الضوابط غير الرسمية

وبجانب الضوابط الرسمية توجد العادات والتقاليد والدين والتربية والرأي العام، وهذه الضوابط تعمل بصورة مباشرة في المجتمع، وتتم من خلالها ممارسة الضبط الاجتماعي ضمن المعايير المحددة في العرف والتقاليد والقانون، والتي تعمل بدورها على وجود علاقات منظمة في الحياة الاجتماعية لتحقيق الاستقرار والطمأنينة عند الأفراد. ومهما اختلف علماء الاجتماع حول فهمهم لوسائل الضبط الاجتماعي فهي اختلافات ليست جوهرية؛ لأنه ليس هناك خلاف يذكر بين الوسائل المنظمة وغير المنظمة سواء كانت رسمية أو غير رسمية.

ولكل جماعة من الجماعات مجموعة من الطقوس والرسميات والضوابط التي يمارسون من خلالها حياتهم الاجتماعية، وذلك لضمان التزام الأفراد بقيم واتجاهات وأهداف المجتمع وضمان ضبط السلوك الفردي والجماعي، وتتمثل هذه الطقوس والرسميات فيما يعرف بالعادات والتقاليد وهى تقوم بوظيفة هامة، فهي تعمل على ضبط سلوك الأفراد لكي يتماشى مع القيم السائدة في المجتمع وتنظيم العلاقات الاجتماعية، فالمجتمعات البشرية تضع دستوراً يحتوي على مجموعة من المعايير المتفق عليها وهذا الدستور ينظم التعامل بين أفرادها ويحقق الاستقرار والتماسك الاجتماعي، وهذه المعايير لها صبغة إلزامية آمرة، لا يمكن الخروج عنها، ويقصد بها إحداث نوع من الرقابة على السلوك العام، وقد تمارس ضغوطاً معينة على الأفراد لكي يخضعوا لها، شأنها في ذلك شأن أي سلطات (كالقانون). والأفراد يجدون أنفسهم ملزمين بالأخذ بها؛ لأنها أصبحت جزءاً من طبيعتهم وتكوينهم فيخضعون لها خضوعاً آلياً.

والعادات والتقاليد عبارة عن إطارات للسلوك والاعتقاد بالنسبة للأفراد المنتمين إلى جماعة من الجماعات، بحيث لا يسمح للأفراد بالخروج عليها أو أن يتصرفوا تصرفاً يتنافى معها، وهي تمثل قوالب التفكير والعمل بالنسبة إلى الجماعة وللمجتمع بعد عدة تجارب وبمرور وقت كافٍ عليها، مما يجعلها مهابة، وعلى ذلك فمن يخرج عليها تنـزل به الجماعة أقصى عقاب، لأن الجماعة تعتبر قدسية العادات والتقاليد من قدسيتها، وتتمثل هذه القدسية في النواحي التي يقررها المجتمع في أساليب السلوك وتتمثل أيضا فيما يقرره العقل الجمعي من قيم معنوية ، متمثلة فيما يتم منحه للأفراد من أوسمة أحياناً والعتاب في أحيان أخرى ودرجات شرف وجوائز الخ، ومن تلك الضوابط غير الرسمية ما يأتي:

– العادات الاجتماعية.

ونلحظ خلطاً كبيراً بين أساليب الضبط الاجتماعي والمعايير الاجتماعية، ومن هنا نجد أنه لزاماً علينا أن نوضح المقصود بالمعايير الاجتماعية.

المعايير الاجتماعية: المعيار الاجتماعي هو” مقياس أو قاعدة أو إطار مرجعي للخبرة والإدراك الاجتماعي والاتجاهات الاجتماعية والسلوك الاجتماعي، وهو السلوك الاجتماعي النموذجي أو المثالي الذي يتكرر بقبول اجتماعي دون رفض أو اعتراض أو نقد”. فالاتجاهات التي يشترك فيها أفراد الجماعة والتي تيسر لهم سبيل التفاعل والتواصل هي معايير اجتماعية للجماعة .

وقد عبر سمنر عن المعايير بقوله: ” إنها ضوابط تشبه القوى الطبيعية التي يستخدمها الأفراد دون وعي منهم، وتنمو مع التجربة وتنتقل من جيل إلى جيل دون أن يحدث أي شذوذ أو انحراف في طبيعة الأداء، ورغم ذلك فهي قابلة للتغـير والتطور بما يتفـق مع طبيعة المجتمع”.

x