. والإتباع. وقد أشار ابن خلدون إلى ذلك بقوله: “إن ثمرة الفلسفة هى شحذ الذهن فى ترتيب الأدلة والحجاج لتحصيل ملكة الجودة والصواب في البراهين”.