ان المهج التجريبي له حدود فلا يمكن ان نعرض الشخص لخبرة نفسية مريرة اوصدمية لكي ندرس اثارها عليه. او على توازنه النفسي او انضباطه الانفعالي. ولأيمكن ان نطلب من شخصين لهم تاريخ وراثي معيب ان يتزوجا ويكونا اسرة لكي ندرس اثر هذا التاريخ الوراثي المعيب على الابناء.
مع ذلك فان الظروف المحيطة تمدنا بعدد وافر من الاشخاص الذين تعرضوا لخبرات نفسية اليمة اثرت ودمرت توازنهم وانضباطهم النفسي.( عليان وغنيم:2009, 94),
فالعوامل التي توثر على سلوك معين في زمان ومكان ما كثيرة ومتنوعة, لدرجة تستوجب منا التشكيك بالتفسيرات التي تبدو بسيطة او حتمية. وان هذه النزعة التشكيكية الصحية تعد قوه موجة للعلماء في سعيهم للوصول للمعرفة , وللاكليكين في بحثهم المتواصل عن طرق فعالة في خدمة عملائهم.
ان التفسيرات البسيطة والتقليدية غالبا ما تكون ناقصة او خاطئة وقد تغيرت الاساليب على مر السنين وتستمر بالتغير اذ لا توجد اساليب علمية حتمية او كاملة.
وللبحث اهداف عدة: اولا يسمح لنا بالابتعاد عن التخمين المطلق فلا نكتفي بالجدل حول فعالية العلاج المعرفي – السلوكي, بل نقوم بإجراء الابحاث التي تحدد لنا مدى فعالية اوعدم فعاليته. ان المنطلق الاساسي للأبحاث هو تعزيز قدرتنا على الفهم و التنبؤ بسلوكيات ومشاعر وافكار الناس الذين يقوم الاخصائيون الإكلينيكيان بتقديم الخدمات لهم, فالبحث الافضل هوه الذي يسمح لنا بالتدخل بحكمة وفعالية لصالحهم.(ترول:2007, 156-157)
مسلمات المنهج الإكلينيكي
1–التصورالدينامي للشخصية: بمعنى ان ننظر اليها والى المسالك التي تصدر عنها على انها نتاج الأجهزة المختلفة, او على الاقل الصراع ما بين قواها المختلفة,
2–النظر الى الشخصية كوحدة كلية حالية: ان النظرة الاكلينيكية لا تقتصر على جزء او اجزاء سلوكية بعينها انما تضع موضع الاعتبار كافة الاستجابات التي تصدر من الشخص.
3–الشخصية وحدة كلية زمنية: اي استجابة الشخص ازاء موقف انما تتضح في ضوء تاريخ حياة الشخص واتجاهاته ازاء المستقبل فالتشخيص يستهدف الامساك بلحظة من لحظات تطور الكائن البشري.
مبادئ المنهج الاكلينيكي
1-مبدءالتكامل: يعني اقامة وحدة كلية من المعطيات مما يتطلب الكشف عن العامل المشترك فالمعطيات التي تم جمعها ينبغي ان تتآلف اوتنتظم ضمن الشخصية برمتها في وحدتها التاريخية وفي علاقتها الراهنة بالبيئة
2-مبدء التقاء الوقائع: فالتأويل الذي ترتد اليه معظم الوقائع الواردة في الاحلام ينبغي ايضا ان ترتد اليه معظم الوقائع المشابهة في المسالك اليومية وضمن الطرح العلاجي(حسن:2012, 232-231)
تقنيات واساليب المنهج الإكلينيكي
المنهج الاكلينيكي يقوم على العديد من الاساليب منها:
دراسة الحالة
وهي استقصاء نفسي اجتماعي للفرد ومسح حالته الصحية وسجلة الدراسي ومشكلات المهد والطفولة وسجلة الدراسي والمهني ونموه الجسمي والنفسي.( عليان:2009, 94)وتعد كل حالة من حالات التي تخضع للفحص الاكلينيكي والدراسة هي حالة فريدة من نوعها وتتطلب جراءات دراسية خاصة تتفق مع ضرورتها وقدراتها العقلية ومكانتها الاجتماعية ومستواها الاقتصادي وعمرها الزمني والتعليمي, لكن هاذا لا يعني ان الاخصائي النفسي الإكلينيكي سوف لا يتعرض اثناء دراسة الحالات, ويكشف انها تشترك مع بعضها في عوامل متشابهة. ان هدف دراسة الحالة الاحاطة المعرفية الشاملة بتفاصيل شخصية الحالة من حيث المنظور الدينامي, الترابطي, والعلائقي, والتاريخي:(الخالدي:2006, 78)
وتتضمن دراسة الحالة الجوانب الرئيسية التالية:
النمو الجسمي, بيانات عن السلوك الاجتماعي للطفل, التوافق الاسري, التوافق الاسري, التوافق المدرسي والعلاقة مع الاقران. (ملحم: 2004, 92)
المقابلة الاكلينيكية
تهدف إلى تبصير الفرد بذاته وبسلوكه وبدوافعه ومحاولة تخليصه من كل ما هو عالق في ذهنه من المخاوف أو الأوهام أو الصراعات التي تسبب له القلق المستمر. ولابد من الإشارة هنا: إلى ان في هذه المقابلة ينبغي ان لا يفرض الحل فرضاً على المفحوص أو العميل، ويفضل ان يتم العلاج لموقف معين تبعاً لظروف ومعتقدات العميل (السامرائي:2010, 7)
ويجب الاعداد الجيد للمقابلة بحيث يكون المريض مسترخيا واثقا في المعالج بينهما علاقة طيبة مرنة خالية من الشك والخوف.
انواعها المقابلة حسب الهدف: مقابلة المعلومات , المقابلة (الإكلينيكية), والمقابلة الشخصية,
انواع المقابلة حسب الاسلوب المتبع فيها: المقابلة المتمركزة حول المريض, المقابلة
المتمركزة حول المعالج.(زهران:2005, 159)
الملاحظة الاكلينيكية
ان المناحي التجريبية ودراسة الحالة وغيرها تتضمن ملاحظة لما يقوم به الشخص لما في الحاضر , اوقام به في الماضي, وتعتبر الملاحظة العرضية تؤسس قاعدة بسيطة من المعرفة فهي تقود الاخصائي الاكلينيكي الى صياغة فرضية مفادها يمكننا تعزيز اداء المريض الذي يفشل احد فقرات الاختبار التحصيلي سوف تتبعها في الاختبار فقرة اسهل وتعتبر الملاحظة المضبوطة هي التي لها تاريخ طويل في علم النفس الإكلينيكي فقد استخدمت في دراسة المخاوف وتقيم انماط التواصل بين الازواج (ترول:2007, 158-159)
الاختبارات النفسية
تظهر الحاجة إلى استخدام الاختبار كأداة لجمع البيانات عن الظاهرة محل الدراسة عندما يرغب الباحث في مسح واقع الظاهرة أي جمع البيانات المرغوب فيها عن هذا الواقع، أو عندما يرغب الباحث في توقع التغييرات التي يمكن أن تحدث عليه، أو عندما يحلل هذا الواقع؛ لتحديد نواحي القوة والضعف فيه، أو عندما يرغب في تقديم الحلول الملائمة لهذه الظاهرة (عدس، وآخرون، 2003-(النوح:2004, 123)
خطوات المنهج الإكلينيكي
(Analysis)1-التحليل
يعد فهم العميل لتوافقه في الحاضر والمستقبل هو الهدف الأساسي من التحليل والتحليل يحتوي على مؤشرات منها جمع المعلومات والبيانات عن العميل على أن تكون هذه المؤشرات صادقة وعن طريقها يتم تشخيص الاستعدادات والميول والدوافع .
(Synthesis)2-التركيب
يعرف التركيب بأنه تلخيص وتنظيم البيانات الناتجة عن التحليل في صورة تظهر جوانب القوة وجوانب القصور والتوافق وسوء التوافق
وهنا يتضح لنا أن التركيب يهتم بشكل رئيسي بترتيب وتنظيم البيانات التي تم الحصول عليها في مرحلة التحليل بحيث تصبح أكثر فائدة للخطوة التالية
(Diagnosis)3-التشخيص
ويعد التشخيص جانباً من جوانب العلاج وتأتي مرحلة التشخيص بعد التحليل والتركيب فبعد تجميع وتركيب البيانات في المراحل السابقة نستطيع الاستفادة منها في التشخيص.
(Counseling)4-العلاج
في هذه الخطوة يقوم الاخصائي بمساعدة العميل على الوصول إلى أحسن توافق يستطيعه
ويشتمل على وجود علاقة تعلم نحو فهم الذات، ويشتمل أيضاً على المساعدة التشخيصية من جانب الاخصائي للعميل في فهم واكتساب مهارة في استخدام القواعد والأساليب المتبعة
(Follow-up)5-المتابعة
هو ما يقوم به الأخصائي بمساعدة العميل في التغلب على المشكلات الجديدة و يستخدم اساليب عديدة هي:
اولا.رفع المسايرة
تغيير البيئة.ثانيا
ثالثا. اختيار بيئة مناسبة
رابعا. تعليم المهارات التي تدعو إليها الحاجة
خامسا. تغيير الاتجاهات
وهناك عدة طرق يمكن للأخصائي أن يستخدمها في نصح العميل وهي: النصح المباشر: هنا يعرض الاخصائي رأيه بصراحة، وهذا يكون مع العملاء المتمسكين بآرائهم ويريدون رأياً أكثر صرامة وكذلك مع العملاء الذين يعتقدون أن خيارهم يؤدي بهم إلى الفشل
الإقناع: بحيث يعرض على الاخصائي الدليل على أرائه بشكل منطقي
التوضيح: وهي أكثر الطرق إرضاء حيث يشرح البيانات بدقة متناهية
تنفيذ الخطة: بعد أن يحدد العميل قراره يقوم الاخصائي بتنفيذ الخطة وتقديم العون المباشر للعميل مثل تخطيط برنامج التدريب
الاحالة الى الأخصائيين: ليس كل اخصائي يستطيع أن يعمل ويساعد جميع العملاء في كل المجالات لذلك على الاخصائي أن يدرك أنه لديه جوانب قصور وأن يتعرف إلى المصادر التي يمكن أن تقدم العون للعميل، مثال ان بعض الاضطرابات تحتاج الى تداخل دوائي. (حسن:2012, 233-239)
التشخيص في المنهج الإكلينيكي
التشخيص النفسي
فحص الاعراض المرضية واستنتاج الاسباب وتجميع الملاحظات في صورة متكاملة ثم نسبتها الى مرض معين. ويأخذ التشخيص النفسي تحديد المشكلة وحالة المريض النفسية. والاسباب المرضية لما يواجهه من صعوبات والاساليب الممكنة لمواجهة الصعوبات والتغلب عليها والتنبؤ بما يسفر عنة العلاج من نتائج أي سلوك المريض في المستقبل. (عبدالله:2000, 280)
أهداف التشخيص النفسي الإكلينيكي
هدف التشخيص هو الحصول على اساس لتحديد العلاج من خلال معرفة العمليات المرضية ونوع الاضطراب . ويفيد التشخيص الدقيق في الاختيار السليم لطريقة العلاج التي تناسب الاضطراب او المرض .(زهران:2005, 173) وللتشخيص هدفين رئيسيين هما
*هدف علمي معرفي :الحصول على المعلومات والبيانات الغزيرة هو ليس هدفا رئيسيا لعملية التشخيص النفسي في حد ذاته. ولكن الذي يبحث عنه الأخصائي الإكلينيكي والطبيب النفسي, هو المعنى والدلالة التي تنطوي عليها البيانات والمعلومات التي يجمعها عن العميل الا أن غزارة البيانات التي يجمعها الأخصائي تكون مفيدة عندما يخضعها لمعالجته التي يستنبط منها تشخيصه. والعملية التشخيصية تبدأ من الكثرة ( كثرة البيانات والمعلومات ) لا كهدف في حد ذاته. وإنما كنوع من الضمان العلمي لتغطية كافة جوانب الشخصية المطلوب تغطيتها وينتهي الأمر باستنباط الدلالة والمعنى التي تنطوي عليها كثرة البيانات في أقل كم ممكن من التشخيصات التفسيرية. والهدف الذي يسعى لتحقيقه الأخصائي الإكلينيكي هو رسم الصورة الإكلينيكية النهائية للشخصية
. *الهدف التطبيقي :ونعني به العمل على وضع استراتيجية عامة تتضمن خططا قابلة للتنفيذ الفعلي مع الحالة التي يتعامل معها الاخصائي الإكلينيكي . وكلما استطاع الاخصائي تحقيق الهدف الأول بأكبر قدر من الدقة والثراء كانت الخطة التي يرسمها أكثر قابلية للتنفيذ مع الحالة المعنية وكانت فرص نجاحها وفاعليتها اكبر .وتتضمن الخطة اقتراح تغيرات تتراوح بين التعديلات البسيطة في بيئة العميل أو توجيه بعض النصائح لأفراد أسرته أو التوصية بإلحاق العميل بأحد المؤسسات التي تقدم برامج مفيدة للحالة الخاصة به أو حتى التوصية ببرنامج علاجي مكثف يقتضي العزل في مصحة أو دار علاج متخصصة .وإذا لاحظنا تغيرات على شخصية العميل ايجابية تعد بمثابة مؤشر دال على تقدم الحالة واستفادة العميل من البرامج التي وجه إليها
عناصر التشخيص النفسي
1–القدرات العامة والخاصة : وهي تشمل الذكاء وقدرات الفرد الخاصة من قبيل القدرة المكانية والقدرة الحسابية والقدرة اللغوية ..الخ كما يجب أن يغطي الإكلينيكي على جوانب تتعلق باهتمامات الفرد وميوله وإمكاناته واستعداداته واتجاهاته النفسية
2-الخصائص الشخصية :كل ما يكشف عن جوانب القوة أو الضعف فيها سواء من الناحية الجسمية أو النفسية. ومنها. قدراته الجسمية وحالته الصحية وتاريخه الطبي وأيضا سماته كالانطوائية أو الانبساطية أو وجهة الضبط لديه
مراحل التشخيص
1-مرحلة التقويم :وهي تلك المرحلة التي تبنى فيها العلاقة بين الأخصائي وبين العميل وتعد حجر الزاوية في فاعلية التشخيص والعلاج النفسي . وفي هذه المرحلة يستكشف الأخصائي القدرة العامة لدى العميل والقدرات الخاصة بالاعتماد على خبراته السابقة وعلى استخدام مجموعة من الاختبارات والمقاييس النفسية الملائمة.
2-مرحلة دراسة بناء الشخصية : وهنا يتقدم الأخصائي خطوة تجاه جوانب أكثر عمقا في الشخصية ويغطي بيانات على درجة اكبر من الصعوبة من حيث إمكانية الحصول عليها واكتشاف معناها ودلالاتها. ولا يتضمن هذه المرحلة الكشف عن خصائص ومميزات الشخصية وعن نقاط القوة والضعف فيها وحسب وإنما يتعدى ذلك إلى تفسير الكيفية التي يوظف بها الإنسان هذه الخصائص الموجودة بالقوة ليحولها إلى خصائص موجودة بالفعل وهذا يقتضي من الأخصائي العمل على إلقاء الضوء على العوامل التي تؤدي إلى تحسين أو إعاقة الأداء النفسي والاجتماعي لدى العميل ويجب أيضا الكشف عن الظروف التي تزدهر في ظلها إمكانات العميل والظروف التي تتعطل فيها إمكاناته أو تتعاظم فيها إعراضه أو مشكلاته المرضية . ويعتمد الأخصائي على وسائل قياس غير مباشرة من أهمها الاستبيانات ووسائل التقدير الذاتي واختبارات الشخصية والوسائل الإسقاطية ودراسة تاريخ الحالة
3-مرحلة تحليل ومعالجة البيانات واستنباط النتائج : فالمعلومات المتوفرة حتى الآن تحتاج إلى تنظيم وتنسيق يكشف الدلالة والمعنى وراء المسالك الجزئية الظاهرة تحتاج إلى ذلك الفعل الختامي الذي يكشف العلاقة بين المقدمات والنتائج .بين العوامل والمتغيرات المستقلة والمحصلة النهائية. الصورة الإكلينيكية الكلية لشخصية العميل(العاصي والغرير:2011, 37-49)