اكتساب اللغة - Language acquisition

اكتساب اللغة – Language acquisition

يعد موضوع اكتساب اللغة (language acquisition  ) من أكثر مواضيع اللغة إثارة لاهتمامات علماء النفس اللغوي حيث دار حوار كبير حول الطرق التي يكتسب فيها الاطفال المفردات والتراكيب اللغوية منذ السنوات الاولى من أعمارهم . ويبداً الأطفال بتعلم كلماتهم الأول منذ السنة الأولى ليتعلم بعدها الجمل والتراكيب اللغوية بشكل مقبول مع عمر 4-5 سنوات من العمر . يذهب (جونز) الى ان اكتساب اللغة عملية يطور فيها الانسان قدراته اللغوية بنفسه في عملية مستمرة متتابعة مع النضج . ان الناس يولدون بقابليات عقلية لاكتساب اي لغة يسمعونها عندما يكونون صغاراً هناك شيئان لابد من تذكرهما حول ذلك :

  • الرضع صغار السن يجب ان يسمعوا اللغة وان يتلقوا تغذية راجعة واستجابات ملائمة عندما يستخدمون الاصوات اللغوية .
  • الرضع والصغار لديهم قابلية فطرية لاكتشاف نظام اللغة (الاجزاء والقواعد) عندما يسمعونها . وعلى كل حال فأن هذه القابلية تتناقض مع نمو الطفل , وبعد البلوغ يصعب على الفرد تعلم لغة جديدة . ان عملية اكتساب اللغة تقرر بيولوجياً , كما ان الخبرات والتدريب تؤثر في نمو اللغة .

ومثالاً على ذلك فقد نفذ (ستراير) في عام 1930 دراسة على الاطفال التوائم . احد التوأمين وعمره سنة واحد وثمانية اشهر اعطى تدريباً شاقاً في اللغة على مدة خمسة اسابيع , وفي نفس الوقت تم عزر التوأم الآخر في عالم خال من الكلمات . وقد وجد ستراير في نهاية فترة التدريب ان الطفل الذي خضع للتدريب كان متقدماً على الذي لم يتعلم ولم يسمع اي لغة لمدة خمسة اسابيع وتوصل الى النتائج التالية :

  • يكتسب الاطفال القضايا البنائية للغة تلقائيا بالسماع .
  • عامل الاستعداد يتأثر بالتدريب والخبرة كما يتأثر بالعمر ومرحلة النضج .
  • النضج يحدد او يضبط عملية اكتساب اللغة خلال الرضاعة والطفولة المبكرة . (الريماوي , 2008: 404) .

ويعتبر ستيرنبرغ (Sternberg , 2003) ان قابلية الانسان لاكتساب اللغة هي قابلية نفسية واجتماعية ذات طابع فطري مستبعدا اية استعدادات بيولوجية في اكتساب اللغة .

وظهرت العديد من النظريات التي تفسر اكتساب اللغة وكان من ابرزها النظريات السلوكية والنظريات الفطرية والنظرية المعرفية (هرمز 1989, Anderson : 1995 , Sternberg 2003) :

النظريات السلوكية : وتشمل تفسير نظريات الاشتراط الكلاسيكي والاجرائي ونظرية التعلم الاجتماعي من خلال المحاكاة والتقليد: يعتقد اصحاب هذه النظريات أن اكتساب اللغة لا يختلف عن تعلم اي سلوك آخر حيث ان الطفل يحدث اصواتا عشوائية من خلال المناغاة والسجع وتقدم الاسرة المعززات اللازمة لهذه الاستجابات من خلال الابتسام والحنان وتكرار ما ينطقه الطفل مما يعمل على تقويتها وتثبيتها وتعديلها للتحول الى مفردات واضحة لها دلالاتها اللغوية . ولذلك فأن تعلم اللغة يخضع لمبادئ التعلم من الثواب والعقاب مما يعني التحكم في احتمالية تكرار في المستقبل أو انطفائها.

ويرى بافلوف صاحب نظرية الاشتراط الكلاسيكي في التعلم ان الكلمات يمكن ان تصبح مثيرات شرطية تقترن برؤية الاشياء او سماعها أو شمها أو تذوقها أو لمسها . فعلى سبيل المثال اذا لمس الطفل جسما ساخنا (مثيراً غير شرطي) لتجنب الالم . وان سماع الام تصرخ بكلمة ساخن (مثير شرطي) قد يقترن حدوثه مع لمس الجسم الساخن مما يعني انه اذا سمع كلمة ساخن في المستقبل فانه سوف يسحب يده مما يشير الى تعلم معنى كلمة ساخن . كما يمكن للطفل نطق بعض الكلمات وفق نظرية الاشتراك الكلاسيكي من خلال اقتران بعض الكلمات أو المقاطع الأولية مع سلوك غير شرطي يؤدي في وضعه الطبيعي الى نتيجة ايجابية تبعث على السرور او ابتهاج الاخرين مما يعني ان تكرار نطق هذه الكلمة للحصول على الشعور بالارتياح والسرور .

ويرى سكنر صاحب نظرية الاشتراط الاجرائي في التعلم ان الاستجابات التي تعزز تزداد قوة أي أنه بالتعزيز يتم تشكيل جميع أنواع السلوك بما في ذلك اكتساب اللغة . ويؤكد سكنر أن الاطفال يخرجون وحدات صوتية اساسية مثل الفونيمات والمقاطع الصوتية التي يمكن تعزيزها انتقائياً مما يعطي الطفل فرصة جمع هذه المقاطع الصوتية غير المنظمة في نظام لغوي متعلم وجديد وبشكل تدريجياً لغة واضحة ومفهومة وعلى سبيل المثال يكرر كل الاطفال الفونيم ما … ما … ما … ما وبذلك فأن الام عندما تسمع ذلك فأنها تتوقف وتبتسم لطفلها وتحضنه وتردد معه نطق الكلمة بالشكل الصحيح . ومع تكرار محاولات الطفل وتوفر ردود فعل الام يقوي تعزيز الام نطق الطفل مما يهيئ الفرصة لتكرار استجابة الطفل بالاتجاه الصحيح نحو نطق كلمة ماما . كما يتعلم الطفل ان يوجه هذه الكلمة للام فقط بعد فترة من الزمن من خلال التمييز لأنه سوف يكتشف ان الام هي الوحيدة التي تستجيب وتعزز نطق هذه الكلمة .

ويوجه العديد من علماء النفس النقد الى نظريات الاشتراط في تفسيرها لاكتساب اللغة اذ يعتقد الكثير منهم ان اللغة قد تكون ناجحة في تفسير اكتساب الكثير من المفردات اللغوية لكنها غير ناجحة في تفسير اكتساب الكثير من المفردات اللغوية لكنها غير ناجحة في تفسير اكتساب الجمل والتراكيب المعقدة . كما ان اكتساب اللغة يتضمن اكثر من مجرد ربط اللفظ بالمدلول أو المواقف لان ذلك لا يفسر ترتيب المفردات وتركيبها كما لا تفسر النظرية الابداع والابتكار في استخدام اللغة . كما يشير بعضهم الى ان نظريات الاشتراط لا تفسر تعلم التراكيب والمفردات اللغوية المركبة والمعقدة في ضوء ان الاسرة وحتى المعلمين لا يعززون أو ينتبهون الى كل الالفاظ التي تصدر عن الاطفال مما يثير التساؤل عن كيفية تعلم الجمل والتراكيب الابداعية التي يصعب على الاهل احيانا تفسير مصدر تعلمها .

نظرية المحاكاة والتقليد : يؤكد البرت بندورا ان الاطفال يبدأون بمحاكاة الكبار منذ عمر السنة الاولى وفي الكثير من السلوكيات بما في ذلك اللغة . وتؤكد هذه النظرية ان الاطفال يتعلمون اللغة من خلال تقليد الكبار والاستماع لاحاديثهم وحواراتهم المستمرة من حيث ان الاستماع يعني القدرة على التخزين مما يتيح للأطفال فرصة التذكر ومحاولة نمذجة ما يقولونه الكبار , وخصوصا اذا ما توفرت الدافعية والرغبة في التقليد من خلال توفر معززات التقليد من الاخرين . وهناك جدل كبير بين العلماء حول نسبة ما يتعلمه الطفل من خلال النمذجة الا ان الدلائل تشير الى ان الاطفال يكررون الكثير من الكلمات التي يسمعونها من برامج الاطفال الكرتونية وغيرها او من قبل افراد الاسرة . وتتحدث الدراسات عن إمكانية تعليم الاسرة الجمل المبكرة , حيث يميل بعض الاطفال الى تقليد جمل الكبار بصورة مختصرة , واذا توفر التعزيز للأطفال مع تصحيح الجمل الناقصة , فقد تتم تهيئة الفرصة لتقليد الجمل كاملة . ويتأثر التقليد اللغوي بطبيعة العلاقة التي تربط الطفل بالاخرين , فقد يكون لنمط العلاقة الخاصة مع الاب او المعلم مبرر لنمذجة سلوكاتهم وبالتالي تقليد جملهم ومفرداتهم اكثر من غيرهم من الناس . وهذا ما يفسر سبب تأثر الاطفال بالبرامج الكترونية والعاب الفيديو والكومبيوتر في هذه الايام حيث تجدهم يقلدون جمل البطل ومفرداته المختلفة وبدرجة عالية من الدافعية .وينتقد بعضهم نظرية تعلم اللغة بالتقليد والمحاكاة بسبب عدم قدرتها على تفسير تعلم جميع اشكال الجمل بتراكيبها اللغوية السليمة واكتساب الاطفال للكثير من الجمل الجديدة الخاصة بهم . كما ان الكثير من التعابير اللغوية قد لا ترتبط بالنماذج اللغوية المتوافرة في بيئة الطفل . كذلك فان فكرة توفر النماذج اللغوية او غيرها لا تضمن بالضرورة  حدوث التعلم بالتقليد لان من شروط التعلم بالتقليد القدرة على الاحتفاظ بالنموذج , وتذكره بحرية تامة من قبل الطفل , وتوفر الرغبة الذاتية للطفل بالمحاكاة لمن يشاء من الكبار .

النظرية الفطرية : تحدثت العديد من النظريات الفطرية كنظرية تحليل المعلومات , والنظرية التحويلية , والنظرية التوليدية والتي يعد تشومسكي (Chomsky) من أكبر روادهما . انتقد تشومسكي النظريات السلوكية في اكتساب اللغة اي ان تفسيراتها بدائية وبسيطة وان الاباء لا يعملون دائما على تصحيح اخطاء الاطفال او تعزيز محاولاتهم اللغوية . كما ان لغة الكبار التي يسمعها الاطفال مليئة بالأخطاء اللغوية التي تعيق التعلم من خلال المبادئ السلوكية ويرى ان لغة الاطفال ليست انعكاسا لما يسمعونه في محيطهم البيئي .يرى اصحاب هذا الاتجاه ان اللغة قدرة فطرية يشترك بها جميع افراد الجنس البشري وقد تكون مرتبطة بالعوامل البيولوجية وطبيعة عمل النصف الايس من المخ . كما يرى اصحاب هذا الاتجاه ان جميع الاطفال بغض النظر عن ذكائهم او مدى تشوه الخبرات اللغوية البيئية من حولهم قادرون على تعلم اللغة وفق عدد من الخصائص البيولوجية الوراثية التي تجعلهم يكتسبونها تلقائياً . ولذلك يعد السجع والمناغاة وترديدات الاطفال (Baby Talk) انعكاسا لهذه القدرات الفطرية البيولوجية .

ويؤكد انصار النظريات الفطرية ان وجود ” القوى الفطرية ” لا يعني ولادة الاطفال بلغة جاهزة , وانما ولادة الاطفال بتراكيب ومخططات لغوية توضع قيد الاستخدام عندما يصل الطفل الى مرحلة عمرية تسمع له بتحليل اللغة التي يسمعها من بيئته ويتخذ القرارات المناسبة حولها . ولهذا ما يفسر قدرة الاطفال على تعلم قواعد لغوية بالغة التعقيد في سرعة هائلة عن طريق تحليل البيانات اللغوية المتوفرة وتكوين فرضيات حول كيفية بناء التركيبات والصياغات اللغوية . كما اكدت النظرية وجود عموميات مشتركة في التركيبات اللغوية تشترك فيها كل اللغات كتركيب الجمل من فعل وفاعل أو مبتدأ وخبر ولكن الطفل قد يخطئ في قواعد اللغة الضمنية فيجمع كلمة ” امرأة  ” على ” مرات ” وكلمة ” زلمة ط على ” زلامات ” . كما أكد تشومسكي ان وجود عموميات اللغة العالمية تحد من خصائص اللغة الطبيعية الا ان الاطفال لا يزالون قادرون على تعلم اللغة الطبيعية بسبب القدرات الفطرية التي يمتلكونها وقد لا يكونون قادرين من الناحية النظرية على تعلم لغات اخرى .

تفتقد النظريات الفطرية بانها تزودنا بمعلومات نظرية عن وجود تراكيب ومخططات وراثية أو فطرية لا يمكن اثباتها أو التأكد من مصداقيتها رغم انها نجحت في الرد على انتقادات الاتجاه السلوكي فيما يتعلق بتعلم الجمل والتراكيب المعقدة باستقلالية تامة عن ما يحدث او يقدم في بيئة الطفل .

النظرية المعرفية : تؤكد هذه النظرية ان اكتساب اللغة يحدث نتيجة تفاعل الطفل مع بيئته في اطار القدرة على معالجة المعلومات معرفياً وفي ضوء نمو الفرد المعرفي . ويؤكد بياجيه رائد هذا الاتجاه ان الاتجاه السلوكي والاتجاه الفطري لم يوفقا في تفسير اكتساب اللغة حيث ان اكتساب اللغة عملية ابداعية تسمع بظهور التراكيب اللغوية اذا كانت ضمن الاساس المعرفي للفرد . فقبل ان يستطيع الطفل ان يتعلم مفاهيم الحجم والوزن والتصنيف وفق بنائه المعرفي الذي حدد نموه في اربع مراحل معرفية وهي الحس – حركية , وما قبل العمليات , والتفكير المادية , والتفكير المجرد .

ويتحدث بياجيه عن وجود تركيبات لغوية بنائية متعلمة تساعد الفرد على التعامل مع الرموز والمفردات اللغوية التي تعبر عن مفاهيم تنشأ من تفاعل الطفل مع بيئته منذ المرحلة الاولى وهي المرحلة الحس – حركية . وهو بذلك يركز على دور البيئة ودور العمليات المعرفية في تنمية البناء المعرفي باستقلالية عن القوى الفطرية أو الوراثية .( العتوم ،2012 : 301 )

اكتساب اللغة الثانية

هناك جدل كبير حول علاقة تعلم اللغة الثانية بالعمر . وقد ساد اعتقاد مبني على ملاحظات الباحثين للعائلات التي اضطرت الى الهجرة أو الانتقال الى دولة اخرى , تتكلم لغة غير اللغة الاصلية , الى سرعة تعلم الاطفال دون سن الحادية عشرة في تعلم لغة جديدة كان أعلى من سرعة تعلم الكبار .

ويؤكد اندرسون (Anderson , 1995) ان هذه الفروق تعتمد على عاملين هما حجم التعرض للغة الجديدة ونوعها ومدى دافعية الافراد للتعلم . وعند التحكم بهاذين العاملين في بعض الدراسات , تبين ان هنالك علاقة ايجابية بين العمر واكتساب مهارات اللغة الثانية ذلك لان حجم هذه المهارات يزداد مع زيادة العمر خلافاً للتوقعات التقليدية السائدة . واشارت هذه الدراسات ايضا الى انه رغم تفوق الكبار على الصغار في تعلم اللغة الثانية , الا ان درجة الاتقان اللغوي (مثل التكلم بلهجة اللغة الجديدة) في نهاية المطاف سوف نكون افضل للأطفال الذين تعلموا اللغة الثانية قبل سن الحادية عشرة . ويتحدث اندرسون عن دراسة اخرى هدفت الى معرفة درجة اتقان قواعد اللغة الى الصينيين والكوريين المهاجرين الى الولايات المتحدة الامريكية حسب العمر حيث تبين بعد انقضاء حوالي عشر سنوات من هجرتهم الى امريكيا , ان هنالك علاقة سلبية بين العمر ودرجة اتقان مهارات قواعد اللغة , اي انه كلما زاد عمر المهاجر ووقت الهجرة , قلت القدرات اللغوية .

آليات اكتساب اللغة

لا بد من توفر عدة آليات وأسس حتى يتمكن الطفل من اكتساب لغة الأم أو التلميذ من اكتساب اللغة الفصحى أو الأجنبية، وهذه الآليات تتمثل في:

أ- القدرة على الكلام: يقصد به سلامة المخ والجهاز العصبي والحواس  المسؤولة على نقل الرسائل الحسية وتلقي الإجابة، مع نمو الباحات الخاصة بالحواس واللغة في المخ، التي تعمل على الترميز وفك الترميز اللغوي، بطرق متعددة ودقيقة جدا، ونمو القدرة اللغوية لدى الطفل تمر على مراحل هي:

  • تحديد المعاني لكل المسميات وكل ما يحيط به عن طريق الحواس (اللمس الشم، السمع، الرؤية، الذوق). –  تخزين المعاني في الذاكرة، وهنا التكرار يلعب دورا في مساعدة خلايا الذاكرة على تخزين كل التفاصيل.)
  • الفهم اللغوي: يبدأ الطفل بتكوين الصورة الصوتية للكلمات كأسماء الأشخاص والأشياء المخزونة في ذاكرته، ويبدأ في الفهم تدريجيا بربط الأشياء والأشخاص وكل ما يحيط به من ظروف بصورها الصوتية ليستنتج المعاني.
  • وآخر مرحلة يصل إليها نمو القدرة اللغوية لدى الطفل هي التعبير اللغوي فبعد تصنيف المعاني وفهم المنطوق والمحسوس وانطلاقا من الصورة الصوتية للكلمة، تشتغل المنطقة الحركية في الدماغ الخاصة بترجمة الرسائل اللغوية العصبية إلى أفعال منطوقة، وهكذا يتمكن من نطق الكلمة.المنطلق يكون من معاش الطفل

بمعرفة الكلام فيكون حسب كمية وتنوع الظروف التي يعيشها إضافة إلى طبيعة الأحاسيس التي يشعر بها أثناء تجارب سعيدة أو محزنة، وذلك يكون عن طريق إدراك جميع المعاني مع الحركية بصفة عامة.فمن معاشه يستخلص المعاني، والمعرفة التي يكتسبها عن نفسه أولا ثم عن الأشخاص والعالم المحيط به، وتكتمل المعرفة الكلامية لدى الطفل إذا تمت لديه بشكل سليم بعض المفاهيم المتمثلة في: الجاذبية، المخطط الجسدي، المكان والزمان.

جالإرادة في الكلام: تكون في مستوى التواصل وترتبط بالجانب العاطفي والعواطف مكتسبة نتيجة معاش الطفل أي طبيعة ونوعية الظروف السابقة وطبيعة ونوعية الظروف الحاضرة، فالمعاش العاطفي للطفل يدخل في الوضعية الحاضرة فيسمح بتحرير ودفعه للكلام أو العكس تكفه عن ذلكم، لذا فالتعلم الجيد لا بد أن ( يفتعل في حركية وفي عواطف إيجابية.(

معيقات اكتساب اللغة

بغض النظر عن النظرية التي يمكن تبنيها في تفسير اكتساب اللغة , فإن هنالك معيقات تحد من القدرة على الاكتساب من ابرزها مدى غنى البيئة الاجتماعية التي يعيش فيها الطفل حيث ان ضعف البيئة الاجتماعية من حيث محدودية النماذج اللغوية المستعملة او ضعفها قد ينعكس سلباً على سرعة اكتساب اللغة . كما يلعب العامل الصحي وسلامة الجسد , كالخلل في جهاز السمع أو النطق , وعوامل الصحة النفسية أثراً واضحاً في سرعة اكتساب اللغة ودقتها . ويرتبط اكتساب اللغة بعامل الذكاء وسرعة النمو المعرفي بشكل عام حيث اثبتت الدراسات ان الاطفال الاكثر ذكاء اسرع في اكتساب اللغة وتطورها . كما اشارات بعض الدراسات الى ان الاناث اسرع من الذكور في اكتساب اللغة الا ان هذه الفروق محدودة وسرعان ما تزول خلال السنوات الاولى من عمر الطفل .

ومن المواضيع التي ترتبط باكتساب اللغة تعلم اللغتين معا (Bilingual) حيث اثار هذا الموضوع العديد من التحفظات على تعليم الاطفال لغتين معا حيث اعتقد بعضهم انه قد يعمل على اضعاف اكتساب اللغتين وتطورهما معا او ضعف التفكير في احدى اللغتين او كلاهما . وقد اشارات نتائج الدراسات الحديثة الى ان هذه التخوفات غير واقعية , وأن من يتعلم لغتين معا من بداية الحياة , يستطيع ان يتقن اللغتين بدرجات عالية من الكفاءة والجودة . ويشير علاونه (1994) الى ان تعلم لغتين معاً قد ييسر النمو المعرفي ويتعلم الاطفال التمييز بين معاني الكلمات وسبل التعبير عنها باكثر من طريقة مما يعد مؤشرا جيداً على نمو المفاهيم المتقدمة من النمو اللغوي والمعرفي . وقد لاحظ الباحث من خلال خربته الشخصية ان طفل الثلاث سنوات من العمر , والذي تعلم لغتين معاً , كان قادرا على الرد على الاخرين كل حسب لغته التي يستخدمها في التعامل مع الطفل مما يشير فعلا الى تطور معرفي وقدرة لغوية عالية وينقض الافتراض ان تعلم اللغتين قد ينعكس سلبا على التفكير .

اكتساب اللغة عند المكفوفين

المظاهر النمائية اللغوية تتطور لدى المكفوفين تطوراً طبيعياً إذا لم يكن لديهم إعاقات أخرى. ولكن أنماط النمو اللغوي المبكر لديهم تختلف عن تلك التي تطهر لدى الأطفال المبصرين وذلك بسبب الافتقار إلى المداخلات البصرية والتنقل وبسبب اختلاف الخبرات المبكرة التي يمرون بها.(الخطيب والحديدي ،2005 : 108)

وقد أثبتت العديد من الدراسات أن الطفل الكفيف يعاني من مشكلة التواصل اللفظي والتعبيرات بمفهومها الشامل، إذ يتمكن من إعطاء تعريف لغوي صحيح للكلمة، ولكنه لم يتمكن من تعين الشيء الذي ترمز له تلك الكلمة.

كما أن الإعاقة البصرية لا تؤثر تأثيراً مباشراً على اكتساب اللغة لدى الفرد المعاق بصريا، فهو يسمع اللغة المنطوقة مثل الطفل العاد(شقير،1999:  245 -264 )

ومن أهم أنواع اضطرابات اللغة والكلام التي يعانيها بعض المكفوفين والتي أجمعت عليها معظم الدراسات والبحوث في هذا الميدان ما يلي:-

  • الاستبدال: وهو استبدال صوت بصوت.
  • التشويه أو التحريف: وهو استبدال أكثر من حرف في الكلمة بأحرف أخرى تؤدي إلى     تغير معناها وبالتالي عدم فهم ما يراد قوله.
  • عدم التغير في طبقة الصوت: بحيث يسير الكلام على نبرة ووتيرة واحدة.
  • العلو: ويتمثل في ارتفاع الصوت الذي قد لا يتوافق مع طبيعة الحدث الذي يتكلم عنه.
  •  قصور في الاتصال بالعين مع المتحدث: يتمثل في عدم التغيير أو التحويل في اتجاهات الرأس عند متابعة الاستماع لشخص ما.
  • القصور: في استخدام الإيماءات والتعبيرات الوجهية والجسمية المصاحبة للكلام.
  • اللفظية: وهي الإفراط في الألفاظ على حساب المعنى، وينتج عن هذا القصور في الاستخدام الدقيق للكلمات أو الألفاظ الخاصة بموضوع ما أو فكرة معينة، فيعمد المعاق بصرياً إلى سرد مجموعة من الكلمات أو الألفاظ عله يستطيع أن يوصل ما يريد قوله.
  • قصور في التعبير: وينتج عن القصور في الإدراك البصري لبعض المفاهيم أو العلاقات أو الأحداث وما يرتبط بها من قصور في استدعاء الدلالات اللفظية التي تعبر عنها .(سالم ،1988 : 68 )

اكتساب اللغة عند الصم والبكم

لغة الصم والبكم هي لغة الإشارة، وهي وسيلة تواصل لا صوتية  تستخدم من قبل ذوي الاحتياجات الخاصة  واظهرت الدراسات المكثفة التي اجريت خلال القرن الماضي ان لغة الاشارات التي يستعملها الصم والبكم  لا تختلف كثير عن الكلام المنطوق في لغات العالم المختلفة . وان الاطفال الذين يكتسبون من والديهم الصم لغة الاشارة سواء صما الأصحاء يمرون بنفس مراحل التي يمر بها الاطفال الذين يتكلمون اللغة المنطوقة  .

وفي عام عام 1984 قامت غولدن ميدو (Golden Meadow  ) بتتبع حالة عشرة اطفال صم بالولادة عندما كانت أعمارهم تتراوح بين العام الى اربعة أعوام ، وقد نتج عن تلك الدراسة نتائج مدهشة ، من بينها أن الاطفال الصم والبكم ابتكروا حركات مختلفة باستعمال اليدين ، بحيث هناك حركات مفهومه لانها ايقونية ، فالطفل يضع راحتيه على أذنيه للتعبير على الرسوم المتحركة ، هذا في المرحلة الاولى ، اما في المرحلة الثانية فهو يبدأ باستعمال إشارة أو اشارتين بشكل معين .  (الحمداني ، 2004 : 191 )

العوامل المؤثّرة في اكتساب اللّغة عند الطفل:

إنّ اللّغة البشرية هي إحدى عجائب هذا العالم الطبيعي، فيمثّل اكتساب اللّغة أحد الموضوعات في علم النّفس اللّغوي.

ولهذا تأتي أهمية اكتساب اللّغة عند الطفل العامل الحيوي و المهمّ لعمليّة التّفاعل و التّواصل مع الآخرين، وباكتسابها يحدث تغيير كبير في عالم الطفل، في ضوء ما يحرزه من تقدّم عند حديثه مع الكبار، فاللّغة إذن وسيلة للتّعبير عن أفكارنا و مشاعرنا و ذواتنا و قوميتنا.

” لذلك فإنّ نمو اللّغة عند الطفل كنموّه الاجتماعي و العقلي و الانفعالي يتأثّر بعاملي البيئة و الوارثة، كما أنّ الخبرة هي ثمرة التّفاعل بين الفرد و البيئة لكن الاختلاف الكبير بين الأطفال يكمن في سرعة تطوّر اللّغة، ولقد دفع ذلك المشتغلين بالدّراسات النّفسيّة إلى تتبّع مصادر هذه العوامل التي تؤثّر في اكتساب اللّغة ( منصور ،1972 : 147 )

  • الجنس:

نلمس في سنوات ما قبل المدرسة أثر التنميط الجنسي في حديث الأطفال فمن المتوقّع أن يتكلّم الذّكور أقلّ من الإناث و أن يختلف مستوى الحديث و الطريقة التي يتحدّثون بها.

“لقد أثبتت الدّراسات أنّ هناك اختلاف بين الجنسين في عملية اكتساب اللّغة و يلاحظ أنّ البنات أكثر تقدّما من البنين في عملية الاكتساب لهذه اللّغة، وذلك بسبب وفرة الوقت الّذي تقضيه البنات بجانب أمّهاتهنّ أكثر من الذّكور الذين ينصرفون إلى اللّعب و اللّهو خارج البيت ” (1).

إضافة إلى ذلك فعلماء النّفس الاجتماعيين ينسبونها إلى فروق في الظّروف أنّ الأمّهات يتحدّثن مع بناتهنّ ” (Leuis Zcherry) الاجتماعية ولقد وجد تشيري و لويس في سن الثانية أكثر ممّا يتحدّثن إلى أبنائهنّ “.(السيد ، 1988 : 44 )

نفهم من خلال ما وجده تشيري و لويس أنّ الأمّهات يشجّعن البنات على التحدّث أكثر ممّا يشجّعن البنين، و بالتالي نستنتج أنّ أم البنات توفّر لبناتها بيئة لغوية أشدّ  ثراء تلك التي توفّرها للبنين.

” لقد لاحظ لينبريج (Lennberg, 1967) و غيره من علماء النّفس البيولوجيين أنّ :  المخّ عند البنات ينضج في وقت مبكّر عن البنين، وخاصّة فيما يتعلّق بمركز وظيفة الكلام في الفص المسيطر على هذه الوظيفة، ذلك أنّ النّضج اللّحائي في هذه الحالة يساعد في إخراج الأصوات وكذلك معدّل اكتساب اللّغة” 0(لهوارنة ، 2010 : 58 )

  • الذّكاء:

لقد اتّفق العلماء على أنّ مفهوم الذّكاء هو القدرة على حلّ المشكلات، وبالتالي فالذّكاء يدلّ على أنّ الأطفال لديهم قد ا رت لغوية عالية تساعده في وقت الشدّة و الضيق.

وتدل بذلك ابحاث ميد (Meed , 1913) ” على أنّ الطفل العادي يبدأ بالكلام حينما يبلغ من عمره 8-15 شهراً ، فنقصد هنا ببدء الكلام بأنّ الطفل ينطق الألفاظ بطريقة صحيحة و سليمة و يفهم معناها، و عند ضعاف العقول يتأخّر عن الكلام حتى سن 4-34 شهراً ( المصدر السابق )

3- النّضج و العمر الزمني: تعتمد عمليّة اكتساب اللّغة على النّضج البيولوجي، حيث تتطلّب التطوّر الملائم لمناطق الدّماغ الخاصّة بالكلام و التي تتحكّم بآليات ترتبط بالأصوات و الأفكار و إنتاج الكلام الّذي يتطلّب تناسقا معقّدا بين حركات التنفّس و حركات الشّفاه و اللّسان، و الفم و الأوتار الصوتية، و مناطق الدّماغ الخاصّة بالكلام، فالطفل الّذي تتطوّر لديه مناطق الدّماغ المهمّة للكلام و اللّغة أفضل من الأطفال الآخرين و بالتالي يتفوّق عليهم في اكتساب اللّغة.

“فقد أشارت إحدى الدّراسات أنّ لغة الأطفال تتغيّر كمّيا، فينتقل الطفل من استعماله كلمة واحدة إلى استعمال جمل بسيطة و يزداد طول الكلمة بتقدّمه في السّن”

فقد نستنتج بذلك أنّ النّضج هو الّذي يحدّد معدّل التقدّم، و يلعب العمر الزمني للطفل دورا أساسيا في اكتسابه للّغة، علما بأنّ عدد الأخطاء اللّغوية تتناقص تدريجيا تبعا  لدرجة النّضج الّتي يصلها الطفل، فكلّما ا زد عمر الطفل ازداد عدد المفردات و الكلمات التي يستخدمها.

  • الوضع الصحّي و الحسّي للفرد: تتأثّر مهارة اكتساب اللّغة بسلامة الأجهزة الحسية و البصرية و النّطقية للفرد، فكلّما كان الطفل أكثر حيوية و نشاطا و أكثر سلامة في النمو الجسمي و الصحّة العامة، و كلّما كان أيضا أكثر قدرة على الإكمال بما يدور حوله، فالنّشاط يساعد على اكتساب اللّغة.

لقد قام سميث (Smith 1939) ” بدراسة مقارنة على مجموعتين من الأطفال تتكوّن من أطفال أصيبوا بأمراض مختلفة في حياتهم الأولى، و تتكوّن الثانية من أطفال يتساوون مع افراد الجماعة الأولى في كلّ العوامل المختلفة و المؤثّرة على النمو اللّغوي ماعدا المرض”  .

ويتّضح لنا بأنّ المرض الّذي يصيب الطفل في السنين الأولى من حياته يؤخّر نموّه اللّغوي، و يرتبط التأخّر اللّغوي بنوع المرض الّذي يصاب به و الأم ا رض التي تتّصل بعملية الكلام، يؤثّر تأثيراً قويّا في التأخّر اللّغوي، و لهذا فالصّمم الكلّي أو الجزئي يحول )يدور( بين الطفل و بين التقليد الصّحيح للألفاظ و العبارات التي يستخدمها في حياته اليومية، ولا يكاد يستبين مخارجها.( http://pulpit,almatanivoice.com)

  • الرغبة في التّواصل: يمثّل التواصل عاملا من العوامل التي تؤثّر في اكتساب اللّغة، بحيث أنّ هذه الأخيرة تؤدّي وظائف عديدة، ومن أهمّ هذه الوظائف التواصل مع الآخرين و الحديث معهم، وبالتالي فعن طريق التواصل يتمّ اكتسابها لدى متعلّمي اللّغة و كذلك بفضل التواصل يتمّ تبادل التراكيب و المفردات داخل الأنماط التّنغيمية و داخل ثقافة المجتمع
  • الشخصيّة: نّ الحالة النفسية للطفل تؤثّر تأثيراً كبيراً في الأداء اللّغوي ، فالخوف و القلق وحالة الحرمان العاطفي و الجوع و الصراعات الأسرية تؤدّي إلى جوّ متوتّر، و بالتالي تؤدّي إلى الشعور بعدم الأمان و إلى اضطراب الطفل . فالحالة النفسية التي تصيب الطفل تؤثّر في سائر الوظائف الحيوية بصفة عامة و الأداء اللّغوي بصفة خاصّة
  • الأسرة: يكتسب الطفل لغته الأم بداية من أسرته، واكتسابه هذا يقوم على المحاكاة، حيث يتلفّظ كلّ من الأب و الأمّ و الأخ أو الأخت وغيرهم من أف ا رد الأسرة بنسق لغوي قصير أو طويل، فيحاكيه الطفل بطريقته و يتقنه بالتدرّج بعد تدّل الراشد الذي يقوم بتصحيح نطقه إلى أن يتمكّن من نطقه بالمستوى الّذي يرضي ملقّنه
  • وضوح الإحساسات السمعية: “إنّ حاسة السمع هي أهمّ حاسة حسيّة تؤثّر على اللّغة ولكن ليست بأيّ حال من الأحوال الوحيدة، فهناك حواس أخرى كحاسّة البصر خصوصا في السن المبكر هامة جدّا لأنّ بفضلها يميّز الطفل الأشياء المحيطة به و يصنّفها وبالتالي يسمّيها.
  • – الحافظة و الذاكرة السمعيتان: ونعني بها القدرة على حفظ الأصوات المسموعة وعلى تذكّرها واسترجاعها عند الحاجة، ولكن قدرة الطفل على ذلك لا تبدو إلاّ بعد بضعة أسابيع بعد ولادته و تظلّ ضعيفة حتى أواخر الشّهر الرابع ثمّ ترتقي ارتقاءاً بطيئا حتى أوائل السنة الثانية و حينئذ تبدأ مرحلة نضجها و التي تحتاج إلى تكوين كلمات و فهمها و تتابعها لنقل الأفكار و المشاعر التي يريد إيصالها لذلك يحتاج الطفل إلى صحّة الذاكرة المخيّة أو الدماغية.
  • التكّرار : هو عامل مهمّ في اكتساب اللّغة وفهم ت ا ركيبها ومفرداتها ويجب أن يتمّ التكرار في مواقف طبيعية وفي مواقف حيوية، و أن يبنى على أساس الفهم و الإدراك للعلاقات و النتائج، و إلاّ أصبح من دون الفهم آلة لا تساعد على مواجهة المواقف الجديدة ولهذا نجد بأنّ التّقليد يولّد التكرار.
  • التقليد : –  دور التّقليد و أثره في اكتساب اللّغة للتّقليد أثر مهمّ في تكيف الأصوات، و يعدّه البعض أهم العوامل فيها، مستندين إلى أنّ المولود الأصمّ يعجز عن التكلّم، و أنّ الطفل الطبيعي يتكلّم أيّة لغة يسمعها ثمّ يحدّد الفترة التي يظهر فيها التقليد كذلك و يظهر أثر التقليد جليّا في الشهر التاسع من العمر غير أنّه يفرّق بين مرحلتين من مراحل التّقليد هما: الأولى تتمثّل في محاولة الطفل إحداث أصوات شبيهة تماما بما يسمع، أمّا الثانية فهي التّقليد الّذي يحاول فيه الطفل تقليد الأصوات بغض النّظر عن الدقّة و النّجاح في ذلك، ويرى بأنّ النّوع الثاني أكثر ظهوراً في المراحل الأولى من العمر.

انتاج الكلام

من الفكرة إلى الكلام ، ما هو مسار الكلمات في أدمغتنا؟ بتفصيل هذه العملية ، قام فريق أمريكي بإعادة النظر في الدور الموكول للمنطقة الدماغية الشهيرة “بروكا”.عندما نتكلم، يتم تعبئة ثلاثة وظائف معرفية كبرى: ذاكرة الكلمات والتمثلات الذهنية المرتبطة بها. معرفة قواعد اللغة. وأخيرا القدرة على إنتاج الأصوات بطريقة منظمة. ومنذ النصف الثاني من القرن التاسع عشر ، ساد الاعتقاد أن هذه العمليات تتم معالجتها بشكل رئيسي من منطقة بروكا في القشرة الأمامية،وبدرجة اقل من منطقة فيرنيك ، التي تقع إلى الوراء، والمتخصصة في فهم الكلمات. ولكن كيف تجري هذه العملية؟ هذا ما توصل إليه نيد ساهين وزملاؤه من جامعة كاليفورنيا في سان دييغو. للحصول على دقة عالية مكانية وزمانية ، قام الباحثون باستخدام تقنية كهروفيزيولوجية لدى ثلاثة مرضى مصابين بالصرع أثناء عملية جراحية لتحديد المنطقة المسئولة عن النوبات، وضعوا أقطابا كهربائية في منطقة بروكا لتسجيل النشاط الكهربائي للخلايا العصبية. لإنتاج كلمة كان الأمر يتطلب عزل كل من العمليات الثلاث المؤدية إلى إنتاج الكلام. للقيام بذلك، وضع علماء الأعصاب المرضى أمام شاشة يظهر عليها فعل أو اسم. طلبوا منهم أولا تكرار الكلمة في صمت، ثم تصريف أو تكوين جملة معينة بالكلمة.وبهذا ميزوا بين الجملة المعجمية والجملة النحوية.

ثم فيما يخص علم الأصوات ،كان الباحثون أمام حالتين اثنين : كانت الكلمة المعروضة تنطق كما في شكلها الأصلي –مثل   Every day they walk أو أن نطقها كان مختلفا كما في Yesterday they walked.في هذه الحالة الثانية ، تنظيم الصوتيات يتطلب جهدا إضافيا من الدماغ ، مما يسمح بتسليط الضوء على الجانب  الصوتي للعملية.

ماذا كان نشاط منطقة بروكا خلال هذه المهام؟ تكشف التسجيلات عن وجود ثلاث قمم-على المنحنيات- أعلى لشدة النبضات العصبية بسرعة 200 و 320 و 450 ميلي ثانية/جزء من الألف من الثانية/ بعد ظهور الكلمة على الشاشة.  القمة الأولى تطابق المرحلة المعجمية. وهي تحدث عندما تتزامن منطقة بروكا  مع منطقة الدماغ المخصصة للتعرف البصري للكلمات، والمتواجدة في القشرة الجانبية السفلى. القمة الثانية تطابق المرحلة النحوية: إنها أكثر أهمية عندما يُركب المريض جملة من الاسم أو يصرف الفعل. وأخيرا قمة تمثل المرحلة الصوتية : ومداها يكون أكبر عندما يكون للكلمة المعروضة نطق يختلف عن شكله الأصلي.وعلاوة على ذلك، فإن هذه القمم الثلاث من النشاط تجري في مناطق مختلفة عن منطقة بروكا، متباعدة ببضعة ملليمترات. المعالجة الدماغية. وفقا لشروحات فرانك ايمانويل ، جراح الأعصاب في مستشفى بوربان بتولوز-فرنسا: “إنها المرة الأولى التي نصف فيها بكذا دقة المعالجة الدماغية للغة”فالنتائج تظهر أنها سلسلة عمليات مجزأة،مراحلها مفصلة بوضوح في الزمان والمكان.

وتوضح الدراسة أيضا وظيفة منطقة بروكا: “دورها هو أوسع مما كان يعتقد سابقا : إنها تتكلف  أيضا ببعض الجوانب المعجمية المنسوبة  سابقا إلى المنطقة الدماغية الأخرى فيرنيك “ Ned T. Sahin et a  Science, 326, 445, 2009).

المصادر

  • أحمد منصور، علم اللّغة النّفسي، عمدات شؤون المكتبات، جامعة الملك سعود، الرياض،1972 .
  • الحمداني ، موفق محمود ، علم نفس اللغة من منظور معرفي ، ط1 عمان الاردن
  • محمود أحمد السيّد، اللّغة… تدريسا واكتسابا، دار الفيصل الثقافية، الرياض، 1988
  • معمر نواف الهوارنة، اكتساب اللّغة عند الأطفال، الهيئة العامة السورية للكتاب، دمشق، 2010.
  • جمال الخطيب، منى الحديدي، “التدخل المبكر التربية الخاصة في الطفولة المبكرة”، دار الفكر، عمّان، الطبعة الثانية ،2005.
  • زينب محمود شقير، “سيكولوجية الفئات الخاصة والمعوقين”، مكتبة النهضة المصرية، القاهرة، 1999م.
  • كمال سالم ، “المعاقون بصريا خصائصهم ومناهجهم”، مكتبة الصفحات الذهبية، الرياض، الطبعة الأولى 1988http://pulpit,almatanivoice.com/contenttprint/240882,html
x