التعريف بعلم الاجتماع

أولاً: مفهوم علم الاجتماع

تعريف العلم: يعتبر علم الاجتماع أحد العلوم الاجتماعيةSocial Sciences  التي تعنى بدراسة السلوك الانساني، ويختص بدراسة وتحليل الظواهر والعلاقات الاجتماعية التي توجد بين الافرادIndividuals    والمجموعات  group التي ينتمون اليها وبين المجموعات بعضها البعض.

     وقد اشتق العالم اوجست كونت Conte كلمة Sociology عام 1839 وكان ينوي تسمية هذا العلم الجديد بالفيزياء الاجتماعية Social Physice لكنه تخلى عن هذه التسمية بعد أن نشر الباحث البلجيكي أدولف كتيلية Quetelet دراسات احصائية عن المجتمع دعاها بالفيزياء الاجتماعية، وهذه الكلمة Sociology  مزيج من اللاتينية واليونانية تنقسم إلى شقين، مقطع Socio ويشير إلى المجتمع ومقطع Logy يشير إلى الدراسة ذات المستوى الرفيع من حيث الدقة والعمق، ومن ثم فإن الكلمة مجتمعة تعني –اشتقاقا- دراسة المجتمع بدرجة عالية من التعميم والتجريد.

    فالإنسان منذ خلقه اجتماعي بطبعه يعيش مع الافراد من بني جنسه في مجتمعات بشرية ومجتمعات مختلفة أخذت صوراً متعددة على مر العصور.

لماذا ندرس علم الاجتماع؟

    قد يتساءل المرء منذ الوهلة الاولى لماذا ندرس علم الاجتماع أو بمعنى آخر ما هي فائدته والقيمة من وراء دراسته؟ ونحن في الواقع لو امعنا النظر في حياتنا اليومية العادية لوجدنا أنفسنا وسط كم هائل من التساؤلات تطرح نفسها من خلال ما نشاهده يومياً من اشياء وظواهر وما نسمعه من اخبار وشائعات ودعايات قد تثير دهشتنا وحيرتنا في كثير من الاحيان، بل وتجعلنا في موقف لا نستطيع أن نكون لأنفسنا فيه إجابات شافية لها، ومن هنا تزداد حيرة الانسان ودهشته خاصة إذا ما كان يتلقاه من إجابات وتفسيرات غير كافية أو مقبولة لتبرير ما يحدث حوله أو يشاهده من ظواهر ويجد الانسان نفسه جاداً في سبيل البحث عن طبائع الاشياء وحقيقتها و ما يكمن خلفها من علل حقيقية فعلية متحملاً المشاق ومكابدة الصعاب والتحديات سعياً وراء الوصول إلى معرفة الحقيقة، خاصة وأن ما يشاهده الانسان ويستلفت انتباهه لا يقع اساساً الا على خشبة مسرح المجتمع.

وهنا يتجلى لنا سؤال آخر لماذا دراسة المجتمع بالذات؟

   والإجابة على ذلك تتضح في أننا نرى الاشياء لا نحبها ونرغب في معرفة الاسباب لظهورها ووقوعها، وما إذا كانت ضرورية أم غير ضرورية آملين من وراء ذلك القضاء على تلك الاسباب وتغيير العالم.

وكثيراً ما يتضح أن الأشياء التي نشاهدها ليست هي الواقع كما يبدو لنا وأن ما هو صادقاً في ظل ظروف معينة ليس صادقاً في ظل ظروف أخرى.

   لذلك فعلم الاجتماع لا يتطرق إلى دراسة الإنسان إلا من حيث كونه (كائناً اجتماعياً) وهو مهيأ بطبيعته للحياة في المجتمع، و لا يتصور نظرياً وعملياً أنه قادراً على الحياة بغير مجتمع بل أنه يستمد انسانيته من المجتمع أو بمعنى آخر أكثر دقة أن المجتمع الإنساني هو الذي يجعل من الكائن الحي “الإنسان” إنساناً بالمعنى الحقيقي للكلمة وتحمل الصعوبات في محاولة فهم الإنسان ككائن اجتماعي –ليس ثابتاً- بل متغير باستمرار يعيش وسط عالم متغير لا سيطرة له عليها سيؤدي بنا إلى إزالة التناقض المدمر بين رغبة الإنسان وقدرته على السيطرة على بيئته الخارجية من ناحية ومعرفته بنفسه وقدرته على السيطرة عليها من ناحية أخرى.

    فنحن اليوم في أشد الحاجة إلى فهم أنفسنا من أي وقت مضى في ظل عالم يموج بتغيرات سريعة متلاحقة، وفي ظل ما يسمى بالمجتمع الدولي أو المجتمع العالمي الجديد. فنحن نريد أن نفهم أنفسنا كبشر تقوم حياتهم على الحياة المشتركة المنظمة باعتبارها السبيل أمام الانسانية إذا ما أردت أن تعيش وتتقدم.

وهناك تعريفات عديدة لعلم الاجتماع، فقد حاول عديد من علماء الاجتماع تعريفه بطريقته الخاصة نستعرضها فيما يلي:

تعريف أوجست كونت: ويظهر معنى علم الاجتماع عند كونت على أنه “العلم النظري المجرد للظواهر الاجتماعية”.

ولم يقدم “هربرت سبنسر” أي تعريف شكلي لهذا العلم، بل كان هذا العلم بالنسبة له “هو الذي يدرس الظواهر فوق العضوية أو التطور فوق العضوي بتغيير أكثر دقة”.

ولم يقدم “هربرت سبنسر” أي تعريف شكلي لهذا العلم، بل كان هذا العلم بالنسبة له هو الذي يدرس الظواهر فوق العضوية أو التطور فوق العضوي بتغيير أكثر دقة.

أما علم الاجتماع عند “دوركايم” فهو دراسة الظواهر الاجتماعية ويرى أنه دراسة تجددت طبيعتها من خلال موضوعها.

وكان تعريف “ماكس فيبر” ينطوي على قدر كبير  من الغموض لأنه عرفه بأنه دراسة الفعل الاجتماعي الذي يتضمن معنى ذاتياً، وعرفه أيضاً بأنه دراسة الفعل الاجتماعي النموذجي، وكان يميل إلى الأخذ بالتعريف  الثاني.

وفي رأي “جيد نجز” أن علم الاجتماع هو محاوة وصفية تاريخية لتفسير المجتمع ىبالنظر اليه كواقع ملموس وهو علم عام يدرس كافة فئات الظواهر الاجتماعية ويركز على السمات المشتركة بين الظواهر الفرعية.

    من جملة التعريفات السابقة وغيرها يتضح أن علم الاجتماع لا يهتم ببناء الجسد الانساني أو بوظائف أعضائه أو بالعمليات العقلية في حد ذاتها بل هو يهتم بما يحدث عندما يقابل الانسان انساناً أو عندما يتفاعلان ويتعاونان أو العكس يتنافسان ويتصارعان، ومهما كانت هذه العمليات الاجتماعية التي تقوم بين الانسان وغيره من البشر، فوحدة الدراسة السوسيولوجية ليست على الاطلاق فرداً واحداً، ولكنها تتمثل على الاقل في فردين يكونان معاً علاقة بشكل ما.

    مما تقدم يتضح أن علم الاجتماع هو أحد العلوم الاجتماعية وهو عبارة عن مجموعة العمليات والظواهر الاجتماعية التي توجد بين الافراد والجماعات التي ينتمون اليها، وبين المجموعات في مختلف صورها وذلك على اساس البحث العلمي المنظم.

يعد أوجست كونت أول باحث يستخدم مصطلح “علم الاجتماع”Sociology  فى الإشارة إلى هذا العلم المتعلق بالارتباطات والتجمعات البشرية. وكلمة “سوسيولوجي” Sociology  مشتقة من الأصل اللاتينيSocius  (وتعنى التجمع أو الارتباط) والكلمة اليونانية Logus (أى نظرية العلم), لتصبح نظرية أو علم مجتمع الارتباطات أو التجمعات الانسانية Theory or Science of Human Association Society . فقد كان كونت يرغب فى وضع علم مجتمعي يساعد فى ترسيخ ودعم القوانين الاجتماعية التى كان يرى أنها تضبط عملية التطور والتغير.

مما سبق, يمكن القول بأن علم الاجتماع هو الدراسة العلمية للمشاهد الاجتماعية للحياة الانسانية. فضلا عن ذلك, فإن علم الاجتماع هو مجموعة من المعارف المتعلقة بالتفاعل البشرى والمتمثلة بواسطة الأسلوب العلمى. والتفاعل الذى يعينه هنا هو عملية الاتصال المتبادل بين شخصين أو أكثر من خلال شكل من الإثارة والاستجابة لها. وعلى هذا, فإن علماء الاجتماع مهتمون بالإنسان الكائن فى المجتمع وبالجماعة الإنسانية. ومن واقع هذه التعريفات, يمكن النظر لعلم الاجتماع على أنه دراسة المجتمع البشرى والسلوك الاجتماعي ودراسة العلاقات الاجتماعية بأشكالها المختلفة.

x