In this article
قلق السعي إلى المكانة: الشعور بالرضا أو المهانة
تأليف : ألين دي بوتون
ترجمة : محمد عبد النبي
يستعرض الكتاب الأسباب التي تدعو المرء إلى الشعور بالقلق إزاء مكانته في المجتمع، ثم يردف ذلك بالحلول التي تنفي عنه هذا القلق
ولا شك أن موضوع “قلق السعي إلى المكانة” جدير بالبحث والقراءة، فجُل أفعال الناس وسعيهم الحثيث إنما هو لأجل الوصول إلى المكانة أو الحفاظ عليها، فلعلها من أول دوافع المرء في الفعل والترك
ويمكن اختصار الأسباب فيما يلي:
السبب الأول: الرغبة في الشعور بالحب
وهذا أكبر الأسباب وأعظمها، فالإنسان مُبتلى بالسعي وراء حب الناس، أن يكون تحت أنظار الآخرين وموضع عنايتهم ورضاهم واستحسناهم؛ لأنه مُبتلى في الغالب بانعدام يقين نحو قيمته الخاصة، فيستلهم قيمته من انطباع الآخرين وحبهم ونظرتهم تجاهه .. فيكون سعي الإنسان نحو المال أو السلطة أو الشهرة، لكي يشعر بالحب
السبب الثاني: التعامل مع المتغطرسين
فرفقة المتغطرسين يصحبها عادةً شعور بالدونية نتيجة اختيالهم وغرورهم، فهم غالباً ما يُشعرون مرافقيهم أنهم غير أكفاء لهم
السبب الثالث: التطلع والحسد لما عند الأقران والنظراء لاسيما المترفين منهم
فلا يستطيع المرء أن يقدّر ما بين يديه لقيمته الخاصة، أو حتى بالمقارنة بما كان هو عليه سابقاً من ضيق أو فقر.. بل يقدّره بالمقارنة مع أقرانه، فلا يرى مكانته إلا حين يملك مثلما يملكون أو أكثر، مهما كان الذي يملكه
السبب الرابع: العيش في مجتمع الكفاءة
الذي يفشو فيه شعار أن فقر المرء هو من جراء فشله وانعدام كفاءته؛ فيرتبط الفقر بتقدير المرء لذاته، فكلما كنت أكثر غنى؛ كنتَ أكثر كفاءة، وتبعاً الأعلى مكانة
السبب الخامس: صعوبة الاحتفاظ بالجاه أو السلطة أو المال، لكثرة اعتمادية الإنسان على غيره في تحقيقها
فكلما زادت العوامل التي مكّنت المرء من الوصول إلى مكانته؛ زاد قلقه خوفاً من فقدانها
أما الحلول بحسب الكتاب:
أولاً: استعمال النظرة الفلسفية التالية:
وهي جعل العقل حاكماً على وجهات نظر الناس تجاهنا، فلا نحكم برفعة مكانتنا أو ضآلتها بناءً على آراء الناس، بل بناءً على صحة تلك الآراء أو فسادها من حيث تسلسلها منطقياً
فتُرد آراء الناس نحونا – إيجابية أو سلبية – إلى العقل ليحكم عليها، فما كان صحيحاً أخذنا به، لصحته في نفسه، مدحاً كان أو ذماً، وما لم يكن؛ لم نأخذ به، ولم يؤثر بنا
ثانياً: الانتفاع بالفن، من رواية وقصيدة وغيرهما، في نقد الحياة، وفهم العالم وتفسير وضعنا الإنساني وغموضه، وتفنيد السبل المتبعة
في تحديد منازل الناس ودرجاتهم في المجتمع
في تحديد منازل الناس ودرجاتهم في المجتمع
ثالثاً: الوعي السياسي
بأن ما يعرضه أصحاب السلطة والنفوذ في مجتمع معين، بوصفه حقائق بديهية في موضوع المكانة ومن يستحقونها، هو في الحقيقة أمر نسبي متغير مع العصور، ومحل للسؤال والتقصّي، وليس إلا تلفيقاً من أفراد يدافعون عن مصالحهم
رابعاً: الدين
فنظرة المرء إلى قرب فناء حياته، وأن استمرارها على طريقة أن تكون أفعاله ومتروكاته هي لأجل حب الظهور والرغبة في المكانة عند الناس، وهم في الوقت ذاته لن يكترثوا لأمره إذا انقضت حاجتهم منه، وهو في الوقت ذاته أضاع مشاعره الحقيقة واهتماماته على الدوام لصالح كسب إعجابهم = هو أمر يدعو إلى إعادة التفكير في أسلوب الحياة هذا، وإعادة توجيه بوصلة المرء نحو المكانة الحقة والحياة الحقيقية
خامساً: البوهيمية:
ويمكن أن يُستفاد منها عدم القلق حيال الغد، وعدم الاعتناء بالمظاهر أمام الناس
أخيراً، الكتاب جيد ومفيد وممتع، واقتباساته الكثيرة أفادتني في التعرف على كتب قديمة ثرية، وترجمة “محمد عبد النبي – دار التنوير” رائقة