نشأة الجندر وتطوره

 مسألة الجندر في إطار أجندة عالمية تتحدث عن حقوق الإنسان والمرأة والطفل منذ انهيار القطبية الثنائية ، وهناك إشارة إلى أن مصطلح الجندر بدأ في الظهور لأول مرة في الغرب في بداية السبعينيات في الدراسات الخاصة بالتنمية، واستخدم تعبير  الجندر في التنمية Gender in Development   كمقابل لتعبير النساء في التنميةWomen in Development ، ثم انتقل هذا المصطلح إلي المنطقة العربية في النصف الثاني من الثمانينيات وقد أصبح معروفًا في النقاش حول التنمية وأطر العمل عبر أدبيات المنظمات الدولية المشتغلة في مجالات التنمية(1)، وتعتبر قضية النوع الاجتماعي (الجندر)، فلسفة نسويه غربية تعبر عن أزمة الفكر الغربي في مرحلة ما بعد الحادثة، وتشير الأدبيات إلى أن مصطلح الجندر “النوع الاجتماعي” استخدم لأول مرة من قبل “آن أوكلي” وزملائها من الكتاب في سبعينيات القرن الماضي، وذلك لوصف خصائص الرجال والنساء المحددة اجتماعياً في مقابل تلك الخصائص المحددة بيولوجيًا.

غير أن البعض يرجح أن استخدام المصطلح وانتشاره في الأدبيات العالمية كان خلال فترةالثمانينيات من القرن الماضي، وهي الفترة التي اتسمت بمناقشات مكثفة حول أثر سياسات التكيف الهيكلي على أوضاع المرأة، و يرجع الفضل في استخدام مصطلح “الجندر” إلى منظمة العمل الدولية وكان يشير إلى العلاقات والفروقات بين الرجل والمرأة التي ترجع إلى الاختلاف بين المجتمعات والثقافات والتي هي عرضة للتغيير طوال الوقت.

وكاتجاه عام فإن المصطلح يشير إلى التفرقة بين الذكر والأنثى على أساس الدور الاجتماعي لكل منهما تأثراً بالقيم السائدة (2)، وهم يرون أن هذا المصطلح يشير إلى الصور النمطية الثقافية للرجولة والأنوثة أي أن الثقافات السائدة هي التي تحدث التغيير في فكرة الأنثى حول نفسها ودورها في المجتمع، وبالتالي ما ينال المرأة من ظلم وتدن في المكانة وعدم حصولها على حقوقها سببه النمطية Stereotype التي يضعها المجتمع وثقافته فيما يخص دور المرأة أو دور الرجل(3)، ولما كانت قضية عدم المساواة هي أساس الجدل الدولي المثار حول قضايا المرأة مما استدعي تخصيص العديد من الدراسات والأبحاث لمعرفة السبب في كون قضية التمييز وعدم المساواة قائمة حتى الآن. ولما كانت المرأة هي الطرف المضحي به في العملية الحياتية على كافة المستويات؛ كان لا بد من ظهور ما يسمي بدراسة أوضاع المرأة، التي تحولت إلى دراسة قضايا المرأة وانتهت إلى ضرورة النهوض بالمرأة باعتبارها تمثل نصف سكان العالم، وأن تخلف معظم الشعوب يعود في أحد أسبابه لعدم إشراك المرأة في التنمية وتعطيل قدراتها.

   وكانت اتفاقية إلغاء كافة أشكال التمييز ضد المرأة في نهاية عام 1979، والتي صدقت عليها معظم دول العالم سنة 1981، تهدف إلي أن تحصل المرأة على حقوق متساوية مع الرجل في كافة الميادين ، ويعتبر إدماج فصل مستقل عن المساواة والجندر والإنصاف وتمكين المرأة في برنامج عمل المؤتمر الدولي للسكان والتنمية ICPD المنعقد في القاهرة سنة 1994، دليلا على الاعتراف بأهمية التحليل الذي يعتمد على الجندر كان النهج القديم الذي يتحدث عن المرأة والتنمية كمدخل للقضاء على التمييز ضد المرأة، هو ما عنت به العديد من الدراسات خاصة المصاحبة لمؤتمر المرأة العالمي في بكين عام 1995م، وظهرت أداة التحليل الحديثة المعروفة باسم الجندر، واستبدلت مذهبية المرأة في التنمية إلى النوع الاجتماعي “الجندر” (4) مما يعد محاولة جادة لصياغة نظرية “عالمية- حول أوضاع عدم المساواة النوعية.

x