طرائق المعرفة المنفصلة والمتصلة

إن طرائق المعرفة المنفصلة والمتصلة يمكن وصفهما كأسلوبين من أساليب اكتساب المعرفة وإن لكل طريقة خصائصها المميزة والتي تعبر عن الكيفية التي يفضلها  الفرد في اكتساب المعرفة إذ يمكن عدهما كأسلوبين من أساليب التعلم (Belenky et al,1997:113),وأساليب التعلم  تعبر عن الطريقة التي يفضلها المتعلم  أثناء تعلمه ولا يقصد بها كمية ما يتعلمه الفرد أو يكتسبه من معلومات ,وهي تتباين وتتمايز من فرد الى آخر(بهجات,18:2004 ),وترى كلينشي (Clinchy) وهي صاحبة الإسهامات الكبيرة في وضع مبادئ نظرية المعرفة المنفصلة والمتصلة,إنه من الصعب أن نجد فرداً يمكن أن يظهر كل المظاهر لأي من الطريقتين ,فمن المحتمل إن الأفراد مختلفين و يظهرون أنواعاً مختلفة من طرائق المعرفة والتي يمكن أن تحتوي على بعض المكونات لطريقة معينة وتستثنى بعظها , ففي بعض الحالات نجد إن الأشخاص يظهرون بعض مظاهر الطريقة المنفصلة مثل التحليل النزيه غير المتحيز وأيضا يكون في الوقت نفسه معترضاَ على مظاهر المعارضة ,ويعد التمييز بين طرائق المعرفة المنفصلة والمتصلة من الأمور المهمة التي يمكن أن نستفيد منها كطريقة لفهم مداخل التعلم الخاصة بالطلبة فهي لا تعكس قدرات تعلم أو قدرات عقلية ولكنها تعكس أساليب أو اتجاهات المتعلمين (Clinchy&Pintrich,2002:66 ) وعلى الرغم من أن طريقتي المعرفة المنفصلة والمتصلة تعدان منظورين مختلفين إلا إنه لايمكن اعتبار إن أحدهما يعكس اداءاً عقلياً أعلى من الآخر إذ إنهما لايرتبطان بالقدرات المعرفية ولايناقضان أحدهما الآخر لذافهما يعدان بعدان منفصلان ومستقلان (Knight et al,2000,409).

المعرفة المنفصلة  

إن المعرفة المنفصلة هي من أكثر المواقفالمعرفية الأكاديمية التقليدية والتي تتضمن الفهم الموضوعي والمستقل غير المتحيز للأفكار والمواقف والأحداث في العالم, وإن الوسيلتان الأساسيتان لهذه الطريقة في الفهم هي الجدل والتساؤل ,والأفراد الذين يعتنقون هذه الطريقة ينظرون إليها على إنها الطريقة الاكثر شرعية ودقة ,وهي أساس التفكير وأساس اكتساب المعرفة((Khine&Hayes,2012:111,والمعرفة المنفصلة هي معرفة مستقلة يحاول فيها الفرد أن يبعد نفسه عن آراء الآخرين وذلك من خلال اتخاذ وجهة نظر معينة متحدياً بها وجهات النظر الأخرى(Belenkyet al,1997:199),وهذا التحدي يطابق ذلك النوع من التفكير الذي يحاول فيه الفرد حذف أي تشابه بينه وبين الآخر في الآراء والأفكار ويظهر الاختلاف من خلال الإدلاء بالبرهان والحجة ( سويد, 342:2007) , فهو لا يصدق أي شيء بمعناه الظاهري فالفرد هنا يظل موضوعياً وإن أي رأي من الأخر يجعله في حالة شك وتساؤل حتى يثبت صحته بالدليل ,ومعنى ذلك إن المتعلمينذوي الاعتقاد بالطريقة المنفصلة في اكتساب المعرفة يأخذون وجهة نظر مخالفة أولاً ويتسألون ,ويشكون ,وينتظرون الدليل قبل أن يحاولوا نقد المعلومة وبمعنى أخر إنهم يقيمون أولاَ ثم يحاولون أن يفهموا منظور أو وجهات نظر الآخرين كما إنه يتحدى المعرفة المقدمة له ويناقشها قبل أن يحاول دمجها في بنيته المعرفية (Pintrich,2002:60&Clinchy).

السمات البارزة للمعرفة المنفصلة                                                                 أولاً:التفكير الناقد

يعد التفكير بشكل عامكعملية معرفية عاملاً أساساً في البناء المعرفي الذي يتكون لدى الفرد والذي يختلف به ويميزه عن الآخرين (  الخياط,55:2010),والتفكيرالناقد  هو تفكير معقول وتأملي يركزعلى ما يعتقد به الفرد أو يقوم بإدائه (قطامي,123:2004 ) ,وهو نوع من التفكير القابل للتقييم بطبيعته والمتضمن للتحليلات الدقيقة والهادفة والمستمرة لأي ادعاء أو معتقد أو فكرة ومن أي مصدر بهدف الحكم على صلاحيته ودقته وقيمته الحقيقية (الموسوي,143:2014), والفرد ذو الطريقة المنفصلة  يتخذ من التفكير الناقد منهجاً له إذ يحاول فيه الفصل بين التفكير العاطفي والتفكيرالمنطقي ,فهو يتحرى الدقة دائماً في تعبيراته اللفظية وغير اللفظية وهو لا يجادل في أمر لا يعرف عنه شيئاً(1989:80,Clinchy)والمفكر الناقد يحاول أن يتعلم من خلال عدة وسائل منها:

1-لا يجادل في أمر ليس له دراية فيه.                                                                2-. يحاول الفصل بين التفكير العاطفي والتفكير المنطقي .

3-يحاول الابتعاد عن الاخطاء الشائعة في تحليل الأموروالقضايا. (قطامي,165:2013)

4-يبحث عن مصادر هامة لمعلوماته (الحكم على مصداقية مصادر المعرفة).                                                   5- يحاول أن يركز على الأفكار الرئيسية للموضوع.                                                    6-يبتعد عن إصدار الاحكام عندما تكون أدلته غير كافية .                                                             7- محاولته الدائمة التعرف على المغالطات المنطقية.                                                                                        8-يأخذ بعين الاعتبار الموقف بشكل كلي  (   غانم ,182:2009 ).ثانياً:الشك

ترى بيلنكي (Belenky) إن الأفراد الذين يعتقدون بالطريقة المنفصلة يكون الشك هو جوهر تفكيرهم, ومسألة الشك هنا تتضمن وضع الشيء على سبيل التجربة ليكشف فيما إذا كان صحيحاً أو غير ذلك ؟ ناقصاً أم لا؟ فالأفراد هنا يفترضون إن كل فرد حتى أنفسهم قد يكون مخطأً ,فهم يميلون للشك والارتياب في الأفكار ويشعرون بالتزام خاص بفحص الأفكارووضعها على سبيل الاختبار( Galottiet al,2001:430)) وتصور بيلنكي هذا جاء متفقاَ مع خطة بيري( (Perryالتصورية التي وضعها كوسيلة لتصنيف طرائق التفكير والذي يرى إن لها ميزة خاصة من خلال تشجيع التعلم عن طريق التشكيك وطرح الأسئلة المناسبة على السلطة والسلطة هنا تمثل مصدر الخبرة   ويرى بيري إنها طريقة جيدة للتعلم الا إذا أدت الىإساءت استخدامها عن طريق التقليل من قيمة جميع الإجراءات غير التأملية والتعلم الوتيري الروتيني (جابر,231:2007).

ثالثاً:التحرر من الذات

يحاولأصحاب الطريقة المنفصلة أن يبعدوا مشاعرهم ومعتقداتهم الخاصة عن أي فكرة أو موضوع يقدم إليهم , فهم يتعاملون بموضوعية عند تقيمهم للأمور وتتمثل هذه الموضوعية لديهم في عدم إسقاط ما في عقول الناس على الشيء الخارجي أو الموضوع الذي يتعاملون معه ,فهم يحاولون التخلص من الإسقاط وتجنبه عن طريق قمع أو إلغاء الذات وهم يحاولون بشكل مستمر إقصاء الاعتبارات الشخصية ,وكذلك إقصاء المشاعر الخاصة وفحص الموضوع من منظور واقعي تماماً وهم يستنكرون الفردية في الأحكام والتي لا تستند على أدلة وحجج واضحة(  Khin&Hayes,2012:115 ).

x