الاستراتيجيات المعرفية Cognitive strategies

تعد الاستراتيجيات المعرفية من أهم القابليات المتعلمة لدى الإنسان ، وتتمثل هذه الاستراتيجيات في المهارات التي من خلالها يتعلم الفرد كيف يوظف عملياته العقلية المعرفية الداخلية في التعلم والتذكر والتفكير وحل المشكلات .

والاستراتيجية المعرفية مستقلة عن محتوى البنية المعرفية للفرد ، لكنها أكثر قابلية للتعميم على أن محتوى معرفي ، فعندما يكتسب الغرد استراتيجية معرفية جديدة فإن هذه الاستراتيجية يمكن تطبيقها على أي معالجة بغض النظر عن المحتوى الذي تعالجه هذه الاستراتيجية ، وينطبق هذا على استراتيجيات توفير المعلومات ، استراتيجية عمل الذاكرة ، استراتيجية الاسترجاع ، استراتيجية التفكير ، وأخيراً استراتيجية حل المشكلات .

وهناك فروق فردية في الاستراتيجيات المعرفية بين الأفراد ، بعض الاستراتيجيات التي يملكها البعض تكون أفضل منها لدى البعض الآخر ، وهذه الفروق ترجع إلى مستوى التعلم والتفكير لديهم ولذا فإن التحدي الذي يواجه التربية اليوم هو كيف يحسن أو يزيد من فعالية استجابة الفرد في التعلم والتفكير ، والتذكر ، وحل المشكلات ، وفي الاستراتيجيات المعرفية عموما .

وعلى الرغم من أن الاستراتيجيات المعرفية مستقلة عن محتوى البناء المعرفي للفرد إلا أنها لا يمكن أن تكتسب أو يتم تعلمها أو تطبيقها بدون محتوى معين ، فهذه العمليات العقلية المعرفية يتعين أن نجد محتوى معرفياً معيناً كي تعمل وتمارس فاعليتها خلاله .

وتنطوي الاستراتيجيات المعرفية على تنظيم المتعلم ، وتكييفه وتوظيفه للعمليات العقلية المعرفية المرتبطة بكل من :

 

  • الانتباه والاستقبال الانتقائي .
  • الترميز للذاكرة طويلة المدى .
  • الاسترجاع ، وتجهيز المعلومات .
  • التفكير وحل المشكلات .

أولاً : الاستراتيجيات المعرفية المتعلقة بالانتباه :

تشير الدراسات والبحوث التي أجريت حول الاستراتيجيات المعرفية التي يمكن من خلالها إثارة انتباه المفحوص إلى أن استرجاع أسئلة أو تساؤلات حول الموضوع أو النص المراد تعلمه يزيد من درجة الانتباه ويجعل الاستقبال الانتقائي مرتبط بالإجابة على هذه الأسئلة ، وأن المتعلم يمكنه أن يتحكم معرفية فيما يتعلمه إذا استخدم الاستراتيجيات الموجهة لانتباهه .

ثانياً : الاستراتيجيات المعرفية المتعلقة بالترميز :

هناك استراتيجيتان رئيسيتان مستخدمتان في اكتساب المفهوم الصحيح هما :

الأولى : استراتيجية التركيز    ( Focusing ) 

الثانية : استراتيجية المسح     ( Scanning ) 

ومن خصائص استراتيجية التركيز أن المفحوص يبحث عن جميع الخصائص المشتركة المتنوعة للمفهوم ، فقد عرض عدد من مثلثات مختلفة الشكل صفراء اللون ، وجد أن المفحوص يقارن بين جميع الخصائص المشتركة المتعلقة بالمفهوم .

أما في استراتيجية المسح يقوم المفحوص بالاهتمام بخاصية واحدة متعلقة بالمفهوم مثل خاصية اللون ، ثم يبحث عن خاصية أخرى لمفهوم آخر ، وعند الاسترجاع يعتمد على هذه الخاصية .

وقد توصلت البحوث والدراسات إلى أن استراتيجية التركيز أكثر استخداما عندما يكون المتعلم واقعاً تحت ضغط الوقت ، بينما تكون استراتيجية المسح اكثر استخداما عندما لا يكون الوقت عاملا مؤثرا في الموقف .

ثالثاً : الاستراتيجيات المعرفية المتعلقة بالاسترجاع :

يشير مفهوم الاسترجاع إلى محاولة الفرد تذكر أو استرجاع المعلومات التي يتم استقبالها في الذاكرة قصيرة المدى أو السابق تعلمها وتخزينها في الذاكرة طويلة المدى .

وتأخذ استراتيجيات استرجاع المعلومات عدة أنماط هى :

  • التسميع والمراجعة Reharsal & review
  • تنظيم المعلومات أو الفقرات Organizing items أقل ارتباطا ببعضها البعض في وحدات مترابطة .
  • الاتقان أو الإحكام Elaboration
  • التصور البصري Visual Imagery

ويعتمد كل من التعلم الفعال والاحتفاظ الجيد بكمية كبيرة من المعلومات على استخدام واحدة أو أكثر من الاستراتيجيات الثلاث الخيرة . ويتوقف اختيار الاستراتيجية الملائمة على طبيعة المعلومات ومدى تشعبها بعامل المعنى ومستوى صعوبتها أو طولها ودرجة ارتباطها بالواقع أو مألوفيتها .

رابعاً : الاستراتيجيات المعرفية المتعلقة بحل المشكلات

Problem-Slovinh Strategies

ترتبط استراتيجيات حل المشكلات ارتباطا موجبا ذا دلاله مع زيادة المعرفة والخبرة حيث تمكن زيادة المعرفة كماً وكيفاً من معرفة أفضل الأساليب اللازمة لفهم المعلومات المتعلقة بالموقف المشكل واستحضارها . واستخدام استراتيجيات أفضل ملائمة لتوظيف هذه المعلومات ، واشتقاق الحل منها أو نتاج خطط للحل وتقييمها بشكل أكثر مرونة وفاعلية .

كما يمكن تقرير أن كلاً من المعرفة والخبرة المتزايدة تؤديان إلى تنظيم أكثر فعالية للمعلومات المستعارة من الذاكرة وبالتالي تخفيف العبء على الذاكرة قصيرة المدة مما يمكنها من معالجة المعلومات المحمولة بها والتي تتعلق بالموقف المشكل بفعالية أكبر .

وتتمايز استراتيجيات حل المشكلات بين عدة أنواع من الاستراتيجيات منها :

  • استراتيجية تحليل الوسائل والغايات .
  • استراتيجية العمل بين الأمام والخلف .
  • استراتيجية تعميم البدائل .

وفيما يلي عرض لكلاً من هذه الاستراتيجيات :

استراتيجية تحليل الوسائل والغايات :

تقوم هذه الاستراتيجية على تحليل محددات المشكلة في صورتها المقدمة والغاية المستهدفة ، حيث تتطور هذه الاستراتيجيات على استخدام الوسائل وتوظيفها للحصول إلى الغايات والحكم على مدى علاقة كل من الوسائل المتاحة والغايات التي يتقيد الوصول إليها أو تحقيقها وذلك عن طريق :

 

 

تحديد الفروق بين الوسائل المتاحة والغايات المستهدفة .

  • تحديد المعلومات التي تجعل الفروق بين هذه الوسائل وتلك الغايات عند حدها الأدنى وتجهيزها .
  • ترتيب الوسائل وتوظيفها بالتزامن أو بالتعاقب أو بكليهما كل تتحقق الغايات .
  • عند كل خطوة من خطوات استراتيجية تحليل الوسائل والغايات يحاول الفرد أن يجد أو يكتشف الخطوة التالية التي تحقق الفروق بين الموقف الحالي للمشكلة أو الغاية المستهدفة.

وتعد استراتيجية تحليل الوسائل والغايات استراتيجية التحرك إلى الأمام أو استراتيجية تقدمية (Forward- Moving strategy )  ولذا فهي تختلف عن استراتيجية العمل بين التحرك إلى الأمام (Forward )  والتحرك إلى الخلف ( Backward )    

استراتيجية العمل بين الأمام والخلف :

تعد استراتيجية العمل بين الأمام والخلف أو التحرك من الأمام إلى الخلف أو العكس بالعكس ، أكثر أنماط الاستراتيجيات فاعلية ، حيث تقوم على البحث عن أفضل الأساليب المنتجة التي يمكن من خلالها التوصل إلى الحل ، والتي تخفف إلى أدنى حد من الضغط على الذاكرة قصيرة المدى مما يسمح باشتقاق أكثر من الأساليب فاعلية ، وتوظيف البيئة المعرفية للفرد ومحتواها توظيفاً فعالاً ومنتجاً . كما تسمح هذه الاستراتيجية بالقفز في الاستنتاج (Jumping To Conclusion)  وتحليل ما وراء المعلومات المعطاة أو المقدمة (Going beyond information given) 

استراتيجية تعميم البدائل :

تقوم استراتيجية تعميم البدائل على بحث إمكانية تعميم الحلول أو بدائل الحلول أو بدائل الحلول التي تثبت ملائمتها أو صلاحيتها في حل مشكلات معينة على ما يماثلها من مشكلات.

وهذه الاستراتيجية تتأثر بخبرة الفرد ومحتوى بنائه المعرفي ومدى تدريبه على حل المشكلات ، أي أن التعلم السابق يلعب دوراً هاماً في هذا النمط من الاستراتيجيات . وتخضع في محدداتها وخصائصها لنظرية التعميم في انتقال أثر التدريب ([1]) .

 

 

 

الوظائف التنفيذية الأداء الحركي (¨) :

الوظائف التنفيذية executive functions  لها أربعة مكونات هي :

1 – صياغة الهدف .                                             2 – التخطيط .

3 – تنفيذ الخطط الموجهة نحو الهدف .                4 – الأداء الفعال .

وتتضمن كل مجموعة مميزة من السلوك المرتبط بالنشاط وكلها ضرورية للسلوك الراشد اجتماعيا والذي يخدم الذات بكفاءة .

صياغة الهدف : أو الإرادة (Volition) 

  • وهو يشير إلى العملية من تحديد ما يحتاجه الشخص أو يريده وقصور في بعض أنواع التحقيق المستقبلي لهذه الحاجة أو الرغبة . وترتبط القدرة على صياغة هدف بالواقعية وبوعي الفرد بنفسه سيكلوجيا وفيزيقيا ، وبعلاقاته بمحيطة ، والأشخاص الذين تنقصهم القدرة على صياغة أهداف لا يفكرون في أي شيء يقومون به .
  • ومن أحسن مصادر المعرفة عن قدرة الشخص على صياغة الأهداف وتكوين المقاصد وملاحظته في مجرى الحياة اليومية ومتابعة تقارير من يرعونه ويريدونه بانتظام ومنهم أفراد عائلته . ويتحقق أن يشمل فحص الطاقة الإنفعالية للشخص سؤاله وسؤال من يعرفونه معرفة تامة عما يحبه وما يكرهه للتسلية وما يقضيه ، كما يمكن الاستعانة ببعض أسئلة مقاييس مثل ستانقورد – بينية ( الصورة الرابعة) لفحص قدرة المفحوص على الانتباه للهاربات cues  الموقفية .
  • كما يمكن السؤال عن الخطط المهنية للفرد أن يكشف عن قصور في إدراك الذات ، مثلا حين يقول طفل مصاب بخلل بصري أنه ينوي أن يكون طياراً .

التخطيط :

يشمل التخطيط تحديد وتنظيم خطوات وعناصر (مثلا المهارات والمواد والأشخاص الآخرين) التي يتطلبها تنفيذ مقصد أو تحقيق هدف .

ويتضمن التخطيط عدداً من الطاقات ، ولكي يخطط الشخص يتعين أن يكون قادراًَ على تصور التغير من الظروف الحاضرة والتعامل بموضوعية مع ذاته في علاقته بالبيئة ، والنظر إلى البيئة موضوعياً وتبني الاتجاه التجريدي ، كما يتعين أن يكون المخطط قادراً على تصور البدائل ووزن الاختيارات والقيام بها وإقامة إطار تصوري أو بنيان يوجه تنفيذ الخطط ، وفضلا عن ذلك يتطلب هذا النشاط التصوري طاقة للاحتفاظ بالانتباه .

القيام بالأنشطة أو الفعل الغرضي :

ترجمة قصد أو خطة إلى نشاط منتج يخدم الذات ، تتطلب من الفاعل المبادأة والاحتفاظ والتحول والوقف لسلسلة من السلوك المعقد بأسلوب نظامي متكامل . ويمكن أن يعوق الاضطراب في برمجة النشاط تنفيذ خطط معقولة بطرف النظر عن الواقعية والمعرفة أو القدرة على أداء النشاط . والأشخاص الذين يعانون من مصاعب في برمجة نشاطهم يمكن أن يظهروا تفككا ملحوظا بين مقاصدهم المعبر عنها لفظياً وأفعالهم .

(1)  فتحي مصطفى الزيات : الأسس المعرفية للتكوين العقلي وتجهيز المعلومات ، المنصورة ، دار الوفاء للطباعة والنشر والتوزيع ، ط1 ، 1994 ، ص ص 318 – 338 .

       لويس مليكة : التقييم النيوروسيكلوجي ، القاهرة ، دار النهضة العربية ، ط1 ، 1997 ، ص ص : 234 – 253 .

x
Scroll to Top