الفلسة الكونفوشيوسية

كثيراً ما وصف كونفوشيوس بأنه أحد مؤسسي الديانات، وهذا تعبير غير دقيق إن لم يكن خاطئاً فمذهبه ليس ديناً. فهو لا يتحدث عن إله أو السماوات. وإنما مذهبه هو طريقة في الحياة الخاصة والسلوك الاجتماعي والسلوك السياسي.
ومذهبه يقوم على الحب – حب الناس وحسن معاملتهم والرقة في الحديث والأدب في الخطاب. ونظافة اليد واللسان. وأيضاً يقوم مذهبه على احترام الأكبر سناً والأكبر مقاماً، وعلى تقديس الأسرة وعلى طاعة الصغير للكبير وطاعة المرأة لزوجها. ولكنه في نفس الوقت يكره الطغيان والاستبداد. وهو يؤمن بأن الحكومة إنما أنشئت لخدمة الشعب وليس العكس. وأن الحاكم يجب أن يكون عتد قيم أخلاقية ومثل عليا. ومن الحكم التي اتخذها كونفوشيوس قاعدة لسلوكه تلك الحكمة القديمة التي تقول : ” أحب لغيرك ما تحبه لنفسك “.
يعتبر كنفوشيوس الفضيلتين الهامتين هما (جن) و(لي) والرجل المثالي يسير حياته طبقا لهما. وقد ترجمت (جن) بالحب أو الاهتمام الحميم باخواننا البشر، أما (لي) فهي تصف مجموعة من الأخلاق والطقوس والتقاليد واللباقة والحشمة.
و كان كونفوشيوس محافظاً في نظرته إلى الحياة فهو يرى بأن العصر الذهبي للإنسانية كان وراءها – أي كان في الماضي. وهو لذلك كان يحن إلى الماضي ويدعو الناس إلى الحياة فيه.. ولكن الحكام على زمانه لم يكونوا من رأيه ولذلك لقي  بعض المعارضة. وقد اشتدت هذه المعارضة بعد وفاته ببضع مئات من السنين، عندما ولي الصين ملوك أحرقوا كتبه وحرموا تعاليمه.. ورؤوا فيها نكسة مستمرة. لأن الشعوب يجب أن تنظر أمامها. بينما هو يدعو الناس إلى النظر إلى الوراء.. ولكن ما لبثت تعاليم كونفوشيوس أن عادت أقوى مما كانت وانتشر تلاميذه وكهنته في كل مكان.. واستمرت فلسفة كونفوشيوس تتحكم في الحياة الصينية قرابة عشرين قرناً – أي من القرن الأول قبل الميلاد حتى نهاية القرن التاسع عشر بعد الميلاد.
كونفوشيوس هي التي حققت سلاماً وأمناً داخلياً أكثر من عشرين قرناً للصين. وقد فشلت الكونفوشية أن تترك أثراً يذكر خارج الصين. وفي زمن أسرة هان المالكة درج الأباطرة الصينيون على اختيار موظفي الدولة بطرح امتحان يعتمد إلى حد  كبير على معرفة تعاليم وآداب كنفوشيوس. ولكن انحدرت قيمة كنفوشيوس في الوقت الحاضر وذلك لأن الصين الشيوعية هاجمت كنفوشيوس وتعاليمطريقة الرجل الأعلى ]
إذن فالحكمة تبدأ في البيت، وأساس المجتمع هو الفرد المنظم في الأسرة المنتظمة، وكان كنفوشيوس يتفق مع جوته في أن الرُقيّ الذاتي أساس الرُقيّ الاجتماعي ؛ ولما سأله تزه لو “ما الذي يكون الرجل الأعلى؟” أجابه بقوله “أن يثقف نفسه  بعناية ممزوجة بالاحترام”. ونحن نراه في مواضع متفرقة من محاوراته يرسم صورة الرجل المثالي كما يراه هو جزءاً جزءاً- والرجل المثالي في اعتقاده هو الذي تجتمع فيه الفلسفة والقداسة فيتكون منهما الحكيم. والإنسان الكامل الأسمى في رأي كنفوشيوس يتكون من فضائل ثلاث كان كل من سقراط ونيتشه والمسيح يرى الكمال في كل واحدة منها بمفردها؛ وتلك هي الذكاء والشجاعة وحب الخير. وفي ذلك يقول:

“الرجل الأعلى يخشى ألا يصل إلى الحقيقة، وهو لا يخشى أن يصيبه الفقر. وهو واسع الفكر غير متشيع إلى فئة. وهو يحرص على ألا يكون فيما يقوله شئ غير صحيح. ولكنه ليس رجلاً ذكياً وحسب ، وليس طالب علم ومحباً للمعرفة وكفى ، بل هو ذو خلق وذو ذكاء. فإذا غلبت فيه الصفات الجسمية على ثقافته وتهذيبه كان جلفاً، وإذا غلبت فيه الثقافة والتهذيب على الصفات الجسمية تمثلت فيه أخلاق الكتبة؛ أما إذا تساوت فيه صفات الجسم والثقافة والتهذيب وامتزجت هذه بتلك كان لنا منه الرجل الكامل الفضيلة. فالذكاء هو الذهن الذي يضع قدميه على الأرض.

وقوام الأخلاق الصالحة هو الإخلاص، وليس الإخلاص الكامل وحده هو الذي يميز الرجل الأعلى. إنه يعمل قبل أن يتكلم، ثم يتكلم بعدئذ وفق ما عمل. ولدينا في فن الرماية ما يشبه طريقة الرجل الأعلى. ذلك أن الرامي إذا لم يصب مركز الهدف رجع إلى نفسه ليبحث فيها عن سبب عجزه. إن الذي يبحث عنه الرجل الأعلى هو ما في نفسه؛ أما الرجل المنحط فيبحث عما في غيره. والرجل الأعلى يحزنه نقص كفايته، ولا يحزنه ألا يعرفه الناس، ولكنه مع ذلك يكره أن يفكر في ألاّ يذكر اسمه بعد موته. وهو متواضع في حديثه ولكنه متفوق في أعماله. قل أن يتكلم، فإذا تكلم لم يشك قط في أنه سيصيب هدفه. والشيء الوحيد الذي لا يدانى فيه الرجل الأعلى هو عمله الذي لا يستطيع غيره من الناس أن يراه. وهو معتدل في قوله وفعله. والرجل الأعلى يلتزم الطريق الوسط في كل شيء؛ ذلك أن الأشياء التي يتأثر بها الإنسان كثيرة لا حصر لها؛ وإذا لم يكن ما يحب وما يكره خاضعين للسنن والقواعد تبدلت طبيعته إلى طبيعة الأشياء التي تعرض له. والرجل الأعلى يتحرك بحيث تكون حركاته في جميع الأجيال طريقاً عاماً؛ ويكون سلوكه بحيث تتخذه جميع الأجيال قانوناً عاماً، ويتكلم بحيث تكون ألفاظه في جميع الأجيال مقاييس عامة لقيم الألفاظ.”

الفضيلة الكاملة[ ]

والرجل الأعلى يستمسك أشد الاستمساك بالقاعدة الذهبية التي نص عليها هنا صراحة قبل هلل بأربعة قرون وقبل المسيح بخمسة: “فقد سأل جونك جونك المعلم عن الفضيلة الكاملة فكان جوابه.
 الفضيلة الكاملة “ألا تفعل بغيرك ما لا تحب أن يفعل بك”. وهذا المبدأ يتكرر مراراً وهو دائماً يتكرر في صيغة النفي، وقد ذكر مرة في كلمة واحدة. ذلك أن تزه- جونج سأله مرة: أليس ثمة كلمة واحدة يستطيع الإنسان أن يتخذها قاعدة يسير عليها طوال حياته؟ فأجابه المعلم: أليست هذه الكلمة هي المبادلة؟” ، ولكنه لم يكن يرغب فيما يرغب فيه “لوَ دْزَه” وهو أن يقابل الشر بالخير، فلما أن سأله أحد تلاميذه: “ما قولك في المبدأ القائل بأن الإساءة يجب أن تجزى بالإحسان؟” أجاب بحدة لم يألفها تلاميذه منه: “وبأي شيء إذن تجزي الإحسان؟ لتكن العدالة جزاء الإساءة ، وليكن الإحسان جزاء الإحسان”. وكان يرى أن القاعدة الأساسية التي تقوم عليها أخلاق الرجل الأعلى هي العطف الفياض على الناس جميعاً. والرجل الأعلى لا يغضبه أن يسمو غيره من الناس، فإذا رأى أفاضل الناس فكر في أن يكون مثلهم؛ وإذا رأى سفلة الناس عاد إلى نفسه يتقصى حقيقة أمره”؟ وهو لا يبالي أن يفتري عليه الناس أو يسلقوه بألسنة حداد ، (بمعنى آخر مجامل بشوش لجميع الناس)، ولكنه لا يكيل المدح جزافاً؛ (لا يحقر من هم أقل منه)، (ولا يسعى لكسب رضاء من هم أعلى منه)، وهو جاد في سلوكه وتصرفاته، لأن الناس لا يوقّرون من لا يلتزم الوقار في تصرفاته معهم؛ متريث في أقواله، حازم في سلوكه، يصدر في أعماله عن قلبه؛ غير متعجل بلسانه ولا مولع بالإجابات البارعة السكاتة؛ وهو جاد لأن لديه عملاً يحرص على أدائه – وهذا هو سر مهابته غير المتكلفة؛ وهو بشوش لطيف حتى مع أقرب الناس إليه وألصقهم به، ولكنه يصون نفسه عن التبذل مع الناس جميعاً حتى مع ابنه.
ويجمع كنفوشيوس صفات رجله الأعلى الكثير الشبه “برجل أرسطو ذي العقل الكبير” في هذه العبارة. “يضع الرجل الأعلى نصب عينيه تسعة أمور لا ينفك يقلبها في فكره. فأما من حيث عيناه فهو يحرص على أن يرى بوضوح ، وأما من حيث وجهه فهو يحرص على أن يكون بشوشاً ظريفاً ؛ وأما من حيث سلوكه فهو يحرص على أن يكون وقوراً ؛ وفي حديثه يحرص على أن يكون مخلصاً ؛ وفي تصريف شئون عمله يحرص على أن يبذل فيه عنايته ، وأن يبعث الاحترام فيمن معه ؛ وفي الأمور التي يشك فيها يحرص على أن يسأل غيره من الناس ؛ وإذا غضب فكر فيما قد يجره عليه غضبه من الصعاب ؛ وإذا لاحت له المكاسب فكر في العدالة والاستقامة.[1]
وكان يرى أن غموض الأفكار ، وعدم الدقة في التعبير ، وعدم الإخلاص فيه ، من الكوارث الوطنية القومية. فإذا كان الأمير الذي ليس أميراً بحق والذي لا يستمتع بسلطان الإمارة لا يسميه الناس أميراً ، وإذا كان الأب الذي لا يتصف بصفات الأبوة لا يسميه الناس أباً ، وإذا كان الابن العاق لا يسميه الناس ابناً ؛ إذا كان هذا كله فإن الناس قد يجدون في “تزه- لو” ما يحفزهم إلى إصلاح تلك العيوب التي طالما غطتها الألفاظ. ولهذا فإنه لما قال لكنفوشيوس: “إن أمير ويه في انتظارك لكي تشترك معه في حكم البلاد فما هو في رأيك أول شيء ينبغي عمله؟ فأجابه كنفوشيوس جوابا دهش له الأمير والتلميذ: “إن الذي لا بد منه أن تصحح الأسماء”.

ولما كانت النزعة المسيطرة على كنفوشيوس هي تطبيق مبادئ الفلسفة على السلوك وعلى الحكم فقد كان يتجنب البحث فيما وراء الطبيعة ، ويحاول أن يصرف عقول أتباعه عن كل الأمور الغامضة أو الأمور السماوية. صحيح أن ذكر “السماء” والصلاة كان َيرِدْ على لسانه أحياناً، وأنه كان ينصح أتباعه بألا يغفلوا عن الطقوس والمراسم التقليدية في عبادة الأسلاف والقرابين القومية ، ولكنه كان إذا وجه إليه سؤال في أمور الدين أجاب إجابة سلبية جعلت شرّاح آرائه المحدثين يجمعون على أن يضموه إلى طائفة اللا أدريين. فلما أن سأله تزه- كونج ، مثلا: “هل لدى الأموات علم بشيء أو هل هم بغير علم؟” أبى أن يجيب جواباً صريحاً. ولما سأله كي -لو ، عن “خدمة الأرواح” (أرواح الموتى) أجابه “إذا كنت عاجزاً عن خدمة الناس فكيف تستطيع أن تخدم أرواحهم؟”. وسأله كي- لو: “هل أجرؤ على أن أسألك عن الموت؟” فأجابه: “إذا كنت لا تعرف الحياة ، فكيف يتسنى لك أن تعرف شيئاً عن الموت”. ولما سأله فارشي عن “ماهية الحكمة” قال له: “إذا حرصت على أداء واجبك نحو الناس ، وبعدت كل البعد عن الكائنات الروحية مع احترامك إياها أمكن أن تسمي هذه حكمة”.
ويقول لنا تلاميذه إن “الموضوعات التي لم يكن المعلم يخوض فيها هي الأشياء الغريبة غير المألوفة ، وأعمال القوة ، والاضطراب ، والكائنات الروحية”. وكان هذا التواضع الفلسفي يقلق بالهم ، وما من شك في أنهم كانوا يتمنون أن يحل لهم معلمهم مشاكل السموات ويطلعهم على أسرارها. ويقص علينا كتاب- لياتزه وهو مغتبط قصة غلمان الشوارع الذين أخذوا يسخرون من كنفوشيوس حين أقر لهم بعجزه عن هذا السؤال السهل وهو: “هل الشمس أقرب إلى الأرض في الصباح حين تبدو أكبر ما تكون ، أو في منتصف النهار حين تشتد حرارتها”. وكل ما كان كنفوشيوس يرضى أن يقره من البحوث فيما وراء الطبيعة هو البحث عما بين الظواهر المختلفة جميعهاً من وحدة ، وبذل الجهد لمعرفة ما يوجد من تناغم وانسجام بين قواعد السلوك الحسن واطراد النظم الطبيعية. وقال مرة لأحد المقربين إليه: “أظنك يا تزه تعتقد أني من أولئك الذين يحفظون أشياء كثيرة ويستبقونها في ذاكرتهم؟” فأجابه تزه- كونج بقوله: “نعم أظن ذلك ولكني قد أكون مخطئاً في ظني؟” فرد عليه الفيلسوف قائلا “لا ، إني أبحث عن الوحدة ، الوحدة الشاملة” وذلك بلا ريب هو جوهر الفلسفة. وكانت الأخلاق مطلبه وهمه الأول ، وكان يرى أن الفوضى التي تسود عصره فوضى خلقية ، لعلها نشأت من ضعف الإيمان القديم وانتشار الشك السفسطائي في ماهية الصواب والخطأ.
ولم يكن علاجها في رأيه هو العودة إلى العقائد القديمة ، وإنما علاجها هو البحث الجدي عن معرفة أتم من المعرفة السابقة وتجديد أخلاقي قائم على تنظيم حياة الأسرة على أساس صالح قويم. والفقرتان الآتيتان المنقولتان عن كتاب التعليم الأكبر تعبران أصدق تعبير وأعمقه عن المنهج الفلسفي الكنفوشي. “إن القدامى الذين أرادوا أن ينشروا أرقى الفضائل في أنحاء الإمبراطورية قد بدءوا بتنظيم ولاياتهم أحسن تنظيم ، ولما أرادوا أن يحسنوا تنظيم ولاياتهم بدءوا بتنظيم أسرهم ، ولما أرادوا تنظيم أسرهم بدءوا بتهذيب نفوسهم ؛ ولما أرادوا أن يهذبوا نفوسهم بدءوا بتطهير قلوبهم ، ولما أرادوا أن يطهروا قلوبهم عملوا أولاً على أن يكونوا مخلصين في تفكيرهم ؛ ولما أرادوا أن يكونوا مخلصين في تفكيرهم بدءوا بتوسيع دائرة معارفهم إلى أبعد حد مستطاع ، وهذا التوسع في المعارف لا يكون إلا بالبحث عن حقائق الأشياء.
فلما أن بحثوا عن حقائق الأشياء أصبح علمهم كاملاً ، ولما كمل علمهم خلصت أفكارهم ، فلما خلصت أفكارهم تطهرت قلوبهم ، ولما تطهرت قلوبهم ، تهذبت نفوسهم ، ولما تهذبت نفوسهم انتظمت شئون أسرهم ، ولما انتظمت شئون أسرهم صلح حكم ولاياتهم ؛ ولما صلح حكم ولاياتهم أضحت الإمبراطورية كلها هادئة سعيدة. تلك هي مادة الفلسفة الكنفوشية ، وهذا هو طابعها ، وفي وسع الإنسان أن ينسى كل ما عدا هذه الألفاظ من أقوال المعلم وأتباعه ، وأن يحتفظ بهذه المعاني التي هي “جوهر الفلسفة وقوامها” وأكمل مرشد للحياة الإنسانية. ويقول كنفوشيوس “إن العالم في حرب لأن الدول التي يتألف منها فاسدة الحكم ؛ والسبب في فساد حكمها أن الشرائع الوضعية مهما كثرت لا تستطيع أن تحل محل النظام الاجتماعي الطبيعي الذي تهيئه الأسرة. والأسرة مختلة عاجزة عن تهيئة هذا النظام الاجتماعي الطبيعي ، لأن الناس ينسون أنهم لا يستطيعون تنظيم أسرهم من غير أن يُقوّموا نفوسهم وهم يعجزون عن أن يقوموا أنفسهم لأنهم لم يطهروا قلوبهم أي أنهم لم يطهروا نفوسهم من الشهوات الفاسدة الدنيئة ؛ وقلوبهم غير طاهرة لأنهم غير مخلصين في تفكيرهم ، لا يقدرون الحقائق قدرها ويخفون طبائعهم بدل أن يكشفوا عنها ؛ وهم لا يخلصون في تفكيرهم لأن أهواءهم تشوه الحقائق وتحدد لهم النتائج بدل أن يعملوا على توسيع معارفهم إلى أقصى حد مستطاع ببحث طبائع الأشياء بحثاً منزهاً عن الأهواء.
فليسع الناس إلى المعارف المنزهة عن الهوى يخلصوا في تفكيرهم ، وليخلصوا في تفكيرهم تتطهر قلوبهم من الشهوات الفاسدة ؛ ولتطهر قلوبهم على هذه الصورة تصلح نفوسهم ؛ ولتصلح نفوسهم تصلح من نفسها أحوال أسرهم ؛ وليس الذي تصلح به هذه الأسر هو المواعظ التي تحث على الفضيلة أو العقاب الشديد الرادع ، بل الذي يصلحها هو ، ما للقدوة الحسنة من قوة صامتة ؛ ولتنظم شئون الأسرة عن طريق المعرفة والإخلاص والقدوة الصالحة ، يتهيأ للبلاد من تلقاء نفسه نظام اجتماعي يتيسر معه قيام حكم صالح. ولتحافظ الدولة على الهدوء في أرضها والعدالة في جميع أرجائها يسد السلام العالم بأجمعه ويسعد جميع من فيه- تلك نصيحة تدعو إلى الكمال المطلق وتنسى أن الإنسان حيوان مفترس ؛ ولكنها كالمسيحية تحدد لنا هدفاً نسعى لندركه وسلماً نرقاه لنصل به إلى هذا الهدف. وما من شك في أن في هذه النصوص قواعد فلسفية ذهبية.

x