المساهمات العلمية التي قدمها الفريد شوتز

كما طرح شوتز كذلك عدة مفاهيم أخرى منها طريقة الإجراء أو مقادير طريقة الإعداد ، و كذلك معرفة جديدة سماها شوتز مخزون المعرفة ،كما قدم مفهوم الموقف المتشابك أو إشكالية الموقف ، بعدها طرح شوتز عدة مصطلحات اجتماعية توضح جوانب أوسع من الفعل الاجتماعي ، و هي عالم الحياة ، عالم البديهيات ، عالم الحياة اليومية ، عالم العمل اليومي ، الواقع الدنيوي ، الواقع الأسمى .

ففي مصطلح عالم البديهيات أشار إلى المواقف الطبيعية للناس التي تعني تعيينهم فيها دون أن يساورهم الشك فيها، أي مواقف مقنعة لا تقبل الطعن بسبب اختمارها و نضجها و تعود الناس على مواجهتها و تآلفهم لها .

أما مصطلح عالم الحياة اليومية فإنه يشير إلى الصفات الآتية :

1 ــ يتسم هذا العالم بتوتر إدراكي يجعل الفاعل يقظا ً و حذرا ً من الفواعل و الأحداث التي يواجهها و يتفاعل معها .
2 ــ لا يبدي الفاعل عن شكوكه في العيش في هذا العالم .
3 ــ يعمل الفواعل على معايشتهم هذا العالم .
4 ــ يمنح هذا العالم خبرة ذاتية خاصة متكاملة الجوانب .
5 ــ يبلور التخلل الذاتي بين المتفاعلين نسيجا ً اجتماعيا ً يعكس طبيعته .
6 ــ خضوع تفاعل الفواعل إلى العامل الزمني . •

مفهوم نظري آخر تناوله شوتز هو” عوالم الواقعية الاجتماعية ” حدد شوتز أربعة عوالم اجتماعية مميزة بدرجة وضوحها وبداهتها المباشرة لا تحتاج إلى برهان أو سند ، بيد أنها مختلفة بعضها عن بعض لأنها مستخلصة من ظروف و فترات زمنية خاصة بها و هي ما يلي :

1 ــ عالم الخبرة المباشرة ، مستخلصة من الواقع الحي و يشير إلى الاتصال التفاعلي ( وجهاً لوجه ) يدرك المتقابلان أحدهما الآخر ، و يشتركان بمشاعر و أحاسيس و أفكار واحدة و متشابهة فيتبلور عندهما علاقة “النحن” التي توجه الأنا أو الأنت فتغذي خبرات كل منهما .

2 ــ عالم الخبرة غير المباشرة :

مستخلصة من الواقع البعيد زمانيا ً أو عبر وسائط بشرية أو غير بشرية ( سلكية أو لا سلكية ) و يشير إلى الاتصال غير التقابلي عبر قنوات تقلل من تدخل المتفاعلين في مشاعر و أحاسيس مشتركة .
3 ــ عالم الإرث المخلوف من الزمن القريب .
4 ــ عالم الاستخلاف من الزمن البعيد .

و يمثلان بواقي الحالات الماضوية الناقصة في معرفتها الجزئية ، أو العناصر الدقيقة و تختلف في معاييرها و مقاييسها بحيث إذا تم قياسها بمقاييس معاصرة يحدث إساءة تقدير الأحداث القديمة و تشويه تفسيرها ، لذا فإنها تمثل خصوصية تراثية لا تمثل معايير الحضارة و الخطأ كل الخطأ إذا تم قياسها بمقاييس الحاضر . ( عمر، 1997 م، من ص 246 ــ ص 253)
كما يميز شوتز بين المنظور الطبيعي لعضو الجماعة الاجتماعية و المنظور الظاهراتي للملاحظ الخارجي ، و يصف مصطلح الطبيعي المدخل الفطري والبديهي الذي يسلم به أعضاء جماعة اجتماعية معينة ، و ينظر هؤلاء الأعضاء إلى أسلوب حياتهم على أنه عادي و هم بصفة عامة غير واعين بالمدى الذي يعكس به هذا الأسلوب خبراتهم الذاتية فقط، و على النقيض من ذلك يسعى الملاحظ الخارجي (الذي يتبنى منظارً ظاهراتياً) إلى وصف أسلوب حياة جماعة ما، و مع هذا فهو يقوم بهذه المهمة من زاوية الفاعلين لا من زاوية منظور تفسيري خارجي.(عبد الجواد، 2009م،ص187 ــ 188)
و كمثال على المنظور الطبيعي لو استخدمناه لتفسير حياة أفراد مجتمع قبيلة قريش حين قالوا: “هذا ما وجدنا عليه آبائنا” فهم ينظرون إلى أسلوب حياتهم من عبادة للأصنام و شرب للخمور و وأد للبنات بأنه عادي، غير مدركين أن هذا الوضع يعكس خبراتهم الذاتية و ما تعلموه من خلال التنشئة الاجتماعية ، فيما يركز المنظور الظاهراتي على وصف حياة هذه الجماعة حيث يتم استخدام الملاحظة كأداة جمع للبيانات من خلال استخدام المنهج الكيفي ، فيتم وصف أسلوب حياة هذه الجماعة كما تبدو و من زاوية الفاعلين أنفسهم لا من زوايا بنائية أو صراعية قد لا تعكس الواقع المعاش ، حيث يتم التركيز على ما يرويه الناس حول عبادة الأصنام أو وأد البنات، و من ثم تحليل هذه البيانات لتقديم تفسير ملائم للواقع الاجتماعي.

x