نظريات حل المشكلات

– نظرية الجشتالت

تعتبر نظرية الجشتالت من أكثر المدارس المعرفية تحديداً و أعتماداً على البيانات التجريبية، وأن ما قامت به هذه النظرية من مساهمات حول طبيعة الأدراك وأسلوب حل المشكلات له أثر فاعل في فهم عملية التعلم الإنساني وتركز هذه النظرية أهتمامها على سيكولوجية التفكير المتمثلة بعمليات الأدراك والتنظيم المعرفي (الزغلول ، 142:2002) وأكدت هذه النظرية على اهمية الأستبصار في الوصول الى الحل أثناء مواجهة المشكلات وتناولت هذه النظرية اسلوب حل المشكلات بعناية بالغة في الأهمية (الشناوي، 244:1996)، ويعتبر كوهلر الذي يعد من رواد هذه النظرية الذي أشار على ان الأستبصار يتم من خلال اعادة  تنظيم العلاقات المحيطية بالمشكلة وربطها مع بعضها البعض (عبد الهادي، 74:2004)، وتمثل المشكلة التي يواجهها الفرد من وجهة نظر العلماء الجشتاليون على انها حالة من عدم التوازن في المجال الأدراكي، وهي بذلك تتطلب اعادة التركيب من اجل الوصول الى الحل المناسب للمشكلة (بكداش ، 164:200)، ولقد أشار ورتيمر (Werthheimer) في كتابة التفكير الأنتاجي على ان الأستبصار له اهمية كبيرة في حل المشكلاتلكونه يتميز بالأصالة ويكون في مستوى المهارة (الأزيرجاوي ، 290:1991)، ويتبين الأستبصار في ما يقوم به الفرد في حل مفاجئ للمشكلة بصورة كاملة وموحدة من دون ان يسبقه الا القليل من الخطأ أو قد لا يسبقه أي خطا (ابراهيم، 320،2004). ولقد قدم العالم كوهلرأعتراضاً على التفسير الذي قام به تورندايك مفاده بان الحيوان يتوصل عن طريق المحاولة والخطأ الى حل المشكلة ولكون علماء النفس ومنهم ثورندايك فأنهم يغفلون أهم جزء في عملية حل المشكلة هو ان الحيوان يرى الموقف بكاملة ولا يدرك العلاقات بين أجزاء الموقف المشكل (توق واخرون، 32: 2002) ولقد أكد كوهلر (Kohlar) على ان الحيوان يستطيع عن طريق الأستبصار ان يتجاوز السلوك العشوائي الى السلوك الصحيح في محاولة واحدة اذا ما تم عرض الأشياء بوضوح (سليم و زيعور ، 144:1986)، وعليه فأن على علماء نفس الجشتالت فقد أكدوا على اهمية المحاولة والخطأ في مواجهة المشكلات فقد اكدوا تعقيداً لأن أدراك هذه المشكلات كلياً يكون أمراً بالغ الصعوبة والتعقيد (ويتنج، 208:2005).

ويرى علماء الجشتالت على ان عملية حل المشكلات تتم من خلال مجموعة من الخطوات جب ان يقوم بها الفرد وهي كالأتي:

  • عملية الإدراك: تعني أدراك الفرد للعناصر الموجودة في الموقف المشكل المؤثرة في الفرد وإدراك العلاقة التي ترتبط بين هذه العناصر مما يجعل الفرد يغير نظرته للمشكلة التي يواجهها نتيجة وعيه وادراكه لها (محمود ، 78:1998).
  • التنظيم وإعادة التنظيم: وتعني هذه المرحلة فهم عناصر المشكلة وتنظيمها إذْ أن القائم بأدراك العلاقة والقائم بتكوين فكرة عامة عن الحل الصحيح يعيد تنظيم المجال بشكل معين من أجل الوصول الى الحل (أبو جادوا، 215:2000).
  • الأستبصار والنقل الى المواقف الجديدة:- وهي المرحلة التي قد يظهر فيها الحل بصورة مفاجئة أو بالتدرج حسب نوع وشدة المشكلة التي يواجهها الفرد، وأن الحل يظهر كذلك من خلال الفهم الكامل للبنية الكلية ويجب التاكيد على أفضل الطرائق من اجل الوصول الى الحل المطلوب (راجح ، 253:1983). والأستبصار من وجهة نظر الجشتالت يعد الاداة الفاعلة في حل المشكلات حيث يلاحظ عليه.
  • أدراك ما هو موجود من علاقات بين عناصر الموقف المشكل قبل الأستبصار.
  • ان حل المشكلة يكون قد تحقق من خلال الأستبصار بالمشكلة التي يواجهها الفرد.
  • أن ما يقوم به الفرد من حلول قائمة ومعتمدة على الأستبصار في المشكلات التي يواجهها لا يتراجع الى أسلوب المحاولة والخطأ في المرات اللاحقة.
  • ان ماتم التوصل اليه من حلول في الأستبصار يستخدم في جميع المواقف المتشابهة، ويطور سريعاً في حل المشكلات الأكثر تعقيداً (عريفج،2000 ،184-185) ولقد أشار علماء نفس الجشتالت عن اهمية التفكير المنتج وربط الخبرات السابقة بالطرائق الجديدة وان ما يميز سلوك الأفراد البالغيين في حل المشكلات التي يواجهونها هو قيامهم بحل تلك المشكلات عن طريق الأستبصار للمشكلة من اجل الوصول الى الحل (Lylce, et, al 1971: 66).
  1. نظرية بياجيه:

تؤكد نظرية بياجيه (1960) على ان عملية حل المشكلات التي يقوم بها الفرد تتأثر بالنمو المعرفي الذي يحدث من خلال أربع مراحل متتالية وكل واحدة من هذه المراحل تعد نقلة نوعية نحو الأمام في قدرات الفرد لحل مشكلاته (الشيباني، 76:2000)

وان هذه العملية التي أكدها بياجيه تتم مع ظهور التمثيلات العقلية لدى الأفراد وأن هذه التمثيلات تعد صور عقلية لموضوعات غائبة والأحداث سابقة جرت في الماضي وتبعاً لذلك فان الأفراد يتمكنون من حل المشكلات التي تواجههم حلاً رمزياً بدلاً من الأعتماد على أسلوب المحاولة والخطأ (أبو غزال، 146:2006).

وأشار بياجيه الى أن الفرد يقوم بحل مشكلاته التي يواجهها ويتفاعل مع البيئة المحيطة به ، حيث أشار الى ان العملية التكيف تشتمل على عمليتين متكاملتين هما التمثيل والموائمة فأحدهما مكملاً للأخر فالتمثيل يعني القيام بتعديل المعلومات الجديدة بما يتناسب مع الأبنية المعرفية الموجودة لدى الفرد. أما المواءمة فتعني تفسسير وتعديل الأبنية المعرفية الموجودة لدى الفرد لتتلاءم مع المعلومات والخبرات الجديدة التي يواجهها الفرد في البيئة المحيطة به (أبو جادوا ، 102:2000-103).

  1. نظرية معالجة المعلومات :

تعد نظرية معالجة المعلومات من النظريات المعرفية المعاصرة حيث تؤكد على المبادئ التي تعمل بموجبها اجهزة الحاسبات الألكترونية في معالجة المعلومات من حيث أستقبال هذه المعلومات وتخزينها وأسترجاعها وتهتم هذه النظرية بدراسة التعلم والذاكرة البشرية (الزغلول، 149:2002).

حيث أفادت هذه النظرية من دراسة الدماغ ما يجري عليه من عمليات عقلية (الطائي،58:2003)، وان الباحثون في الدماغ ينظر اليه بوصفه نظاماً متطور جداً يقوم بمعالجة المعلومات ومن هذه المعلومات التي يقوم بمعالجتها الدماغ ما هو موجود في البيئة والذاكرة ، حيث أن الفرد يقوم بتصنيف كميات كبيرة من المعلومات في المشكلة التي يواجهها من أجل الوصول الى الحل (غانم، 208:1995) وان أصحاب هذا الأتجاه يعتقدون ان هنالك تشابهاً بين النشاط العقلي الموجود لدى الأفراد وعملية معالجة المعلومات التي تجري في الحاسبة الألكترونية وان حل المشكلة التي يواجهها الفرد تعتمد على مالديه من قدرة في التعرف على المعلومات وتفسيرها وترميزها وأدراك ما هو موجود من علاقات قائمة بين عناصر الموقف وأسترجاع الخبرات السابقة في الذاكرة وربطها بالموقف من اجل الوصول الى الحل المطلوب (الزغلول،2002: 308) .

  1. نظرية أوزبل:

يعتقد اوزبل (Ausubel) ان حل المشكلات التي يقوم بها الفرد يضم أي فعالية عقلية أو نشاط يحصل فيها التمثيل المعرفي لخبرة سابقة مع عناصر الموقف المشكل لحل المشكلة، إذ ان النشاط في هذا المستوى يتطلب أجراء العديد من العمليات العقلية ويحددها ما متوفر من بدائل ومستوى التفكير الذي يقوم به الفرد من أجل تكوين مبدأ او اكتشاف نظام يحدد العلاقات الداخلية للعناصر التي تؤدي الى حدوث المشكلة من اجل الوصول الى الحل (Ausubel,1988: p234).

  1. نظرية جانيه:

يعتقد جانيه (Gagne, 1977) ان حل المشكلات التي يقوم بها الفرد ما هو الأ سلوك موجه نحو هدف معين وتوجهه ستراتيجيات تفكير من أجل الوصول الى تحقيق الهدف من خلال إدراك العلاقة بين مبدأين او اكثر وان عملية حل المشكلات تتوقف على قدرة الفرد في مواجهة المشكلة وعلى وجود شروط داخلية تمثل المتطلبات الرئيسة لحدوث التعلم، وتشمل هذه المتطلبات المعرفة والمبادئ والمفاهيم وقدرة الفرد على التمييز والتعميم (الزغلول،2002:308) وأن عملية حل المشكلات تقع في قمة الترتيب الهرمي الذي قام به جانيه (نشواتي،1985: 308).

حيث قام جانيه (Gagne) بعزل نوع خاص من أنواع التعلم لحل المشكلات لأنه يتطلب عمليات معرفية داخلية ، أذ يتطلب تعلماً اعلى من تعلم المبادئ والقواعد، وأستخدام المفاهيم والقواعد التي سبق تعلمها وتوليد مفاهيم وقواعد جديدة ن أجل تحديد المشكلة والبحث عن الحلول الممكنة للمشكلة (جابر 452:1999). وعندما يقوم الفرد بحل المشكلة التي يواجهها فانه يكون قد أنتقل الى مراحل اكثر تقدماً من المراحل السابقة في التعلم وبأداء جديد من أجل التوصل الى افضل الحلول (سعادة وأبراهيم، 38:2001). ولقد أشار جانيه الى أشكال السلوك المتصل بحل المشكلات هي أشكال يمكن تعلمها وتعليمها وبين مجموعة امور في حل المشكلات هي:

أنشاء أفكار جديدة وغير عادية. وتعني التأني وعدم التسرع في أصدار الأحكام وتحليل المعلومات الصعبة الى عناصرها وكذلك تحديد الجوانب الرئيسة للمشكلة ثم الألتفات الى الحقائق ذات الصلة بالمشكلة (ملحم، 262:2006).

ويرى جانيه أن المحفزات الخارجية والمثيرات تؤثر على حواس الفرد حيث يتم أستقبالها بصورة انتقائية منظمة وتتحول بذلك الى رسائل عصبية تصل الى الجهاز العصبي ثم تختزن حتى يتم استرجاعها وعندما يقوم بأسترجاعها يقوم الجهاز العصبي بتحويلها الى أستجابات تظهر في صور لفظية وحركية والتعلم في هذه الحالة عبارة عن مجموعة من العمليات التي تحدث داخل الانسان بين مرحلتين تلقى المثيرات (المدخلات) والحصول على الأستجابات (المخرجات) حيث تتم هذه العملية ضمن مجموعة من العمليات تحدث داخل الدماغ.

  • يعد المسجل الحسي المسؤول عن العمليات الأولية أي أن أدراك المثيرات البصرية والسمعية لمثيرات اخرى سمعية وبصرية تستقبلها الحواس ويقوم المسجل الحسي يتحويل تلك الرسائل الى رموز قياسية وان هذه العملية تتم بسرعة فائقة (الطائي، 35:2003).
  • ان للمثيرات البيئية تأثيرها على الحواس والتي تعد اعضاء حسية وهذه الأعضاء تقوم بنقل المثيرات الى الجهاز العصبي المركزي ، وتمر بجهاز تسجيل وتصنيف يطلق عليه الجهاز الحسي.
  • أن الرسائل تدخل الى الذاكرة قصيرة المدى فتتم في هذه الذاكرة عملية أعادة تنظيم لها، وأن الفرد أذا أراد أن يقوم بحفظ المعلومات فأنها تسجل وتنقل بطريقة مناسبة الى الذاكرة (طويلة المدى) التي تعد مستودع معلومات الموجودة في الذاكرة (طويلة المدى) والقصيرة المدى في عملية الأستجابة (جابر،361:1980).
  1. نظرية لازاروسوفولكمان في التقدير الذهني المعرفي :

       كرس لازاروس اهتمامه في هذه النظرية على التقييم الذهني ورد الفعل من جانب الفرد للمشاكل التي يواجهها وأتفق لازاروس مع ولتركانون على ان المشكلة تحدث من خلال التفاعل بين الفرد والبيئة المحيطة به إذ أكد على التقييم الذهني من جانب الفرد ومن ثم الحكم على المواقف التي يواجهها الفرد، وان الأفراد يختلفون فيما بينهم في تقييمهم للمواقف التي يواجهونها من حيث الضغط والظروف المحيطة بالأفراد فالموقف الذي يكون مصدر أزعاج لشخص اخر ربما لا يكون ازعاجاً لشخص أخر (وفاء،4:1994)، حيث قام لازاروسوفولكمانبأختيار الطريقة التي يواجهها الفرد لإحداث المواقف الضاغطة التي تؤدي الى التوتر والتعصب وأدراكه لها وتقييمه ألمعرفي الذاتي، ويعلب التقييم المعرفي دوراً بالغ الأهمية في عملية فهم كيفية ادراك الفرد للمواقف الضاغطة وطريقة تعامله معه وهذا التقييم يتكون من عنصرين هما: التقييم الأولي والتقييم الثانوي في المشكلات التي يواجهها الأفراد والحلول التي يضعونها من أجل تجاوز هذه المشكلات (حسن،48:1990).

  1. نظرية ستيرنبرغ (Sternberg)

قدم ستيرنبرغ (Sternberg) في نظريته هذه تنظيراً عن حل المشكلات ولقد قدم تساؤلاً مفاده (ما هي المشاكل التي تحاول حلها في حياتك) فالفرد يواجه الكثير من المشكلات التي تعترض حياتنا اليومية لكننا نتعرف على مشكلاتنا اعتماداً على ما نمتلكه من معلومات في البنى المعرفية وكذلك ما نمتلكه من خبرات سابقة في مجال حل المشكلات فبعد التعرض للمشكلة علينا ان نتعرف على حدودها وأهدافها ومن أجل حل هذه المشكلة بشكل مبدع قد يكون من المفيد أعادة النظر بالمشكلة وإعادة تعريفها كمشكلة وأن حل المشكلات كأسلوب معرفي لايبدأ إلا من خلال التطرق للمشكلات فالكثير من المشكلات يجب ان تحدث ضمن بيئتها ثم يجب ان تعرض وتمثل عقلياً(Sternberg,2002:35).

ويرى ستيرنبرغ (Sternberg) أن الأفراد الذين يمتلكون القدرة على حل المشكلات فأنهم يمتلكون أبنية معرفية قوية تساهم في تمثيل جديد وفعال للمشكلة، وان الخطوة الفارقة بين ما نطلق عليهم الناجحون والفاشلون في حل المشكلات اللفظية مجموعة من الجمل تعبر او تدل على تصور العلاقات الرياضية بين متغيرين أو اكثر تكمن في طريقة الفرد في قراءة المشكلة وتحديد مدى فهمه لمعطياتها ويمثل هذا الفرق في نوع الأسلوب الذي يستخدمه كل فريق من الفرق في حل هذا النوع من المشكلات (Sternberg,2003:56) وقد أقتراحستيرنبرغأستراتيجية لحل المشكلات بعنوان حلقة التفكير تقوم على أساس ان التفكير الصحيح لحل المشكلات ليس تفكير خطياً أو لوغاريتما بأتجاه واحد بل هو تفكير دائري تتواصل حلقاته أثناء حل المشكلة لأن التوصل الى حل مشكلة ما قد يؤدي الى بداية مشكلة جديدة (جروان، 101:1999-102)، وان دورة حل المشكلات حسب ما جاء بها ستيرنبرغ تتألف من الخطوات الأتية:

  • التعرف على المشكلة: يعني وجود عائق يمنع تحقيق هدف معين او أدراك ذلك، لأن ما يعد مشكلة لشخص ما قد لا يعد مشكلة لشخص اخر.
  • تحديد المشكلة:يعني تعرف أبعاد المشكلة من خلال البيانات المعطاة وتحديد عناصر الهدف او الغاية الرغوية.
  • بناء أسترايجية الحل: التفكير في المشكلة وتحليلها او تحديد عناصرها الرئيسة.
  • تنظيم المعلومات حول المشكلة: تنظيم المعلومات المتوافرة حول المشكلة بطريقة تسمح بتطبيق الحل.
  • تجميع مصادر المعلومات: جمع المعلومات واعادة تقييم المصادر المتوافرة عن المشكلة.
  • مراقبة حل المشكلة: مراقبة اجراءات حل المشكلة ومتابعة التطورات التي تطرأ على المشكلة.
  • تقييم حل المشكلة: تقييم النتائج في ضوء الأهداف والأساليب المستعملة والتحقق من فاعلية الأساليب وخطة الحل بوجه عام.

وان دورة حل المشكلات التي وضعها ستيرنبرغ وما تتضمنه من خطوات تعد دورة وصفية ولا تتضمن سريان هذه العملية بشكل تتابعي بحسب الترتيب المذكور وعلى العكس فأن القائمين على حل المشكلات يتمتعون وحسب رأي ستيرنبرغ بالمرونة لأنهم يقومون بحل مشكلة فأنهم سيواجهون أخرى وعليه ان يكرر الخطوات نفسها مثلاً عندما يتعرض الفرد لمشكلة في موقف معين فانه يتطلب حلا وحسب الخطوات التي وصفها ستيرنبرغ وعند الأنتهاء منها سوف يواجه بأستخدام الخطوات نفسها لحل مشكلته (Sternberg,2003:67) . ويرى ستيرنبرغ ان المشكلات صنفان الأول (المشكلات المعرفة) و (المشكلات الغير معرفة) فالصنف الأول هي مشكلات تكون واضحة تعتمد على المعلومات المتوفرة لدى الفرد مثلاً عملية أحتساب عملية حسابية سهلة المعالم (5+6=11) فالمشكلة عبارة عن مشكلة حسابية مباشرة سهلة المعالم أما على النقيض من ذلك فأن المشاكل غير واضحة المعالم تتميز بأفتقارها لطريقة الحل ولما كانت هذه المشكلات تفتقر الى الحل او عبارة تعريف لها فأنها ستجعل مهمة تحديدها وتمثيلها ذات تحدي كبير كان تكون عملية حسابية معقدة فيقوم الفرد بمراقبة خطوات الحل عدة مرات للوصول الى الحل (Sternberg,2001:54) ولقد صنف كيتزلز (Keatzliz) المشكلات اعتماداً على كيفية أيجادها الى ثلاثة انواع من المشكلات هي (المشكلات التي تقدم، المشكلات التي تكتشف، المشكلات التي يتم اختلاقها) فالمشكلة المقدمة هي التي تعطي للقائم على حل المشكلة مباشرة وفي مثل هذه الحالة ليس هناك داعي للتعرف وأيجاد المشكلة فالمشكلة واضحة وتحتاج الى حل اما المشكلة التي تكتشف هي التي يجب أن يتم التعرف عليها مثل هذه المشكلة موجودة ولكنها غير واضحة بالنسبة للقائم على حلها وفي مثل هذه الحالة على القائم بالحل أن يجمع اجزاء المشكلة الموجودة والبحث عن ثغرة لفهم ماهية المشكلة واكتشافها وعلى العكس، أما النوع الأخير من المشكلة هي المشكلة التي يتم اختلاقها حيث تؤدي الى حل خلاف لأن عبارة المشكلة تشهد أنحرافاً عن الطريق الأعتيادي للتفكير حول المشكلة وهنا ينمو ويظهر الجانب الأبداعي في أيجاد الحل للمشكلة (Sternberg, 2003:78).

إن تحديد المشكلة هو تحدي يتطلب من القائم على الحل أن يذهب الى ما وراء المجال الذي هو فيه في أختزال الحاجة للعمل، ويشير تمثل المشكلة  الى ان المنهج الذي تكون فيه المعلومات المعروضة حول المشكلة منظمة عقلياً حيث تتألف التمثيلات العقلية حسب رأي ستيرنبرغ من أربعة اجزاء هي (وصف مبدئي لحالة المشكلة، وصف حالة الهدف، مجموعة المؤثرات المسموح بها، مجموعة من المعوقات) ومن خلال الأحتفاظ بهذه المعلومات في الذاكرة على شكل تمثيل عقلي فأن القائم على الحل سيكون قادراً على تذكر الكثير حول المشكلة من خلال توفير المعلومات لكي يتم تنظيم ظروف وقواعد المشكلة لتحديد ما هي الإستراتيجيات الأكثر فائدة وتقييم التقدم باتجاه حالة الهدف ويمكن تمثيل المشكلة بعدة طرائق مثلاً قد تكون لفظاً او عن طريق النظر وحتى المشاكل المقدمة يمكن ان تتطلب توليد تمثيل جديد لها مثلاً مشكلة ايجاد طريقك الى موقع جديد قد تجد من السهل اتباع خريطة تتكون من مجموعة من الأتجاهات أذا كان لديك مشكلة في قراءة الخريطة قد يكون من المفيد كتابة وصف الطرائق التي تؤدي الى المكان أي المادة تمثيل المعلومات بطريقة تسهل وحصولك الى وجهتك ومن المهم ملاحظة ان هذه الأواصر الثلاثة لحل المشكلة ليست منفصلة أي تعد مراحل متعاقبة في عملية الحل أكثر من كونها متداخلة يصعب فصلها في حال حل المشكلة الحقيقة فعندما تمثل المشكلة بطريقة جديدة فقد يقرر القائم على الحل اعادة تعريف وتحديد الهدف فإعادة التعرف يتطلب تمثيلاً جديدا (Kufman, 2001:60- 65). أن تمثيل المشكلة المحددة بشكل جيد ليس بالضرورة ان تكون سهلة اما في حالة المشكلات غير المحددة او المعرفة سيشكل تحدياً بشكل نسبي  قد تكون أسهل المراحل في المحاولة لحل المشكلة غير المعرفة بشكل جيد في تحديد المشكلة ، فأن أستراتيجية الحل للمشاكل غير المعرفة بشكل جيد يجب أن يحددها القائم بالحل ولأجل تطوير استراتيجية الحل من الضروري تحديد أهداف مهمة التي يراد حلها او الوصول اليها (Sternberg, 2001:86) .

ويرى ستيرنبرغ (Sternberg) أن البحوث التي قدمت في حل المشكلات لم تكشف الشيء الكثير حول العمليات التي تنظمنها عمليات تحديد المشكلة، وتعريف المشكلة وتمثيل المشكلة حيث أكد ستيرنبرغ على المراحل الأخيرة من مراحل حل المشكلات دون المراحل المبكرة وان ضرورة دراسة المشكلات الغير معرفة بشكل جيد هي عموماً اقل عطاء من دراسة المشكلات المعرفة بشكل جيد (Metculfe, 2002:98).

وفي يومنا هذا ان اغلب المشكلات التي يواجهها الأفراد في العالم هي صعبة وغير معرفة بشكل جيد فأغلبها تمتاز بالغموض وصعوبة الحل بسبب تداخل التطورات التي تحدث في مجال المعرفة والتكنولوجيا ويكون لها في بعض الأحيان جهد معرفي في حل هذه المشكلات، ويقدم ستيرنبرغ رؤيا حول حل المشكلات في أنظمة التعليم الحالية حيث يرى أن نظامنا الحالي وما شهده من تطور سريع وانفتاحه على العالم الخارجي جعل الطلبة في حالة استقرار وتوازن وانتباه وعليه فان الانظمة التعليمية يجب انتدرس كيفية حل المشكلات التي يواجهها الطلبة للأجابة على الأسئلة التي تقدم بشكل واضح ومعرف في صفوفهم اكثر من تعليمهم على صياغة طبيعة المشكلات وعادة ما تكون المهارات المعرفية المشتركة في حل المشكلات المعرفة بشكل جيد ليست نفسها التعرف على المشكلات الغامضة أو اختلاقها حيث تكون الحاجة لهذه المهارات لبيان مشكلة ما وتمثيل المعلومات حولها بطريقة تسمح بحلها وفق أساليب معينة(Sternberg, 2002:73) ويحاول ستيرنبرغ ان يقدم بعض المتغيرات ذات التأثير على اسلوب حل المشكلات ومن هذه المتغيرات (المعرفة، الأسلوب، والعمليات المعرفية، الأختلافات الفردية في القدرة، العوامل الخارجية في ضبط المحيط الجتماعي) ويمكن التعرف على هذه المتغيرات بشيء من التفاصيل:

المعرفة: يتعامل كل فرد في حالة المشكلة ضمن قاعدة معرفته، وتلك القاعدة هي مجموعة من التوقعات حول كيف تجرى الأمور والمتغيرات في العالم وعند التعرض للمشكلة حيث تعرف او تمثل المشكلة فأننا نضعها في اطار ما نعرفه وهنا تم تمثيل المشكلة عتماداً على معرفة القائم بحل المشكلة.

الأسلوب: يرى ستيرنبرغ ان الأسلوب مهم بالنسبة لحل المشكلات ولقد أكد على ضرورة ان يكون القائم بحل المشكلة ان يتمتع بأسلوب مختلف عن الأخر ولما كانت بعض المشكلات تحل بطرائق مختلفة ويرجع ذلك الى الأساليب في حل المشكلات فالأسلوب يتحدد مع الخبرة ويكون التعامل أفضل في مواجهة المشكلة التي يتعرض لها الفرد بأسلوب الخاص ويعد الأسلوب مهارة يمتلكها الفرد في مواجهة بعض المشكلات ويختلف الأفراد في أسلاليبهم لمواجهة المشكلات التي يتعرضون لها.

العمليات المعرفية: أثبت البحوث على ان التنظيم للعمليات المعرفية لدى الافراد يسهم بشكل كبير في مواجهة المشكلات وحلها، وكلما كان الفرد منظماً لعملياته المعرفية كان أسرع وأدق في مواجهة مشكلاته وعند مواجهة الفرد للمشكلة فانه يحاول مراجعة عملياته المعرفية وصولاً الى الحل الصحيح والفعال في مواجهة هذه المشكلات.

الأختلافات الفردية: يختلف الأفراد في معرفتهم وخبراتهم التي يمتلكونها وكذلك قدراتهم العقلية والمعرفية التي يسعون لمواجهة المشكلات بمختلف انواعها اذا كانت اجتماعية أو حسابية فكل منا قدرته وإمكانيته على مواجهة المواقف ومهما كانت صعبة ولهذا تجد من يحل مشكلاته بوقت قصير ومن يحملها بأطول وقت وهذه الأختلافات تعود للأفراد انفسهم في حلهم للمشكلات التي يواجهونها.

العوامل الخارجية والبيئة المحيطة: لكل فرد بيئته التي تحيط به ويتعرف عليها ويمثلها في عملياته المعرفية ولأختلاف البيئات يختلف الأفراد في كيفية مواجهة المشكلات ويعد متغير البيئة الخارجية مهم جداً فالأفراد المناطق المزدحمة يختلفون عن افراد المناطق العادية والأفراد الذين يعيشون في بيئات كثيرة المشاكل فيها فان هذه البيئات تزود الأفراد بالخبرة الكافية لحل المشكلات المختلفة باختلاف الظروف المحيطة بهم حيث تساعدهم على حل المشكلات التي يواجهونها (Sternberg:2001:44).

وقد ركز ستيرنبرغ على موضوع مهم وهو التعرف على المشكلة حيث التعرف على المشكلة ضمن معرفة الشخص في مجال معين والحقيقة ان معرفة الخبير المنتظمة تختلف عن الفرد المبتدئ والتي ستؤثر على طبيعة المشكلة التي تم تحديدها في مجال معين وقد أظهرت الدراسات في حل المشكلات أن المشكلات تحل بمقدار معين من الخبرة في مجال معين قبل ان يبدأ بالتعرف وأختلاف مشاكل جديدة ويتمكن الفرد بعد معرفته بشكل جيد بحالة من التعرف على التغيرات في مجال معرفته فالمبتدئون أكثر عرضه للتعرف على المشكلات التي يتم تناولها في الماضي ليس فقط يحتاج الخبراء ان يكونوا معتادين بشكل كامل بمجالهم في التعرف على المشكلة حيث تلعب المعرفة اليومية للخبير في مجال محدود دوراً مهماً في التعرف على المشكلة وكذلك طبيعة المشكلة وتمثيلها (Sternberg, 1995:63).

الأستراتيجيات والعمليات المعرفية كما يراها ستيرنبرغ:

قدم ستيرنبرغ نموذجاً للستراتيجيات في التعرف على المشكلة التي يتعرض لها الأفراد وتعريفها وتمثيلها وقد طوره (ممفورد وبالمون) ويعد واحداً من عدة نماذج التي حاولت وصف العمليات المعرفية تشترك في المراحل الأولى في حل المشكلات (Sternberg,2001:59) وان هذه الأستراتيجيات التي تبعها ستيرنبرغ في حل المشكلات تسمى (حلقة التفكير) حيث تقوم على أساس ان التفكير الصحيح لحل المشكلات ليس تفكيراً خطياً في أتجاه واحد بل هو تفكير دائري تتواصل حلقاته أثناء حل المشكلة وبعد حلها في أتجاهين، لأن التوصل الى حل المشكلة قد يؤدي الى بداية مشكلة جديدة او عدة مشكلات وتتألف أستراتيجية حلقة التفكير من الخطوات الآتية: الحساس بوجود المشكلة ، وتحديد طبيعة المشكلة بوضوح، والتعرف على اسبابها، وتحديد متطلبات حل المشكلة وخاصة الموارد من حيث الوقت والمال والتزام ذوي العلاقة بالمشكلة ودعمهم، وضع خطة لحل المشكلة ، وبدء تنفيذ الخطة، ومتابعة عملية التنفيذ بصورة منظمة ومستمرة ، ومراجعة الخطة وتعديلها او تنقيحها في ضوء التغذية الراجعة إثناء التنفيذ ، وتقييم حل المشكلة والأستعداد لمواجهة أي مشكلات مستقبلية تنجم عن الحل الذي تم التوصل اليه (Sternberg,1991:200

x