التعريفات الإجرائية

توطئة:

التعريفات الإجرائية في التجربة تختلف بشكل كبير عن التعريفات العلمية للمفاهيم والمصطلحات وكذلك تختلف عن التعريفات اللغوية، فالغاية منها التعريف المُفصل لإجراءاتك في التجربة أي إننا إذا قمنا بتجربة ما، نُريد أن يعلم الآخرون أو القراء ما الذي عملناه في التجربة وما هي إجراءاتنا وخطواتنا إذن التعريف الإجرائي هو مجموعة من التعليمات التي توضح للآخرين كيف ينفذون التجربة وهو صيغ من الإجراءات العملية.

مقدمة:

أي باحث عند البدء ببحثه يحتاج لتعريف المصطلحات التي ترِد في العنوان يعرفها لغوياً وعلمياً وإجرائياً وإن وجد تعريف اصطلاحي يُمكن ذكرهُ أيضاً. وعلى الباحث (الطالب) أن يكون قادرًا على التمييز والتفريق بين هذه التعريفات أما الأسباب التي تتطلب منهُ كتابتها جميعاً هي كالآتي:-

1-يسجل علماء اللغة المفهوم بمدلولاته المختلفة حسب استعمالاته المتعددة، وهم يستخدمون عادة الكلمات أو العبارات لتعريف المفهوم الذي يريدون تسجيله، وهذا يسمى بالتعريف الأساسي أو التعريف اللغوي الرسمي Constitutive definition، ولكن هذا التعريف اللغوي متعدد المدلولات في الغالب، ولا يمكن الاعتماد عليه في إجراء بحث علمي على المفهوم نفسه.

2-طالما أنه لا يمكن الاعتماد على المفهوم اللغوي في إجراء بحث علمي، فإنه لا بد من وضع مدلول محدد له، وهذا ما يمكن تسميته بالتعريف العلمي constructive definition. ويكون هذا التعريف كافيًا في الدراسات التي تستخدم الأسلوب الكيفي، أما في الدراسات التي تستخدم الأسلوب الكمي، فإن هذا التعريف لا يكفي.

3-التعريف اللغوي للكلمة في اللغة العربية يعني: “استعمال العرب لتلك الكلمة”؛ مثل: كلمة الصلاة التي تستعمل بمعني الدعاء، وهذا ما تعارف عليه العرب للكلمة.

أما التعريف العلمي، فيعني: “معنى هذه الكلمة عند أهل الصنعة، أو علم معين مثل الصلاة التي تعني عند الفقهاء “الأقوال والأفعال المفتتحة بالتكبير المختتمة بالتسليم “.

4-هناك حاجة عند إجراء الدراسات الكمية إلى تعريف المفهوم بصورة تجعل في الإمكان قياسه ومعرفة أبعاده بشكل محسوس أو قريب من ذلك، وقد يأخذ الشكل المحسوس هيئة رسومات على الورق أو كلمات منطوقة، أو حركات ذات معنى؛ وذلك لأن المعنى العلمي شيء موجود فقط في الذهن، لا يمكن قياسه.

هذا المفهوم الذي يحتاجه الباحث يسمى بالتعريف الإجرائي operational definition. وهو الذي يعطي المفهوم معنًى محسوسًا محددًا، فمن المفروض في التعريف الإجرائي أنه يزودنا بالمعايير أو الخطوات المحسوسة اللازمة لقياس المفهوم موضوع الدراسة؛ حتى نحصل على حقائق جزئية مؤكدة نبني عليها استنتاجاتنا.

ثانيًا: هناك بعض مواطن الخلل التي تبرز عند مراجعة الرسائل العلمية التي يتقدم بها بعض الباحثين لنيل درجتي الماجستير أو الدكتوراه، فيما يتعلق بعرضهم للمفاهيم المتضمنة في موضوعات هذه الرسائل، وذلك على النحو التالي:

1-يعرض الباحثون عدة تعاريف للمفاهيم المطروحة دون مناقشة أو نقد لهذه التعاريف، ودون تَبَنٍّ منهم لمفهوم محدد يسترشدون به في دراستهم.

2-إغفال المعنى اللغوي للمفهوم والاكتفاء بالمعنى العلمي، أو التركيز فقط على التعريف الإجرائي، أو عرض المعنى اللغوي لبعضها وإغفال البعض الآخر.

3-عدم إدراكهم للأسباب التي تستلزم شرح هذه المفاهيم بمعانيها اللغوية والعلمية والإجرائية التي تم شرحها أعلاه.

4-عرضهم التعريفات الإجرائية لمختلف المفاهيم في موضوع دراستهم؛ سواء في جانبها النظري أو الميداني، دون إدراك لحقيقة أن الدراسة النظرية تقف عند حدود المعنى العلمي، في حين أن الجانب الميداني يستلزم وجود تعريف إجرائي.

وعلى الباحث مراعاة الآتي بالنسبة للمفهوم الإجرائي:

1-أن التعريف الإجرائي يتفاوت من حيث درجة مصداقيته في تمثيل التعريف الموجود في الذهن.

2-أن التعريف الإجرائي هو الذي يحدد المفهوم باستخدام ما يُتَّبع في ملاحظته أو قياسه أو تسجيله، فمفهوم الذكاء الإجرائي -على سبيل المثال -هو الذي يقيسه اختبار الذكاء.

3-لا تتقيد المفاهيم الإجرائية بالشروط الخاصة بالمفهوم العلمي، لكنها يجب أن تكون واضحة عند الباحث إلى أقصى حد.

4-أن الكثير من المفاهيم لا يمكن تعريفها إجرائيًّا؛ لأن ذلك يتوقف على تقديم المقاييس العلمية في العلوم الاجتماعية.

5-أن الحاجة للمفاهيم الإجرائية يرتبط بالدراسات الكمية.

6-أن التعريفات الإجرائية تنقسم إلى قسمين:

يتمثل الأول في ترجمة المفهوم إلى أشياء متدرجة قابلة للقياس، ومثال ذلك الآتي:

أ-اختبار الذكاء -كما أشرنا -هو تعريف إجرائي لمفهوم “الذكاء”.

ب-اختبارات التحصيل هي تعريف إجرائي لدرجات التحصيل.

ج-التعريف الإجرائي لـ “المركز الاجتماعي”، يكون بالدرجة العلمية، والمنصب، والدخل السنوي، ونوع المهنة.

ويتمثل الثاني في وصف الإجراءات التفصيلية اللازمة لتنفيذ بحث تجريبي، ومثال ذلك ما قام به عدد من الباحثين في دراسة تجريبية لمفهوم “الإحباط”، فقد وضع الباحثون عددًا من الأطفال في غرفة تحتوي على مجموعة من الألعاب الجذابة جدًّا، ثم وضعوا حاجزًا يُمَكِّن الأطفال من رؤية تلك الألعاب، لكنه لا يمكنهم من لمسها، وتم وصف حالتهم هذه بصفتها حالة الإحباط، وبعبارة أخرى تم اعتبار هذا الوضع التجريبي المحسوس والقابل للقياس تعريفًا إجرائيًّا لحالة الإحباط.

7- درج علماء البحث العلمي على تسمية المفاهيم، أو التعريفات الرسمية، أو التعريفات العلمية أو الإجرائية للأشياء، أو الظواهر بالمتغيرات variables، وذلك في حالة دراسة العلاقة بين بعضها البعض.

نشاط / ما الفرق بين التعريف الاصطلاحي والتعريف العلمي؟

x