التشابك العصبي (الوصلة العصبية) Synapse

      كيف يتم نقل الاستثارة العصبية من خلية عصبية إلى أخرى؟ أو بالأحرى كيف يتم نقل الاستثارة من أعضاء الحس إلى المخ ثم من المخ إلى أعضاء الحس؟ .

     يتكون الجهاز العصبي كما ذكرنا من بلايين الخلايا العصبية التي تترابط مع بعضها البعض بشكل معقد للغاية ولكن بفضل هذا الترابط يتم تنسيق وتنظيم الفعاليات الحيوية المختلفة التي يقوم بها أعضاء الجسم ، وكذلك تنظيم علاقة الإنسان بالمحيط الخارجي ، أن لغة الاتصال إن صحَّ التعبير بين هذه البلايين المتعددة من الخلايا العصبية هو الحافز العصبي. فعندما يلمسُ جسمك شيئاً حاراً أو بارداً يذهبُ أحساس خاص إلى مراكز معيَّنة في قشرة الدماغ عن طريق أعصاب خاصة فتحس بالحرارة أو البرودة ويكونُ هذا الإحساس في الدماغ وليس في الجلد، وهذا الشيء الذي بدأ من الجلد ووصل إلى هذه المراكز في الدماغ هو الحافز العصبي. فالحافز العصبي هو نبضة كهربائية تسير بسرعة كبيرة بمحاذاة غشاء المحور العصبي.

    يتولد الحافز العصبي في أغشية الشجيرات أو غشاء جسم الخلية العصبية ثم يسري على شكل موجة من التغيرات الكهربائية بسرعة كبيرة بمحاذاة غشاء المحور لكي يصل إلى نهايات تفرعاته ، والتي تسمى التفرعات النهائية وهناك يتلاشى، ولكن قبل أن يتلاشى يؤدي الحافز العصبي إلى إفراز بعض المواد الكيميائية التي تعمل على تحفيز الخلية العصبية التالية عن طريق منطقة التشابك العصبي (الوصلة العصبية) (الختاتنة وأخرون،2010).

    تُكوِّنُ خلايا التشابك العصبي حوالي 99% من الخلايا العصبية في الجسم ، وهي موجودة في الجهاز العصبي المركزي، وتقوم هذه الخلايا بالربط بين العصبونات الحسية مع العصبونات الحركية فهي تقوم بالاستقبال والمعالجة وإرسال التنبيهات حول الجسم. أن كل خليةٍ عصبيةٍ تتصلُ على الأقل بخلية عصبية أخرى وفي أغلب الأحيان بعدد كبير من الخلايا العصبية، ومحور الخلية العصبية يمكن أن يتصل بشجيرة أو بجسم خلية أو محور خلية عصبية مجاورة أو بخلايا عضلة أو غدة أو عضو، وعند نقطة الاتصال بين خليتين توجد ثغرة صغيرة يصل إتساعُها إلى حوالي 18 جزء من مليون من البوصة تسمى المشتبك العصبي أو الوصلة العصبية ومن المعتقد أن يكون لدى الإنسان حوالي (100) ترليون وصلة عصبية في مخه.

    ويوجد انتفاخٌ بسيط عند طرف كل فرع من التفرعات النهائية في نهاية المحور ومعظم هذه النهايات تحتوي على أكياس صغيرة تسمى (حويصلات الوصلة العصبية) والتي تحوي مواداً كيميائية تسمى (الناقلات أو المرسلات العصبية أو الموصلات الكيميائية) وبمجرد وصول  النبضة العصبية (الحافز العصبي) إلى هذه المنطقة تُفرزُ تلك المادة الكيميائية وتُصبُّ في الثغرة الفاصلة بين الخليتين (التشابك العصبي) وتُنتقلُ إلى جسم الخلية العصبية المجاورة عبر الغشاء السطحي لها فتثير فيها النشاط العصبي المطلوب ، وتختلفُ طبيعة وخواص تأثير تلك المواد الكيميائية حسب اختلاف وظائف الخلايا العصبية (سواء كانت خلايا عصبية حسية أو خلايا عصبية حركية).

   وهنالك مجموعة من العوامل تؤثر على عملية التوصيل في الاشتباك العصبي ، فالبعضُ منها يزيد من فعاليات الاشتباك ، والبعض الآخر يُقلل من فعالية الاشتباك ، ومن العوامل التي تُزيد من فعاليات الاشتباك العصبي هي (تفاعل الدم) الذي يميل إلى القاعدي الخفيف ولكن إذا إزدادت شدة التفاعل القاعدي فإنها قد تؤدي إلى نوبة تشنج عضلي . وكذلك المنشطات أو المنبهات مثل الشاي والقهوة والكاكاو، في حين أن قلة نسبة الكالسيوم في سوائل الجسم تُزيدُ كثيراُ من قابلية العصبة للتهيج، والتوتر العصبي يؤدي إلى تقليل مستوى الحد الأدنى اللازم لتوصيل الرسائل العصبية، لذلك فإن اضعف المنبهات تؤدي إلى توصيل النبضات العصبية. أما العوامل التي تقلل من فعاليات الاشتباك العصبي فهي تفاعل الدم الذي يميل إلى الحامضي، والأدوية المنومة والمخدرة والتخدير الموضعي، وزيادة كمية الكالسيوم في سوائل الجسم، وقلة نسبة البوتاسيوم تقلل من قابلية العصبة للتهيج، وقلة الأوكسجين الذي يُقلِّلُ من قابلية العصبة للتهيج وذلك لأن العصبة تحتاج إلى كمية كبيرة من الأوكسجين، وإن انقطاع الأوكسجين لمدة قصيرة (3-5 ثانية) ولأي سبب فإنه يؤدي إلى الإغماء، وكذلك فإن التعب في الاشتباك العصبي يؤدي إلى قلة فعالية الاشتباك، حيث ينشأ التعب في الفاصلة العصبية بسبب استهلاك الناقلات الكيميائية والتي يتم تعويضها وقت الراحة، وذلك لتكرار حدوث المنبه بأعداد كبيرة وبسرعة أكثر من الحد الطبيعي للعبور مما يُقلِّل عدد النبضات العابرة إلى العصبة المجاورة بالتدريج (الأمير،2002).

x