أسبــــاب صــــعوبات التعلم

     أن أسباب صعوبات التعلم كثيرة منها ما هو وراثي ومنها بيئي ، والمدخل الطبي الذي يعد من المداخل التقليدية ينظر إلى صعوبات التعلم من خلال الأسباب الوراثية وبشكل خاص ما يتعلق بالجهاز العصبي للطفل . بينما ينظر المدخل السلوكي إلى الأسباب البيئية من خلال العلاقة بين الطفل والبيئة المحيطة به بكل متغيراتها . وهذا الأخير يتماشى مع دور المعلم لأنه لم يعد لمعالجات طبية وإنما اعد لمعالجات تربوية . لذلك يمكن القول أن المدخل الطبي يعد من دور المعلم في حين أن المدخل السلوكي يفسح المجال أمامه لابتكار أساليب علاجه للأطفال ذوي صعوبات التعلم .

أن كثير من الباحثين يشتركون على أن صعوبات التعلم ناتجة عن خلل دماغي وهذا ما أشار إليه كل من ليرنر (Lerner) وهلهان و كوفمان (Hallahan and Kauffman) ذلك الجزء المسؤول عن العمليات الحيوية في الجسم ، فهو المستقبل للمثيرات الحسية والجلد والعضلات ، وهو الذي يقوم بإرسال الإشارات العصبية للجسم ، كما يقوم بتخزين وتفسير المعلومات ، لذلك فان تلفه يؤثر كثيراً وخاصة في النمو العقلي ويحدث ذلك التلف قبل الولادة وأثناءها وبعد الولادة .

وعلى أي حال يمكن تقسيم الأسباب التي تؤدي إلى صعوبات التعلم إلى :

* أسباب ما قبل الولادة :-

منها اضطراب عملية التمثيل الغذائي ، إصابة الأم بالحصبة  الألمانية وخاصة خلال الأشهر الثلاثة الأولى ، وقد يؤدي الخلل الكرموسومي إلى صعوبات التعلم فمثلا قد تظهر على الذكور صعوبات قرائية وكلامية وحركية نتيجة لزيادة كروموسوم (X) فيصبح (XXY) والتي يطلق عليها متلازمة كلاينفلتر (Klinefelter`s Syndrome) أما إذا كانت الزيادة (Y) فيؤدي إلى الاندفاعية والنشاط المفرط والسلوك العدواني ، ومن تلك الاسباب وزن الوليد عند الولادة إذ هناك علاقة بين الوزن غير الطبيعي ومشكلات التطور والتعلم مستقبلاً . تعرض الأم لأشعة اكس وخاصة خلال الأشهر الثلاثة الأولى ، تعاطي المضادات الحيوية القوية وخاصة خلال الأشهر الثلاثة الأولى ، إصابة الأم بالأمراض الزهرية ، التهاب السحايا ، اضطراب الغدد الصماء . ومن أهم الأسباب التي تؤدي على صعوبات التعلم سوء التغذية ، نقص الأوكسجين لأسباب مختلفة ، كما قد يكون التدخين والمسكرات والمخدرات اثر في ذلك . (الظاهر ، 2005 ، ص245)

* أما الأسباب التي تحدث إثناء الولادة فهي :-

  1. الولادة المتأخرة جداً والولادة المبكرة جداً وخاصة تلك المتعلقة بعمر الأم .
  2. عسر الولادة قد ينتج أما عن قلة الماء الذي يسبح فيه الجنين أو الحالات النفسية الشديدة التي تؤدي إلى حالات من التشنج والذي لا يساعد على الولادة الطبيعية .
  3. الاختناق بسبب قلة الأوكسجين أو انقطاعه .
  4. الولادة الجافة .
  5. انفصال المشيمة المبكر الذي قد يؤثر إلى انسداد عنق الرحم الذي يعرقل الولادة الطبيعية .
  6. عدم وصول كفاية من الأوكسجين وتضيف نيورز (Neiwrth,1993) أن التفاف الحبل السري حول الجنين إثناء الولادة يؤدي إلى انقطاع الأوكسجين عنه وينتج لذلك تلف بعض خلايا المخ مما يؤدي إلى حدوث صعوبات التعلم . (Neiwrth,1993,p8)
  7. طولفترة المخاض قد يؤدي إلى تلف الدماغ . (الظاهر ، 2005 ، ص245-246)

* أسباب ما بعد الولادة فهي :

  1. الحوادث والأمراض التي تصيب الطفل في سن المبكرة والتي تؤدي إلى التلف الدماغي.
  1. وقد أشار الخطيب والحديدي إلى وجود علاقة بين ردود الفعل التحسسية الناتجة عن الأغذية وصعوبات التعلم حيث اهتم أطباء ومربون لسنين عديدة دراسة هذه العلاقة .
  1. التسمم بالرصاص إذ يجري التأكيد على خطورة الأمر في أحداث صعوبات تعليمية إذ قارنت دراسات بين أطفال ذوي نسب عالية من الرصاص في أسنانهم بآخرين تقل نسبة الرصاص عن الأولى ، ووجدوا أن هناك فرقاً بين المجموعتين في الجوانب النفسية والتربوية والاجتماعية ولصالح المجموعة التي تقل نسبة الرصاص في أسنانهم .
  1. نقص سكر الدم قد يؤدي إلى اضطرابات سلوكية ونفسية .
  1. كما أن التهابات الأذن وخاصة الوسطى قد يؤدي في عملية التعلم لأنها ترتبط ارتباطاً وثيقاً بمهارات التعلم السمعي ، لذلك تؤثر بشكل خاص في مهارة القراءة والتهجئة .
  1. أن حوادث السقوط والدهس والضرب القوي الذي قد يحدث خللاً في الجهاز العصبي
  2. تغذية الطفل وخاصة في مراحل الطفولة المبكرة لها أثرها في تطور الطفل ونموه.
  3. وهناك متغيرات بيئية قد تساهم في صعوبات التعلم أو تعمق من الأسباب التي تؤدي  إلى صعوبات التعلم كالأسرة من حيث وضعها الاجتماعي والاقتصادي والثقافي ، وهل هي ممتدة أو ضيقة ؟ وعدم وجود النماذج التي تحتذى ، أو نماذج التعلم الضرورية في مراحل الطفولة المبكرة ، أو عدم استلام الطفل نماذج كمية ونوعية من الأنشطة اللغوية قد سبب قصوراً تعليمياً ، والأساليب المستخدمة في عملية التنشئة كالأساليب غير التربوية كالشدة ، والتفرقة والحماية الزائدة ، والرفض الصريح أو المستمر ، والتذبذب والإهمال وغيرها .

أما المدرسة فهي عامل قد يساعد أو تزيد من صعوبات التعلم لما فيها من متغيرات مهمة كالمعلم بأساليبه غير التربوية والطرائق التعليمية القديمة والمناهج. أن التفاعل الحقيقي بين المعلم والمتعلم والانتماء إلى الصف بشكل خاص والمدرسة بشكل عام يتأثر إلى حد كبير بالأساليب والطرائق والوسائل التي يستخدمها المعلم . (الظاهر ، 2005 ، ص 248)

نظراً لتعدد واختلاف المشكلات التي يظهرها الطلبة ذوي صعوبات التعلم باعتبارها مجموعة غير متجانسة فقد حاول البعض تصنيف صعوبات التعلم بهدف تسهيل عملية الدراسة لهذه الظاهرة ، ولقد تعددت التصانيف الخاصة لصعوبات التعلم بين الباحثين في هذا المجال منهم من ركز في تصنيفه على الصعوبة في العمليات العقلية وحدها بينما ركز آخرون على الصعوبة في العمليات العقلية والصعوبة الاكاديمية .

فقد قام جونسون (Johnson , 1979) بتصنيف صعوبات التعلم على أساس أنها ترجع إلى التفاعل السلبي مع المكونات اللازمة للتحصيل الدراسي إلى ما يأتي :

  1. الاضطرابات في الذاكرة
  2. الاضطرابات في التمييز البصري
  3. الاضطراب في التوجيه والإدراك والتنظيم المكاني الفراغي
  4. الاضطرابات في التعبير اللفظي
  5. الاضطرابات في التداعي البصري والسمعي
  6. الاضطراب في الانتباه
  7. الاضطرابات في الإدراك الحركي

وهنا يمكن القول بان أكثر التصنيفات شيوعاً وقبولاً هو التصنيف الذي اورده كيرك و كالفنت(Kirk amdChalfant , 1984)

ويميز هذا التصنيف بين مجموعتين من صعوبات التعلم :-

  • صعوبات التعلم النمائية (Developmental Learning Disabilities)
  • صعوبات التعلم الاكاديمية (Academic Learning Disabilities)

 

 

صعوبات التعلم

 

صعوبات التعلم النمائية
صعوبات التعلم الاكاديمية
الصعوبات الثانوية

* التفكير

*اللغةالشفهية

الصعوبات الأولية

·         الانتباه

·         الإدراك

·         الذاكرة

الكتابة
القراءة
الحساب
التهجئة/ التعبير الكتابي

 

“تصنيف صعوبات التعلم عند كيرك وكالفنت (1948)”

 

وفيما يأتي توضيح هذين النوعين بالتفصيل :

  • صعوبات التعلم النمائية
  • صعوبات الانتباه :

تعد صعوبات التعلم النمائية واحدة من العوامل التي تفسر انخفاض التحصيل الدراسي إذ تتضمن اضطرابات في فاعلية الانتباه والإدراك والذاكرة والتفكير واللغة ، تلك الاضطرابات التي تؤدي إلى صعوبات تعوق التقدم الأكاديمي .

ولقد صُنفت الصعوبات النمائية إلى صعوبات أولية (الانتباه – الإدراك – الذاكرة) . وصعوبات  ثانوية (التفكير – اللغة الشفهية) وبالنظرة المباشرة إلى الصعوبات النمائية الأولية نجدها عملية عقلية أساسية وهي تعد وظائف أساسية ومتداخلة ، وتؤثر بعضها في البعض الآخر ولهذا سميت صعوبات أولية ، فإذا ما أصيب احدها باضطراب فانه يؤثر في القدرة على التحصيل الأكاديمي للفرد ولقد سمي التفكير واللغة الشفهية بالصعوبات الثانوية لأنهما يتأثران بشكل مباشر بالصعوبات الأولية . (كيرك وكالفنت 1988،21:20)

وفيما يأتي توضيح لتلك الصعوبات :

  • الانتباه Attention

وهو القدرة على اختيار العوامل المناسبة وثيقة الصلة بالموضوع من بين مجموعة من المثيرات الهائلة (سمعية أو لمسية أو بصرية أو الإحساس بالحركة) التي يصادفها الكائن الحي في كل وقت يحاول فيه الفرد الانتباه والاستجابة لمثيرات كثيرة جداً فإننا نعد الفرد مشتتاً ويصعب على الطلبة التعلم إذا لم يتمكنوا من تركيز انتباههم على المهمة التي بين أيديهم .

  • الصعوبات الادراكية Perceptual Disabilities

تتضمن أعاقات في التناسق البصري – حركي والتميز البصري والسمعي واللمسي والعلاقات المكانية وغيرها من العوامل الادراكية .

  • الذاكرة Memory

وهي القدرة على استدعاء ما يتم مشاهدته أو سماعه أو ممارسته أو التدرب عليه ، فالشخص الذي يعاني من مشكلة واضحة في الذاكرة البصرية أو السمعية قد تكون لديه مشكلة في تعلم القراءة والتهجئة والكتابة وأجراء العمليات الحسابية .

  • اضطرابات التفكير Thinking Disorders

تتألف من مشكلات العمليات العقلية تتضمن الحكم والمقارنة أجراء العمليات الحسابية والتحقق والتقويم والاستدلال والتفكير الناقد وحل المشكلات واتخاذ القرار .

  • اضطرابات اللغة الشفهية Oral Language Disorders

وترجع إلى الصعوبات التي يواجهها الطلبة في فهم اللغة وتكامل اللغة الداخلية والتعبير عن الأفكار لفظياً .

 

ب. صعوبات التعلم الاكاديمية :

ويشير هذا النوع من الاضطراب الواضح في التعلم القراءة أو الكتابة أو التهجئ أو الحساب وتظهر واضحة لذلك حدث لدى الفرد اضطراب في العمليات العقلية السابقة ذكرها . فالقدرة على التميز البصري والسمعي والذاكرة البصرية والسمعية والقدرة على إدراك التتابع والتآزر بين حركة العين والتكامل البصري الحركي التي تعد متطلبات أساسية لازمة للنجاح في مهام الكتابة (سالم ، الشحات ، 2003 ، 68) .

يجب ملاحظة هذين النوعين من الصعوبات غير مستقلين تماماً بل هناك علاقة قوية  بينهما ، فالطالب الذي يعاني من صعوبات تعلم نمائية لابد أن يؤدي به ذلك إلى صعوبات تعلم اكاديمية فضلا عن ان صعوبات التعلم النمائية تتعليق بالوظائف الدماغية والعمليات المعرفية وهذه الصعوبات في الأصل ترجع إلى اضطرابات وظيفية في الجهاز العصبي المركزي .

ولقد أكد بعض الباحثين أمثال (أتر جنكنز وكيرك وجالاجرAtarGenkinz and  Kirk and Jalagir) على عدم إهمال صعوبات التعلم النمائية عند دراسة صعوبات التعلم بوجه عام ، بل يركزون على ضرورة تحديد صعوبات التعلم النمائية في مرحلة مبكرة ، إذ يعد ذلك بمثابة تشخيص مبكر لصعوبات التعلم الاكاديمية قبل ظهورها ومن ثم اتخاذ الإجراءات المناسبة لمواجهة هذه المشكلة وعلاجها قبل استفحالها وهذا ما يعده البعض نوعاً من الوقاية الأولية للمشكلة . (دبيس ، 1994 ، 26 )

 

x