الجندر في الإسلام

الجندر أحد المصطلحات الغامضة والمريبة التي أطلت علينا من أروقة الأمم المتحدة وهو أحد المصطلحات التي تستخدمها النسويات بكثرة، والسعي نحوه أحد أهم بنود وثيقة إلغاء كافة أشكال التمييز ضد المرأة، وهو يعني ببساطة النوع الاجتماعي الذي يختلف أو يتفق مع النوع البيولوجي، بمعنى أن الإنسان لا يولد ذكر أو أنثى بل يصبح كذلك من خلال التنشئة الاجتماعية، وهو ما يحاربونه بحيث يكون الإنسان حرًا في اختيار نوعه ومن ثم في الوظائف التي يقوم بها، وبالتالي يحاربون الأسرة الطبيعية ويطلقون عليها الأسرة النمطية ويفتحون الباب لكل صور الشذوذ الممكنة.

النسويات العربيات لا يستطعن مواجهة الشعوب بهذه الأفكار الشيطانية فيدّعون أن الجندر هو النظر للذكر والأنثى باعتبارهما إنسانا وليس بحسب هويتهما الجنسية، وأصبح مصطلح الجندر الإسلامي يعني في نظرهم الكفاح المشترك للرجل والمرأة بحسب الإسلام، وهو خداع واضح لتسريب هذه المفاهيم الخطيرة.

حرب النسوية 

 النسوية الإسلامية والجندر الإسلامي مصطلحات خطيرة يتم الترويج لها  لإقناع المسلمين والمسلمات أن ما جاءت به النسوية الغربية هو عين مايدعو إليه الإسلام، وبالتالي فلا يوجد ما يدعو لمقاومة أو نقد النسوية فهي مجموعة من الأفكار الإنسانية الراقية التي تتطابق مع جاء به الإسلام، وتتزعم هذه الأطروحة عدد من المستشرقات اللاتي قمن بصك المصطلح من أجل القبول به وترويجه في البلدان الإسلامية! بحيث تضيف كلمة إسلامي هذه ارتياحا نفسيا وجواز مرور داخل المجتمعات الإسلامية فلا تلقى هذه الأفكار النكدة المقاومة التي كانت تقابلها عندما تسعى في زحفها لهزيمة الذات الحضارية للأمة.

إنهم يسعون لعملية تفكيك داخلية بحيث لا تلقى عملية التفكيك تلك أي مقاومة، فليس العدو هو من يحاول تفكيكك وإنما أنت من تقوم بتفكيك نفسك ذاتيا.

برجماتية مريضة

إنهن يفعلن أي شيء من أجل نشر فكرهم المريض حتى لو أدى بهم الأمر إلى تملق الدين الذين لا يؤمنون بأي دور له في الحياة.

إنهم يعشقون العلمانية ويرون أنها الشكل المثالي للحياة ولكنهم وعلى الرغم من ذلك لا يرفضون التماهي مع ما يطلق عليه الإسلام السياسي واستخدام أدواته كما يفهمونها من أجل الوصول لأهدافهم إنهم يستخدمون هذا التماهي كبداية وفتح ثغرة. (وبالنظر إلى الواقع الاجتماعي والسياسي الحالي في العالم الاسلامي فمن الممكن النظر إلى النسوية الاسلامية باعتبارها بداية أكثر واقعية وقربا لتحقيق إصلاح في العلاقات بين الجنسين، ليس فقط كطريق استراتيجي لنيل شرعية دينية في مواجهة رجال الدين المسلمين، وإنما أيضا لأنها تصلح لإضعاف مقاومة الرأي العام وجعلها في أضيق نطاق، وبالتالي توسيع القاعدة الداعمة للنضال من أجل حقوق المرأة في المجتمعات المسلمة). ( 1)

بصيغة أخرى إنهن يبجلن الإسلام من أجل هدم الإسلام ودون أن يُتهمن بالخيانة والعمالة للغرب (بل قمن بصياغة العديد من المقترحات لإصلاح الوضع، ولكن بنفس اللغة وداخل نفس الإطار الديني.

ويمكن لصوت النسوية الاسلامية أن يتحدى الخطاب السائد في النظم الإسلامية، والاستراتيجية المتبعة في ذلك هي استخدام الأوصاف الاسلامية كسلاح ضد المسؤولين عن إطلاق هذه الأوصاف، أي النظام الإسلامي.

وبهذه الطريقة يتحدين التأويلات المعادية للنساء في النصوص الأساسية في الإسلام، ويقمن بتفكيكها في الوقت نفسه. وعندما يؤكدن هويتهن الدينية والقومية، يستطعن نفي أي اتهام لهن بـ” الخيانة الثقافية”). ( 2)

منهجية الهدم

وحتى تتم عملية التفكيك الداخلية هذه للذات الحضارية المسلمة فإنه يتم الترويج لعدد من الأفكار الهدامة واستخدامها كآليات للتفكيك ومن ذلك:

ـ الاعتماد على القرآن الكريم فقط كمصدر وحيد للتشريع بزعمهم ويشككون في السنة النبوية ولا يعتمدون عليها في منهجهم المعرفي وهذه الدعوة لاستبعاد السنة النبوية لم ترتبط بهؤلاء النسويات المستشرقات فحسب وإنما هي الدعوى التي استخدمها الكثيرون لهدم الإسلام عن طريق استبعاد المصدر الثاني للوحي الذي يشرح ويوضح ويطبق ما جاء في المصدر الأول.

ـ  يرفضون جميع التفاسير ويصفونها بالتقليدية وإن كان هذا الرفض يقوم على برجماتية واضحة من خلال اختيار بعض التفسيرات أحيانا أو الاستعانة بأسباب النزول في أحيان أخرى.

– اعتبار القرآن الكريم كتاب تاريخي والاهتمام الشديد بأسباب النزول بحيث يتحول القرآن لعدد من الوقائع الخاصة التي لا تتفاعل ولا تخص إلا أصحابها فقط.

ويتحول القرآن لكتاب تاريخي بلا أحكام شرعية.. كتاب روحي فيه عدد من القيم الخلقية وبعض النظرات التأملية ليس أكثر ويفقد قدرته على الدفع وعلى التفاعل وعلى التغيير.

ـ النقد الحاد للفقه والفقهاء وتتبع أي عثرة لهم كما لو كانوا كهنة صكوك الغفران.. قوم لا خلاق لهم قاموا بمؤامرة بشعة من أجل هدم أحكام الإسلام واستبدالها بآرائهم الخاصة وتقاليدهم البالية.

ـ أما النقطة الأهم فهي استخدامهم المنهج اللغوي في تحليل القرآن ودعوة العامة لذلك أيضا فإذا نظرنا للأغلبية الساحقة منهم وجدنا أن العربية ليست لغتهم الأم وهم لم يدرسوها الدراسة اللازمة والكافية فكيف يجرؤون على اقتحام مجال التفسير!

ثمة فارق شاسع بين التدبر والتفسير.. وبطريقتهم لاقتحام التفسير سوف نصل لنتائج لا نهائية من التفسيرات وفقا للهوى الشخصي ونسقط في فخ النسبية المطلقة التي تقود للعدمية كمدارس نسوية ما بعد الحداثة. 

تقول إحداهن: (إن حقوق المرأة بترت بسبب غلبة المنظور الذكوري لعدة قرون، فقد شاع تفسير معين لآيات القرآن الكريم لم يكن دائماً كاملاً ودقيقاً، بل كان متأثراً بذلك المنظور الذكوري. ولهذا تدعو النساء لأن يجهدن أنفسهن لقراءة القرآن الكريم مجدداً من منظور أنثوي بقصد الدفاع عن حقوقهن). ( 3)

وهاهي أخرى تطبق ما فهمته أو أرادته من التفسير حيث ( انتقدت النزعة الذكورية بحصر الشهادة في جريمة الزنا والاغتصاب بالذكور، ولاحظت أن تطبيق المعايير القرآنية للشهود في حالة الزنا قد انحرف بفعل الثقافة الأبوية ليلحق الأذى بحقوق النساء). (4)

الجدير بالذكر أن هؤلاء المستشرقات النسويات يسعين بالفعل لوضع خطط عملية على الأرض من أجل اقتحام المجتمعات المسلمة متسلحات بتوقير الدين والإسلام كعنوان حتى يحطمن مقاومة الشعوب فهل ننتبه لهن ونسعى لتفكيك وهدم مخططاتهن؟.

x