الثقافة والطبيعة الانسانية

تجري عادة المفكرين على المقابلة بين مفهومي الطبيعة والثقافة وتعد هذه المقابلة تطويرا لمفهوم التعارض القديم بين الانسان والحيوان .

ان ظهور الحياة البيولوجية يشكل معطى من معطيات الوجود الطبيعي للإنسان وبالتالي فان ظهور الحياة الاجتماعية الثقافية لم يكن على حد تعبير سلفادور جيني سوى مرحلة من مراحل تطور الانسان البيولوجي والانسان هو الوحيد الذي استطاع ان يطور حياته البيولوجية نحو افاق ثقافية اجتماعية وهذا يعني ان الحياة الاجتماعية تتضمن جانبا بيولوجيا .

فالناس يعيشون في اطار الثقافة , ليس لانهم اناس فحسب بل لانهم كائنات حية والانسان يستطيع دون شك ان يكمل بين جوانب حياته البيولوجية والاجتماعية في اطار نماذج ثقافية محددة .

ولابد للتمييز بين المجتمع الحيواني , والمجتمع الانساني من ابراز سمة الثقافة , وهي سمة خاصة بالإنسان تختلف عن طبيعة البيولوجية الفطرية , وبالتالي  فان كل ما يقوم به الانسان بعيدا عن تأثير حياته البيولوجية يقع في اطار الثقافة , فعندما اكتب باللغة العربية فان ذلك لم يكن مسجلا في فطرتي البيولوجية فاللغة هنا عنصر ثقافي يتمايز عن عناصر الوجود الطبيعي للإنسان , وباختصار يمكن القول بان الطبيعة كل معطى تخضع وظائفه وبنيته للتغير الجوهري وعلى خلاف ذلك تعد الثقافة نتاجا للفعل الذي يحدثه الانسان في اطار الواقع عبر ادواته المحددة , وهي على حد تعبير هرسكوفتش ( ما يصنعه الانسان في البيئة ).

بنية الثقافة

يمكن النظر الى الثقافة بوصفها نظاما متكاملا من العناصر الثقافية , وتتميز الثقافات الانسانية فيما بينها بمستوى التعقيد الثقافي ودرجته , والثقافة المعقدة هي الثقافة التي تتكامل فيها السمات الثقافية لتشكل وحدة ثقافية مستمرة عبر اطاري الزمان والمكان وفي هذا الصدد يميز سروكين بين ثلاث مستويات تركيبية في بناء الثقافة وهي :

1-     القيم والمعايير والتصورات الاجتماعية .

2-     الوسائل الفيزيائية التي تجسدها .

3-     الكائنات الانسانية التي تنتجها وتوظفها في اطار العلاقات الاجتماعية القائمة , فالسوط هو اداة فيزيائية ووسيلة للاستغلال الطبقي في العصر العبودي , وهو يرمز اليوم الى معنى الذل والعبودية ويشير الى السلطة .

x