الموهبة والابداع

خصائص الموهوبين
يمتاز الموهوبون عادةً بخصائص تميزهم عن غيرهم ، ولقد تركت الدراسات والبحوث التي أجريت على الموهوبين منذ العشرينيات إلى الثمانينيات رصيداً هائلاً من المعلومات عن الخصائص التي تميزهم  .

ونظراً لتعدد المحكّات والمعايير في تعريف الموهبة فقد ظهر التعدد أيضاً في خصائص الموهوبين، فهناك خصائص الموهوبين ذكاءً والموهوبين ابتكاراً والموهوبين تحصيلاً وترجع أهمية التعرف على الخصائص العامة للموهوبين إلى أمرين  :

1- اتفاق الباحثين والمتخصصين على ضرورة استخدام قوائم الطلبة الموهوبين والخصائص السلوكية كمحك في عملية التعرف أو الكشف عن هؤلاء واختيارهم للبرامج التربوية الخاصة .

2- تقدير نوع البرامج التربوية والإرشادية الملائمة وفق حاجات هؤلاء الموهوبين المبنية على معرفة الخصائص العامة لهم .

ويمكن عرض أبرز الخصائص العامة للموهوبين التي أوضحتها عدد من الدراسات العلمية في الجوانب التالية :

(أ ) الخصائص العقلية .

(ب) الخصائص الجسمية .

(ج) الخصائص الاجتماعية .

(د) الخصائص الوجدانية ( الانفعالية ) .

(أ‌) الخصائص العقلية:

تعتبر الصفات العقلية من أهم الصفات التي تميز الموهوب عن غيره من العاديين، فيذكر البعض أنً أهم الخصائص العقلية للموهوب تكمن فـي الآتي :

(1) ارتفاع معدل نموه العقلي عن معدل النمو للطفل العادي .

(2) قدرته على إدراك العلاقات المتعددة الموجودة بين عناصر المواقف المختلفة ومن ثمّ تنظيم هذه العلاقات .

في حين تضيف بعض الدراسات أنّ من أبرز خصائص الموهوبين العقلية ما يلـي :

(1) يعادل مستوى الذكاء لديه عادةً مستوى ذكاء من يكبره سنّاً بسنة أو سنتين، أو ثلاث سنوات في حالات خاصة من النبوغ .

(2) يمتلك كمية كبيرة من المعلومات العامّة والواسعة مقارنةً بزملائه ممّن هم في مثل عمره الزمني .

(3) يتعلّم بسرعة وبدون حاجة إلى الإعادة والتكرار .

(4) لديه قدرة عالية على التركيز والانتباه لوقت طويل .

(5) عادةً ما يقفز فوق الخطوات المنطقية في التعلّم والوصول إلى النتيجة .

(6) لديه النقد البنّاء الذي يقوم على أساس من الاستقراء والاستنتاج .

(7) يظهر قدرة على الانتقال من المحسوس إلى المجرد .

وفي عرض آخر لأبرز خصائص الموهوبين العقلية يلخصها البعض في الآتي :

1) محب للاستطلاع والفضول العقلي الذي ينعكس في أسئلته المتعددة .

2) يحب الإطلاع في عمق واتساع، وعنده رغبة قوية في المعرفة .

3) يفضل الكلام المباشر على استعمال الرموز، ويقرأ ويكتب ببطء غير متوقع أحياناً وذلك بسبب اهتماماته العقلية الأخرى المتنوعة والمتعددة .

4) قادر على التعبير عن أفكاره الأصلية بسهولة ودقة وكيفية جيدة .

5) يرغب في المخاطرة، ويضع لنفسه معايير عالية، ويعمل ويختار الأمور والأهداف الصعبة .

6) قادر على التخطيط والتنظيم والاستبصار، وإجراء التجارب، وترتيب الأفكار والأشياء بطريقة غير عادية وغير واضحة .

7) يتفوق الموهوب على أقرانه في الطلاقة والمرونة والأصالة وغزارة التفكير والحساسية للمشكلات والاعتماد على النفس والتأمل، وفي التفكير المنطقي والتفكير الناقد والتفكير الرمزي وفي المبادرة والمثابرة والإصرار، والقدرة على الإنتاج في العمل، وتوليد ألوان من النشاط تؤدي إلى نتائج متميزة .

(ب) الخصائص الجسمية :

كان هناك تصوراً قديماً بأنّ الموهوب يتصف بالهزال الجسدي وينزع إلى النحافة والأمراض والتعرض بكثرة لحالات عدم التكيف، ولكن بعد ظهور الدراسات العلمية المستفيضة ثبت بطلان هذا التصور حيث أشارت الدراسات المختلفة التي اهتمت بدراسة هذه الصفات بين الموهوبين إلى “أنّ التكوين الجسماني للمتفوقين بصفة عامة أفضل قليلاً من التكوين الجسماني للعاديين، سواءً من حيث الطول أو الخلو من العاهات” وكشفت تلك الدراسات عن أهم الخصائص الجسمية للموهوب والتي من بينها :

1) أنه أثقل وزناً وأطول بدرجة قليلة ، ووزنه أكبر بالنسبة لطوله .

2) أنه أقوى جسماً وصحةً ويتغذى جيداً .

3) أنه خالياً نسبياً من الاضطرابات العصبية .

4) أنة يتم تكوين عظامه في وقت مبكر بعض الشيء .

5) مبكراً في نضجه بالنسبة لسنه .

إلا أنّ هذا التفوق في الخصائص الجسمية ليس بالضرورة أن ينطبق على كل طفل موهوب، “إذ يمكن أن يكون بعض الأطفال الموهوبين والمتفوقين ذوو بنية جسمية ضعيفة أو حجم صغير أو مصابين بأمراض أو علل بدنية” [7] .

وتشير بعض الدراسات إلى أنّ انهماك الموهوبين في الأعمال العقلية قد يصرفهم عن الأنشطة الجسمية مما يساعد أحياناً على زيادة الوزن، وضعف اللياقة البدنية تبعاً لذلك، ولذلك يحتاج الموهوبون إلى التشجيع فيما يتعلق بالأنشطـة الجسمية [8] .

(ج) الخصائص الاجتماعية :

يذهب بعض المتخصصين إلى القول بتميز الموهوبين بالخصائص الاجتماعية التالية [9] :

– الدافعية القوية مع الحاجة إلى تحقيق الذات .

– الإدراك العالي للعلاقات الاجتماعية .

– القدرة على القيادة .

– القدرة على حل المشكلات الاجتماعية والبيئية .

– الاهتمام الكبير بالقيم المثالية كالعدالة والحق .

كما أوضحت دراسة أخرى بعض الجوانب الاجتماعية التي يتّصف الموهوبون بها عادةً في سن ما قبل المدرسة كما يلي [1] :

– يشفق على الآخرين ويتعاطف معهم .

– واثق بنفسه ومستقل .

– ينظم ويقود نشاطات الجماعة .

– يبني علاقات جيدة مع الأطفال الأكبر سنّاً والراشدين .

– يحترم ويقدر أفكار وآراء الرفاق والمعلّمين .

– يعترف بحقوق الآخرين .

– لا يحب تدخل الآخرين في شؤونه الخاصة .

ويضيف آخرون بعض الخصائص الاجتماعية للموهوب على النحو التالي [11] :

– له قدرة فائقة في نقده لنفسه .

– أقل رغبةً في التباهي واستعراض معلوماته .

– يفضل الألعاب التي تخضع لقواعد ، والألعاب المعقدة التي تتطلب تفكيراً .

وفيما أكّدت بعض الدراسات وجود ارتباط بين التوافق الاجتماعي وبين الذكاء، وأنّ التلاميذ الموهوبين يحصلون على درجة أعلى من المتوسط من حيث الخصائص الاجتماعية المرغوبة مقارنةً بغيرهم من العاديين، وذهبت بعض الدراسات إلى أنّ الموهوبين من المراهقين غالباً ما يكونون غير ناضجين اجتماعياً، وقد يسبب ذلك لهم نوعاً من الخجل عند التعامل مع الكبار الذين يكونون موضع احترام وإعجاب هؤلاء المراهقين [12] .

غير أنّ هناك لونان من النضج أو التوافق الاجتماعي ينبغي التمييز بينهما، وهما:

1) حب الاجتماع والتعاون مع الآخرين .

2) وحب الخدمات والمعاونات الاجتماعية .

ويبدو أنّ الموهوبين أكثر ميلاً إلى اللون الثاني، وقد تأخذ الميول الاجتماعية لديهم صورة البحث والاختراع في سبيل الجماعة والاهتمام بالثقافة الاجتماعية ونحو ذلك من الاهتمامات التي ترتبط بالقدرة على اجتذاب الآخرين أو التأثير فيهم وهناك جوانب اجتماعية أخرى إيجابية لدى الموهوبين، فقد أفادت الدراسات كثرة تكرار سمات الأمانة والاعتماد على النفس والثقة بها بين الموهوبين أكثر من تكرار السمات السلبية بينهم . كما أنهم يتمتعون بشعور أكبر بالحرية في التخطيط للمستقبل واختيار الأصدقاء، وتقبل أحكام الجماعة برضى [13] .

(د) الخصائص الوجدانية (الانفعالية) :

يقصد بالخصائص الانفعالية تلك الخصائص التي لا تعد ذات طبيعة معرفية أو ذهنية ويشمل ذلك ما له علاقة بالجوانب الشخصية والعاطفية .

وتلخص بعض الدراسات التربوية أهم الخصائص الوجدانية (الانفعالية) للموهوب في الآتي [14] :

(1) أنه يتمتع بمستوى من التكيف والصحة النفسية بدرجة تفوق أقرانه .

(2) أنه يتوافق بسرعة مع التغيرات المختلفة والمواقف الجديدة .

(3) أنه يعاني من بعض أشكال سوء التكيف والجنوح والإحباط أحياناً نتيجة نقص الفرص المتاحة في المدرسة لمتابعة اهتماماته الخاصة .

(4) أنه يتحلى بدرجة عالية من الاتزان الانفعالي ولا يضطرب أمام المشكلات التي تواجهه . (5) أنه سريع الرضا إذا غضب ولا يميل إلى التحامل والتعصب .

(6) أنه سريع الغضب وعنيد ولا يتخلى عن رأيه بسهولة .

(7) أنه يحرص أن تكون أعماله متقنة، ويتضايق ويتململ من الأنشطة العادية .

(8) أن إرادته قوية ولا يحبط بسرعة ولديه المقدرة على الصبر والتسامح .

(9) أنه يتّسم بالكمون العاطفي، ويصبح في مرحلة النضج أكثر توافقاً من أقرانه، ولا يعاني من مشكلات عاطفية حادّة، كما أن الموهوب قد يجمع بين الأشتات، وهو في جمعه للمتضادات سعيد، ولعل سعادته هذه ترجع إلى قدرته في إيجاد حالة من التوازن بين تلك المتضادات .

كذلك يذكر البعض أنّ تلك الصفات والخصائص للموهوبين قد يوجد بعضها عند الموهوب ولا يشترط اجتماعها في شخصية واحدة، ويذكر آخرون أيضاً أنّه ليس من الضروري أن يكون كل من يتصف بهذه الصفات طفلاً نابهاً وبارزاً، إلا أنّ الأطفال الموهوبين يميلون كمجموعة للاتصاف بهذه الصفات [15]، بمعنى أنّ بعض الدراسات أوضحت أنّ الفروق التي يمكن أن توجد بين المتفوقين والعاديين وبين المتفوقين أنفسهم إنّما هي أساساً فروق في الدرجة لا في النوع، وأنّ هذه الصفات توجد عند جميع الأفراد مع فارق في وجود درجة الصفة لا في نوعها .

x