نظرية كارل روجرز -Carl Rogers

نظرية كارل روجرز -Carl Rogers

للكائن الحي نزعة أساسية يسعى من خلالها دائما وأبدا نحو تحقيق ذاته والمحافظة على كيانه وإثراء خبرته بصورة مستمرة .

 

عرفت هذه النظرية بالنظرية المتمركزة حول الشخص. ولذا وضع روجرز مبادئ أساسية تستند عليها النظرية في الشخصية :-

  • يعيش الفرد في عالم متغير من الخبرات. فلكل فرد حقائقه الخاصة التي قد تختلف عن حقائق غيره.
  • ما يمتلك الفرد من حقائق، يمثل العالم المدرك بالنسبة إليه، وأفضل طريقة لفهم الفرد هي الوصول إلى طريقته في إدراك العالم، أو ما يسميه روجرز بالإطار المرجعي الداخلي للفرد.
    3- ينمو فهم الذات نتيجة لتفاعل الفرد مع البيئة وخاصة في تعامله مع الآخرين. والذات هي كل منظم يعبر عنه الشخص باستخدام ضمائر المتكلم.
  • إن الإنسان في حالة خبرة وتفكير مستمران.
  • إن حياة الإنسان متمثلة في الحاضر وليس في الماضي.
  • إن العلاقة مع الآخرين من الأساسيات.
  • إن الإنسان يسعى للتطور والنمو.

 

المقدمة

بدون شك أن كارل روجرز معروف لديك مسبقا كمنشئ لمنحى العلاج النفسي الشهير جدا والمعروف بالأسلوب غير المباشر أو أسلوب العلاج الذي يكون فيه الزبون هو المحور (أو الأسلوب الروجرى فقط). إن هذا النوع من العلاج النفسي ولد عددا كبيرا من البحوث ووجد تطبيقات واسعة في معالجة الأشخاص المضطربين . وفي الحقيقة إن أسلوب روجرز في العلاج يبدو انه شائع شيوع التحليل النفسي لفرويد كطريقة للمعالجة .

وكما كان الحال مع بعض منظرينا السابقين , فأن نظرية روجرز الشخصية مشتقة مباشرة من تجاربه في العمل مع المرضى , أو من المراجعين كما كان يفضل أن يسميهم , وتنقيحها لا يزال مستمرا على ضوء تجاربه مع المرضى . إن صياغاته في ديناميكيات الشخصية وبنائها مرتبط مباشرة بمنحاه العلاجي . وبناء على ذلك فأن منظوره للموقف العلاجي يخبرنا الكثير عن منظوره عن طبيعة الشخصية . وإذا اعتبرنا اسم منحاه : الأسلوب الذي يكون فيه المريض هو المحور . فقد قصد به أن يوحي بأن لدى الأفراد القدرة كما لديهم المسؤولية في أنفسهم لتغيير وتحسين شخصياتهم , ومهمة المعالج لا تعدو أن تكون تسهيل التغيير بدلا من توجيهه .

ويرى روجرز الأفراد أساسا كمخلوقات واعية عاقلة يحكمها الإدراك الواعي لذواتها الخاصة ولعالمها التجريبي . ولا يوجد إلا القليل من تأثير موقف فرويد في نظريته . ولا يعزو روجرز تأثيرا مسيطرا لقوى اللاشعور التي لا يعيها الفرد ولا سيطرة له عليها .

كما يرفض روجرز الفكرة القائلة إن الأحداث الماضية تؤثر تأثيرا تحكميا على السلوك الحاضر. ومع انه يعترف بأن التجارب الماضية بصورة خاصة تجارب الطفولة يمكن أن تؤثر في الطريقة التي يدرك فيها الناس أنفسهم وعالمهم , ألا انه يؤكد بأن مشاعر الفرد وانفعالاته الحاضرة ذات أهمية كبيرة في ديناميكيات الشخصية . واهتمام روجرز النهائي , في كل من النظرية والعلاج , هو في التغيير والنمو في الشخصية الحاضرة , وليس باللاشعور وبتجارب الماضي التي قد تكون قادت الى الوضع الحاضر للشخصية .

  وبسبب أهمية الشعور وأهمية الحاضر , يعتقد روجرز , إن الشخصية يمكن فهمها فقط من وجهة نظر الفرد الخاصة ــ أي على أساس تجاربه الداخلية الذاتية ولذلك فأن روجرز يتخذ منحى ( فينومينولوجيا ) ظاهراتيا للشخصية ـــ أي المنحى الذي يتعامل مع الواقع كما يدركه الفرد . وهذا الإدراك قد يتطابق أو قد لا يتطابق مع الواقع الموضوعي .

يعتقد روجرز بأن الناس يسيطر عليهم دافع واحد , نكون مزودين بها عند الولادة تلك هي الميل لتحقيق وتنمية كل قدراتنا وإمكاناتنا من الجوانب البيولوجية الصرفة إلى الجوانب النفسية الأكثر تهديدا لوجودنا . والهدف النهائي هو تحقيق الذات ـــ مفهوم ذو أهمية مركزية في نظام روجرز . للحفاظ على النفس واغنائها , من اجل أن يصبح (( الفرد فاعلا كاملا )) وهو الهدف الذي يوجه إليه كل كيان الفرد .

إن منحى روجرز في كل من العلاج والنظرية , وصورة الكائن البشري المتفائلة والإنسانية التي تعطيها , لاقت استجابة متحمسة كما وجد أن لها علاقة وارتباطا واسعين بالأبحاث النفسية والتربوية والحياة العائلية .

وقد كان روجرز واحدا من أكثر المؤثرين ايجابيا ( والمتعمقين) في زيادة الاهتمام في التدريب للحساسية الاجتماعية وجماعة المواجهة .

 

حياته

    ولد روجرز في هام 1902 في احد ضواحي شيكاغو وقد كان الطفل الرابع في عائلة مكونة من ستة أفراد . كان والداه متزمتين جداً في نظرتهم الدينية والأخلاقية . ويعملان بجد وغرسا في أطفالهم فضائل (العمل المجد) ويعتقدان إن العمل هو البلسم الشافي لكل شيء تقريباً وهو نوع من الهدف النهائي .

كان الوالدان مخلصان لأبنائهم وكما كانا مسيطرين في تأثيرهما . وكما فعل روجرز في وقت لاحق في إرشاده غبر المباشر .

فقد عزز تأثيرهما ووضعاه بطرق تنم عن الرقة واللطف والحب . ولا يستطيع روجرز أن يتذكر انه في أية مرة صدر إليه أمر بأسلوب مباشر . فقد كان مفهوماً بوضوح أنهم أطفال (لم يمارسوا حياتهم. لم يرقص , لم يلعب الورق لم يذهب الى السينما لم يحتسي الخمر وغيرها ).

كانت عائلة مترابطة جداً الى درجة إن روجرز لم تكن له حياة اجتماعية خارج نطاق البيت كان الأطفال يمزحون ويلعبون مع بعضهم وكانا والداه يفضلان الأخ الأكبر ونتيجة لذلك ظهر (تنافس شديد ومشاعر عدائية) بين الإخوة وفي نفس الوقت هناك الكثير من الرفقة .

وصف روجرز طفولته كانت تتسم بالعزلة وبأحلام اليقظة وكان سابحاً في خيالاته أكثر الوقت كان يقرأ بشكل متواصل أي كتاب يمكن أن يجده حتى القاموس والموسوعة .

ونتيجة هذه العزلة الموحشة أصبح كثير الاعتماد على تجاربه الخاصة وعلى نظرته للعالم  سمة لازمته طوال حياته وكونت جزءاً من نظريته في الشخصية .

     وعندما بلغ روجرز السنة الثانية عشر من العمر انتقلت عائلته الى حقل يبعد بثلاثين ميلاً عن شيكاغو هذه التجربة أدت الى اهتمامه بالعلوم تكونت هذه اليقظة في الرغبة بطريقتين .

أولا : أصبح مفتوناً ببعض أصناف العثة التي اكتشفها في الخشب وقد فعل أكثر من ملاحظتها بل جمع بعضها وزاوجها ورباها لعدة شهور .

ثانياً: اهتمامه بالعلوم كانت في الزراعة والذي إصر أبوه أن نكون علمية وحديثة فقد كان يقرأ الكتب التي يجلبها أبوه للبيت عن الزراعة العلمية .

درس في جامعة وسكانسن نفس الجامعة التي درس فيها والداه وأخوه الكبير وأخته . وبعد سنته الثانية تغير هدفه في الحياة وكنتيجة للتأثيرات الدينية في البيت والمؤتمر الطلابي في الكلية حول روجرز دراسته من الزراعة العلمية الى أن يصبح قساً .

في 1922 انتخب لحضور مؤتمر اتحاد الطلاب المسيحي في بكين في الصين وفي خلال الستة شهور التي استغرقتها سفرته فقد كتب لوالديه عن ( تغيير وجهة نظر الحركة البروتستانتية التي تؤكد على إن الكتاب المقدس معصوم من الخطأ والتحول  الى التسامح وعدم التعصب ) وكتب لهم أيضا (عن فلسفته وعن أهدافه ) وقد حرر نفسه من طريقة والديه في التفكير وهذا قد احزن والديه ولكنه أعطاه استقلالاً عاطفياً وفكرياً . وكون لديه فكرة أصبحت الأساس في نظريته.

تخرج من الجامعة سنة 1924 وتزوج من فتاة كان يعرفها منذ الطفولة وبدأ دراسته في اتحاد المعاهد الدينية اللاهوتية في مدينة نيويورك لمدة سنتين ثم نتحول الى كلية المعلمين في جامعة كولومبيا لدراسة علم النفس العيادي (السريري) وعلم النفس التربوي .

في عام 1931 حصل على شهادة الدكتوراه وكانت أطروحته في ( قياس تكيف الشخصية عند الأطفال) وعمل لمدة اثني عشر عاماً (1928 – 1940) في هيئة أساتذة قسم دراسة الطفل لجمعية (منع الوحشية والقسوة ضد الأطفال ) في روجستر في نيويورك وكان يقضي معظم وقته في تشخيص ومعالجة الأطفال الجانحين والمحرومين . 1939 أصبح مديراً لمركز روجستر .

في عام 1940 تحول روجرز من الاتجاه العيادي (السريري) الى الاتجاه الأكاديمي حيث عين أستاذا لعلم النفس لجامعة أوهايو الحكومية حيث كتب كتابه البالغ التأثير عن “الإرشاد والعلاج النفسيCounseling and Psychotherapy الذي نشر سنة 1942. وبعد ثلاث سنوات قبل روجرز تعيينه في جامعة شيكاغو: حيث أصبح مديراً لمركز الإرشاد. وفى سنة 1946 انتخب مديراً لرابطة علماء النفس الأمريكيين American Psychological Association. ونشر روجرز أعمالاً من بينها أيضا: العلاج الممركز حول العميل: ممارسته الجارية ومضمونه ونظريته Client-Centered Therapy: Its Current Practice, Implication and Theory (1951) وعدداً من المقالات التطبيقية في المجلات العلمية.وفي عام  1957 ذهب الى جامعة وسكانسن  وكان له الكثير من المقالات والأبحاث والكتب والتي ساعدته في طريقة علاجه . عام 1963 رحل الى كاليفورنيا وتوفى في (4 فبراير 1987).

النزوع الأساسي : التحقيق ..

كما لاحظنا في الاستشهاد الذي استهللنا به هذا الفصل فأن روجرز يرى الناس مدفوعين بنزوع أو ميل عام أساسي : النزعة للتحقيق , وإدامة وإثراء الكائن العضوي الكاسب للخبرة  The experiencing organism  والذي هو أنفسنا طبعا , هذه النزعة الفطرية هي (الحاجة الرئيسية الوحيدة)  للكائن البشري وهي تشمل كل الحاجات الفسيولوجية والنفسية لكن توجهها في الواقع بايلوجي أكثر منه نفسيا بوصفها حاجتنا الأساسية وهي الميل نحو التحقيق فإنها تتضمن كل شيء , حتى البسيط منها جدا الحاجات الفسيولوجية الانعكاسية , مثل الحاجة للهواء والطعام , والماء . وعن طريق تلبية هذه الحاجات الفسلجية الأساسية والدفاع عن الكائن البشري وتحصينه ضد الهجمات بهذه الطريقة تتمكن نزعة التحقيق من خدمة الحفاظ على الكائن البشري. أي أنها تمنح المؤازرة والإسناد لبقاء النفس (الذات).

ومع ذلك فكما رأينا أن نزعة التحقيق تفعل أكثر من الحفاظ على الكائن البشري , إنها أيضا تسهل وتسند النمو والإثراء ـــ التطور ـــ للكائن البشري . فهي تقود النمو عن طريق مساعدة التطور وتمييز وتخصيص كل عضو ووظيفة الجسم الفسيولوجية . وهي مسؤولة عن كل جوانب النمو التي تصنف تحت اسم النضج , والتي تحدد نمو أقسام الجسم والعمليات وراثيا ابتداء من نمو الجنين وحتى ظهور السمات الجنسية الثانوية في وقت البلوغ .

وكل هذه التغيرات مبرمجة أو مخططة في بنية الفرد الوراثية , وتصل إلى الإثمار والى الذروة حسب ما يعتقد روجرز بواسطة النزعة للتحقيق .

ولو أن تغيرات مثل هذه تحدد وراثيا ( مبرمجة مقدما ) وتقدم الكائن البشري نحو النضج الكامل ليست مراحل تقدمية أوتوماتيكية أو مراحل لا تتطلب الجهد . وبدلا عن ذلك فأن روجرز يصف العملية بأنها تشمل (الكفاح والألم) كما هي الحال عندما يبدأ الطفل المشي في خطواته الأولى . حيث يسقط الطفل ويؤذي نفسه , وسيكون البقاء في مرحلة الحبو اقل ألما . ولكن لا . فالطفل يستمر . فالطفل يسقط على الأرض ويصرخ مرة أخرى ومع ذلك فهو يستمر ويقول روجرز بان الطفل يثابر بالرغم من الألم , لان الميل للتحقيق وللتجسيد , وللسير قدما , وللتطور أكثر قوة من أي دافع للنكوص أو التراجع الذي تجلبه الآلام التي تصاحب النمو .

إن الميل للتحقيق أو للتجسيد لا يظهر في الإنسان أو في الحيوانات حسب ولكن في كل الأشياء الحية . وفي وصف كل الحياة , يستعمل روجرز عبارات مثل (إصرار الحياة) و (الاندفاع الأمامي للحياة) معبرا عن اعتقاده في وجود القوى التي لا تقاوم والتي تجعل الكائن الحي لا يحافظ على بقائه فقط , أحيانا في ظروف شديدة العداء وإنما تجعله يتكيف ويتطور وينمو أيضا

وإذن فثمة محور بيولوجي قوي للميل للتحقيق . وسنلاحظ بعد قليل بأنه في عملية نضج الفرد يتخذ هذا الميل شكلا نفسيا أيضا .

الإطار المرجعي ـــ ميدان الخبرة :

كان روجرز مهتما جدا بالبيئة التي يعمل فيها الفرد ـــ الإطار المرجعي أو سياق الفرد , الذي يؤثر كثيرا في ذلك الشخص . فنحن معرضون لمصادر لا تحصى من المثيرات في العالم المحيط بنا بعضها تافه وبعضها مهم , بعضها مهدد وبعضها مجزي . كيف ندرك ونستجيب لهذه البيئة متعددة الوجوه ؟

يجيب روجرز على هذا السؤال بكل بساطة وذلك بالقول بأن حقيقة بيئة الفرد هي في كيفية إدراكه لتلك البيئة . وان إدراك الفرد لا يتطابق مع الواقع الموضوعي . ونحن نعرف أننا قد ندرك بعض جوانب الواقع بطريقة تختلف كثيرا عن الطريقة التي يدركها فيها شخص آخر . فقد ترى طالب الكلية الطويل الشعر في ضوء يختلف بشكل دراماتيكي عن رؤية جدتك البالغة ثمانين عاما من العمر , بالإضافة إلى أن إدراكنا يمكن أن يتغير بتغير الزمن والظروف . وإدراكك الخاص لطالب الكلية قد يتغير كليا عندما تصبح في الثمانين من العمر .

وفكرة أن الإدراك شيء ذاتي جدا هي فكرة قديمة . وهي بالتأكيد ليست فريدة أو نشأت عند روجرز فقط . والجانب المهم فيها من وجهة نظره , هو أن عالم واقع الشخص هو مسألة خاصة جدا . ويمكن أن تكون معروفة بأي مفهوم (أو معنى كامل) . للفرد فقط .

يتضمن عالم خبرة الفرد ليس الخبرات الحاضرة المباشرة حسب والتي يكون الفرد واعيا بها بل يتضمن كل المنبهات التي لا يكون الفرد واعيا بها ( مثل ضغط الشعر على جسمك وأنت تقرأ ) وذكريات الخبرات الماضية عندما تكون فاعلة في توجيه إدراكك في تلك اللحظة .

وكلما قادت نزعة الرضيع للتحقيق إلى مستوى أعلى من التطور , فأن عالمه في الخبرة يتسع . فالوليد يتعرض لمصادر أكثر فأكثر من المنبهات ويشير سلوكه دائما إلى تلك المنبهات كما تدرك . أن الخبرات تتجمع لتكون .

إن الخبرة مندمجة في نظرة الفرد الخاصة للعالم . ولذلك تصبح خبرات الفرد ذات أهمية سامية . وليس هناك قط من أساس آخر يقوم عليه إصدار الأحكام ومن ثم السلوك . كتب روجرز(الخبرة بالنسبة لي هي أعلى سلطة ومحك الصدق , هو تجاربي الخاصة) المستويات العليا من التطور تشحذ وتحدد عالم الخبرة لدى الفرد , وهي تقود أيضا إلى تكوين المحور الأساسي لنظرة روجرز في الشخصية ( الذات ) …

الذات

    كلما تطور ونما لدى الرضيع ميدان خبرة أكثر تعقيداً أصبح احد أجزاء خبرته أكثر مميزاً عن البقية . هذا الجزء الجديد والمميز يصفه الفرد بـــــ ( نفسي أو أنا أو لي ) انه النفس أو مفهوم النفس. ويتضمن التمييز بين (جزء مباشر من ذات الشخص) وبين (ما هو خارج ذات الشخص).

مفهوم الذات  : هو صورة الفرد أو تصور ما هو عليه وما يجب أن يكون وما يحب أن يكون

أي إن هناك تضارب للوجوه الثلاثة (صورة الفرد ، وما يجب أن يكون ، وما يحب أن يكون) يقول روجرز إن ((الذات مائعة إلا أنها مثالية بنمط ثابت ووحدة منتظمة )).

وعلى ذلك فكل الجوانب المحتملة للذات تسعى جاهدة نحو الثبات . فالشخص الذي يعتبر نفسه بأن ليس لديه أي مشاعر عدائية للآخرين فأنه لا يجرأ على الإفصاح عن أية حاجة عدائية وليس بأي صفة واضحة أو مباشرة .

وعندما تنبثق الذات ينمو لدى الرضيع الحاجة الى (الاحترام الايجابي) كما يسميه روجرز وربما جاءت نتيجة التعلم .

  • إن الاحترام الايجابي سواء كانت فطرية أم متعلمة فهي عامة ودائمة ومستمرة وموجودة لدى كل البشر .
  • الاحترام الايجابي اسم يشمل (التقبل والحب والاستحسان ) من لدن الأشخاص الآخرين وبصورة خاصة من إلام خلال فترة الرضاعة .
  • والحصول على الاحترام الايجابي يؤدي الى الشعور بالرضا كما عدم الحصول على الاحترام الايجابي يؤدي الى الإحباط .

أنها مرحلة حرجة بالنسبة للرضيع الذي يكون سلوكه موجها بالمقدار الذي يحصل فيه على الحب والحنان . فإذا لم تمنح إلام الاحترام الايجابي فأن ميل الرضيع نحو تحقيق الذات وإثرائها يعاق .

إن الطفل يدرك عدم استحسان إلام لسلوكه على انه عدم استحسان لكل جوانب نفسه أو ذاته. وإذا ما حدث ذلك بشكل دائم فأن الرضيع يكف عن السعي لتحقيق الذات وينشغل بدلاً من ذلك بتأمين الاحترام الايجابي . ومن الناحية المثالية يشعر الرضيع بالقبول والحب والاستحسان  في هذه الحالة يطلق عليها (الاحترام الايجابي غير المشروط) وينطوي على إن حب إلام للطفل ليس مشروطاً بكيفية سلوك الطفل ولكنه يمنح مجاناً وبشكل كامل للطفل كإنسان .

الجانب المهم من الحاجة للاحترام الايجابي هو طبيعته التبادلية

حينما يدرك الناس بأنهم يرضون حاجة شخص أخر للاحترام الايجابي فأنهم كنتيجة لذلك يشعرون بإرضاء تلك الحاجة لديهم وعلى ذلك فأن إرضاء حاجة شخص أخر للاحترام الموجب هي عملية مجزية ومكافئة للفرد نفسه .

وبسبب أهمية هذه الحاجة وخاصة في مرحلة الرضاعة يصبح الناس حساسين بدرجة عالية الى اتجاهات وسلوك الآخرين .

وفي ضوء الاستجابة المرتدة التي نستلمها من الآخرين (استحسان أو عدم استحسان ) فنحن ننمي ونطور ونصقل مفهومنا لأنفسنا . وكجزء من مفهوم الذات هذا نبدأ بتذويب أو تشرب اتجاهات الآخرين .

وكنتيجة يأتي الاحترام الايجابي تدريجياً من داخل أنفسنا بشكل أكثر من إتيانه من الآخرين وهي يطلق عليها روجرز (مفهوم الذات الايجابي) وتصبح هذه الحاجة قوية كقوة الاحترام الايجابي من الناس الآخرين وان ما يرضي احترام الذات هي النفس الظروف التي أتت بالاحترام من الآخرين . مثلاً الأطفال الرضع عندما يكافئون من قبل أمهاتهم بالحب والحنان والاستحسان يكونون سعداء ويشعرون باحترام الذات الايجابي (لوحدهم) وكلما كانوا سعداء وهكذا يكافئون أنفسهم ويعاقبونها .

ومن سياق نمو الاحترام الايجابي الى احترام الذات الايجابي ينشأ النوع الروجري للانا العليا الفرويدية هي (ظروف الاحترام) والتي اشتقت من الاحترام الايجابي المشروط . وهو عكس الاحترام الايجابي غير المشروط .

ويمكن تبريره هو انه لا يستجيب الوالدين لكل شيء يفعله أبنائهم باحترام ايجابي فبعض السلوك تزعجهم وتخيفهم وتضجرهم ولمثل هذه الأنواع من السلوك لا يمنحون عطفاً ولا استحساناً . ونتيجة لذلك يتعلم الرضيع إن حب الوالدين واستحسانهم يعتمدان على نوع سلوكه .

ومن هذا الموقف ينشأ لدى الرضيع حالات الشعور بالأهمية وبالقيمة يرون أنفسهم بأنهم أشخاص ذوو أهمية في ظروف معينة فقط .

والرضع الذين وصلوا الى هذه النقطة يجبان يتجنبوا بعض أنواع السلوك وبعض الاتجاهات بغض النظر عن حالات الرضا التي سيحصلون عليها أنهم فعلوا عكس ذلك لذلك فأنه لم يستطيعوا العمل بحرية كاملة. وعليهم تقويم سلوكهم

وهنا يعتقد روجرز بأنهم يمنعون عن التنمية الكاملة لذواتهم أو تحقيقها بسبب بعض أنواع السلوك الذي لم يعد في الإمكان التعبير عنها . بمعنى أخر هو إن الأطفال أنفسهم قد يعيقون نموهم الخاص وذلك عن طريق العيش داخل الحدود التي تمنحهم الأهمية .

ويجب على الطفل أن لا يكف عن بعض أنواع السلوك فحسب بل يجب أن ينكر الوعي ببعض الادراكات في ميدان خبرته .

لذلك ينشأ ما يسميه روجرز بالتنافر أو عدم التطابق بين مفهوم الذات وبعض جوانب تجارب الشخص وان تلك الخبرات التي تتنافر مع الذات يشكل مصدر تهديد يعاني منها الفرد كنوع من أنواع القلق .

فالخبرات تقوم وتقبل أو ترفض لا على أساس التحقيق الكامل للنفس بل على أساس الاحترام الايجابي الذي ستجلبه .

يعتقد روجرز إن مستوى التكيف النفسي للشخص (السوية) هي دالة على مدى تنافر أو انسجام الذات مع الخبرات . فالأشخاص الأصحاء نفسياً قادرون على إدراك أنفسهم وبيئاتهم .

وظيفة الذات :

ووظيفة مفهوم الذات وظيفة دافعية وتكامل وتنظيم وبلورة عالم الخبرة المتغير الذي يوجد الفرد في وسطه. ولذا فانه ينظم ويحدد السلوك. وينمو تكوينياً كنتاج للتفاعل الاجتماعي جنباً إلى جنب مع الدافع الداخلي لتأكيد الذات، وبرغم من انه ثابت تقريبا إلا انه يمكن تعديله تحت ظروف معينة وفيما يلي ملاحظات هامة على الذات :

  1. إن مفهوم الذات أهم من الذات الحقيقية في تقرير السلوك.
  2. إن كل جشطالت يتأثر بالوراثة والبيئة الجغرافية والمادية والاجتماعية والسلوكية ويتأثر بالآخرين المهمين بحياة الفرد، ويتأثر بالنضج والتعلم، ويتأثر بالحاجات، ويتأثر بالموجهات.
  3. إن الفرد يسعى دائما لتأكيد وتحقيق وتعزيز ذاته وهو محتاج إلى مفهوم موجب للذات، وان مفهوم الذات مفهوم شعوري يعيه الفرد، بينما قد تشتمل الذات عناصر لا شعورية لا يعيها الفرد.

الاضطراب النفسي:

إن الاضطراب النفسي من وجهة نظر روجرز ينتج عندما يفشل في استيعاب، وتنظيم الخبرات الحسية العقلية التي يمر بها، إضافة إلى الفشل في تنمية المفهوم الواقعي للذات، ووضع الخطط التي تتلاءم معه؛ لذا أفضل طريقة برأي روجرز، هي لتغيير السلوك هي تنمية مفهوم ذات واقعي موجب، حيث بينت الدراسات إن مفهوم الذات يكون مشوها بعيدا عن الواقع لدى المرضى عقليا . 

إن من أهم أسباب الاضطراب النفسي هو الإحباط حيث انه يعوق مفهوم الذات، ويهدد إشباع الحاجات الأساسية للفرد. كما إن انضمام خبرة جديدة لديه ولا تتوافق مع الخبرات السابقة لديه تجعله في حالة اضطراب نفسي. 

الشخص المتكامل الوظائف النفسية

الشخص المتكامل الوظائف النفسية هو الغاية المستهدفة للنمو النفسي وللتطور الاجتماعي وتكون:

  • الخاصية الأساسية لهذا الشخص المجسد والمحقق لذاته هو الوعي بكل الخبرات فلا تستبعد خبرة أو تمنع أو تشوه بأي شكل من الأشكال كلها تصفى وتغربل وتمر من خلال الذات .
  • الخاصية الثانية هي الميل أو القدرة على العيش باستمتاع متكامل في كل لحظة من لحظات حياته . فكل لحظة تمر يكون فيها خبرة التي يمكن أن تجلبها ممتعة وجديدة .

فليس هناك جمود أو تنظيم معلق أو تركيب مفروض على خبرات الفرد فالبنية هي تنظيم دائم التغيير تنشأ من الخبرات . أما في الشخص المريض تنظم كل الخبرات وتشوه من اجل أن تلاؤم مدركات السابقة المتكونة .

  • الخاصية الثالثة هي وثوق الشخص بنفسه ويقصد روجرز بذلك الوثوق (هو شعور الفرد باستجابات بدلاً من أن يكون منقاداً كلياً بأحكام الآخرين أو بالأعراف الاجتماعية أو حتى بالأحكام العقلية . ويقول روجرز (لقد تعلمت إن إدراك كل حواسي لموقف ما أكثر صدقاً من عقلي).
  • الخاصية الرابعة هي الشعور بالحرية والأشخاص المعافون والمحققون لذاتهم يشعرون بصدق وحرية لان يتحركوا في أي اتجاه يرغبون لكي يكونوا أنفسهم أو يختفون وراء الأدوار الاجتماعية . والنقطة المهمة أنهم لا يشعرون أنهم مجبرون من قبل أنفسهم أو من قبل الآخرون .

يعتقد روجرز إن الشخصية السليمة (السوية) هي فرد مبدع جداً يعيش عيشة بناءة ومتكيفة حتى عندما تتغير ظروف بيئته ويصاحب هذا الإبداع شعور بالتلقائية أي يستطيع الفرد بدرجة مرنة أن يتكيف ويبحث عن تحديات وخبرات جديدة ولا يحتاج الى تنبؤ أو الأمان أو حالة انعدام التوتر .

لا يعتقد روجرز إن صفات مثل محظوظ أو سعيد أو قانع هي صفات مناسبة لشخص محقق لذاته حتى وان كانت لديه تلك المشاعر في أوقات محددة .

 

أساليب البحث:

يعتقد روجرز أن الطريقة الوحيدة لسير الشخصية واستكشافها وفهمها يتم من خلال الخبرات الشخصية للفرد  ــــ أي عن طريق دراسة ميدان خبرات الفرد فالمعالج من وجهة نظر روجرز يجب أن يرى عالم خبرات الزبون Client  (حقيقته) قدر المستطاع من خلال عيون الزبون وفي الوقت الذي يعتبر فيه روجرز هذا الاستقصاء في ميدان خبرة الفرد هو المنحى الوحيد الموثوق به الذي يجب إتباعه , فأنه يسرع إلى الإشارة إلى أنه منحى غير معصوم من الأخطاء وأن هناك عيوبا فيه .

وبسبب التركيز على الخبرات الذاتية يحصل المعالج على معلومات عن تلك الجوانب للميادين التي يخبرها الشخص بوعي فقط . والخبرات غير الممثلة في الشعور الواعي تضيع . كما أن هناك أيضا خطر في محاولة تخمين واستنباط الكثير من الخبرات فالاستنباط قد يمثل إسقاطات المعالج أكثر مما يمثل خبرات الزبون .

أدرك روجرز بأن مقدار ما يمكن تعلمه عن الإطار المرجعي الداخلي للشخص يعتمد كثيرا على دقة الاتصالات الواردة من الزبون . ومما يجدر التنويه به أن كل أشكال الاتصال في كل المواقف تكون (مليئة بالأخطاء وناقصة) ويقول روجرز بأننا نرى عالم خبرات المراجع بشكل ناقص وليس كصورة لمرآة دقيقة .

ويؤكد روجرز ضمن هذه الحدود أن أسلوبه في العلاج الذي يكون فيه الزبون هو المحور يعطي أوضح نظرة ممكنة للإطار المرجعي الداخلي للفرد .

ويؤكد روجرز أن أشكال المناحي الأخرى للعلاج النفسي لا تحاول حتى سير واستطلاع ميدان الخبرات واحد المميزات التي يراها في أسلوبه العلاجي هي انه لا يبدأ العمل مع الزبون بتركيب نظري محدد مسبقا ( التركيب النظري لفرويد أو الادلرى مثلا ) والذي يجب أن يتلاءم معه المراجع بشكل أو بآخر . والاعتقاد المقرر سلفا.

للمعالج النفسي الذي يتبع الأسلوب غير المباشر هو القيمة والأهمية الأصلية للزبون الذي يعمل المعالج النفسي معه . فالمراجعون يقبلون كما هم وكما سيكونون عليه , وبكلمات أخرى , يعطي الزبائن الاحترام الايجابي غير المشروط ولا تعطي أحكام سلبية لسلوك الزبون كما إن الزبائن لا يعطون توجيها أو إرشادا أو نصائح لما يجب أن يكون عليه سلوكهم وما يجب عليهم أن يفعلوه هي علاقاتهم مع أنفسهم ومع الآخرين . وكما يشير اسم الأسلوب كل شيء يتركز في المراجع بما في ذلك المسؤولية والقدرة على تغيير سلوكه.

يعارض روجرز بشدة استعمال أساليب خاصة في العلاج النفسي مثل التداعي الحر , والاختبارات النفسية وحتى دراسة سير الحياة . ويعتقد روجرز إن استعمال مثل هذه الأساليب يكون ضررها أكثر من فائدتها لأنها تضع الزبون في وضع الاعتماد بالنسبة للمعالج الذي يمثل ميزة الخبرة والسلطة .

هذه الأساليب تحرم الزبائن من تحمل أي شعور بالمسؤولية وإعطائهم الانطباع أن المعالج يعرف كل شيء عنهم نتيجة لدراسة سيرهم ونتيجة للاختبارات وأسلوب التداعي الحر . وقد يؤدي هذا إلى أن يجعل الزبائن يشعرون أن لا بد أن يكون لدى المعالج الأجوبة لكل شيء وان ما يطلب منهم هو أن يستريحوا ولا يقومون بعمل شيء ويتبعون توجيهات الخبير ووصفاته .

لم يستعمل روجرز مثل هذه الأساليب . وكان أسلوبه في العلاج يتميز بالنزعة التي مفادها أن لدى الزبائن القدرة على أن يروا جذور مشكلاتهم كما أن لهم القدرة على توجيه نموهم المستقبلي وتعزيزه وتحقيق ذواتهم الذي منعه عدم الانسجام الذي نشأ بين أنفسهم وبين خبراتهم .

قدم روجرز تجديدا جذريا في العلاج النفسي وهو تجديد مكن الباحثين لأول مرة للبحث بشكل كامل في طبيعة التفاعل بين أسلوب المعالج ـــ والزبون . قام بذلك عن طريق استخدام أسلوب الطريقة المبسطة والشائعة الاستعمال طريقة تسجيل الجلسات أو اللقاءات على المسجل وتصويرها على هيئة أفلام أحيانا . وقبل ذلك كانت المعلومات الوحيدة المأخوذة من جلسة علاجية تلك التي كانت على صورة  استعادة تحريرية من قبل المعالج لما قيل في الجلسات بالإضافة إلى تشويهات الذاكرة وتحريفاتها ( لأن المذكرات المتعلقة بالعلاج كانت تجري في العادة بعد انتهاء الجلسة ) فأن تدوينا كهذا يفقد البيانات ذات العلاقة بالأوضاع والإيماءات  Postural and Gestural   فتعابير الوجه أو نبرة الصوت تستطيع أحيانا تنقل أو تبين أكثر مما تنقله كلمات المريض .

وباستعمال الفيلم أو المسجل في الجلسات العلاجية يكون كما قيل أو عمل الجلسة متيسرا للدراسة . هكذا يكون الكثير من المعلومات الحقيقية متيسرا لروجرز أكثر مما كانت عليه الحال للمنظرين السابقين . ومما تجدر الإشارة إليه إن روجرز كان دائما يحصل على السماح المسبق من الزبون بالتسجيل أو بالتصوير . وقد وجد روجرز إن التسجيل أو التصوير على ما يبدو لا يعيق سبيل العلاج النفسي وفي الحقيقة يبدأ الزبائن بسرعة تناسي الجهاز ويستمرون وكأن شيئا لم يكن موجودا .

وفي الوقت الذي كانت فيه معظم البيانات التي اشتق منها روجرز نظريته في الشخصية مأخوذة مباشرة من جلسات العلاج النفسي فأنه قام ورفاقه أيضا بعمل كثير من البحوث على عملية العلاج النفسي , على البيانات التي استعملت لتطير وإسناد النظرية . وعن طريق بحوث روجرز استطاع علماء النفس إلى درجة كبيرة أن يحققوا على الأقل بداية في فهم عملية العلاج النفسي .

وقد ركز هذا البحث بصورة خاصة على مفهوم الذات ( أي مفهم المرء لذاته ) وعلى الطرق المختلفة التي قد تتغير بها خلال فترة العلاج . وقد حلل روجرز ورفاقه الجوانب المختلفة للجلسات العلاجية باستعمال الأساليب النوعية.

والكمية معا . وعن طريق استعمال القياس وتحليل المحتوى لكلام الزبائن , أصبح ممكنا تحري طبيعة التغييرات في مفهوم الذات بألفاظ دقيقة إلى حد ما .

استعمل روجرز أيضا بدرجة كبيرة أسلوب تصنيف  Q .Sort Techniqueوهو أسلوب يصنف بموجبه الزبون مجموعة كبيرة من العبارات التي تتعلق بمفهوم الذات مثل (أنا أحب العزلة) إلى أصناف تمتد من أكثر انطباقا ووصفا للشخص إلى مدى تكون العبارة فيه اقل انطباقا أو وصفا للشخص وهي طريقة تجريبية لتحديد صورة وفكرة الزبون عند ذاته . وهناك العديد من أساليب للتصنيف فمثلا بعد أن يضف الزبون صورة نفسه باستعمال العبارات قد يسأل الزبون أن يصنف نفس العبارات بمفهوم نفسه المثالية ـــ أي نوع الشخص الذي يرغب أن يكون عليه . وأي أسلوب معين يستعمل , فأنه أسلوب تصنيف (Q) يسمح بالقياس الكمي للجوانب المختلفة لمفهوم ذات الزبون عن نفسه .

مفهوم روجرز للطبيعة البشرية :

إن منظرا في الشخصية يثق بالإنسان وبقدرته وبدوافعه وبشعوره بالمسؤولية لفهم وتحسين نفسه واعتبار المعالج النفسي عامل تيسير بدلا عن كونه مرشدا بوضوح يرى الناس بضوء متفائل ايجابي يرانا روجرز بالأساس ذوي طبيعة سليمة , لدينا ميل فطري للنمو وتحقيق كل جوانب شخصيتنا ووجودنا . أن نحقــق كـــل مــــا يمــــكن أن نكون عليه .

فالناس من وجهة نظر روجرز غير محتوم عليهم الصراع مع أنفسهم أو مع مجتمعهم , ولا تتحكم فيهم قوى بيولوجية , أو ليسوا عبيد للأحداث التي تعرضوا لها خلال الخمس سنوات الأولى إن نظرتنا دائما نحو الأمام تقدمية بدلا من أن تكون تراجعية ومتوجهة نحو النمو بدلا من الركود . ونحن نجرب عالمنا بشكل كامل وبكل حرية وليس على شكل عمليات دفاعية ونبحث عن تحديات جديدة وإثارات بدلا من أن نختفي وراء الأمان الذي تجلبه لنا الأشياء المألوفة .

ومن المؤكد أن الاضطرابات الانفعالية تحدث كما إن الركود والنكوص يحدثان أيضا ولكنهما من الشذوذ وليست القاعدة . وبالإضافة إلى ذلك أن الناس قادرون على التغلب على هذه التراجعات والاضطرابات (من خلال العلاج النفسي غير المباشر) مستعملين إمكاناتهم الداخلية الخاصة ــــ دوافعهم الفطرية للنمو والتطور .

ولما كان ينظر للأفراد مثل هذه النظرة ايجابية فأنه ينبع من ذلك إن المجتمع ينظر إليه بنفس الضوء . ومع ذلك قال روجرز إن أي شيء منسجم ومتساوق مع دعم واغناء وتحقيق ذات الفرد هو منسجم متساوق بنفس الدرجة مع نمو أولئك الناس الذين يتفاعل الفرد معهم . أن الدافع الفطري لتنمية قابليات الفرد بشكل  كامل , ليصبح شخصا متكامل الوظائف النفسية لا تقتصر فائدته على الفرد فقط وإنما يفيد المجتمع أيضا. إن الإثراء الاجتماعي يتبع تحقق ذوات الأفراد الأعضاء في ثقافة ما (حضارة ما) .

وباختصار انه لشيء طبيعي ومحتوم على الإنسان أن ينمو , ويتقدم وان بكون واعيا لذاته وأن يعمل على تيسير وتحقيق نموه .   

x