قدم عالم النفس كارول روجرز نظرية في الارشاد النفسي تركز على (مفهوم الذات) لدى المسترشد ، إذ يرى روجرز ان الذات عبارة عن مجموعة من الافكار والمعتقدات والتصورات لدى الافراد حول ذاتهم (كيف يقيمون انفسهم) والعالم الخارجي من حولهم (هل هو عدائي ام طيب؟) ، ويشير روجرز ان مفهوم الذات يتشكل خلال عملية التنشئة الاجتماعية في ضوء رعاية الوالدين للطفل ومدى تقديم حبهما له من غير شروط ، فضلا عن ذلك يتكون مفهوم الذات من خلال الخبرات التي يتعرض لها خارج المحيط الاسري (المدرسة ، الشارع ، المؤسسة التي يعامل بها ، ثقافة المجتمع) .
ويرى روجرز ان الانسان يتكون لديه بموجب التنشئة الاجتماعية والخبرات مفهوم شعوري واحيانا لا شعوري حول ذاته ، وفسره ذلك من خلال مجموعة من المفاهيم المهمة في نظريته ، التي تتمثل بـ :
- الكائن العضوي : حيث ان الفرد عندما يأتي الى هذا العالم يكون مجهز بمجموعة من القوى والاستعدادات الجسمية والعقلية والنفسية مثل الذكاء والمزاج والدوافع والانفعالات ، وهي تساعد الفرد على التكيف مع البيئة وتحقيق ذاته واهدافه.
- الخبرة : المعارف والمهارات التي يكتسبها الفرد من والديه ومعلميه واصدقاءه والمجتمع ككل .
وبهذا فأن هذان المفهومان لهما علاقة قوية بتشكيل فهم الفرد لذاته ونمو وتفتح قابلياته او قد تتم اعاقتها والتوجه نحو الاصابة بالاضطراب النفسي ، إذ ان امكانيات الفرد وما يواجهه من خبرات واحداث ولا سيما في مرحلة الطفولة تشكل شخصية الفرد والافكار والمعتقدات حول ذاته ومدركاته الخاصة حول البيئة الخارجية (المجال الظاهري) ، إذ يعتقد الفرد الذي يكون نموه وادراكه لذاته سليما بانه ذكي وقوي وشجاع ولديه القدرة على النجاح والسيطرة على البيئة والوصل الى ما يرغب في تحقيقه ، في حين يدرك الفرد الذي يكون نموه مشوها بانه عاجز وخائف وغير محظوظ وان القدر يتحكم بنتائج افعاله ، وبهذا يوصي روجرز باننا اذا اردنا ان نحلل شخصية أي فرد ونحدد مشكلته فانه علينا ان نكتشف فهمه لذاته (كيف ينظر الى نفسه؟ وكيف ينظر الاخرون اليه من وجهة نظره الخاصة؟) وكيف يرى العالم الخارجي؟ (عدائي – تنافسي – ظالم)
فضلا عن ذلك أكد روجرز على مفهوم الذات المثالية التي عرفها بتصوُّر الفرد لما يحب أن يكون عليه مظهره وسلوكه بمقارنة نفسه بأشخاص مثاليين وأشياء مثالية رُبَّما يكون من المستحيل تحقيقها ، ويشير روجرز ان الفرد كلما ابتعد عن ذاته الواقعية واتجه نحو الذات المثالية فان الفرد مهدد بالاضطراب النفسي وسينشأ شخصيا نرجسيا وغير عقلانيا في حين كلما كانت ذاته المثالية والواقعية منسجمة فان الفرد سوف يتوجه نحو السواء وسيحقق اهدافه طموحاته.