grayscale photo of man and woman inside laboratory

أساليب معالجة وضبط المتغيرات

     تتجاوز مهمة الباحث التجريبي حدود الوصف الكمي للظاهرة لتصل الى معالجة متغيرات معينة تحت شروط مضبوطة بصورة دقيقة ليتحقق من كيفية حدوثها ويحدد أسباب حدوثها فالتجريب أذن هو تغيير مقصود ومضبوط للشروط المحددة لظاهرة ما .

ويعرف المنهج البحث التجريبي بـأنه : (( تعديل مقصود ومضبوط للظروف المحدودة   لظاهرة من الظواهر وتفسير التغيرات التي تطرأ عليها )) .

ويقوم الباحث الذي يروم تطبيق منهج البحث التجريبي في بحثه بدراسة متغيرات الظاهرة المراد دراستها ويحدث في بعضها تغيراً مقصوداً ويتحكم في متغيرات أخرى كي يصل الى العلاقة السببية بين هذه المتغيرات . ( عبد الرحمن وداؤد ، 1990 ، ص247 ) .

ويعد الضبط التجريبي أحد أكثر الملامح أهمية في التجارب للتحقق من صدق الفروض التي يقترحها الباحث لتفسير الظاهرة المراد بحثها وهو يتوزع على المجالات الآتية .

  • ضبط الموقف التجريبي بمعنى ضبط مختلف الظروف المتعلقة بمكان وزمان التجربة والأدوات المعتمدة في التجربة .
  • ضبط صفات المفحوصين من قبيل الجنس والعمر والحالة الصحية والبدنية والعدد .
  • ضبط تأثير المجرب وجعله واحداً ومحايداً لجميع المبحوثين .

المتغيرات Variables :

     المتغيرات عبارة عن مجموعة المثيرات والاستجابات التي تتفاعل فيما بينها لتكوين العلاقات التي يريد الباحث دراستها كما تشير الى أي شيء يمكن أن تتغير قيمته .  ويقبل القياس أو التعبير عن بصورة كمية رقمية . فالمتغير (( عبارة عن خاصية أو السمة القابلة للتغير من فرد لآخر في المجتمع من حيث الكم أو الكيف )) .

أنواع المتغيرات Kinds of Variables  :

أولاً : المتغير المستقل Independent Variables :

     هو ذلك النوع من المتغيرات التي يضبطها المجرب ويتحكم فيها ليعرف مدى تأثيرها في ما يسمى بالمتغير التابع .

وبمعنى آخر أن المتغير المستقل هو المتغير الرئيس الذي يستحوذ اهتمام وعناية الباحث .

ثانياً : المتغير التابع Dependent Variables :

     هو المظهر السلوكي المحدد الذي نتوقع أن يغيره أو يؤثر فيه المتغير المستقل ،                    وهذا يعني أن قيم المتغير التابع تتغير تبعاً لتغير القيم المستقل . ولذلك هو تابع على افتراض أن قيمته تعتمد على قيم المستقل حيث كلما تغيرت قيم المتغير المستقل توقع تغيراً مماثلاً لها                         في قيم المتغير التابع ( مايرز ، 1990 ، ص101-103 ) .

ثالثاً : المتغير المعدلModerato Variables  :

     وهو يمثل مجموعة الظروف تخفف أو تعدل من العلاقة بين متغيرين أو أكثر ، وهو تغير الأثر الذي يتركه المتغير المستقل على المتغير التابع أذا اعتبره الباحث متغيراً مستقلاً ثانوياً الى جانب المتغير المستقل الرئيسي في الدراسة وبذلك فأن المتغير المعدل يقع تحت سيطرة الباحث والباحث هو من يقرر فيما اذا كان من الضروري إدخاله في الدراسة باعتباره متغيراً مستقلاً ثانوياً أم لا مثال ذلك حينما يرغب الباحث في معرفة أثر طريقة التدريس المستخدمة على تحصيل مادة الاحياء وجاءت عينة الدراسة من الجنسين فقد يرى الباحث أن أثر طريقة التدريس يعتمد على جنس المتعلم فالجنس هذا متغير معدل أي متغير مستقل ثانوي .

رابعاً : المتغير العارض أو الدخيل Extraneous-Intervening Variable

     يمكننا القول أن المتغير المستقل سبب التغير في المتغير التابع ، ولكن هذا الاستنتاج              لا يكون صحيحاً الا عندما تكون التجربة مضبوطة بشكل جيد أي أنها تحت السيطرة على جميع المتغيرات بشكل جيد . وهذه المتغيرات غير المتغير المستقل والتابع في التجربة                            تدعى ( المتغيرات الدخيلة ) وهي عوامل غير رئيسية في التجربة . وهي عوامل لا يتحكم بها الباحث بقصد وبشكل منهجي كالمتغيرات المستقلة ولا هي متغيرات تابعة تقاس على أنها مؤشرات على أثر المتغير المستقل ( ملحم ، 2000 ، ص67 ) . 

أساليب معالجة المتغيرات وضبطها :

  • استخدام مجموعة ضابطة الى جانب المجموعة التجريبية وافراد هذه المجموعة يكافؤ من عادة افراد المجموعة التجريبية فيما عدا انهم لا يخضعون للمتغير التجريبي . لكن كلتا المجموعتين تخضعان لعملية القياس ومن خلال المقارنة بين نتائج القياس في المجموعتين يتم التحقق من أثر المعالجة التجريبية .
  • لذا فأن الغرض من استخدام مجموعة ضابطة هو الغاء أو تحييد الاثار المحتملة للمتغيرات الدخيلة وذلك بجعل المجموعتين تخضعان لظروف واحدة باستثناء المتغيرات المستقلة .

أما التكافؤ بين المجموعتين فيتم تحقيقه بإحدى الطرق الآتية :

  • الانتقاء العشوائي من مجتمع الدراسة مباشرة ومن خلال ذلك فأن المجموعتان تعدان متكافئين لكونهما تمثلان مجتمعاً واحداً .
  • استخدام أسلوب العين العشوائي من خلال تقسيم الافراد المستمرين الى مجموعتين أو أكثر بطريقة عشوائية باستخدام الأرقام العشوائية ( محمد ، 2004 ، ص64 ) .

يمكن ضبط والسيطرة على العوامل الدخيلة يقوم الباحث بما يلي :

  • ربما يقوم بإدخالها ضمن التجربة مع المتغير المستقل لمعرفة تأثيرها على المتغير التابع … مثال ذلك لدينا متغير مستقل طريقة تدريس للمعلمين فنقوم بإدخال الجنس المعلم ( ذكور وأناث ) لمعرفة أثرها على المتغير التابع .
  • عزل أو تحيدها تجريبياَ فمثلاً معرفة أثر جنس الذكور فقط دون الاناث .
  • العشوائية في الاختيار والتعيين العشوائي لأفراد المجموعتين . فلو كان المتغير الدخيل المستوى الاقتصادي فأن الانتقاء العشوائي يفترض ان هذا المستوى موزع عشوائياً .
  • المزاوجة .
  • استعمال المجموعة الضابطة التي تعتبر مفتاح البحوث التجريبية 

العوامل التي تهدد صدق التجربة :

     أن الهدف الذي يبغي الباحث الوصول اليه هو تعميم نتائج بحثه أي أمكانية التوصل الى ذات النتائج فيما لو اعيد اجراء البحث في ظل نفس الظروف .

وهنالك نوعان من الصدق للتجربة هما الصدق الداخلي والذي يعني الدرجة التي يمكن أن تعزى بها الفروق الى المتغير المستقل بحيث لو صح عزو الفروق الى المتغير المستقل واثره في المتغير التابع يكون الصدق الداخلي للتجربة متحققاً .

أما الصدق الخارجي والذي يعني الدرجة التي يمكن أن تعمم بها نتائج التجربة على المجتمع. وكلاهما مطلوب في التجربة فالصدق الداخلي هو الحد الأدنى والاساس الذي لا يمكن أن يكون تفسير النتائج صحيحاً من دون تحقيقه في التجربة وكذلك الصدق الخارجي أن لم يكن متحققاً ليس بالإمكان تعميم نتائج التجربة .

     أما العوامل التي تهدد الصدق الداخلي والخارجي للتجربة فهي كثيرة منها ما يهدد الصدق الداخلي ومنا ما يهدد الصدق الخارجي .

بالنسبة للعوامل التي تهدد الصدق الداخلي تتمثل بما يلي :-

  • التاريخ : ويقصد به الفترة الزمنية التي تجري فيها التجربة وما يحدث فيها من أحداث خاصة بين القياس الأول والقياس الثاني يمكن أن يكون لها أثر في النتائج التي يمكن الحصول عليها من التجربة وبذلك لا يمكن عزو النتائج يشكل حاسم الى المتغير المستقل . ولضبط هذا العامل يتم استخدام مجموعة ضابطة تتعرض للظروف والخبرات والإجراءات التي تتعرض لها المجموعة التجريبية باستثناء المتغير التجريبي .

 

  • النضج : مرور الوقت في التجربة قد يؤدي الى حدوث تغيرات بيلولوجية أو نفسية أو عقلية على الافراد المشاركين في العينة كالنمو والتعب والجوع والخوف والقلق من شأنها التأثير في النتائج التي يمكن الوصول اليها وعندئذ ليس من الصدق أن تعزى النتائج للعامل التجريبي وحده . ويمكن السيطرة على هذا العامل باستخدام مجموعة ضابطة تظم افراد من نفس العمر بالنسبة لأفراد المجموعة التجريبية .

 

  • الاختبار القبلي : ان أغلب التصميمات التجريبية تقوم على أساس تعريض الافراد الى اختيار قبلي لقياس المتغير التابع قبل البدء بالتجربة واختيار بعدي لقياس المتغير التابع بعد التجربة ومن شأن تطبيق الاختبار القبلي أن يؤثر في نتائج الاختبار البعدي وبذلك فإن نتائج الاختيار البعدي لا تكون معبرة عن أثر المتغير المستقل وحده لأنها متأثرة بالاختيار القبلي وما أكتسبه أفراد العينة عن طريق تعرضهم اليه .

 

  • نوعية أداة القياس : عندما تختلف أدوات القياس البعدي فإن ذلك قد يكون عاملاً مؤثراً في النتائج فيهدد الصدق الداخلي للتجربة وكذلك تغير الملاحظين بين القياس الأول والقياس الثاني يمكن أن يؤثر في الدرجات التي يحصل عليها أفراد العينة في التطبيقين فيكون عاملاً من العوامل التي تهدد الصدق الداخلي للتجربة . ويمكن السيطرة على هذا العامل  من خلال :
  • تطوير أدوات قياس تتمتع بالثبات والاتساق الداخلي .
  • استخدام صور متكافئة تحقق دلالات ثبات جيد .
  • استخدام نظام تصحيح محدد .
  • الانحدار الاحصائي : أن الانحدار الاحصائي يقوم على مبدأ ميل الخصائص عند الافراد نحو الوسط وهذا يعني أن درجات الافراد ( أفراد العينة ) تميل نحو الوسط المرتفعة منها والمنخفضة بمعنى أن أدائهم ينحدر نحو الوسط الامر الذي يتطلب سعي الباحث للحصول على عينة غير متحيزة عن طريق الاختيار العشوائي .
  • الهدر أو الفقدان التجريبي : يعني ترك أو تسرب بعض أفراد العينة وعدم استمرارهم الامر الذي يؤدي الى خفض العدد والتأثير على النتائج وبذلك يقلل من الصدق الداخلي للتجربة .      

أما العوامل التي تهدد الصدق الخارجي للتجربة فتتمثل في المتغيرات الآتية :

  • عدم تمثيل أفراد العينة للمجتمع أي اختلاف افراد العينة بخصائصهم التي يمكن أن تؤثر في النتائج عن أفراد المجتمع الذي يراد تعميم النتائج عليه فمثلاً لا يصح تعميم نتائج                بحث يجرى على طلبة المرحلة الأساسية على طلبة المرحلة الثانوية ، ولا يصح تعميم نتائج بحث يجرى على الطالبات على غيرهن من الطلاب لاختلاف الخصائص . وهذا يعني أن الصدق الخارجي للتجربة يتطلب أن تكون عينة البحث ممثلة تمثيلاً صادقاً للمجتمع الذي سحبت منه .  
  • أختلاف ظروف البحث إذ لا يمكن تعميم نتائج البحث الا على المجتمعات التي لها ظروف مشابهة لظروف البحث .
  • تفاعل الظروف التجريبية مع التجربة فقد تتعرض النتائج لتأثير الإجراءات البحثية التي يقوم بها الباحث في اتجاهات المجموعات التجريبية واستجاباتهم الامر الذي يجعل تعميم النتائج غير صادق .
  • التأثير التفاعلي للاختبار أو تفاعل الاختبار مع التجربة إذا يؤثر نتائج الاختبار البعدي بصرف النظر عن المتغيرات الخارجية وهذا يجعل تعميم التجربة ليس صادقاً ( عطيه ، 2009 ، ص184 ) .

 

المصادر :

  • ملحم ، سامي محمد ، 2010 : مناهج البحث في التربية وعلم النفس ، دار المسيرة للنشر والتوزيع ، عمان – الأردن .
  • محمد ، محمد جاسم ، 2004 : علم النفس التجريبي ، مكتبة دار الثقافة ، عمان – الأردن.
  • عبد الرحمن ، أنور حسين ، داود ، عزيز حنا ، 1990 : مناهج البحث التربوي ، بغداد .
  • عطية ، محسن علي ، 2009 : البحث العلمي في التربية ، دار المناهج للنشر والتوزيع ، عمان – الأردن .
  • مايرز ، آن ، 1990 : علم النفس التجريبي ، ترجمة د. خليل البياتي ، بغداد – العراق .
x