جان جاك روسو ( 1712-1778م)
ولد روسو في 28 تموز ( يوليو ) 1712 وماتت امه (بحمى النفاس ) . تعلم روسو القراءة والكتابة وهو في السادسة من عمره ، وكان له ولع شديد بشراء الكتب وقراءتها ، وكان يحب الرياضة والتجوال في الغابات والمزارع فيجيد فيها لذته، وتميز بخيال حاد ، وعاطفة قوية ، بدا حياة التشرد وهو في السادسة عشرة من عمره.
ذهب روسو الى باريس عام 1741 م وتزوج من خادمة الفندق ، تلك الفتاة الجميلة البلهاء ، فاتخذها رفيقة له زهاء ست وعشرين سنة ، نجبت خلالها خمسة اولاد ، سلمهم الى ملجأ اللقطاء رغبة في الحرية والخلاص من كل قيد .
تأثر روسو اراء المفكرين قبله : فولتير ، وبيكون ، وكومنيوس ، وديدرو ، وبوسيه ، وبوب ، وديغو ، وبوفون ، ولوك ، ومنتيني وغيرهم من المفكرين الغربيين ، وجميعهم متأثرين للمفكرين الاسلاميين وللفكر الشرقي الاسلامي الذي تمثل وهضم واحتوى ضمن اطاره افكار اليونانيين والرومان والشرق القديم .
ساهم روسو عام 1749 م يبحث للمساهمة في مسابقة موضوعها – هل ادى تقدم العلوم والفنون الى افساد الاخلاق او اصلاحها ؟ – حيث كان بحثه هذا نقطة انطلاقة وشهرته ونشاطه .
ونشر روسو رسالته عام 1755م في ( الاقتصاد السياسي ) يقرر فيها ان الدولة مسؤولة عن تحقيق السعادة لجميع افرادها . فظهر كتابه ( العقد الاجتماعي ) عام 1762 م يندد بالرق والتفاوت الطبقي بين الناس ، وينادي بان هدف اي نظام سياسي او اجتماعي هو ان يكفل للانسان حقوقه وحريته ومساواته بالاخرين ، ودعا الى النظام الجمهوري وعد هذا الكتاب ( العقد الاجتماعي ) كتاباً مقدساً للثورة الفرنسية .
وقد حارب روسو النظم السياسية القائمة انذاكلمنافاتها للطبيعة ، ودعا الى نظام يقوم على الايمان بالانسان وبحريته وحقه في الحياة الكريمة ، فالانسان بطبعه يحب العدل والنظام .
ويعد كتاب ( اميل ) باجزائه الخمسة الاساس للفكر التربوي الذي بشر به ( روسو) واختص الكتاب الخامس بتربية البنت .
وجسد ( روسو ) طبيعة الانسان في كتابه ( الاعترافات ) فكان ايمنا في شجاعة وقحة ، فلم يخف خطيئة من الخطايا التي ارتكبها فقال (( اذا لم اكن احسن من غيري …. فانا على الاقل مختلف عنهم )) .
ودعا روسو الى وجوب ان يرجع الانسان الى الطبيعة وناك يتفق الناس بعقد اجتماعي على اقامة مجتمع عادل يرضى به الجميع ، ويشكلون حكومة تمنح الجميع كل الحقوق ، فتقوم سيادة الشعب ، وتنظم امور الدولة .
وقصد ( روسو ) بالطبيعة ذلك العالم الواقعي الذي يعيش فيه المرء خبرات ذاتية حية وفقاً لميوله وطبيعة تكوينه ، دون اية عقبة خلقية ، او اجتماعية قبلية من شأنها ان تفسد الانسجام بين الانسان والطبيعة واكد ( روسو) ان يعيش الانسان في تواؤم مع الحياة الطبيعية .
اغفل ( روسو ) امر العقل ، وحقر شأن الفكر :
فيقول : لو ان الطبيعة كتبت للناس ان يكونوا سعداء لحق لي ان حال التفكير مجال مناقضة للطبيعة ، وان الرجل الذي يفكر انما هو حيوان فسد مزاجه ، وهذا يؤكد نظرته للتكوين الانساني نظرة حيوانية جسدية .
ويرى ( روسو ) ان العقل هو مصدر تعاسات الانسان كلها ، وليس هو قوة استطاعة الكمال ، وان الحيوان هو المثل الاعلى للمخلوق الحي الطبيعي ، واليه ارتقيت نظرة الانسان الاولى .
ويدين ( روسو ) بحرية الانسان المطلقة التي لا يحدها نظام ، ولا يهذبها قانون ولا خلق ما دام مصدره العقل والفكر ، ويدين بالوراثة للطبيعة الام ، فالانسانيولد ، وتولد معه حريته ، ويعيش على وفق ما تمليه عليه دوافعه ورغباته ، لا يعوقه عائق ، ولا يهذب من سلوكه شيء ، بذا تتحقق سعادته ، فالانسان يتصرف بمحض الفطرة الغريزة ( وللتخلص من اثار البيئة السيئة يجب النزوع نحو الطبيعة الانسانية الاولى المثل الاعلى ) .
وهاجم ( روسو) الحياة الاجتماعية بنظمها السائدة انذاك ، لانها تقوم على عدم المساواة المخالف لحياة الطبيعة الاولى ، وبذا يحبذ الفردية والعزلة الى ان يتحقق العقد الاجتماعي بين الناس .
ويقول ( روسو) بخيرية الطبيعة الانسانية ، فالانسان خير بطبعه ، وبحكم تكوينه ، فهو يتصرف بانسجام مع الطبيعة ، لقد زودته الطبيعة بالغرائز والرغبات وفتحت امامه مجال اشباعها ، فهو حين يشبعها تتحقق سعادته فيتحقق خيره ففطرة الانسان خيره طالما كانت في توافق مع الطبيعة .
ويرى ( روسو ) ان المرا’ لا تملك رجاحة العقل ولا حدة في الذكاء ، وهي لا تملك اكثر من قوة التناسل ، فهو لا يقرر المساواة بين الرجل والمراة او الذكر والانثى .
وتعرض ( روسو ) لوجهات نظر الاخرين فيقول و . ج .ك كالستر في كتابه نشأة الحرية ان ( روسو ) مؤسس الفلسفة الطبيعة ، طبيعة انسانية تحكمها الرغبات الجسدية . وتتمتع بحرية مطلقة ، يفسدها المجتمع ، خيره بحكم الوراثة ، اولى بها ان تعيش بمعزل عن المجتمع ، يتميز فيها نوع الذكر عن نوع الانثى .