يتناول هذا الكتاب موضوعة على جانب كبير من الأهمية، يغلفها البعض، وتأتي هذه الأهمية من واقع العصر الذي نعيشه وما به من تسارع في التقدم العلمي والتكنولوجي بصورة تفوق الخيال في كافة مجالات الحياة، بصفة خاصة مجالي الإعلام والتربية، وما يترتب على هذا التقدم من إيجابيات وسلبيات قد تفوق الإيجابيات بكثير، وهي ما يحاول هذا المجال التصدي لها ومجابهتها. إنه مجال الإعلام التربوي والذي أصبحنا في عصرنا الحالي في أمس الحاجة إليه.
- وذلك على عدة مستويات:
- أولا: على مستوى مجال التربية والتعليم، وحاجته إلى وسائل مساعدة ومساندة للعملية التربوية والمناهج الدراسية وهو ما يقوم به الإعلام التربوي بوسائله المتخصصة في المؤسسة التعليمية كنشاط مدرسي موجة للأطفال الذين يمثلون نصف الحاضر وكل المستقبل، فقوة الدول تقاس بمدى قدرتها على تربية أبنائها تربية شاملة متكاملة، والنشاط المدرسي مثل المتنفس التربوي الأول لاكتشاف مواهب وميول وقدرات واهتمامات التلاميذ وتطويرها في مراحل عمرية مبكرة، كما أنه يسهم في تربية النشئ تربية متكاملة في جميع المراحل الدراسية ويكسبهم خبرات تربوية قد تفوق أثر التعلم في الفصل الدراسي وتمثل جانب تربوية مكملا ومتممة للعملية التعليمية، خاصة وأن النشاط المدرسي يعتبر من أهم أسس التربية الحديثة فهو يساعد في بناء الجانب النفسي والاجتماعي والقيمي والجمالي والحركي عند الطفل امل المستقبل.
- ثانيا: على مستوى وسائل الإعلام والاتصال العامة في المجتمع، فهي في أمس الحاجة إلى إعلام تربوي هادف يساهم في بناء المجتمع، إعلام ذو قيم وأهداف أصيلة يبثها في أفراده رؤية جديدة في الإعلام التربوي من خلال برامجه وأعماله في كافة المجالات، كما نحتاج إلى فلتره وتنقية المواد والبرامج الإعلامية من كل الثقافات الوافدة الغريبة على مجتمعاتنا العربية والإسلامية، والتي تهدف إلى هدم مجتمعاتنا ومحاربتها في ثقافتها وعاداتها وتقاليدها الأصيلة، حرب من نوع جديد هدفها هدم المجتمعات داخلية وقيمية ودينية وعقائدية وثقافية، والإعلام التربوي الهادف هو السبيل لمواجهة كل هذه التحديات.
- ثالثا: على مستوى الأفراد في المجتمع، فهم في عصرنا الحالي الذي يتطور فيه كل شيء بسرعة مذهلة في حاجة إلى التطور أيضا هم في حاجة إلى مؤسسات تعليمية تراعى طفولة أبنائهم واهتماماتهم وميولهم من خلال الأنشطة المدرسية بما فيها نشاط الإعلام التربوي أيضا في حاجة إلى إعلام ذو قيم وأهداف أصيلة يسمو بأفراد المجتمع، لا إعلام مضلل خادع يهبط بالقيم الأخلاقية والذوق الرفيع.
إن الإعلام التربوي قادر على خلق مجتمع متحضر ومتطور ذو قيم أخلاقية واجتماعية وتربوية أصيلة تسمو به وتوحد أفراده وتزيد من تماسك البنية الداخلية فيه، مجتمع يحافظ على قيمة ومبادئه التي يدين بها ويعمل على تثبيتها والمحافظة عليها وعلى ثقافته وشخصيته من أن تذوب في الثقافات الغربية الوافدة، ويحاول المساهمة في إيجاد حلول للمشكلات والتحديدات التي تواجهه في ضوء معطيات العصر الحديث، والإعلام التربوي قادرة على تحقيق كل هذا ، وعلى المساهمة في تحقيق الأهداف والقيم التربوية الأصيلة والمشاركة في عملية التنشئة الاجتماعية والتربوية من الجانب الأخلاقي والاجتماعي والإنساني والتعليمي، والاستفادة من وسائل الاتصال والإعلام الحديثة وتطويعها لتحقيق أهدافه وخدمة المجال التربوي بصفة عامة، هذا بشرط سن استغلاله واستخدامه وتوظيفه لكي يستطيع أن يحقق أهدافه.
ولكي نوضح أهمية الإعلام التربوي ووظائفه وأهدافه وفلسفته ووسائله، كانت الحاجة إلى هذا الكتاب، وعلى حد علم المؤلفة إن هذا الكتاب يعد أول محاولة لتناول الإعلام التربوي من هذا المنظور الجديد الذي يوضح أهميته وضرورته للمجتمعات المعاصرة، كما أنه يعد أول كتاب يتناول الإعلامي التربوي “أخصائي الإعلام التربوي” وكل ما يعلق به بدايه من دخوله الجامعه واعداده فيها حتى المشكلات والتحديات التي تواجهه وتواجه مجال الاعلام التربوي بصوره عامه ، وطرح مقترحات لتطويره وتحسينه وتفعيل دوره في المجتمع.
- ولتحقيق النفع والفائدة من هذا الكتاب، قمنا بتقسيمه إلى عدة فصول كما يلي:
- الفصل الأول: مدخل إلى الإعلام التربوي.
- الفصل الثاني: أساسيات في الإعلام التربوي.
- الفصل الثالث: الإعلامي التربوي ” أخصائي الإعلام التربوي”.
- الفصل الرابع: مشکلات وتحديات الإعلام التربوي.
- الفصل الخامس: تطوير الإعلام التربوي وتفعيل دوره في المجتمع.
- ثم خاتمة الكتاب
وعلى هذا يمكن أن نكون قد أسهمنا في جعل القراء يفهمون معنى وقيمة الإعلام التربوي وأهميته في حياة المجتمعات المعاصرة، وضرورة التنسيق بين مجال الإعلام والاتصال ومجال التربية بهدف نفع مجتمعاتنا العربية والإسلامية.