ومن خلال ما سبق عرضه من مفاهيم التنشئة الاجتماعية يمكن استخلاص السمات التالية كخصائص تتسم بها التنشئة الاجتماعية:
1- التنشئة الاجتماعية عملية تعلم اجتماعي يتعلم فيها الفرد عن طريق التفاعل الاجتماعي أدواره الاجتماعية والمعايير الاجتماعية التي تحدد هذه الأدوار، ويكتسب الاتجاهات والأنماط السلوكية التي ترتضيها الجماعة ويوافق عليها المجتمع.
2- يتحول الفرد عبرها من طفل يعتمد على غيره متمركز حول ذاته إلى فرد ناجح يقدر معنى المسئولية الاجتماعية.
3- هي عملية مستمرة تبدأ بالحياة ولا تنتهي إلا بانتهائها.
4- تختلف من مجتمع إلى آخر بالدرجة ولكنها لا تختلف بالنوع.
5- هي عملية لا يقتصر القيام بها على الأسرة فقط، لكن لها وكلاء كثيرين مثل الأسرة والمدرسة وجماعة الرفاق والمؤسسات الدينية ووسائل الإعلام المختلفة.
6- التنشئة الاجتماعية ليست ذات قالب أو نمط واحد جامد وإنما يختلف نمطها من بيئة إلى أخرى ومن مجتمع إلى آخر، ويرجع ذلك إلى أنها عملية تتأثر بالكثير من العوامل المجتمعة كثقافة المجتمع ونوعيته ( ريف / حضر، بدو/ حضر .. إلخ) والعوامل الأسرية، كالوضع الاجتماعي، والاقتصادي، والثقافي للأسرة، وعدد الأبناء في الأسرة، وحجمها، وترتيب الطفل فيها، واتجاهات الوالدين نحو تنشئة أبنائها، وغير ذلك من العوامل الأخرى.
7- التنشئة الاجتماعية لا تعني صَبَّ أفراد المجتمع في بوتقة واحدة بل تعني اكتساب كل فرد شخصية اجتماعية متميزة قادرة على التحرك والنمو الاجتماعي في إطار ثقافي معين.
8- التنشئة الاجتماعية ممتدة عبر التاريخ.
9- التنشئة الاجتماعيةإنسانية تهتم بالإنسان دون الحيوان.
10- هي عملية تلقائية، أي ليست من صنع فرد أو مجموعة من الأفراد بل هي من صنع المجتمع.
11- هي عملية عامة منتشرة في جميع المجتمعات البدائية منها والمتقدمة .
12- هي عملية نفسية واجتماعية في آن واحدٍ، لا تقتصر على الجانب الاجتماعي فقط، وإنما هي عملية لها جوانب نفسية.
ثالثا: أهداف التنشئةالاجتماعية:
تعتبر التنشئة الاجتماعية بشكل عام من أهم المقدرات التي تعبر عن هوية المجتمعات ومستقبلها وحركتها وفاعليتها، بل هي الموجه الأكثر تعبيرًا عن آفاقها، فعملية التنشئة الاجتماعية ليست ملء فراغ، بل تعد أهم العمليات المسئولة عن الاستفادة من إمكانيات المجتمع وتلبية احتياجاته([14])، وتهدف عملية التنشئة الاجتماعية إلى تحقيق مجموعة من الأهداف، ومنها :
1- أن الهدف من عملية التنشئة الاجتماعية هو إنتاج شخص ذي كفاية اجتماعية، بمعنى إعداد فرد لديه القدرة على التفاعل الاجتماعي الحقيقي مع كل من البيئة الطبيعية والاجتماعية ([15]).
2- تستهدف التنشئة الاجتماعية إلى إدماج القيم الاجتماعية والخلقية في شخصية الفرد، وتكوين ضوابط مانعة لممارسة السلوك اللامقبول اجتماعيا.
3- تسعى عملية التنشئة الاجتماعية إلى خَلٌقِ ما يسمى بالشخصية المنوالية للمجتمع ([16]).
4- تهدف التنشئة الاجتماعية إلى إكساب الفرد أنماط السلوك السائدة في مجتمعه، بحيث يمثل القيم والمعايير التي يتبناها المجتمع، وتصبح قيمًا ومعاييرًا خاصة به، ويسلك بأساليب تتسق معها بما يحقق له المزيد من التوافق النفسي والتكيف الاجتماعي.
5- إكساب المرء نسقًا من المعايير الأخلاقية التي تنظم العلاقات بين الفرد وأعضاء الجماعة.
6- تلقين الأطفال نظم المجتمع الذي يعيشون فيه، منتقلين من التدريب على العادات الخاصة بهذا المجتمع إلى الامتثال لثقافة هذا المجتمع.
7- تعليم الأطفال الأدوار الاجتماعية.
8- تهدف عملية التنشئة الاجتماعية إلى تغيير الحاجات الفطرية إلى حاجات اجتماعية وتغيير السلوك الفطري ليصبح الفرد إنسانًا اجتماعيًا يتعلم أخلاقيات المجتمع الذي يعيش فيه ويتقبل المكانة الاجتماعية التي يحددها له المجتمع ([17]).
9- تهدف التنشئة الاجتماعية إلى تحويل الطفل من كائن بيولوجي إلى كائن اجتماعي قادر على التفاعل من خلال احتكاكه بالآخرين.
10- في المجتمعات التقليدية يكون أحد أهداف التنشئة الاجتماعية ( تأديب) الأطفال، كضمان لازم لبقاء البناء الاجتماعي بنزعته التي تميل إلى الخط الأبوي وعلاقات الاحترام وخصوصًا طاعة الأبناء للوالدين التي تندرج فيها معايير السلوك الواجب اتباعه والرغبة الشديدة من جانب الكبار في خلق اتجاه طبع يتسم بدماثة الخلق في أطفالهم ومن ثم يجعلونهم يكتسبون الشعور بالطاعة والاحترام تجاههم ([18]).
11- تهدف التنشئة الاجتماعية إلى تحقيق عملية الضبط الاجتماعي بالنسبة للمجتمع بشكل عام والامتثال لقواعده وقيمه بشكل خاص، وهذا لا يتم إلا من خلال تبني الفرد لقيم الجماعة وثقافتها من خلال عملية التنشئة الاجتماعية، والتي تتمثل في نقل ثقافة المجتمع إلى الأفراد([19]).
12- تهدف التنشئة الاجتماعية إلى إيجاد وإعداد مواطن صالح يستطيع مواجهة الحياة ومشاكلها، حتى يكون نافعًا في المجتمع ويعمل على تطويره وازدهاره.
ويمكن القول إذا بأن التنشئة الاجتماعية عملية معقدة متشعبة الأهداف والمرامي تستهدف مهام كثيرة وتحاول بمختلف الوسائل تحقيق ما تصبو إليه، ويرجع ذلك إلى أهمية تلك العملية ودورها الكبير في خلق مجتمع خال من الانحرافات الخُلُقِيَّة